الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

الإسم الشخصي و البعد الهوياتي و التساؤل القانوني

ذ. محمد أمغار
http://amrhar.voila.net

   يعتبر إختيار الإسم العائلي  والشخصي من طرف المواطنين لتسمية  أبنائهم من التصرفات القانونية التي تدخل في صميم حقوق الإنسان وحقه في التعبير عن مكونات هويته  الثقافبة وأبعادهاالمختلفة.
لذلك كانت تسمية العائلات لأبنائها ترتكز على هذه الأبعاد بحيث تأخذ بعين الإعتبار الأبعاد المختلفة للهوية الفردية والجماعية، وتشبهها برموز وأعلام الهوية التاريخية لكل جماعة أو شعب، من خلال تسمية أبنائها  لدليل قاطع على ذلك.
 فالقول تبعا لذلك بنظام الحالة المدنية للفرد والجماعة لايرتكز فقط على تسجيل وتحديد الأسماء العائلية والشخصية وفق قواعد قانونية موضوعة سلفا ووفق إجراءات شكلية نص عليها القانون، بل يتجاوز ذلك لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقه في التعبير عن ذاته.
وفق هذا المنظور يمكن مقاربةإشكالية تشبت المواطنين ببعض الأسماء ورغبتهم في تسمية أبنائهم بها والذي طرح مع العديد من القضايا التي عرفتها المحاكم بعد رفض ضباط الحالة المدنية المتمثلين في رؤساء الجماعات المحلية والذين خولهم القانون هذه الصفة بمقتضى الميثاق الجماعي، تسجيل بعض الأسماء بدعوى عدم التنصيص عليها في القائمة الموضوعة من طرف اللجنة العليا للحالة المدنية.
وإذا كان قرار ضباط الحالة المدنية والمتعلق بتسجيل أو رفض تسجيل إسم شخصي مقترح من طرف المواطن لتسمية المولود يعتبر قرارا إداريا قابلا للطعن فيه أمام المحاكم المختصة وهي المحاكم الإدارية.
وإذا كان ضابط الحالة المدنية ملزم بتعليل قرار رفض التسجيل تحت طائلة الإلغاء بخصوص القرار الغير المعلل تطبيقا لمقتضيات المادة 20 من القانون المنظم للمحاكم الادارية. فإن التساؤلات القانونية المطروحة هي المرتبطة بتمسك ضباط الحالة المدنية باللائحة الموضوعة من طرف اللجنة العليا للحالة المدنية،خلال جلستها المنعقدة بمقر الحالة المدنية بوزارة الداخلية بتاريخ1997/10/14 ،والمتضمنة للأسماء المقبولة للتسجيل بالحالة المدنية.
وهكذا وعلى ضوء الحكم الإبتدائي الصادر عن إدارية الدارالبيضاء والقاضي برفض طلب الطعن في قرار صادر عن ضابط الحالة المدنية بالجماعة الحضرية الفداء والقاضي برفض تسجيل إسم إيدير على إعتبار أنه غير موجود بلائحة اللجنة العليا.
وعلى ضوء القرار الصادر عن المجلس الأعلى الغرفة الإدارية والقاضي بتأييد الحكم الإبتدائي.
فإن النقاش القانوني بخصوص تعليل المحكمة سواء الإدارية أو المجلس الأعلى يطرح أكثر من تساؤل.
حيث أنه وإذا كان الطاعن قد تمسك عن حق  بمقتضيات  المادة 6 من ظهير1950/3/8 المنظم للحالة المدنية في صيغتها القديمة قبل التعديل الذي جاء به ظهير 1/02/239 المتعلق بالحالة المدنية.
هذا الفصل الذي ينص على أنه يجب أن يكون الإسم مغربيا تقليديا وألا يكون أجنبيا أو مركبا من أكثر من إسمين وألا يمس بالأخلاق العامة.
وإذا كان الفصل 6 من الظهير يعتبر  قانونا بمعناه العام، وإذا كانت الإدارة ملزمة بإحترام منطق تسلسل القواعد القانونية.
حيث أن القاعدة الأدنى درجة يجب أن تحترم القاعدة الأعلى درجة، فالقانون العادي ينبغي أن يكون مطابقا للدستور الأعلى منه درجة،والقرار الإداري ينبغي أن يكون مطابقا للقانون العادي الأعلى منه درجة تحت طائلة عدم الدستورية أو عدم القانونية.
وهي الحالة المتمسك بها من طرف الطاعن في نازلة الحال، ذلك أن الطاعن تمسك بمقتضيات المادة 6 من القانون المنظم للحالة المدنية، والإدارة تمسكت بلائحة موضوعة من طرفها وليس لها الصفة القانونية ما دام أنها لاترتكز على أساس قانوني سليم.
والمحكمة الإدارية تبعا لذلك تكون ملزمة بتطبيق مقتضيات المادة 6 من الظهير المنظم للحالة المدنية ما دام أن الإدارة أي ضابط الحالة المدنية لم يأت بسبب مبرر لرفضه تسجيل الإسم المطلوب خاصة وأن هذا الأخير تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في الفصل6 المذكور.
فإسم إيدير معروف كإسم تقليدي أمازيغي مرتبط بالهوية والثقافة الأمازيغية بإعتبارها إحدى أبعاد الهوية الثقافية المغربية .
وحيث أن المحكمة الإدارية للدار البيضاء لما تمسكت بكون القرار الصادر عن ضابط الحالة المدنية للجماعة الحضرية الفداء غير مشوب بالشطط في إستعمال السلطة وأنه قرار سليم لاحياد فيه عن المشروعية بدعوى أن الإسم المطلوب تسجيله غير موجود في اللائحة الموضوعة من طرف اللجنة العليا، تكون قد استبعدت تطبيق القاعدة القانونية المتمثلة في مقتضيات المادة6 من القانون المنظم للحالة المدنية لفائدة قرار صادر عن سلطة إدارية.
وإذا كانت الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى قد سايرت المحكمة الإدارية بخصوص التعليل الذي إعتمدت عليه لإستبعاد طلبات الطاعن على إعتبار أن القرار المطعون فيه قد احترم المشروعية مادام أنه تمسك باللائحة الموضوعة من طرف اللجنة العليا، الشيء الذي يدفع إلى طرح تساؤل قانوني آخر والمتمثل في مدى مشروعية تضييق الإدارة من الحقوق العامة المكفولة بالقانون.
ذلك أن الفصل6 من الظهير وإن وسع حقوق الأفراد وحرياتهم في تسميتهم الشخصية ولم يضع إلا شروطا محددة في عدم مخالفة الإسم للأخلاق العامة، وألا يكون أجنبيا أو مركبا من أكثر من إسمين مسايرا في ذلك خصوصية الهوية المغربية، فإن تضييق الإدارة  من هذا الحق بواسطة لائحة محددة الأسماء المقبولة يشكل خرقا للقانون والحق في التعبير عن الهوية، هذا ما يدفع إلى طرح أكثر من تساؤل بخصوص مسايرة قرار المحكمة الإدارية والذي تم تأييده من طرف الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى للإدارة في تضييق من الحقوق بواسطة لوائح لاتراعي نص القاعدة القانونية الموضوعة من طرف المشرع.
ذلك أن المحكمة ملزمة بالبث قانونا طبقا للقوانين الموضوعة من طرف السلطة التشريعية وإذا كانت مقتضيات المادة 25 من قانون المسطرة المدنية تمنع على المحاكم أن تبث في جميع الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل الإدارة العمومية للدولة أو الجماعات العمومية فإن هذا المنع لايشمل إلا القرارات الإدارية الصادرة في ظل القانون والمشروعية.
وبالتالي فإن القرارات المخالفة للقواعد القانونية والتي تفتقر إلى الشرعية ومنها نازلة الحالة والتي خرق فيها ضابط الحالة المدنية مقتضيات المادة6 من ظهير الحالة المدنية، فإن المحاكم الإدارية وعلى رأسها الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى كان عليها أن تعيد الأمور إلى نصابها تجسيدا لمبدأ المشروعية الذي يكرس لسمو القانون بما يقتضيه من مساواة بين الأشخاص العاديين وأشخاص القانون العام وتطبيقا لمقتضيات المادة20 من القانون رقم 41-90 المنظم للمحاكم الإدارية، والذي أعطى الإختصاص للمحاكم الإدارية للبث في الطعون الصادرة ضد القرارات الإدارية المخالفة للقانون والتي تشكل تجاوزا في إستعمال السلطة.
لذلك يبقى التساؤل المطروح مع دخول القانون الجديد للحالة المدنية أي قانون37-99 والمرسوم التطبيقي له حيز التنفيذ هو مدى قدرة المجتمع المدني على الضغط لفائدة تطبيق القانون على حساب ترسيخ قاعدة الحد من الحقوق بواسطة اللوائح الإدارية.
فالقاعدة القانونية المتعلقة بإختيار الإسم الشخصي في ظل القانون الجديد لم تخرج عن روح الفصل 6 من ظهير 1950 في أبعادها العامة، ذلك أن الفصل21 من الظهير الجديد ينص على أنه يجب أن يكتسي الإسم االشخصي الذي إختاره من يقدم التصريح بالولادة قصد التقييد في سجلات الحالة المدنية طابعا مغربيا وألا يكون إسما عائليا أو إسما مركبا من أكثر من إسمين أو إسم مدينة أو قرية أوقبيلة وألايكون من شأنه أن يمس بالأخلاق أو النظام العام.
وهكذا فإن القانون الجديد أعطى للمواطن حرية الإختيار في التسمية الشخصية لأبنائه مع إحترام القيود المنصوص عليها في القانون كما هي محددة في الفصل 21 منه.
إن الممارسة إذن هي التي سوف تبرهن على مدى قدرة ورغبة الإدارة في احترام الهوية المغربية في أبعادها المختلفة، وإحترام حقوق الأفراد والجماعات في اختيار الأسماء التي ترى أنها تمثل أبعاد هويتها وشخصيتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم