الأربعاء، 28 مايو 2014

شروط تذييل الأحكام الأجنبية ـ انحلال العلاقة الزوجية نمودجا ـ





عبدالرحمن الحجاجي محام بهيئة سطات
طالب باحث بسلك الدكتوراه قانون خاص  السنة الرابعة
مدير الشؤون الادارية للمؤسسة الوطنية للدراسات القانونية والاقتصادية
مع ملاحظة:  أن هذا المقال منقول من كتاب  لي تم نشره  بعنوان تنفيذ الأحكام الاجنبية في قضايا الأسرة



تقديم :
من الأثر المتواثر عن الخليفة عمر رضي الله عنه أنه قال :" لاينفع تكلم بحق لانفاذ له"[1]، إذ لاجدوى من حكم لايترجم إلى واقع ملموس عن طريق ما نصطلح عليه بالتنفيذ.
وهكذا، فعندما يصدر حكم عن هيئة قضائية وطنية ويحوز قوة الشيء المقضي به، فإنه يحظى بالاحترام ويذيل بالصيغة التنفيذية ويصير قابلا للتنفيذ الجبري فوق التراب الوطني بناء على طلب المستفيد منه أو نائبه .
غير أن مفعول هذا الحكم لا يتجاوز حدود الاقليم إلى دولة أجنبية إلا باحترام ما يتطلبه القانون الأجنبي من قيود وما يقتضيه من مساطر، أو وفق اتفاقيات دولية ثنائية أو جماعية حالة وجودها.
وبالمقابل، فإن القانون المغربي يفرض على الأحكام الأجنبية المراد تنفيذها فوق التراب الوطني حتى تنتج آثارها شروطا معينة، ولا تمنح الصيغة التنفيذية إلا عند توافرها، وفق نظام قانوني يستلزم رقابة القاضي يسمى بنظام الأمر بالتنفيذ.
ومعالجة الموضوع الاقتصار على الشروط المتطلبة لاستصدار حكم عن القضاء الوطني يقضي بالتذييل بالصيغة التنفيذية ,

المبحث الاول : تذييل الأحكام الأجنبية في ضوء مدونة الأسرة
  أفرد المشرع المغربي بمدونة الأسرة نصا خاصا يتعلق بانحلال العلاقة الزوجية، اعتبارا لكون طلبات التذييل بالصيغة التنفيذية تنصب على أحكام قاضية في هذه المسائل، إضافة إلى إعادة التنصيص على شرط اختصاص المحكمة الأجنبية بالمدونة,
المطلب الأول : خصوصيات التذييل بالصيغة التنفيذية بمدونة الأسرة
  قبل دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، كانت قضايا الأحوال الشخصية بما فيها ما هو متعلق بانحلال العلاقة الزوجية تخضع للقواعد العامة.
  لكن مع التدخل التشريعي، أضحى نطاق قاضي الأسرة ينحصر فيما يخص إنهاء العلاقة الزوجية في تذييل أو عدم التذييل، استنادا على مراقبته هل صدر الحكم في مادة إنهاء هذه العلاقة (الفقرة الأولى)، و مدى توافق أسباب هذا الإنهاء مع ما قررته مدونة الأسرة كخصوصية في المادة الأسرية(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : صدور الحكم الأجنبي بإنهاء العلاقة الزوجية
حدد المشرع من خلال م 128 من م.أ في إطار تناوله لموضوع تنفيذ الأحكام الأجنبية بالمغرب، على سبيل الحصر، طبيعة الأحكام التي يمكن أن يطالها طلب التذييل بالصيغة التنفيذية، وهي حالات لا تخرج عما هو متعلق بانحلال العلاقة الزوجية بالطلاق أو التطليق أو الخلع أو الفسخ.
قد يقول قائل، أن باقي المواضيع المتعلقة بقضايا الأسرة غير معنية بهذا التنفيذ، كما هو شأن دعوى النفقة أو النسب أو الحضانة أو غيرها، وأنه لا يجب أن نحمل النص أكثر مما يحتمل، ولا التوسع في تفسير قانون الأسرة تلافيا للتطبيق الخاطئ، وبالتالي تباين الأحكام والقرارات القضائية في هذا الصدد.
نعم, قد يستقيم هذا القول إذا ما نظرنا إلى أن الأحكام الأجنبية المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية غير انحلال العلاقة الزوجية، لا تنصرف عليها أحكام م128 من م.أ بالذات، فهذه القضايا تخضع للقواعد العامة المنظمة لمسألة تنفيذ الأحكام الأجنبية، لكون الفصلين 430 و431 من ق.م.م يسريان على جميع المواضيع شرط تعلقها بالقانون الخاص، ومنها قضايا الأسرة الأخرى، ما لم تكن هناك اتفاقية أبرمها المغرب تسمح بالاعتراف بالحكم الأجنبي دونما حاجة إلى طلب تذييله بالصيغة التنفيذية، وهو ما سارت عليه محاكمنا في العديد من الأحكام والقرارات.
ونفس الأمر بالنسبة لانحلال العلاقة الزوجية، إذ تخضع كذلك للقواعد العامة، وأن باقي الشروط المذكورة في م128 من م .أ إنما هي بمثابة خصوصية انفردت بها مسائل انفصام العلاقة الزوجية، وإلا لما اشترط المشرع كون الحكم الأجنبي يخص إنهاء العلاقة الزوجية وانبنائه على سبب لا ينافي ما نصت عليه مدونة الأسرة.
  فالمادة 128 المذكورة، ما هي إلا نتيجة لتدخل تشريعي حتمته تراكمات المشاكل القانونية التي يعانيها المواطنون المغاربة القاطنون بالخارج، ومن بعض الأوضاع الشاذة التي تجعل مراكزهم القانونية غير سليمة فيما يخص انحلال العلاقة الزوجية.

الفقرة الثانية: اعتماد الحكم الأجنبي على أسباب توافق أسباب إنهاء العلاقة الزوجية بالمدونة
هذا الشرط من مستجدات مدونة الأسرة ، ومن الخصوصيات التي تستأثر بها مسألة انحلال العلاقة الزوجية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، من حيث قابليتها للتنفيذ.
والملاحظ أن مدونة الأسرة من خلال م 128 منها، تحدثت عن السبب غير المنافي لأسباب المدونة وليس عن نفس السبب وبذات المصطلح. وبناء عليه، فالأمر لا يخلو من أحد الفروض الآتية:
الفرض الأول: وهي الحالة التي ينبني فيها الحكم الأجنبي القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية على سبب منصوص عليه صراحة بالمدونة، فهنا لا يثور أي إشكال ولا استشكال على القاضي الوطني في استخلاص ذلك.
وعموما فإن أسباب انحلال العلاقة الزوجية بمدونة الأسرة هي كالأتي:
· الطلاق répudiation: الذي يتحقق بطلب من أحد الزوجين سواء بإرادة الزوج المنفردة، أو من الزوجة، كل بحسب شروطه وتحت مراقبة القضاء "م78 من م.أ "، أو بالتمليك في حالة ما إذا ملك الزوج زوجته إيقاع الطلاق القضاء " م 89 من م.أ "، أو بالتراضي والاتفاق بين الزوجين القضاء "م 114 من م.أ ", فالحكم الأجنبي إذا اتخذ أيا من هذه الصور للطلاق، فعلى القاضي منحه الصيغة التنفيذية.
· التطليقdivorce :  فانحلال العلاقة الزوجية بالتطليق يكون بطلب من أحد الزوجين بسبب الشقاق، هذا الأخير الذي هو عبارة عن اشتداد الخلاف والنزاع بين الزوجين، واستحكامه بينهما لدرجة يتعذر الاستمرار في العشرة الزوجية.
وفي هذا الصدد قضى المجلس الأعلى في قرار له بأنه: " لما كان الحكم الأجنبي المذكور قد صدر بحضور الطرفين وقضى بإنهاء علاقتهما الزوجية بسبب الشقاق المستمر حسبما اتفقا عليه، فإنه لم يكن مخالفا في ذلك لما قررته مدونة الأسرة بشأن إنهاء العلاقة الزوجية في حالة استمرار الشقاق بين الزوجين".[2]                       
        كما يكون التطليق لأسباب أخرى تتجلى في :
- إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج  - الضرر - عدم الإنفاق  ، الغيبة  ، الإيلاء و الهجر  .
· الخلع : الذي هو إزالة الزوجية بلفظ الخلع مقابل عوض تدفعه الزوجة لزوجها[3].
جاء في حكم المحكمة الابتدائية ببرشيد: " وحيث إنه طبقا لمدونة الأسرة فإنه يجوز للزوجين طلب الطلاق معا، أي خلعيا مما يكون معه السبب المعتمد للوصول إلى الطلاق غير مخالف للنظام العام المغربي "[4].
· الفسخ : هناك حالات يحل فيها عقد الزواج لفساد في عقده  وهي كالآتي:
-    إذا كان الزواج في المرض المخوف لأحد الزوجين أو مرض الموت؛
-    إذا كان المقصود من الزواج هو تحليل المبثوثة لمن طلقها ثلاثا؛
-    إذا كان الزواج بدون ولي حالة وجوبه؛
-    حالة اقتران عقد الزواج بالإكراه أو التدليس؛
-    اقتران الإيجاب و القبول بأجل أو بشرط واقف أو فاسخ.
الفرض الثاني: أن يتضمن الحكم الأجنبي سببا من أسباب انحلال العلاقة الزوجية لا يتنافى والأسباب التي نصت عليها مدونة الأسرة، ولا يشترط في السبب أن يكون بذات المصطلح، وإنما قد يتخذ صورا مختلفة.
وعليه، فكلما طلب من قضاء الأسرة بالمغرب تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية بخصوص انفصام الزوجية، فعلى القاضي أن يدرس الحكم ويستنبط السبب الذي انبنى عليه ذلك انطلاقا من كل مكونات الحكم، ويعرض هذا السبب على الأسباب المنصوص عليها في  المدونة، و بالتالي معرفة مدى موافقتها لها لمنح الصيغة التنفيذية من عدمه .
والقضاء المغربي عرف عدة تطبيقات فيما يخص انحلال العلاقة الزوجية، تأسيسا على كون السبب الذي بني عليه الحكم الأجنبي يوافق ما هو منصوص عليه بالمدونة من أسباب ذلك.
وهكذا، فبعض محاكم المملكة اعتبرت أن: " الاضطرابات و المشاكل الذاتية بين الزوجين"[5] و أيضا " الأخطاء المشتركة بين الزوجين"[6] و كذلك " خطأ وتقصير الزوج"[7] و" الضرر الصادر من الطرفين"[8] حالات للشقاق المنصوص عليه في المواد من 94 إلى 97 من م.أ.
    الفرض الثالث: عدم ذكر السبب بالحكم الأجنبي، فقد يحصل ألا يتضمن هذا الأخير المراد تنفيذه بالصيغة التنفيذية بالمغرب، أية أشارة تدل على السبب الذي انبنى عليه هذا الحكم كما هو الشأن للأحكام الصادرة عن المحاكم الهولندية .
و قد سبق لمحكمة الاستئناف بالرباط أن قضت برفض طلب تنفيذ حكمين صادرين عن القضاء الهولندي لعدة علل, من بينها عدم بيانها سبب التطليق[9]، لكن المحكمة لم تبين في القرار الأول سبب الرفض.
في حين نجد هناك أحكاما أخرى قضت وفق الطلب في شأن تذييل أحكام صادرة عن محاكم أنجلوسكسونية [10]، وأخرى عن محكمة هولندية دونما إشارة لسبب التطليق في الحكم المراد تذييله بالصيغة التنفيذية [11].
ونحن نميل إلى الرأي الذي يمنح الصيغة التنفيذية رغم عدم إشارة الحكم الأجنبي إلى أي سبب من أسباب إنهاء العلاقة الزوجية، تماشيا مع فلسفة مدونة الأسرة الرامية إلى تيسير إجراءات الحصول على الحقوق المكتسبة بالخارج من جهة، ومن جهة أخرى فالمحكمة الأجنبية لا تحكم بالتطليق إلا بناء على طلب أحد الزوجين أو هما معا، مما يدل على تشبث أحدهما أو اتفاقهما على انفصام عرى الزوجية، وهو ما يجعل سبب التطليق هذا يدخل في اعتقادنا في إطار الشقاق المنصوص عليه بمدونة الأسرة المغربية.

المطلب الثاني:  اختصاص المحكمة الأجنبية
اعتبر المشرع المغربي اختصاص المحكمة الأجنبية المصدرة للحكم، أحد شروط تنفيذه بل أهم الشروط الأساسية التي تهتم بها جل الاتفاقيات القضائية،  إذ اشترط وفقا لنص م 128 من م. أ,أن يكون الحكم صادرا عن هيئة قضائية مختصة .وقد ورد ذات الشرط في ف430/ 2 من ق.م.م بأنه: " ....يجب على المحكمة التي يقدم إليها الطلب أن تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته .....".
وتطرح مسألة اختصاص المحكمة الأجنبية تساؤلات عدة، أولها، ما جدوى إعادة صياغة هذا الشرط في م 128 من م.أ، في حين أن هذه الأخيرة تحيل على مقتضيات ق.م.م والتي تشترطه أصلا من خلال ف430 المذكور أعلاه؟
 فما هو الاختصاص الذي تعنيه هذه النصوص القانونية، أهو الاختصاص الدولي لمحاكم الدول الأجنبية وفقا لقواعد القانون الدولي الخاص المقررة في التشريع المغربي، أم يقصد به الاختصاص الداخلي لقانون المحكمة الأجنبية مصدرة الحكم؟
فالظاهر جليا، أن مدونة الأسرة قد كرست نفس الفراغ الموجود في ق م م، من حيث ضرورة تأكد القاضي المطلوب منه تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية من اختصاص المحكمة الأجنبية، فهو اشتراط لتحصيل حاصل، إذ لم تبين مجال نظر القاضي المغربي إليه، أهو من زاوية القانون الذي يطبقه القاضي الأجنبي أم من جهة قانون قاضي الصيغة التنفيذية؟
فأمام الصياغة المختصرة والفضفاضة للفصل 430 من ق.م.م, وبالتبع م128 من م.أ، تباينت رؤى الفقهاء، فمن الفقه من تبنى الاختصاص المزدوج [12]، ونظر بالتالي إلى كون اختصاص المحكمة الأجنبية ينظر إليه من جانبين، دولي وداخلي، فمن حيث الجانب الأول، يجب أن تكون محاكم الدولة التي أصدرت الحكم هي المختصة بمقتضى قواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي المعمول بها في المغرب، ومن حيث الجانب الداخلي، يجب أن تكون المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم هي المختصة طبقا لقواعد الاختصاص الداخلي في الدولة المعنية بالأمر .
في حين أن بعض الفقه المصري[13] استقر على أن المقصود بالاختصاص القضائي يتحدد وفقا لقانون الدولة التي أصدرت الحكم المراد تنفيذه، لأنه من غير المقبول أن نطلب من القاضي الأجنبي عند إصداره للحكم أن يطبق قواعد اختصاص قضائي غير تلك التي نص عليها قانونه، ولا يعلم مقدما أي من الدول سوف تطلب تنفيذه الحكم الذي أصدره.
فيما ذهب البعض الآخر[14]، على أن المحكمة المعروض عليها الحكم الأجنبي، لمنحه الصيغة التنفيذية ليست ملزمة بالتحقق من أن المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم كانت مختصة نوعيا ومحليا بالفصل في النزاع، بل يمكنها أن تأمر بإعطاء الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي حتى ولو كان هذا الاختصاص غير متوفر لدى المحكمة الأجنبية، اللهم إذا كان عدم توافره من شأنه أن يجعل الحكم باطلا لدى الدولة التي صدر من محاكمها، ففي هذه الحالة لا يجوز تنفيذ الحكم الأجنبي، إذ من غير المقبول أن يقوم القضاء الوطني بتنفيذ حكم باطل.
وبذلك قضى القضاء الفرنسي, عندما قرر بأن الرجوع إلى قانون المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم المراد تنفيذه في فرنسا، لتقدير مدى اختصاص هذه الأخيرة بالدعوى – وهو أمر صعب و شاق – يستلزم من القاضي بذل جهد كبير للكشف عن مضمون القانون الأجنبي وإثباته، لهذا, فقد آثر هذا القضاء الرجوع إلى قانون القاضي لتقدير اختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم المطلوب تنفيذه في فرنسا[15].
  ومعلوم أنه لا توجد قواعد موحدة لتوزيع الاختصاص القضائي الدولي بين الدول المختلفة، لذلك يجتهد كل مشرع على حدة لتنظيم عملية الاختصاص هذا وفقا لما يتلاءم وتشريعه.
 وبناء عليه، فمن المتصور أن يثبت الاختصاص بنظر ذات المنازعة بين محكمة وطنية و أخرى أجنبية[16]، ففي هذه الحالة بعض الفقه المصري[17] يسمح بتنفيذ الحكم الأجنبي رغم اختصاص المحاكم الوطنية للنظر في ذات النزاع، ويمكن القول بوجود ما يمكن تسميته بالاختصاص المشترك compétence concurrente، بين محاكم الدول الأجنبية المصدرة للحكم و بين المحاكم الوطنية.
وبالرجوع إلى بعض الاتفاقيات, نجد أن م 11 في الفقرة الأخيرة من الاتفاقية الثنائية المبرمة بين المغرب وفرنسا، بتاريخ 10 غشت 1981، تنص على ضرورة إيقاف البث من طرف المحكمة الثانية وتخليها عن البث لفائدة المحكمة المحالة عليها الدعوى الأولى، وبذلك نصت المادة من الاتفاقية المغربية البلجيكية الموقعة بتاريخ 18/06/1991، لكن يصعب تطبيق ذلك على الصعيد العملي.
أما بالنسبة للمجلس الأعلى، فقد ذهب في إحدى قراراته في قضية تتعلق بحكم أجنبي ألماني، جاء في حيثية فيه: " لما نصت المحكمة الألمانية على عدم إمكانية تطبيق القانون المغربي رغم أن النزاع يتعلق بالأحوال الشخصية لمغاربة مسلمين، فإن الحكم المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية يعتبر مخالفا للنظام العام المغربي، وقد تبث أن الزوجة قد صدر عليها حكم بالالتحاق بالزوج وامتنعت من تنفيذه واستأنفته، ثم رفعت دعوى الطلاق أمام المحكمة الألمانية بقصد التهرب من تنفيذ الحكم الصادر عليها في المغرب، وذلك مخالف للنظام العام المغربي، مما جعل القرار خارقا للفصل 430 من ق م م ومعرضا للنقض"[18].
في اعتقادنا, أن المقصود باختصاص المحكمة الأجنبية، ينصرف إلى الاختصاص الدولي لمحاكم الدول الأجنبية وفقا لقواعد القانون الدولي الخاص المقررة في التشريع المغربي، اعتبارا لكون هذه القواعد من النظام العام، تماشيا مع ما استقر عليه قضاؤنا في العديد من أحكامه، منها قرار المجلس الأعلى الذي اعتبر أن قضية الاختصاص الدولي تمس النظام العام الدولي المغربي وللمحكمة أن تثيرها تلقائيا[19] .
المبحث الثاني: شروط منح الصيغة التنفيذية وفق القواعد العامة
يتطلب تنفيذ الأحكام الأجنبية بالمغرب، ضرورة سلوك مسطرة الصيغة التنفيذية، على خلاف بعض النظم القانونية المقارنة التي استثنت جانبا كبيرا من الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية من هذه المسطرة.
  والمبدأ أن كل الأحكام الأجنبية بخصوص تذييلها تخضع للقواعد العامة، إلا ما كان بنص خاص كما هو الأمر بالنسبة لانحلال العلاقة الزوجية التي تناولناها في المبحث الأول، والتي لا تستغني كذلك على قواعد المسطرة المدنية.
  وهكذا، يلزم أن يكون الحكم الأجنبي غير مخالف للنظام العام المغربي (المطلب الأول)، وأن يصدر صحيحا وحائزا لقوة الشيء المقضي به (المطلب الثاني).

المطلب الأول:  توافق الحكم الأجنبي وقواعد النظام العام المغربي
  بمعنى أن يكون الحكم الأجنبي بحيثياته ومنطوقه غير متعارض مع قاعدة من قواعد النظام العام المغربي والآداب السائدة[20].
 وإذا كان المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات قد سمح بتنفيذ الأحكام الأجنبية على إقليميه في بعض الفروض، فإن ذلك لا يعني أنه قد منح توقيعا على بياض لمشرعي دول العالم جميعا، إذ ليس من المقبول أن يمنح القاضي الصيغة التنفيذية لحكم
أجنبي يتعارض مفهومه والنظام العام المغربي، فما المقصود بهذا الأخير؟ وما هي متعلقاته التي تدخل في إطاره؟
الفقرة الأولى: مفهوم فكرة النظام العام ومعايير تحديدها
  إن فكرة النظام العام مرنة ومتطورة يكتنفها الغموض، ويصعب تحديدها على وجه التدقيق، فهي فكرة ذات مفهوم متغير باختلاف الزمان والمكان, فما قد يعتبر متعارضا مع النظام العام في دولة لا يعد كذلك في دولة أخرى، وما يصطدم بالنظام العام داخل نفس الدولة في فترة معينة قد لا يعد أمرا منافيا لهذه الفكرة في وقت آخر[21].
   وعليه، فليس هناك معيارا أو ضابطا محددا يرتكز عليه القضاء في تحديد فكرة النظام العام، كما أن الفقه غير مستقر على تعريف واضح لها، ومع ذلك فقد وضع موجهات عامة يمكن عن طريقها إلقاء الضوء على هذه الفكرة.
   هذا ويميز الفقه بين النظام العام الداخلي، الذي يتجلى في مجموعة القوانين التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها، وبين النظام العام الدولي الذي هو مجموعة من المبادئ الأساسية الثابتة بين مختلف الأمم.
   فوظيفة النظام العام في مجال تنازع القوانين، أنه الأداة الفنية التي بها يتم استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق أصلا على العلاقة محل النزاع على نحو ما أشارت إليه قاعدة الإسناد الوطنية، أما في مادة الإجراءات المدنية والتجارية الدولية، فوظيفة النظام العام هي الحيلولة دون إصدار الأمر بالتنفيذ للحكم الأجنبي الذي يتعارض والأسس الجوهرية للبلاد.[22]
  وقد اختلف الفقه في المعايير المعتمدة كأساس لمخالفة النظام العام:[23]
- ذهب البعض[24] إلى أن معيار مخالفة النظام العام يكون ضد القوانين التي لا تقرر حلولا عادلة، أو تكون مخالفة للحد الأدنى من مبادئ القانون الطبيعي، أو إذا كان النظام القانوني الأجنبي يتضمن مؤسسات لا يتضمنها قانون القاضي الوطني، أو بهدف حماية السياسة التشريعية الوطنية.
-  فيما استند البعض الآخر[25] على المبادئ العامة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كأساس معتمد للنظام العام.
-  واتجاه آخر اعتبر أن مخالفة النظام العام تتجلى في مخالفة الدستور المغربي.[26]
-  كما أن هناك من ربط فكرة النظام العام بعدم مخالفتها لمبادئ الشريعة الإسلامية.[27]
  ونعتقد أن قواعد مدونة الأسرة آمرة، وكل مخالفة من الحكم الأجنبي لمقتضياتها هو مخالفة للنظام العام المغربي لاسيما وأن أحكامها مستقاة من الشريعة الإسلامية الغراء، هذه الأخيرة التي لا تعترف بكثير من الظواهر الشاذة الجاري بها العمل في الدول الأوربية، كالزواج المثلي والتبني والزواج بالميت[28]؛ والانفصال الجسماني؛ وتعدد الزوجات؛ والزواج بالمحارم؛ والمساواة بين الطفل الشرعي وابن الزنا؛ والتوارث دون مفاضلة بين الذكر والأنثى...
الفقرة الثانية : الأثر المخفف لفكرة النظام العام
ظهرت في فرنسا فكرة الأثر المخفف للنظام العام[29]، وهي فكرة أساسها فرضيتين:
الأولى: تتعلق بالحقوق والمراكز القانونية التي يراد تكوينها في دولة القاضي، وتكون مخالفة للنظام العام الوطني، ومن ذلك إبرام زواج أو توقيع طلاق أو الاعتراف بنسب.
وهنا ينتج النظام العام أثره الشامل سواء في جانبه السلبي أو الإيجابي، أي استبعاد الحكم المخالف للنظام العام وإحلال قانون القاضي محله.[30]
الثانية: وتتعلق بالحقوق والمراكز القانونية التي أنشئت في الخارج، وفقا لقانون أجنبي مخالف للنظام العام الوطني، ولكن يراد التمسك بها في دولة القاضي. ونجد هذا الفرض في الدول التي تمنع تعدد الزوجات مثلا، فالنظام العام هنا يصاب بشلل جزئي، ولا ينتج أثره كاملا، بحيث لا يستطيع القاضي الحكم ببطلان المركز القانوني بل يعترف بآثاره، وهذا هو الأثر المخفف للنظام العام.
فإذا كان المركز القانوني قد تم نشوؤه خارج دولة القاضي كما هو الحال في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية، كان أثر فكرة النظام العام مخففا، أي أقل حدة، كما إذا كان المطلوب هو إنشاء المركز القانوني في دولة القاضي المطلوب منه تنفيذ الحكم، ومن ذلك مثلا، عدم السماح بإيقاع الطلاق بإرادة منفردة في فرنسا لتعارضه مع النظام العام، والاعتراف مع ذلك بآثار هذا الطلاق إذا كان قد وقع بالخارج.[31]
وهناك قرارا لاستئنافية القنيطرة، نص على أنه: "إذا كان الزواج بين مسلمة وغير المسلم باطلا، فإن الحكم الذي يقرر إنهاءه ليس فيه ما يتعارض مع مدونة الأسرة والنظام العام المغربي..."[32].
وبالمثل فالمحاكم الفرنسية لم تتردد في الاعتراف بآثار الطلاق الواقع في الخارج ولو لم يتم بناء على أسباب لا يقرها القانون الفرنسي، بينما لا تقر هذه المحاكم إيقاع الطلاق لأسباب مماثلة لتعارض ذلك مع اعتبارات النظام العام فيها.[33]
وهكذا اعترف القضاء والفقه من بعده، بالأثر المخفف للنظام العام في مجال الحقوق المكتسبة، فالحق الذي نشأ واكتسب في الخارج كالطلاق مثلا، يعد لا شك واقعة من الصعب إنكارها، وبناء عليه، فليس من المنطق أن يتجاهلها القضاء ببساطة بدعوى تعارضها مع النظام العام في دولته.
وغني عن البيان، أن الأثر المخفف لفكرة النظام العام في مجال الحقوق المكتسبة في الخارج لا يعني إهدار كل أثر لهذه الفكرة، إذ قد يتعارض نفاد هذه الحقوق مع اعتبارات النظام العام في فرنسا على وجهها المخفف.
 فالاعتراف بهذه الآثار يجب ألا يؤدي إلى تعارض خطير مع النظام العام الوطني، ففي هذه الحالة، فالقاضي الوطني لا يعترف للحقوق المكتسبة في القانون الأجنبي المتعارض مع النظام العام بأية آثار[34].
 وعلى ذلك اتجه بعض الفقه الفرنسي, الذي أشار إلى أنه لا يعتد بالأثر المخفف في حالة ما إذا كان الحكم الأجنبي قد صدر مخالفا لبعض المبادئ الإجرائية الجوهرية المستقرة في القانون الفرنسي، استنادا على أن الحق المكتسب le droit acquis  لا يستحق الحماية. فالأثر المخفف لفكرة النظام العام[35] في هذا الصدد, لا يعني إنكار كل أثر للنظام العام بوصفه صمام الأمن اللازم لحماية الأسس الجوهرية للمجتمع[36].
إذن، فإذا كان المستقر عليه أن للنظام العام أثرا مخففا في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية والاعتراف بآثار مركز قانوني نشأ في الخارج فإنه يصعب وضع معيار ثابت للتمييز بين حالات تدخل النظام العام لمنع نشوء المركز القانوني في دولة القاضي، وحالات عدم جواز الاعتراف بالحكم الأجنبي أو المركز الذي نشأ في الخارج، فالقاضي يتمتع في هذا الصدد بسلطة تقديرية خاصة وأن فكرة النظام العام نفسها لا تخلو من المرونة كما سبق ذكره.[37]
وبسبب ذلك تباينت الأحكام:
فالطلاق مثلا المؤسس على عقد زواج مدني هو باطل لأن الزواج أصلا غير موجود شرعا، لذا فالمسلك الصائب هو أن يطالب المعني بالأمر بفسخ العقد المدني أو إبطاله أمام القضاء المدني لما في ذلك من مساس بالنظام العام المغربي.
وبالمقابل تم تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيدية من طرف استئنافية القنيطرة في قرار لها خلص إلى أن الأصل في العقود الصحة ما لم يثبت العكس, وأنه إذا كان عقد الزواج بين مسلمة وغير المسلم باطلا، فإن الحكم الذي يقرر إنهاءه ليس فيه ما يتعارض مع مدونة الأسرة والنظام العام المغربي.[38]
وفي اعتقادنا, فللتخفيف من حدة التظام العام كمانع لتنفيذ الاحكام الاجنبية  فالضرورة ملحة لمراجعة تحديد مفهومه بصورة تقلص على الاقل من الاشكالات التي يطرحها.
المطلب الثاني :صحة الحكم الأجنبي ونهائيته

الفقرة الأولى: صحة الحكم الأجنبي
الملاحظ أن صياغة ف 430 من ق.م.م جاءت عامة، إذ اشترطت التأكد من صحة الحكم الأجنبي دونما بيان لمعالجة أهو من جانب الشكل أم الجوهر أم هما معا، على خلاف المشرع المصري الذي قصرها على جانب الإجراءات.
وقد ذهب الأستاذ عبد الله درميش، إلى القول بأن عبارة صحة الحكم الأجنبي حسب المفهوم الوارد في ف 430 من ق.م.م تنصب على الصحة من حيث الشكل، أي من حيث تطبيق قواعد المسطرة تطبيقا صحيحا وفق قانون القاضي الذي أصدر الحكم الأجنبي، ومن حيث الجوهر، أي من حيث التأكد من أن القانون المطبق من طرف القاضي الأجنبي هو الواجب التطبيق طبقا لقاعدة الإسناد المغربية[39].
ويرى الأستاذ موسى عبود، أن مراقبة القضاء تنصب على الشكل فقط[40]، وهو أمر يتطلب من القاضي الوطني أن يكون ملما بقانون الدولة الأجنبية، وملما بقواعد القانون الدولي الخاص على وجه العموم، وهناك من ذهب[41] إلى أن المقصود " بصحة الحكم الأجنبي" المرغوب تنفيذه بالمغرب، هو أن كونه قد صدر وفق مسطرة صحيحة تم خلالها احترام حقوق الدفاع، وأن يكون حائزا لقوة الشيء المقضي به، والقوة التنفيذية فوق إقليم البلد الذي أصدره.
والمشرع المغربي قد صنـع خيرا حينما التـزم الصمت حول الاختصاص التشريعي, ولم يذكره ضمن شروط الأمر بالتنفيذ، لأن من شأنه أن يحول دون تنفيذ أغلب الأحكام الأجنبية في مجال الأحوال الشخصية.
فمن حيث الجانب المسطري، فإن الخصومة لا تنعقد إلا إذا كان الأطراف كاملي الأهلية، أما ناقص الأهلية فيلزمه أن يمثله وليه أو وصيه أو نائبه، كما يجب احترام حقوق الدفاع  بتبليغ المدعى عليه تبليغا صحيحا وفقا للإجراءات التي يقررها قانون البلد الأجنبي الذي صدر فيه الحكم، وهو ما أقره القضاء المقارن في العديد من أحكامه، ومنها الحكم الصادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 16/11/2004.[42]
وللإشارة، فإن خرق القواعد المسطرية أمام المحاكم المغربية لا يكون سببا للنقض إلا إذا كان خرقها يضر بأحد الأطراف طبقا للفصل 359 من ق.م.م.
ويقيم بعض الفقه التمييز بين الشروط المؤثرة والأخرى غير المؤثرة، فإذا كانت المخالفة تتعلق بقواعد مسطرية غير أساسية، فالمستقر عليه أن ذلك لا يؤثر في صحة الحكم ولا يفقده قيمته.[43]
وعلى هذا النحو، ذهب القضاء الفرنسي[44]، إذ خففت محكمة النقض الفرنسية من هذا الشرط، فاكتفت بأن تكون القواعد التي طبقها القاضي الأجنبي في الموضوع تؤدي إلى نفس النتيجة، وطبقت قواعد الإسناد الفرنسية.
كما ذهب المجلس الأعلى بناء على رفع الحرج في قرار له، والذي نقض فيه قرار محكمة الاستئناف بالناظور، بتاريخ 29/2/2000، هذا الأخير رفض تذييل الحكم الأجنبي البلجيكي القاضي بالطلاق بالتراضي بالصيغة التنفيذية بعلة أنه لا يتضمن باسم من صدر هل باسم جلاله الملك أو باسم الشعب.[45]
ويؤكد كل من الفقه الفرنسي والمصري، وإلى جانبهم الفقه المغربي، أن تكليف الخصوم بالحضور وتمثيلهم تمثيلا صحيحا، لا يكفي وحده لسلامة الإجراءات التي اتبعت في شأن الحكم الأجنبي، وإنما يجب فوق ذلك أن يكون الحكم قد روعيت فيه الإجراءات اللازمة لصحته.[46]
ويجوز التمسك بالبطلان أمام المحكمة المعروض عليها منح الصيغة التنفيذية كلما تعلق الأمر بأسباب البطلان المنصوص عليها في القانون الأجنبي الذي طبقته المحكمة المصدرة للحكم[47].
وقد يثور التساؤل حول مدى إمكان تنفيذ الحكم الأجنبي الغيابي نظرا لخشية عدم تمكن المدعى عليه من تقديم أوجه دفاعه، كما أنه لم يطلع على مستندات خصمه.
هنا ذهب القضاء الفرنسي، إلى أن الحكم الغيابي الذي تم إعلانه للمحكوم عليه خلال المدة القانونية المقررة للطعن في الحكم، لا يمكن تنفيذه لما يتضمنه هذا المسلك من إهدار لحقوق الدفاع، وهو ما يفيد أن الصفة الغيابية للحكم لا تمنع كأصل عام من شموله بأمر التنفيذ، ما دامت أن المحكمة قد تأكدت أن المحكوم عليه قد استدعي للحضور ومثل في الدعوى تمثيلا صحيحا.
وقد رفضت محكمة النقض الفرنسية تنفيذ الحكم الألماني الصادر بالتطليق، طبقا لأحكام م331 من قانون الإجراءات المدنية الألماني والذي يعطي للقاضي في حالة عدم حضور المدعى عليه الحق في الحكم بناء على ادعاء المدعي وحده.[48]
كما أقر القضاء الفرنسي كذلك أنه إذا كانت طرق الإثبات المستخدمة بواسطة القاضي الأجنبي تمثل اعتداء على حق الدفاع، تعين رفض الأمر بالتنفيذ، وعليه، فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى القول بأن الحكم الألماني الذي قضى ببنوة فرنسي لابن طبيعي، والذي ألزمه بدفع نفقة يعد متعارضا مع النظام العام الدولي الفرنسي، لاعتماده بصفة مطلقة على مزاعم الأم المدعية في ظل غياب المدعى عليه خاصة وأن المدعية لم تقدم ما ينهض دليلا على تأكيد ما قضى به الحكم، فغياب المدعى عليه وحلف المدعية اليمين لا يصلحا بذاتهما دليلا على ما قضى به الحكم.
على أن مجرد الاختلاف في دولة الإثبات بين الدولة الصادر عنها الحكم وبين دولة التنفيذ لا يعد بذاته متعارضا مع حق الدفاع، الأمر الذي يجوز معه إصدار الأمر بتنفيذه.[49]
وقد سار القضاء المصري على ذات النهج، حين قررت محكمة النقض المصرية بأنه متى كان الطاعنون قد أعلنوا إعلانا صحيحا وفق الإجراءات التي رسمها قانون البلد الذي صدر فيه الحكم وهو القانون الأردني، الذي يجيز في بعض الحالات إعلان المدعى عليه بطريقة النشر، وكانت إجراءات الإعلان وفقا لهذا القانون لا تتعارض مع اعتبارات النظام العام في مصر، فليس ثمة ما يحول دون إصدار الأمر بتنفيذ هذا الحكم في مصر.[50]
وبعد هذا الجرد الفقهي القضائي المقارنين والمقتضب، لا بد من إبداء الملاحظتين التاليتين:
أولا: أن شرط التأكد من صحة الحكم الأجنبي المراد تذييله بالصيغة التنفيذية من حيث الشكل ليس له من مبرر، لا سيما إذا علمنا أن من ضمن الشروط التي استلزمها المشرع المغربي لتنفيذ الحكم الأجنبي بالمغرب شرط أن يتمتع هذا الحكم بقوة الشيء المقضي به في الدولة التي تصدر فيها.
لا خلاف أن هذا الشرط يفيد تحصين الحكم من أي بطلان ناتج عن مخالفة الإجراءات المتطلبة من قانون الدولة التي أصدرته. وبناء عليه، فرفض تذييل الحكم الأجنبي المتصف بالنهائي لمجرد عدم احترام إجراءات القانون الأجنبي تخلق تناقضا عمليا.
ثانيا: صعوبة التطبيق السليم لهذا الشرط على المستوى العملي، لأن القاضي الوطني المطلوب منه تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية، يتعين عليه الإلمام بالقانون الأجنبي الإجرائي، وربما أكثر من القاضي الأجنبي نفسه.
الفقرة الثانية: حيازة الحكم الأجنبي لقوة الشيء المقضي به
تشترط أغلب التشريعات الحديثة في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية، أن تكون هذه الأخيرة حائزة لقوة الشيء المقضي به، ومؤدى ذلك أن يكون نهائيا.
إلا أن هناك جانبا من الفقه[51] من اعتبر أن الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به هي التي لا تقبل طرق الطعن العادية من تعرض واستئناف، فيما تقبل باقي طرق الطعن الأخرى غير العادية، كإعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والنقض، لكن الراجح أن صفة النهائية تتحقق متى استنفذت  جميع طرق الطعن [52]، إذ بذلك يكتسب قوة الشيء المقضي به، وهو ما سارت عليه نصوص قانون المسطرة المدنية.
ومن حسنات هذا الشرط، أنه يكفل الاستقرار اللازم في المعاملات، ويتفادى المفاجئات التي قد تترتب عن الأحكام غير النهائية في البلد الذي صدرت فيه. وإذا كان الحكم الأجنبي مشمولا بالنفاذ المعجل، فإن ذلك لا يعني قابليته للتذييل، مادام قابلا للطعن فيه، وهو الأمر الذي أقرته محكمة الاستئناف بوجدة[53]، حيث أوضحت " أن كون القرار استعجاليا مشمولا بالتنفيذ المعجل بقوة القانون، فإن ذلك لا يعفي من الإدلاء بالوثائق المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، وفي الاتفاقية المغربية البلجيكية... ومن بين الوثائق اللازمة لتذييل الحكم الأجنبي، الإدلاء بشهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم الطعن فيه بكافة الطرق، وبالتالي يكون مكتسبا للحجية والقوة التي تجعله قابلا للتنفيذ بدون احتمال الطعن فيه."
خاتمة
يجب التأكيد في منتهى هذه الدراسة، أن موضوع تنفيذ الأحكام الأجنبية بالمغرب، هو موضوع رسالتي بسلك الدراسات العليا المعمقة وحدة قضاء الأسرة ، وقد حاولت في هذا المقال الاقتصار منها على  دراسة الشروط اللازمة للتذييل بالصيغة التنفيذية
وإن كان من قصور في هذا الصدد، فإنه من جهة، يتجلى في كون قرارات المجلس الأعلى لا تسعف في استيعاب ومعالجة مختلف الإشكالات التي يطرحها الموضوع، نظرا لعدم الطعن بالنقض في أغلب قضايا الأسرة، ومن جهة ثانية، أن ذلك فرض تناول أحكام المحاكم الابتدائية، وقرارات المحاكم الاستئنافية، بل الاعتماد على نماذج منها فقـــط –لصعوبة الحصول عليها- والتي وجدنا منها ما هو متضارب رغم تطبيق ذات النصوص القانونية مما حدا بالكثير من الممارسين لمهنة المحاماة السؤال أولا عن توجه المحكمة، بل الهيئة بنفس المحكمة التي تنظر الملف، قبل الخوض في تأويلات النصوص القانونية.
وما يمكن استخلاصه من خلال تعامل القضاء مع طلبات التذييل بالصيغة التنفيذية، أن البعض منه يتشدد بخصوص الشروط المتطلبة ويستحدث أخرى، كما هو شأن من يربط منح الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي بصدور هذا الأخير عن قاض مسلم، والحال أن ذلك سيؤدي بلا خلاف إلى تضييق نطاق الاستجابة للطلبات المذكورة بالنسبة لجل الدول التي لا تدين بدين الإسلام على أساس مخالفة النظام العام، وهو أمر يتعارض ومبدأ الحقوق المكتسبة, بل إن ذلك سيؤدي إلى شل هذه الدعوى عن تحقيق ما يتغياه المشرع المغربي من تبسيط الإجراءات على الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
وكذلك فإن التمسك الشديد بمبدأ السيادة يضر بمصالح الأفراد والدول، ولهذا فإن الدول الأوربية وإلى غاية قيام الدول الحديثة بعد نجاح الثورة الفرنسية، كانت تعترف بالأحكام الصادرة من الدول الأخرى بسبب وحدة الكنيسة المسيحية ونفاذ القانون الكنسي المقدس في تلك الدول، وعلى نفس الحال كان القاضي المسلم في ظل الدولة الإسلامية يعترف وينفذ الحكم الصادر في محكمة أخرى داخل الدولة الإسلامية إذا ما أقام البينة والدليل الشرعي على وجود مثل هذا الحكم، وليس الأمر كذلك إذا كان الحكم صادرا من دولة غير إسلامية.
 لذا فالمحبذ أن يتم تنفيذ الأحكام المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية الصادرة عن البلدان الإسلامية بالمغرب دونما حاجة إلى طلب الأمر بتنفيذها, ما دامت لا تخالف النظام العام لكون أحكام مدونة الأسرة مستقاة من الشريعة الإسلامية.
وأمام هذه المشاكل القانونية والقضائية، نرى لتجاوزها بعض التوصيات والحلول المقترحة:
على مستوى النصوص القانونية:
* إصلاح بعض المقتضيات القانونية بتعديلها، لتلافي الوقوع في اللبس حولها، من ذلك ما يتعلق بعبارة "الأحكام" الواردة سواء في المادة 128 من مدونة الأسرة، أو في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية، إذ جاء مصطلح الأحكام بمعناه الواسع، الذي يشمل أحكام المحاكم بشتى أنواعها ودرجاتها.
وحتى ولو استعملت بالمفهوم الضيق, فإن الأمر سيتعلق بأحكام المحاكم الابتدائية ومحاكم الجماعات والمقاطعات، والحال أن المصطلح الذي يصلح في هذا المقام هو المقررات القضائية؛
* تحديد أجلا لتقادم دعوى الصيغة التنفيذية بنص خاص، على غرار بعض التشريعات كالقانون اللبناني مثلا؛
* لا داعي لاشتراط شروط معينة ينص عليها القانون المغربي لقبول التذييل، فمثلا، تقضي المحكمة الأجنبية بالتطليق للغيبة وفق قانونها المحلي دون أن تكون هذه الغيبة مشروطة بمرور سنة أو تزيد لإيقاع الطلاق كما هو حال مدونة الأسرة؛
* تنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة عن الدول الإسلامية لاسيما التي تستقي ما يتعلق بالأحوال الشخصية من الدين الإسلامي الحنيف، دون تطلب تذييلها بالصيغة التنفيذية وتكريس ذلك من خلال اتفاقيات مع هذه الدول.
وعلى المستوى التنظيمي والإجرائي:
* التنسيق بين المحاكم لاتخاذ موقف بخصوص الإشكالات التي يطرحها موضوع تنفيذ الأحكام الأجنبية، عبر إقامة ندوات دورية تنشر حصيلتها بموقع وزارة العدل؛
* إعداد المحاكم لمواقع إلكترونية خاصة بها تنشر فيها الأحكام والقرارات للاطلاع عليها؛
* ونظرا لدقة قضايا الصيغة التنفيذية، وتطلب السرعة فيها، فالمحبذ ألا يتم توزيع الملفات المتعلقة بها بشكل اعتباطي، بل تسند إلى ذوي الكفاءة من القضاة في مجال القانون الدولي الخاص، لأن التخصص يضمن الجودة العالية للأحكام.



[1] - من كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الاشعري بمناسبة توليته للقضاء .أورده أبي الحسن بن محمد بن حبيب البصري الماوردي في كتابه الاحكام السلطانية والولايات الدينية ، طبعة دار الكتاب بيروت، س1978 ,ص 71.
[2] قرار المجلس الأعلى، ع 313، بتاريخ 17/05/ 2006، في الملف الشرعي ع 652/2/1/2005،   منشور بمجلة المعيار ع 38، دجنبر 2007، ص 161.
[3] وعرفه الأحناف بأنه إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع أو ما في معناه نظير عوض تلتزم به الزوجة.                               
            = محمد مصطفى شلبي، أحكام الأسرة في الإسلام دراسة مقارنة بين فقه المذاهب السنية والمذهب الجعفري والقانون، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط الثانية، س1977، ص 75.
[4] حكم المحكمة الابتدائية ببرشيد رقم 120، بتاريخ 17/01/2005، في الملف رقم 4720/13/2004، غ م.
[5] حكم المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، رقم 5741، بتاريخ 29/02/2005، في الملف رقم 4228 /2005، غ م.
[6] حكم نفس المحكمة، رقم 1733، بتاريخ 16/06/2005، في الملف رقم 1016/2004، غ م .
[7] حكم المحكمة الابتدائية بسطات رقم 1056 /2005، بتاريخ 24/10/2005، في الملف رقم 605/10/2005، غ م .
[8] حكم المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، رقم 1016، بتاريخ 17/06/2005، في الملف رقم 3961 /2005، غ م .
[9] قرار محكمة الاستئناف بالرباط,رقم 44, بتاريخ 30/04/2001 ,غ م.
      جاء فيه أنه لا يمكن منح الصيغة التنفيذية للحكم الذي وقع به الطلاق دون سبب وجيه.
[10] حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، عدد 1782، بتاريخ 14/12/2004، في الملف ع 1430/2/2004؛
   حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، عدد 4376، بتاريخ 10/06/2005، ملف ع 3400/2005 ؛
     حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، عدد 4880، بتاريخ27/06/2005، ملف ع 2455.
                أحكام أوردها جهاد إكرام، تنفيذ الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية في القانون الدولي الخاص، جامعة محمد الخامس، أكدال بالرباط، 2005-2006.، ص 103.
[11] حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، رقم 4726، بتاريخ 03/05/2006، ملف ع1701/33/2006، غ م.
[12] موسى عبود، الوجيز في القانون الدولي الخاص، المركز الثقافي العربي، ط.1، أكتوبر 1994.، ص 339 و 340.
[13] هشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد، دروس في القانون الدولي الخاص، مطبعة الانتصار، الإسكندرية، ط.2000.،ص 145.
[14] جمال محمود الكردي، ، الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، دار النهضة العربية، ط.1، س.2001.ص 152.
[15] عكاشة  محمد عبد العال، القانون الدولي الخاص، دار الجامعة الجديدة للنشر الاسكندرية، ط 1996،  ص302 و 303.
[16] جمال محمود الكردي، م.س،  ص 152.
[17] فؤاد عبد المنعم رياض وسامية راشد، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وآثار الأحكام القضائية، دار النهضة العربية، ط.1994.. ، ص 422.
[18] قرار المجلس الأعلى، ع 868، بتاريخ 20/09/2000.
       ذكره الأستاذ بحماني  في خطاب افتتاح السنة القضائية 1968-1969، مجلة قضاء المجلس الأعلى،ع 2، 1969.، ص 86.
[19] قرار المجلس الأعلى، ع 615، بتاريخ 26 يونيو 1974، في الملف رقم 255.76، أورده بحماني، مقال سابق، ص 80.
[20] فؤاد كحيحلي، النظام العام المغربي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، مقال بمجلة القصر، ع:6، شتنبر 2003، مطبعة النجاح البيضاء، ص71.
[21] هشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد، م س، ص 203.
[22] عكاشة محمد عبد العال، م س، ص 330.
[23]  يراجع في شأن النظام العام ومفاهيمه المتعددة:
- Courteault et Flévheux : La notion d’ordre public international dans la jurisprudence de la cour de cassation française, revue de l’arbitrage, 1978, p : 341.
[24] أحمد عبد الكريم سلامة، علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجا، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة، ط الأولى، 1996، ص595.
[25] بولدوكرو، القانون الدولي الخاص المغربي، ج الثاني، الرباط وباريس، 1963، فقرة 213، ص 126.
[26] موسى عبود، م س، ص 215.
[27] المرحوم أحمد باحنيني، الرئيس الأول للمجلس الأعلى، خطاب بمناسبة افتتاح السنة القضائية 1968/1969، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، إ ر، دجنبر  2004 ,ع 2, نونبر 1969.ص 1.
[28] محمد الشافعي، الزواج بالميت في القانون الفرنسي، مقال منشور بالمجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، ع 23، ص 41 ومايليها.
         
[29] محمد الأطرش، القانون الدولي الخاص، مطبعة مراكش، 2004/2005، ص 128 و129.
[30] محمد الكشبور، الوسيط في قانون الأحوال الشخصية، مطبعة النجاح الجديدة،ط الخامسة، س2003، ص 84 و 85.
[31] فؤاد عبد المنعم وسامية راشد، م س، ص 468 وما يليها.
[32] قرار لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، رقم 82، ملف رقم 665/06، صادر بتاريخ 06/06/2007، غرفة قضايا الأسرة.
         منشور بمجلة الإشعاع ,ع 32، ص 285 وما بعدها.

[33] هشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد، م س، ص 217.
[34] محمد اللعبي، فكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص، مجلة القضاء والقانون، 10 فبراير 1969، ع: 92، ص 293.
[35] هناك من الفقه المصري من أنكر وجود الأثر المخفف لفكرة النظام العام كالأستاذ عكاشة محمد عبد العال، م.س، ص340.
[36] انظر هشام علي صادق وحفيظة الحداد، م س، ص 218.
[37] فؤاد عبد المنعم وسامية راشد، م س، ص 469.
[38] قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة رقم 82، بتاريخ 06/02/2007، في الملف رقم 665/06، منشور بمجلة الإشعاع، ع 62، ص 284 ومايليها.
[39] عبد الله درميش، قيمة الحكم الأجنبي بالمغرب في ضوء التشريع والاتفاقيات الثنائية التي صادق عليها المغرب، مجلة المحاماة، عدد 20.، ص 71.
[40] موسى عبود، م س، ص 340.
[41] الأستاذ المسعودي العياشي، محاضرات في القانون الدولي الخاص، كلية الحقوق فاس، السنة الجامعية: 91/92، ص 112/133.
[42] أنظر ملخص هذا القرار بالموقع www.courdecassation.fr .
[43] أحمد أبو الوفاء، م.س، 220 ومايليها.
[44] حكمت محكمة النقض الفرنسية بأن انعدام تسبيب الحكم لا يحول دون الأمر بتنفيذه إذا كانت المستندات المقدمة في الدعوى تجعل القاضي قادرا على التأكد من أن الحكم الأجنبي لا يخالف النظام العام الفرنسي.
     نقض فرنسي في 17 أكتوبر 1972.    أورده فؤاد عبد المنعم رياض، م.س، ص 472.
[45] قرار المجلس الأعلى،ع 244، بتاريخ 28/02/2001، في الملف الشرعي ع 2/5/2/1/2000.
         منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، إ ر، دجنبر 2004، عدد مزدوج,59/60, ص 119.
[46] هشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد، م.س، ص 844.
[47] إبراهيم بحماني، مقال سابق، ص 78.
[48] هشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد، م.س، ص 157.
[49] عكاشة محمد عبد العال، م.س ، ص 325 وما يليها.
[50] عكاشة محمد عبد العال، م.س ، ص 326. وهشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد، م.س ، ص 156.
[51] أبو الوفا، نظرية الأحكام، م.س ، ص 262.
     وهشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد، م.س ، ص 161.
[52] فؤاد عبد المنعم رياض وسامية راشد، م.س ، ص 467.
[53] قرار محكمة الاستئناف بوجدة، عدد 498.
     أورده محمد الحضراوي في مقال بعنوان " تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية، منشور بمجلة محاكمة، ع 1, شتنبر 2006، ص109.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم