السبت، 30 نوفمبر 2013

قضاء الاسرة – الواقع والرهانات - ندوة




مداخلة الدكتور محمد بادن





السياق العام :

في إطار مواكبة الحوار الوطني حول منظومة العدالة المنعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، نتناول بالدراسة في هذه الندوة العلمية ، موضوع تأهيل قضاء الأسرة .
ففي الحقيقة إن تأهيل القضاء الأسري هو من تأهيل القضاء ككل ، باعتبار أن القضاء الأسري هو جزء من الكل ، غير أن الموضوع له أهميته من عدة جوانب :
1-  إن أقسام قضاء الأسرة استطاعت مع مرور الوقت أن ترسي ذاتها كقضاء مستقل وفعال لتحقيق المكاسب التي جاءت بها مدونة الأسرة .
2-    تسريع تحديث وتأهيل قضاء الأسرة خاصة بعد مرور أزيد من ثماني سنوات بع صدور مدونة الأسرة.
3-  إن أهمية أقسام قضاء الأسرة ترجع كذلك إلى عدد القضايا المسجلة أمامها والتي تمثل 1/3 القضايا الرائجة أمام المحاكم الابتدائية .

أولا: تأهيل قضاء الأسرة من خلال فضاءات الإيواء والخدمات المقدمة :

ا – بنايات لائقة تتناسب وهيبة المؤسسات القضائية ، وتوفير للعاملين بها ظروف العمل الجيد.
- مكاتب السادة القضاة وكتاب الضبط .
- قاعة أو أكثر – حسب حاجيات كل قسم – بكافة تجهيزاتها .
- قاعة لغرفة المشورة .
- أماكن لاستقبال المتقاضين وجلوسهم .
- أماكن لاستقبال الشهود .
ب – توفر قسم قضاء الأسرة على تجهيزات ووسائل عمل جيدة وحديثة تساعد على تصريف الأشغال وحسن التدبير .
ج – قسم متوفر على نظام حديث للاستقبال .
   فلا بد من تنظيم الاستقبال على صعيد أقسام قضاء الأسرة ، لان حسن ظروف الاستقبال ، هو نقطة اللقاء الأولى بين المتقاضين والمحكمة ، ويتخذ الاستقبال المنظم أشكال عدة :
*استقبال بالحضور الشخصي ، وهذا يتطلب :
- تمكين أقسام قضاء الأسرة من شبابيك متطورة ومدها بالتجهيزات والبرامج المعلوماتية ، تتضمن جميع البيانات والمعطيات المتعلقة بمسار الملفات داخل المحكمة .
- تخصيص اطر مؤهلة قادرة على القيام باستقبال الوافدين على المحكمة، بحيث يكون الموظفين المكلفين بهذه المهام، ذووا مواصفات معينة من حيث الكفاءة والمؤهلات، والعدد، والتواصل….
* استقبال عن بعد ، عن طريق الهاتف أو على الخط ، وهذا يتطلب :
- تخصيص رقم هاتفي خاص باستقبال مكالمات المتقاضين .
- تخصيص موقع الكتروني للأقسام بغية الحصول على المعلومات والمطبوعات المطلوبة .
د – تثبيت شاشة الكترونية تقوم بدور الإرشاد والتوجيه للمتقاضين على اختلاف أصنافهم، وكدا التعريف بتوقيت الجلسات .
ه – وضع علامات التشوير الضرورية في الأماكن المناسبة لتسهيل الولوج على المتقاضين .
ح – توفير المطبوعات والمطويات التي تسهل التعرف على مكاتب اقسام قضاء الأسرة ، واختصاصاتها وتوحيد الإجراءات ، ودلائل الإرشاد لدورها التوجيهي عوضا عن الاستشارة .
ط – تطوير نظم إنتاج المعطيات والبيانات المتعلقة بتطبيق مدونة الأسرة وتحسين إستراتيجية نشر المعلومة القانونية والقضائية ، على مختلف الدعائم .
     وهذا ما يساهم في انفتاح اكبر على المواطنين ، في إطار من الشفافية وسهولة ولوج العدالة والحصول بيسر على المعلومات ، مع جودة الخدمات وانتظامها .
ق- إعداد نماذج لمقالات تتعلق ببعض الدعاوى البسيطة ، توضع رهن إشارة المتقاضين إعمالا لمبدأ تسهيل ولوج المواطنين إلى العدالة وبالخصوص في قضايا الحالة المدنية .
ل- التفكير في إحداث وحدات للمساعدة القانونية إلى جانب مكاتب المساعدة القضائية هدفها التوجيه والإرشاد القانوني ، وتقديم الاستشارة الأولية للمتقاضين .
م- تعيين مساعدات اجتماعية ملحقات بأقسام قضاء الأسرة .

ثانيا : ترشيد وعقلنة الموارد البشرية العاملة بأقسام قضاء الأسرة :

إن تأهيل الموارد البشرية العاملة بأقسام قضاء الأسرة ، يهم القضاء والمواطنين على حد سواء :

1-تحسين الأداء القضائي والرفع من مردوديته :

ا – توحيد العمل القضائي ، تاطير السلطة التقديرية للقاضي :
     يلاحظ من خلال تتبع عمل أقسام قضاء الأسرة ، وجود اختلاف في العمل القضائي ، ويظهر هذا على سبيل المثال لا الحصر في : موضوع الوكالة في الطلاق ، في مدى اعتبار العمل المنزلي في نظام الكد والسعاية ، سن زواج القاصر ، في النفقة ، وتحديد مستحقات في حالة الطلاق … فتوحيد العمل القضائي يعتبر ضرورة ملحة ويمكن في هذا الإطار إعداد دلائل للاستئناس بها ، لتفادي الاختلاف بين المحاكم .
ب – التسريع في تجهيز الملفات والعمل على البت فيها في اقصر الآجال ، خاصة وان مدونة الأسرة حددت أجالا لبعض الدعاوى ( النفقة اجل شهر، التطليق للشقاق ستة أشهر ) : وهذا ما يقتضي :
- الدراسة القبلية للملفات من طرف القاضي للإلمام بالوقائع والإحاطة بالمقتضيات القانونية .
- الدور الايجابي للقضاة المقررين في تجهيز الملفات تلافيا للبطء ، لأجل البت فيها في اقصر وقت الآجال .
- تتبع القاضي لشعبة كتابة الضبط المكلفة بتنفيذ القرارات المتخذة لتجهيز الملف ، لحملها على انجاز المطلوب وفق ما هو مقرر في الموعد المناسب .
- عد الإفراط في منح المهل للإطراف لما يمثله ذلك من مساس بحقوق المتقاضين ، وما يترتب عنه من تأخير في الفصل في القضايا .
     فإذا أردنا أن نحافظ لقضاء الأسرة على طابعه الإنساني وان نمنح للمتقاضين فرصة كافية ومعقولة لإبداء مطالبه وتهيئ دفاعهم فلا بد من التقيد بمبدأ التقاضي بحسن نية بعيدا عن الممارسات غير السليمة والعادات المجافية لحسن سير العدالة ، من تأخيرات غير مبررة ووسائل تاخيرية وتسويفية أخرى يتفنن الإطراف في إبداعها ، إذا ما أطلق القاضي العنان لهم ، ولم يمسك بزمام المبادرة .
ج- تفعيل الدور الايجابي لقضاة النيابة العامة في ملفات قضايا الأسرة :
     إن المشرع المغربي اوجد نظاما لتدخل النيابة العامة في مدونة الأسرة ، من اجل حماية مراكز قانونية معينة .فالمدونة أعطت دورا هاما للنيابة العامة من خلال تكليفها بالقيام بإجراءات معينة ، بهدف التطبيق السليم لنصوصها ، أو باتخاذ إجراءات وتدابير للمحافظة على الأسرة أو مساعدة المحكمة في تجهيز بعض القضايا والسهر على تنفيذ الأحكام القضائية ، لأجل ذلك ينبغي :
-         تعيين نائب لوكيل الملك قار بقسم قضاء الأسرة .
-    تتبع الجلسات والحرص على تنفيذ قرارات المحكمة المناطة بالنيابة العامة (في الاستدعاءات ، في البحوث مثلا مسطرة القيم ) وذلك تفاديا لإطالة أمد الملفات .
-         ترشيد الطعن في الحكام المتعلقة بقضايا الأسرة خاصة في ملفات الحالة المدنية .
-         تحرير المستنتجات بالملفات الرائجة ، وعدم الاكتفاء بمستنتجات سطحية .
-         تحرير التقارير المتعلقة بالطعن بالاستئناف في الوقت المحدد بقصد إحالتها على محكمة الاستئناف .
-         السرعة في تنفيذ أحكام قضاء الأسرة المسند إليها طبقا للقانون .
-    تفعيل دور النيابة العامة في منح الإذن بخصوص إصلاح الأخطاء المادية برسوم الحالة المدنية ، للتخفيف من القضايا البسيطة المعروضة على القسم من جهة وللتيسير على المواطنين من جهة أخرى .
د – تخصص القضاة في أقسام قضاء الأسرة :
     فلا يقصد بالتخصص بمعناه العام ، وهو تفرغ القاضي للقضايا التي تدخل في اختصاص أقسام قضاء الأسرة ، بل لا بد أن يكون لديه تكوينا خاصا في هذا الباب ومدربا على حسم منازعاتها من خلال الوقوف على العلوم الشرعية والقانونية والاجتماعية والدراسات النفسية والاطلاع على النظريات الفقهية ، والإلمام بسائر الاتجاهات التشريعية ، لان هذه الأنواع لا يقدر على تحمل مسؤوليتها ومالها إلا القضاة المتخصصون والأكفاء ، فكل قاض متخصص لا يحسم نزاعا فحسب وإنما يؤكد بيقين العدالة كإحدى الركائز الأساسية والقيم النبيلة لأي مجتمع متحضر . والتخصص في قضاء الأسرة له عدة فوائد ، نوردها كما يلي :
-    امتلاك القاضي للمعارف الشرعية والقانونية والعلوم المساعدة الأخرى يحدد ويقلل من صعوبة القضايا المعروضة عليه وتعقيداتها ، فيسهل عليه التغلب عليها والبحث فيها وفقا لمقتضيات العدالة .
-    - إن التخصص يعين على فهم حقيقة الدعوى وما يحيط بها ، وأهداف المتقاضين من أثارتها لتحديد المسؤولية ، ومن تم انتقاء ما يناسب من نص شرعي أو قانوني .
-    التخصص يساعد عل إتمام النظر في الدعوى في وقت وجيز ، فالقاضي المتخصص يسهل عليه البت في القضايا والمنازعات وما يترتب على ذلك من إهدار لمصالح المتقاضين .
-    التخصص في أقسام قضاء الأسرة يساعد على توحيد الحلول القضائية أو على الأقل تضييق هوة التباين بينها ، والتي عادة ما تنسب إلى قلة الخبرة والدراية من غير المتخصصين من القضاة .
-    التخصص في أقسام قضاء الأسرة تنتج عنه أحكام ذات صياغة متينة ودقيقة ، وجيدة التعليل وعادلة ، وخالية من اللبس والإبهام ولا يثير تنفيذها أي أشكال .
هـ – توفير عدد كاف من القضاة بالمواصفات الواردة أعلاه ، للقيام بمهامهم أحسن قيام ، وتفادي ما أمكن جمع القاضي بين مجموعة من المهام :
      إن كثرة الملفات من شانها أن تؤثر على جودة الأحكام ، ما دام أن اتخاذ الحلول القضائية في إطار ربط محكم بين النوازل وقواعد القانون والفقه الإسلامي ، والمقاصد العليا للمشرع ليس الأمر السهل ، مما يستوجب سد الخصاص الحاصل في عدد القضاة بهذه الأقسام ، والحيلولة دون جمع القاضي لواحد مجموعة من المهام مثلا الجمع بين مهام الزواج ومهام التوثيق ومهام شؤون القاصرين …
ح – اكتساب قضاة الأسرة لمهارات فنية مواكبتهم لمستجدات المعرفة والاجتهادات القضائية :
      هؤلاء القضاة بالإضافة إلى مواصفاتهم العامة من نزاهة واستقامة واستقلال ، فانه يتعين أن يكونوا ذوو تكوين ، و ذوو خبرة في مجال الأسرة ، وهذا ما يقتضي ما يلي :
-    إعداد لقاءات دورية وموائد مستديرة بين قضاة القسم من جهة ، وبين قضاة أقسام الأسرة وغرف الأحوال الشخصية بمحاكم الاستئناف ، وتتجلى فائدة ذلك في :
  • ·        تحديد مواضيع موحدة ، وتشخيص دقيق للإشكاليات المطروحة على مستوى القسم ، والبحث عن حلول لمعالجتها .
  • ·   توحيد العمل القضائي على مستوى أقسام قضاء الأسرة ، من اجل تحقيق خدمة أفضل والوصول إلى المبتغى من سن المدونة .
  • ·        وهي مناسبة كذلك لتقييم الإحكام ومنهجية تحريرها وتعليلها .
-    برمجة وزارة العدل لحلقات تكوينية لقضاة الأسرة ، على أن تتضمن هذه الحلقات دروسا في علم الاجتماع وعلم النفس .
فادا كانت وزارة العدل قد بذلت مجهودات جبارة في السنوات الأولى لدخول المدونة حيز التنفيذ ، وشرعت في برامج لتكوين وتأهيل القضاة ، فانه يلاحظ انه قل ذلك في الاجتماع وعلم النفس نظرا لارتباطهما الوثيق بقضايا الأسرة ، فنجد في كثير من الأحيان إن القضاة يقومون بمهمة تصالحية وهذا يتطلب منهم دراسة ،خاصة لتحقيق الهدف المنشود ألا وهو لم شتات كل أسرة تعيش وضعية صعبة ، فاحتكاك قاضي الأسرة بالمجتمع ودرايته بالمشاكل المجتمعية وكيفية علاجها من خلال الاطلاع على كل من علم النفس وعلم الاجتماع من شانه أن يساعد على البت في القضايا المعروضة عليه .
   فلا نريد السير الروتيني للقضاء ، فالقاضي ذو وظيفة اجتماعية تفرض عليه الالتصاق بالواقع الاجتماعي متجاوزا الدلالة الحرفية والضيقة للنصوص في اتجاه الملائمة بينها وبين الواقع الاجتماعي .
-         تجهيز أقسام قضاء الأسرة بمكتبات وتزويدها بالمؤلفات المهتمة بالموضوع .
-         استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة .
ط- إسناد الإشراف على أقسام قضاء الأسرة لأقدم القضاة بالمحكمة وأكثرهم تمرسا وذو تجربة وإلمام بقضايا الأسرة .
ق – وضع شراكة وإستراتيجية للتواصل بين أقسام قضاء الأسرة ، ومختلف القطاعات الحكومية الأخرى الفاعلة في مجال تطبيق مدونة الأسرة ، تحسين الولوج إلى خدمات هذه الأقسام :
      مثلا مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن ، بهدف ضمان ولوج أفضل للنساء إلى قسم قضاء الأسرة ، على المجالس العلمية المحلية للاستفادة من خدمات وكفاءات بعض المؤهلين في مجال الصلح ، ما دام أن مدونة الأسرة خولت للمحكمة انتداب من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين ، وبالتالي إنشاء أقسام مختصة بالصلح والإرشاد الأسري داخل هذه المجالس ، ذات بنية استقبالية ملائمة .

2 – فعالية جهاز كتابة الضبط وتحسين أدائه ، وعقلنة موارده البشرية :

ا – توحيد مناهج العمل ، وذلك بتوحيد الوثائق المطلوبة من طرف المحاكم بهدف التيسير على المواطن .
ب – التواصل الجيد والمناسب مع المتقاضين .
ج – إنشاء مكتب تنفيذ خاص بقسم قضاء الأسرة :
     وذلك من اجل ضمان التنفيذ الأمثل للأحكام داخل الآجال القانونية المعقولة ، والحيلولة دون تردد المتقاضي على قسم قضاء الأسرة وعلى المحكمة الابتدائية بقصد تنفيذ الحكم الذي استصدره في قسم قضاء الأسرة ، لما في هذا من إضاعة للوقت .
هـ -اعتماد الفورية في انجاز الإجراءات على مستوى كتابة الضبط .
ح- السرعة في مباشرة إجراءات التبليغ :
     فإذا كان القضاء ملزما بمنح الآجال الكافية لاستدعاء الأطراف ، فان كتابة الضبط ملزمة كذلك بمباشرة إجراءات التبليغ على التو لاستدعاء الأطراف ، وتوجيه الاستدعاء ، ومراقبة المرجوعات ، وتظمينها بالملفات ، لان كل تماطل في القيام بأي إجراء من الإجراءات السابقة ، معناه إعادة الإجراء السابق ، وما يترتب عن ذلك من تراكم للملفات وعدم تصنيفها على الوجه المطلوب .
ط- تعزيز أقسام قضاء الأسرة بالعدد الكافي من الموظفين للتغلب على الخصاص والتمكن من تسريع الإجراءات ، لتفادي البطء في تصريف الأشغال :
    فالي جانب قلة السادة القضاة ، فان أقسام قضاء الأسرة تعاني نقصا على مستوى جهاز كتابة الضبط ، وهو ما يحتم تعيين موظفين جدد لمساعدة الطاقم القضائي من اجل تحقيق السرعة المطلوبة للبت في القضايا المطروحة عليه ، والحرص على التعجيل بتنفيذها من اجل بلورة الأهداف التي جاءت بها مدونة الأسرة .
ق- تكوين كتاب الضبط التابعين لأقسام قضاء الأسرة ، تكوينا خاصا للإشراف على كل إجراءات المساطر القضائية مع الاعتماد في العمل على المعلوميات .

ثالثا : إصلاح وتعزيز المنظومة القانونية :

   هل يمكن القول بان القانون المطبق أمام أقسام قضاء الأسرة ، ومن طرف القضاة يتحمل نصيبا من المسؤولية في الوضعية التي توجد عليها هذه الأقسام ؟
   لا يمكن أن يغيب على أدهاننا ،إننا نتوفر على ترسانة قانونية مهمة في أقسام قضاء الأسرة ، فلدينا مدونة أسرة حديثة ، وقانون حالة مدنية صادر بتاريخ 2002 …….
 أكن في المقابل نجد قوانين قديمة نسبيا ، وفصول وموارد قانونية لابد من إعادة النظر فيها ، بسبب الصعوبات والإشكاليات التي تطرحها ، نوردها وفق مايلي :
أ‌-       ضرورة مراجعة ظهير 13 يونيو 2012 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين .
ب‌- تعديل بعض مواد ظهير الحالة المدنية :
واخص بالذكر هنا المادة : 37 ، والتي ميزت بين الأخطاء المادية والأخطاء الجوهرية ، أعطت لوكيل الملك في الحالة الأولى أن يمنح الإذن بالإصلاح فيها دون الثانية ، فتيسيرا على المواطنين ، وربحا للوقت يمكن أن يخول للسيد وكيل الملك الإذن بإصلاح جميع الأخطاء المادية منها والجوهرية ، ولما لا جعل النيابة العامة هي المختصة بالإصلاح وعدم اللجوء إلى المحكمة إلا في حالة رفض وكيل الملك الإذن بالإصلاح .
      ج – خلق قضاء استعجالي اسري يعهد به للقاضي المكلف بشؤون ومهام قضاء الأسرة ، حتى تتحقق الفعالية والسرعة ، والتيسير على المواطن ، بدل تردده على محكمتين ( المحكمة الابتدائية وقسم قضاء الأسرة ) ، في دعوتين تتعلقان بموضوع واحد :
       فمثلا عند وجود نزاع معروض أمام المحكمة بين الزوجين ، و تكون الزوجة خارج بيت الزوجية فتطرح مسالة زيارة احد الأبوين للأطفال ، فهنا يضطر الزوج أو الزوجة إلى القضاء ألاستعجالي بقصد استصدار أمر بزيارة الأطفال كما أن الفقه والقضاء الاستعجاليين جازمين على اختصاص المحكمة الاستعجالية بالبت في طلب إرجاع الولد لمن له حق حضانته ، إذ انه في الحياة العملية كثيرا ما يرغب الوالد في الاستئثار بولده اثر انفكاك العلاقة الزوجية ، ففي هذه الحالة يكون من حق الأم اللجوء إلى القضاء الاستعجالي للمطالبة بتمكينها من ولدها ، ونفس الأمر بالنسبة لحق الزيارة أي حلة زيارة الأب لوالد وهو في حضانة أمه والعكس أو حالة سقوط الحضانة ……
د- إيجاد قواعد مسطرية خاصة بقضاء الأسرة :
   لا نقول مدونة إجرائية خاصة بقضاء الأسرة ، وإنما تجميع ووضع قواعد مسطرية مناسبة تراعي طبيعة قضايا الأسرة تجمع في الباب الثالث من قانون المسطرة المتعلق بالأحوال الشخصية ، وذلك بهدف :
-         الحيلولة دون متاهات المساطر التي تسمح بجميع أنواع المماطلة .
-        القضاء على البطء الناتج عن تعقيد المساطر .
-    تفادي الازدواجية في بعض القواعد المسطرية ، نذكر على سبيل المثال لا الحصر ، الاختصاص المكاني في دعاوى التطليق يحكمه الفصل : في 212 من قانون المسطرة المدنية ، الاختصاص في طلبات الطلاق تحكمه المادة : 79 من مدونة الأسرة ، الاختصاص في باقي قضايا الأسرة يحكمه الفصل : من فانون المسطرة المدنية . 
هـ – إعادة النظر في كيفية التبليغ في قضايا الأسرة :
      إن حل مجموعة من الإشكاليات التي تعاني منها أقسام قضاء الأسرة يكمن في ضرورة الاهتمام بمسطرة التبليغ ، التي تعرف مجموعة من الإشكاليات العملية والقانونية ، وهو ما يحتم تسريع الإجراءات وايلائها العناية اللازمة ماديا وبشريا ، لأجل التخلص من الركام الهائل من القضايا التي تروج بأقسام قضاء الأسرة وبالتالي تحقيق العدالة الناجعة للأسرة المغربية ، أوريد بهذا الخصوص مجموعة من الملاحظات كالتالي :
-         بطء مسطرة التبليغ بالطريق الدبلوماسي في قضاء الأسرة :
تتميز هذه المسطرة بطول إجراءاتها وعد نجاعتها ، بسبب طول السلم الإداري الذي يقطعه الطي ذهابا وإيابا ، وهو يقتضي السماح للمتقاضين على السهر تبليغ الطيات القضائية للمصالح القنصلية المغربية بالخارج .
   – طول مسطرة القيم وانعدام الجدوى منها ، وكثرة الإشكالات الناتجة عنها .
   – إشكاليات تبليغ ملخصات الزواج والطلاق .
إن الإشكال المطروح في المادتين : 68 و 141 من مدونة الأسرة، هذا فضلا على صعوبة الحصول على رسم ازدياد احد الزوجين مثلا في بعض حالات التطليق للغيبة وعدم الإنفاق وحتى في التطليق للشقاق أحيانا .
    لذلك يتعين إعادة النظر في الآجال المنصوص عليها ، وإيجاد نظام معلوماتي بين وزارتي العدل والحريات ووزارة الداخلية لتسهيل تبليغ هذه الملخصات .
-         إشكاليات تبليغ أحكام الحالة المدنية للنيابة العامة :
تتميز مسطرة تبليغ هذه الأحكام بالبطء ، بسبب طول إجراءاتها : التضمين في السجل العام ، سجل الجلسة ، التسجيل ، كناش التداول ، توجيه الإرسالية …. لأجله يتعين إيجاد خلية للتنسيق بين مكاتب الحالة المدنية والمحكمة والنيابة العامة ، وإيجاد نظام معلوماتي يسهل الإجراءات التبليغية والتنفيذية لأحكام الحالة المدنية .
ح – التخفيف على أقسام قضاء الأسرة من قضايا الحالة المدنية ، خاصة ملفات إضافة اليوم والشهر :
   إذ يمكن في هذا الصدد التنسيق مع وزارة الداخلية وإحصاء جميع الرسوم لاختيار اليوم والشهر المناسب لوضعيتهم ، إلى لجنة يترأسها قاضي وبع تصفحه للحالات يأذن بإضافة اليوم والشهر لهذه الرسوم .
   وكذلك التنسيق مع وزارة الداخلية بشان شواهد الولادة ، الخاصة بتسجيل الولادات الجديدة ، التي لا تتضمن اليوم والشهر المختار من طرف المعنيين بالأمر ، تفاديا لتقديم طلبات لاحقة بإضافة اليوم والشهر بعد التسجيل في سجلات الحالة المدنية .
ط – محدودية الصلح القضائي في مدونة الأسرة ، وعدم تفعيل بعض المؤسسات المنصوص عليها قانونا :
ق- إشكالية الاجتهاد القضائي في القضاء الأسري :
     طبقا للمادة 400 من مدونة الأسرة فانه يرجع إلى المذهب المالكي في كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة ، فيطرح هنا مشكل الاجتهاد القضائي المستمد من مصنفات الأسلاف من الفقهاء ، والذي يعطي أحيانا تفسيرات ويفرض تأويلات غريبة للنصوص المطبقة باسم التراث الفقهي الإسلامي ، مما ينعكس على الاستقرار القانوني ، ويمس بمبدأ التوقع القانوني ، ويدخل حيرة وشك في أذهان المتقاضين ، تنتج عنهما عدم الثقة في القضاء ، ولا يمكن أن تكون هناك عدالة طالما وجد شك .

رابعا : إصلاح المهن القضائية ذات الصلة بقضاء الأسرة :

اقتصر في هذه المداخلة على مهنة المحاماة وحطة العدالة والنساخة .

1 – مهنة المحاماة :

ا – تخصص المحامي في القضاء الأسري :
  لابد من التفكير في تخصص المحامي في ميدان معين ، يسمح له بان يكتسب صفة مختص في مادة قضاء الأسر ، خصوصا إمام تنوع المحاكم .
ب – تكوين المحامي :
      في انتظار الحسم في طريقة وكيفية تخرج المحامي ، فانه لابد من مواكبة المحامي في تكوينه في القضاء الأسري ، و ايلائه أهمية بالغة ، ضمانا لحقوق المتقاضين .
ج – الدور الايجابي للمحامي في تطبيق القانون في القضاء الأسري :
      إن القوانين مهما كانت جيدة شكلا ومضمونا فان التطبيق السليم هو الذي يعطيها الحياة ويحقق الأهداف ، التي صيغت من اجلها . وهذا التطبيق السليم لا يمكن أن يتم إلا بتعاون جميع من يهمهم الأمر بمن فيهم المحامين . فلا شك أن لهؤلاء دور مهم في حسن تطبيق القانون إذ غالبا ما يحاول كل طرف منهم هزم خصمه والحصول على حقه أو ما ليس من حقه بجميع الأساليب .
د- الدور الايجابي للمحامي في مساعدة القضاة على تجهيز الملفات والبت فيها في اقصر الآجال ويتحقق ذلك من خلال ما يلي :
- تقديم المقالات الافتتاحية للدعوى مرفقة بكافة الوثائق .
- عدم المبالغة في طلبات المهل .
- مساعدة أقسام قضاء الأسرة في السهر على تبليغ الملفات خاصة التي تكون خارج دائرة المحكمة الابتدائية المختصة .
- بقاء المحامي في إيصال دائم مع موكله ، إذ في كثير من الأحيان ، يكون الزوج أو الزوجة قد تصالح مع زوجته لكن يضل الملف رائج لعدة شهور ولما سنوات .

2 – خطة العدالة :

من خلال تتبع عمل السادة العدول على مختلف أقسام قضاء الأسرة ، يتم رصد مجموعة من السلبيات والاكراهات التي تؤثر على السير العادي لشعبة التوثيق لأقسام قضاء الأسرة ، منها ما يعزى للسادة العدول كأشخاص ومنها ما يعود للتنظيم الهيكلي لهذه المهنة .
أ‌-       ضرورة إعادة النظر في القانون النظم لخطة العدالة :
-    إن ما يلاحظ على القانون الحالي المنظم لخطة العدالة بخصوص اجل تحرير الرسوم من طرف العدل ومراقبتها من طرف القاضي ، و تظمينها بسجلات المحكمة ، ثم الخطاب عليها يستغرق مدة طويلة ، فأضحى يعد تأخيرا في الانجاز مقارنة مع الظرف القياسي الذي تنجز فيه الرسوم من طرف الموثق العصري .
-    كما أن الرقابة التي أعطاها القانون لقاضي التوثيق على الوثيقة العدلية قبل تضمينها بسجلات المحكمة والخطاب عليها ، غير منظمة ، وان حقوق وواجبات كل من العدل وقاضي التوثيق غير محددة وغير واضحة .
ب – عدم التقيد بتعرفة الأجور :
      إن تعريفة الأجور والتي كانت ولازالت دائما محل مطالبة بالتغيير من طرف العدول ، لا تحترم في الواقع ، عليه يتعين التفكير في مراجعتها وتحديدها بالشكل الذي تستجيب معه لمتطلبات العيش وتلائم تكاليف العدل ومصاريفه ومستوى عيش الناس . لكن في المقابل وبعد إقرار ها الحرص على تطبيقها بكافة الوسائل القانونية ، وإسناد الحق لمجلس الهيئة في تحديد أتعاب العدول في حالة النزاع فيما بينهم أو مع المواطن مع إمكانية الطعن في قرار مجلس الهيئة أمام القضاء .
    إن التوثيق العدلي في كثير من مجالاته لأحكام الفقه الإسلامي وقواعده ، وخاصة الفقه المالكي في مشهوره أو ما جرى به العمل فيه ، الذي لا زال مبثوثا وقواعده ، بطون كتب الفقه متناثرا في مصنفات الأحكام والفتاوى والنوازل ، وما يترتب عن هذا الوضع من اختلاف وتضارب في الفهم والعمل وممارسة التوثيق باعتبارهم طرفا واحدا و بين بعض المؤسسات والإدارات والمصالح باعتبارها طرفا أخر .
ج- تخليق مهنة خطة العدالة على المستوى العملي والسلوكي :
     إن ما أصاب خطة العدالة لا يرجع فقط إلى الأسباب الخارجية بل إن السادة العدول يتحملون قسطا من المسؤولية في ذلك .
     فعلى المستوى الأخلاقي من الأكيد أن هذا الوازع قد تدنى بشكل كبير وملفت للانتباه ، و أصبح التفكير في الجانب المادي أكثر من غيره ، مما ينعكس سلبا على المصداقية والثقة المفروضة في مهنة العدالة ، وهذا ما يفسر كثرة الشكايات التي ترد مكتب السيد قاضي التوثيق ، وأورد بهذا الخصوص المقولة المشهورة للموثق الفقيه الونشريسي ، إذ يقول : ” إن العدالة معتبرة في كل زمان بأهله وان اختلفوا في وجه الاتصاف بها ، فنحن نقطع بان عدالة الصحابة لا تساويها عدالة التابعين ، وعدالة التابعين لا تساويها عدالة من بعدهم ، وكذلك كل زمان مع ما بعده إلى زماننا . هذا فلو قيس عدول زماننا بعدول الصحابة والتابعين لم يعدوا عدولا لتباين ما بينهم في الاتصاف بالتقوى والمروءة … “  فإذا كان هذا هو حال العدول في زمان الفقيه الونشريسي أي القرن التاسع الهجري فما بالنا بعدول أيامنا هاته .
د- إعادة النظر في التكوين الفقهي والقانوني والتقني للعدول :
    يقول الإمام مالك رضي الله عنه : ” لا يكتب الوثيقة بين الناس إلا عارف بها ..” فكثير من السادة العدول اليوم لا تتوفر فيهم الكفاءة الفقهية والقانونية ، لتأتي وثائقهم سليمة شرعا وقانونا . فطريقة ولوج خطة العدالة ، عن طريق الاختبارات الكتابية والشفوية ، وطريقة تكوينهم الموزع ما بين الدراسات والأشغال التطبيقية والتدريب نلاحظ رسوما لا تتوفر فيها الشروط  و الأركان والبيان المتطلبين قانونا . وهو ما يستغله الخصوم في إذكاء الخصام والعناد وتشعيب الدعاوي ومماطلة أصحاب الحقوق حيث  يجدون في تلك الرسوم ثغرات ينفذون منها إلى أهوائهم .
هـ – إعادة النظر في طريقة اختبار العدول وتصنيفهم :
      يمكن بهذا الخصوص اقتراح تدخل تشريعي يتم بمقتضاه التمييز بين صنفين من العدول ، تراعى فيه الاقدمية و الكفاءة للسادة العدول ، ومن تم يكون للصنف الأول اختصاص عام لتلقي جميع الشهادات وانجاز جميع الرسوم كيفما كان نوعها . والصنف الثاني له اختصاص مقيد وضيق ولا يمكنه انجاز سوى بعض هاته الرسوم .

3 – مهنة النساخة :

ا- الأسلوب التقليدي لعمل النساخ ، ورداءة الخط .
ب- البطء في استخراج النسخ .
ج- عدم التقيد بتعرفة الأجور .
د- ضرورة إدخال المعلوميات للعمل في هذه المهنة .
ح- الوضعية المزرية للأرشيف في مكاتب النساخ إذ أن كثيرا من السجلات تلاشت مما يشكل مساس بحقوق المواطنين .
ط – الثغرات القانونية في مهنة النساخة والتي تفتح الباب أمام الصراع مع السادة العدول خاصة فيما يتعلق باجرة نسخ العقود والدمغة .

                                                                                                                                      عن تاوريرت بريس :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم