الأربعاء، 18 يونيو 2014

بدون حرج : الزواج السري


هل يمكن الحديث عن ظاهرة زواج سري في عدد من الأوساط وبصيغ متعددة في المغرب؟ ما هو موقف الشرع وكيف يقارب القانون صنوفا من الزيجات يغيب فيها التوثيق والإشهار؟ أية دوافع تفسر الإقدام على مثل هذه الخطوة وما هي تداعياتها على طرفيها، على الأبناء إن وجدوا، وعلى المجتمع؟ ثم ما مداخل التصدي وقاية وعلاجا للارتباط سرا حفاظا على مؤسستي الزواج والأسرة؟ الزواج السري موضوع العدد الجديد من "بدون حرج"، بمشاركة كل من :

حسن السرات أمين مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط
فوزية الأبيض عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالبرلمان المغربي وباحثة في علم الاجتماع السياسي
سعيد بوزردة محام بهيأة الدار البيضاء وخبير التدريب في حقوق الإنسان
الخمار العلمي دكتور دولة في سوسيولوجيا التربية والأسرة

الاثنين، 16 يونيو 2014

شـهـادة اللّفيـف - عرض

محفوظ أبي يعلا

مجاز في القانون الخاص
الكلية المتعددة التخصصات
تطوان/مارتيل



شـهـادة اللّفيـف
مقدمّــة

و العـدل يكفـي في سمـاع البينـة ** من اللّفـيف فتراهـا هينـة (1)

لا شـكّ أن لدلائل الاثبات أهميّة كبيـرة في القضـاء . فهـي الوسيلـة الوحيـدة للوصول إلى الحـقّ. فالقـاضيّ يحـكم بالظـاهر , و بمـا يأتي بـه الخصـوم من حـجج . و قد ورد في الحديث الشريف ما يلي : " إنكم لتختصـمون إليّ , و لعلّ بعضكـم أحقّ بحجتـه عن بعـض فـمن قضيـتُ لـه بحـق أخيّـه شيئـاً بـقوله , فانّمـا أقطـع لـه قطعـة مـن النّـار فـلا يأخذهـا " (2) .

و تعتبر شـهادة اللفيف وسيلـة من وسائل الاثبات , اذ انّها تعتبر بينة شرعيّة . و بالتّالي فهي تندرج في المرتبة الثالثة من طرق الاثبات حسبما هو وارد في الفصل 404 من قانون الالتزامات و العقـود المغربيّ (3) .

و أهميّة شـهادة اللّفيـف لا تخفـى علـى أحـد , فمـن خلالها يتم الحفـاظ على حقـوق النّـاس الماليّة و الغيـر الماليّة . لا سيـما و نحـن نعلم أنه يتعـذر في أمـاكن كثيـرة من المغرب إقـامة الحـجة العدليّـة .

و في هـذا الموضوع سأحاول معالـجة موضـوع شـهـادة اللفيـف انطـلاقـاً من الأسـئلـة التّـاليّة : ما معنّى شهادة اللفيـف؟ و هل هناك ضرورة أدت إلى اعتبـار شهـادة اللفيـف وسيلة من وسائل الاثبـات؟ ثمّ مـا أهم الاجتهادات الّتي حسمـها العمـل القضائيّ في موضوع هـذه الشهـادة؟

و كلّ هـذه الأسئلة و غيـرها سأعرض لهـا من خـلال مبحثيـن علـى النّحـو التّالي :

المبحث الأوّل : اضـاءة على شهادة اللفيف
المبحث الثانيّ : شـهادة اللّفيف بين العمل القضائيّ و القانون .


المبحث الأوّل : اضـاءة على شهادة اللفيف

جـاء في المعجـم الوسيط : الشّـهادة : أن يخبر بما رأى . و الشّهـادة أن يقـر بما علـم
و الشهـادة : مجموع ما يدرك بالحس . و الشّهادة البينة ( في القضـاء ) : هي أقـوال الشهود أمام جهـة قضائيّـة .

و جـاء في نفس المعجم : اللّفيـف : ما اجتمع من النّاس من قبائـل شتّـى , أو من أخـلاط شتّـى . فيهـم الشّريف و الدنيء و المطيعُ و العـاصـي , و القـويّ و الضعيـف . و فـي التّنزيـل العزيـز : " جِـئْنـا بيِـكُـم لفيــفـــاً " أي مجتمعيـن مختلطـين .

و هـكذ , فإنّه بالجمـع بين الكلمتين الشهادة و اللفيـف , يتبين لنا أن المقصود بشـهـادة اللّفيف تلـك الشـهــادة الّتـي اجتمـع لـلادلاء بهـا جـملـة من الشـهـود , بعضهـم عـدلٌ و بعضهم غيـر ذلك . و هـذه الجمـاعة من الشهود "التفت" حول الواقعـة للشهـادة . و لهـذا سميت بهـذا الاسم , أي بشهـادة اللفيف( 4) .

و قـد بدأت شـهادة اللفيف بالبروز بكثـرة كوسيلـة اثبـات بعيد الاستقـلال . غيـر أن العـمل بها أو وجودها كشهـادة اثبات فهو وجودٌ قديـم . فالثابت أن الفقهاء أجـازوا العمل بشهـادة اللفيف قبـل حلول القرن العـاشر . و في هـذا الصدد ينقـل بعض شراح لاميّة الزقاق عن سيـدي العربيّ الفاسيّ قولـه : " و قد جَرى العمـل باللفيف فيما أدركنا , قبـل الألف , و لا ادري متى حدث ذلك ... " (5).


و قد وضع الفقهاء شروطا للأخذ بشهادة اللفيف . هـذه الشروط نجملـها فيما يلـي :

أ ـ أن يكون أفراد الشـهادة من الرّجال . و قد رأى بعـض الفقهـاء بالاقتصـار على اثنـى عشـر رجـلاً في عـدد اللفيـف . و أفتـوا في أن اللفيـف من النّسـاء و لـو بلـغ عـددهن المـائة لا يقضـى بـه .

ب ـ سلامة الشهـود من أسبـاب التـجريـح . و الشهود في هـذه الشـهادة , كمـا قدمنـا , لا تستلـزم فيـهم العـدالة الّـتي عـرفها ابـن رشد بكونها هيئـة راسخة في النّفس تحث على ملازمـــة التّقـــــوى, باجتنـــاب الكبـائر و توقــــي الصغائـر و التّحاشـي عـن الرذائــل المباحـة(6)و انّما يكتفي في شهـود اللفيف ستر الحال و عدم ظهور الجرح . و قد جـاء في العمـل الفـاسيّ : و لابد في الشهـود في اللفيـف /// من ستر حـالهم علـى المعـروف .

و ينبـغي في الشـهود أن لا يكونوا من مقربي المشـهود لـه أو من أعدائه .

ج ـ استفسـار الشـهود ورد شـهادة من اختـلف قولهـم عن ما ورد في رسـم اللفيـف . و في هـذا الصدد قال الفقيـه عبد الكريم اليازغـي : " الّذي يجب في هـذا الزّمن أنه لا يقضـي بشهـادة بينـة اللفيـف إلا بعـد الاستفسـار حضـر الشهـود أو غابـوا قربـت غيبتـهم أو بعدت إذ كثيـراً ما ينكر الواحـد منهـم الشـهادة رأسـاً أو يقـول خلاف ما قـالهُ أولاً( 7) . و قد جرى العمل بترك الاستفسار ان مضت ستة أشـهر عـن أداء الشـهود لشهـادتـهم فقد ورد في العـمل المـطلق : " واستحسنـوا إن مـرّ نصـف العـام /// من الاداء ترك الاستفهام " (8) .

هـ ـ أن لا يشـهد شهـود اللفيـف في شـيء اعتـاد النّـاس توثيقـه لـدى العـدول . و في هـذا الصدد نص الفقيـه سيدي المهدي الوزانيّ في الجز التّاسـع من نوازله الكبـرى عـلى ما يلـي : " العـادة الجـاريّة فـي بيـع الأصـول أن يكـون بالعـدول , لا باللـفيف , إذ لا موجـب لاشـهـاد اللفيــف , و الاعـراض عـن العـدول ... " (9) . فالخلاصـة هي أن الأصل في الإثبـات هو شـهـادة العـدول , و أن الأخـذ بشـهادة للفيـف هو استثـناء تـفرضـه الضـرورة .

د ـ تحليـف شهـود اللفيف . فقد قام كثيـر من القضـاة بتحليـف شهـود اللفيـف بعد أن ظهر لهم زيـادة الفجـور في أهـل الزّمـان . و في هـذا الشـأن جاء في العـمل الفـاسـيّ :
و حـلف ابن سـودة ( قـاضي ) الشـهود /// من اللفيـف لفجـور زيـدا (10) .

المبحث الثانيّ : شـهادة اللّفيف بين القانون و العمل القضائيّ .

ان طريقة اقامـة شهـادة اللّفيـف تكون بأن يأتي المشـهود له باثنى عشـر رجـلاً إلى عدل منتصب للشـهادة ـ هناك من قال بضرورة تلقي الشهادة من طرف القاضي ـ فيقـوم هـذا العدل بكتابـة مضمـن الشهـادة الّتـي تلقـاها , و يضـع أسمـاء الشـهود , ثم ينتقل إلى كتابة رسم آخر , فيه تسجيل على القاضي و صحته لديه , ثم يطالع العدل القاضي بذلك فيكتب هذا الأخير في الرسم العبارة التاليّة : " شهدوا لدي من قدم لذلك لموجبه فثبت " و يضع علامته , ثم يضع العدلان علامتيهما . ثم يخاطب القاضي على الرسم الثاني( 11 ) . و في هـذه الحالة , أي في حالة تدوين القاضي على الرسم , فإن شهادة اللفيف تكون بمثابة حجة كتابيّة من نوع الأوراق الرسميّـة و قد نصت الفقرة الأولى من الفصل 419 من ق ل ع على ما يلي : " الورقـة الرسميّـة حجـة قاطعـة حتـى على الغيـر في الوقـائع و الاتفاقات التي يشهـد الموظـف العمومـي الذي حررهـا بحصـولها في محـضره و ذلـك إلى أن يطعـن فيها بالزور " . أما اذا لم يكن هناك تدوين للقاضي فإنه يكون لشهادة اللفيف صفة الحجة العادية القابلة لاثبات العكس . و هـذه المسألة مهمة من حيث تحديد قوة شهادة اللفيف الاثباتيّة .

لقـد وجهـت الكثيـر من الانتقـادات لشهـادة اللفيـف , نظـراً لعـدم احتـرام اللّفيفيـات للقواعـد و الشروط الّتي وضعـت لقبولـها . فذهب تيـار من الفقهـاء إلى اعتبـار اللفيـف شهـادة لا ترتبـط بالشريعـة في شيء , بل هي وليـدة الضرورة لا غيـر (12) . و ذهـب تيـار آخـر إلى اعتبـار إشكـال شهـادة اللفيـف يكمـن في انعـدام الضمانـات , فالواقـع أنّـه ينبغـيّ أن تسمـع شهـادة الشهـود بمجـلس القضـاء و ليس أن تقـرأ في وثيقـة كمـا هو الحـال في اللفيـف (13) .

و المتتبـع لقرارات المجلـس الأعلـى في هـذا الشـأن يلاحظ الاختـلاف و الاضطـراب في موقفـه من شهـادة اللفيـف . ففـي القـرار عـدد : 224 و الصـادر بتـاريخ : 11 يونيـو 1974 ورد الآتـي : " إن الشـهادة اللفيـفيّة تعتبـر قرينـة فعليّـة تخضـع فـي تقديـر قيمتـها كوسيـلة للإثبـات لقضـاة الموضوع في نطـاق سلطتـهم التّقديـريّـة " . و هـكذا , نلاحـظ أن المجلس الأعلى في هـذا القـرار اعتبر اللفيـف قرينـة فعليّـة (14) . و يـرى الأستـاذ محمـد الربيعـي أن ادخـال اللفيـف ضمن وسائـل الاثبـات المنصوص عليـها في ق ل ع هو ادخال غير سليم و لا يصـح لأن اللّفيـف , حسب رأيه , مؤسسّـة فقهيّـة مستقلـة , لهـا قواعـدها الخـاصّـة و لا ينبغـيّ اعتبـارهـا قرينـة فعليّـة .

و في القرار عدد 529 الصـادر بتـاريخ : 21 شتمبـر 1977 نجد أن المجلس الأعلى اعتبر اللفيـف مجـرد لائحـة شهـود .و بالـتّالي فهـو موقف جرد اللفيـف , نوعـا ما , من قوتـه الإثباتيّـة .

بيـد أن القرار عدد 809 بتاريـخ 25 دجنبـر 1982 اعتـبر اللفيـف ورقـة رسميّـة من حيث الشكل و مجـرد شهـادة من حيـث المضمـون . و بالتّـالـي يكـون قد أدخـل اللّفيـف ضمـن وسائـل الإثبـات .

و نجـد في القـرار 354 الصـادر بتاريـخ 21 مارس 1987 ما يلـي : " شهـادة اللفيف الّتي يتلقـاها العدول نيـابة عن القـاضي و تسجل عليـه هـي بمثابـة شهـادة العـدول في إثبـات الحقـوق و ليسـت مجـرد لائحـة شهـود " . و في هـذا الشأن نتـذكر ما ذكـره سيـدي العربـيّ الفـاسـيّ , حيث أشـار إلى أن ابن رشد كـان يعتبـر اللفيـف مجـرد جمع يُسَهل على القاضي اختيار الشهود , فإن وجد فيهـم من يزكى ألغى الزائد , و إن لم يجـد أحداً ألغـى الجميـع . ( 15 ) و هو الموقف الذي عمل به المجلس الأعلى في القرار 529 الذي عرضناه .

خـاتمــة :

يظهـر لنـا أن الفقهـاء و القضـاة , أخـذوا بشهـادة اللفيــف بسبب الضرورة و الاستثنـاء .

و لا يفوتنـي في هـذه الخاتمـة أن أبـدي بعـض الملاحظـات حـول شهـادة اللفيـف :

ـ أولاً , ينبغـي اعـادة النـظر في الاتجـاه القـائل بالأخـذ بشهـادة اللفيـف , لأن العمـل بهـذه الشـــهـادة هـو عمـــــلٌ بشهـادة جامـدة و صامتـة , تفتقــــر لضمانـات الصـــــدق و الوضـوح .

ـ ثانيـاً , اشتـراط الفقهـاء أن يكون أفراد الشهـادة من الذكور , و الافتاء بأن اللفيـف من النّسـاء و لـو بلـغ عـددهن المـائة لا يقضـى بـه . هـو شـرط يدخـل في التمييز بين الرجل و المرأة , و بالتّـالي فهـو شرط لا يتنـاغم مع روح العصـر .

ـ و أخيـراً أقتـرح تدخل الدّولـة عن طريق تشجيـع النّـاس على توثيـق حقوقـهم توثيقـاً رسميّـاً يعتـدُ بـه و يكون منسجمـاً مـع الحداثـة و دولـة الحـقّ و القـانـون , و لن يكـون ذلك إلا بعـد تطويـر المدن و تقريب و تسهيـل الخدمـات للنّـاس , بحيث لا يتعـذر عليـهم توثيـق حقوقـهم توثيقـاً رسميـاً .

عسـى أن يكلل جهـدي في هـذا البحث المتواضـع بالنـفع . فمـا رجـوت إلا عملاً صالحـاً ينتفـع به . و اللـه من وراء القصــد .



هوامش :

1 ـ من العمل الفاسي .
2 ـ صحيح البخـاري .
3 ـ الفصل 404 ق ل ع : " وسائل الاثبات التي يقررها القانون هي : 1 ـ إقرار الخصم . 2 ـ الحجة الكتابية . 3ـ شهادة الشهود . 4ـ القرينة . 5 ـ اليمين و النكول عنها " .
4 ـ عبد العلي العبودي , سماع دعوى الزوجية بصفة استثنائية , مجلة الملحق القضائي , العدد : 26 , ماي 1993 . ص : 41 .
5ـ أحمد أمغار , شهادة اللفيف و اعتمادها كحجة إثبات , رابطة القضاة , السنة : 22 , عدد : 16/17 , مارس 1986 , ص 20 .
6 ـ عادل حاميدي , التطليق للشقاق و اشكالاته القضائيّة , ص : 39 . و في هـذا يقول صـاحب التّحفة : وشـاهد صفتـه المرعيّـة / عـدالة تيقـظ حرّيّـة / و العـدل من يجتنب الكبـائرا / و يتقي في الغـالب الصغائـرا / و ما أبيح و هـو في العيـان / يقـدح في مـروءة الإنسـان
7 ـ محمد الربيعي , موقف الفقـه و القضاء من اللفيفيات قديماً و حديثاً , الاشعاع , العدد : 15 , السنة التاسعة , يناير 1997 , ص : 107
8 ـ أحمد أمغار , مرجع سابق , ص : 24
9 ـ أحمد أمغار , مرجع نفسه , ص : 24
10 ـ محمد الربيعي , مرجع سابق , ص : 109
11 ـ أحمد أمغار , مرجع سابق , ص : 21 .
12 ـ محمد الربيعي , مرجع سابق , ص : 111
13 ـ محمد الربيعي , مرجع نفسه , ص : 111
14 ـ محمد الربيعي , مرجع نفسه , ص 112
15 ـ محمد الربيعي , مرجع نفسه , ص 112

 عن موقع marocdroit

الأحد، 1 يونيو 2014

القضاء الاسري بالمغرب


 

رشيد برادة 

ماستر أحكام الأسرة في الفقه و القانون

 









 
مقدمة

       تعتبر أقسام قضاء الأسرة محاكم مرتبطة بالمحاكم الابتدائية.وقد تم إحداثها بالتدريج ابتداء من سنة 2001 ليتم تعميمها سنة 2004 (فبراير2004) مع انطلاق العمل بقانون مدونة الأسرة الذي يعنى بشؤون الأسرة والطفل والأحوال الشخصية للأفراد معوضا بذلك قانون الأحوال الشخصية الذي كان معمولا به قبل هذا التاريخ.ولكن احداث القضاء الاسري بالمغرب لم يأتي بين ليلة وضحاها إذ أن الشأن الاسري بالمغرب عرف عدة تغيرات و مستجدات عبر مراحل مختلفة من تاريخ المغرب.فقبل القضاء الاسري كنا نسمع بالقضاء الشرعي الذي كان يحتكم اليه في فض جميع النزاعات بما فيها النزاعات الاسرية.لذلك فإذا أردنا أن نعرف المحطات التاريخية التي مر بها التنظيم الاسري بالمغرب فلابد من الرجوع الى التطور التاريخي لقضاء الاسرة والإصلاحات التي عرفها هذا الجهاز في مختلف المراحل.كما لابد أن نتطرق الى قانون الاحوال الشخصية باعتباره من الارهاصات الاولية لإحداث اقسام و غرف للأحوال الشخصية والميراث.وهنا تطرح عدة أسئلة منها :كيف نشأ قسم قضاء الاسرة؟وما علاقته بالقضاء الشرعي؟وهل يمكن أن نتحدث عن القضاء الاسري قبل الحماية بالمغرب وأثنائها؟ثم ما الهدف و الغاية من انشاء قسم خاص بالقضاء الاسري؟وما الدور الذي يلعبه في التفعيل الايجابي لمقتضيات مدونة الاسرة؟وما المشاكل التي يطرحها هذا القسم في ظل تعقد النزاعات الاسرية وكثرتها؟
 
 
 
المبحث الاول :التطور التاريخي لقضاء الاسرة و الإصلاحات التي عرفها

المطلب الاول : التطور التاريخي لقضاء الاسرة

لكي نتحدث عن التطور التاريخي لقضاء الاسرة لابد ان نميز بين ثلاث مراحل رئيسية : مرحلة ما قبل الاستعمار ومرحلة الحماية ومرحلة ما بعد الاستعمار.وفي جل هذه المراحل سنتطرق للحديث عن  التنظيم الاسري في علاقته مع القضاء الشرعي.بحكم أن جميع المنازعات كان يحتكم فيها الى الفقه الاسلامي.

الفقرة الاولى  :التنظيم الاسري قبل الاستعمار

قبل الاستعمار الاجنبي للمغرب لم تكن هناك قوانين موحدة مكتوبة تنظم العلاقات الأسرية بل كان الفقه الاسلامي خاصة الفقه المالكي هو المصدر الوحيد الذي يرجع له لتنظيم أحكام الاسرة وحل المنازعات الاسرية.فقد كان القاضي يرجع الى الفقه المالكي للجواب عن جميع المسائل و النوازل التي تعرض عليه.والملاحظ أن الفقه الاسلامي كان حاضرا دائما في تنظيم أمور الحياة في جميع المراحل سواء في مرحلة المرض أم الحرب أم المجاعة أم الازدهار...فخلال عقود طويلة كانت المغرب دولة تابعة للخلافة الاسلامية،ويخضع حكامها ومحكوميها لتعاليم الشريعة الاسلامية سواء في المجال الاسري أم في جميع المجالات الاخرى.وقد كان القضاء الشرعي أحد المعالم التي ميزت الدولة المغربية.وكان القضاة والمفتون يصدرون أحكامهم وفق المذهب المالكي.
ويلاحظ أن النظام القضائي الاسري الموجود قبل الاحتلال لم يكن عاما وشاملا لجميع التراب المغربي.ففي حين كان قضاء الفرد مطبقا في عواصم البلاد كفاس و مكناس و مراكش وغيرها من المدن الكبرى.نجد أن المناطق الريفية كانت تخضع لنظام آخر في التقاضي،كما هو الحال في المناطق القبلية و الجبلية حيث كانت الدعاوى الاسرية وغيرها ترفع أمام الجماعة أو لفقيه مسجد له علم بالشريعة وأحكام الفقه المالكي.فكان القاضي في بعض المناطق هو شيخ المسجد الذي يعقد الانكحة ويفصل في المنازعات الاسرية.
وعليه فقد كان نظام التقاضي بسيطا ليس فقط في العقود المتعلقة بالأسرة بل في جميع العقود و المنازعات.وكان الناس يقبلون بالحكم الصادر لثقتهم بجماعة الشيوخ أو الامام الذي كانت صلاحيته تشمل القضاء بين الناس كذلك.
واذا عدنا وراء نجد أن التاريخ قد سجل عناية ملوك المغرب بتنظيم القضاء والإشراف على مجالسه العليا :مثل :يوسف بن تاشفين ويعقوب المنصور الموحدي وأحمد المنصور الذهبي ومحمد بن عبد الله العلوي وغيرهم.وكان منصب القضاء لا يسند إلا للعلماء المشهود لهم بالكفاءة و النزاهة[1].
فمثلا في عصر العلويين شمل القضاء في المغرب بعض الاصلاحات خاصة في عصر السلطان "محمد بن عبد الله العلوي" 1710 - 1790))[2]. فرغم ماكان معروفا لدى القضاة من مساطير قضائية يرجع عهدها الى عهد دولة الاسلام بالأندلس المبسوطة في كتب النوازل و الاحكام من التبصرة لابي فرحون، و تحفة الحكام لابن عاصم و من لامية الامام الزقاق و غيرهم من رجال الحكم و النوازل و التوثيق، فإن هذا الخليفة احب ان يضيف الى كل ذلك بعض القوانين التي رآها مفيدة في عهده و عصره.ولاشك أن هذا الاصلاح شمل جميع المجالات بما فيها الميدان الاسري.
حيث أصدر ظهيرا شريفا بمقتضاه أصبح  كل قاض اصدر حكمه إلا و يلزمه ان يكتبه في نسختين احداهما يتمسك بها المحكوم له ليكون بيده سندا لما حكم له به و ليتحقق المحكوم عليه ان القاضي قد استند فيما حكم به عليه على النصوص الفقهية المشهورة او الراجحة او ما جرى به العمل.أما ان لم يكن مدعما بما ذكر فله اصدار فتوى من العلماء على ان الحكم الصادر من القاضي غير صائب، و له طلب مراجعته لإعادة الحق الى طريقه و صوابه.وهذا شبيه بمجلس الاستئناف الذي يعقب الاحكام الخارجة عما سن و شرع في هذا المرسوم الملكي.
ثم اتبعها بخطوة اخرى جبارة مشتملة على فصول سبعة ما يهمنا منها هما الفصل الاول و الفصل الخامس المتعلقين بالمجال الاسري وهما كالتالي :
الفصل الاول: ان لا توكل المرأة زوجها لاستخراج حقوقها خوفا من توصله بذلك الى اكل أموالها بعد الحكم لها بها " و كم شاهدنا امثال ذلك" و لها ان توكل احد اقاربها " تحدث للناس أقضية بقدر ما احدثوا من الفجور".
الفصل الخامس: إذا ضرب الزوج زوجته بدون موجب شرعي فإن القاضي لا يطلقها عليه في أول الامر بل ينزلها عند اقاربها حتى يثوب اذ لعله يرجع عن غيه فلا يجد امراته طلقت عليه " لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا" [3].
وعموما كان التنظيم القضائي المغربي في مرحلة ما قبل الحماية يعرف عددا من المحاكم للفصل في النزاعات المتنوعة المعروضة عليه بما فيها الاسرية،ولم يكن هناك قضاء خاص بالاسرة بالمفهوم الذي نعرفه اليوم،بل كانت هناك محاكم شرعية؛ محاكم عبرية؛ محاكم قنصلية؛ ومحاكم الباشوات والقواد.وقد تمخضت هذه المحاكم عن مجموعة من الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع الدول الأوروبية خاصة مع فرنسا سنة 17شتنبر 1731م، مع اسبانيا سنة 1761م، مع النمسا سنة 1830م، مع و.م.أ سنة 1836م ثم مع بريطانيا سنة 1865م.
        لكن إلى جانب هذا التنظيم وبموازاة معه، عرف المغرب خلال هذه المرحلة بعض المؤسسات التراثية الأصيلة أوكل إليها مراقبة حسن سير عدة مرافق من أجل الحفاظ على الصالح العام ودرء المفاسد، وجعل حد لأي تعسف يمكنه أن يمس بهذا الصالح العام، ويمكن أن ندرج في هذه المؤسسات : الحسبة، ولاية المظالم(الخصومات) ووزارة الشكايات.[4]وقد كانت ولاية الخصومات تعرض عليها المنازعات المرفوعة من الناس ولاشك أن من ضمن هذه المنازعات ما يتعلق بالأحوال الشخصية والميراث.
وإذا كان القضاء في المجال الاسري يحتكم فيه الى الشرع كغيره من المجالات الاخرى في المغرب فإن بعض المناطق عرفت القضاء العرفي الى جانب القضاء الشرعي المطبق في الاحوال الشخصية والنزاعات العقارية والإرث،والكثير من الاعراف حصلت على موافقة السلاطين كالمنصور السعدي والحسن الاول.[5]
ويظهر التعلق بهذه الاعراف في البوادي المغربية إلا أن قوتها تتجلى بشكل واضح بمنطقة سوس في الجنوب المغربي حيث يتولى أعيان الجماعة الفصل في النزاعات بمقتضى الاعراف المحلية.ويطلق على هؤلاء بلسان المنطقة "انفلاس".وهذه القوانين العرفية تدون في رسوم أو ألواح تحفظ عند الاعيان.ويرجع تاريخ أقدم لوح عثر عليه إلى سنة 904 هجرية الموافق 1498 ميلادية.قال "الاكراري" في "روضة الافنان : ومن عادة سوس الاقصى من وادي ألغس إلى الساقية الحمراء-لخلوه من أحكام السلطان-أن عينوا لمن يباشر أمورهم والفصل بينهم عوارف يسمونهم "النفاليس" وهم في الحقيقة مفاليس إن لم تقل أباليس.يكتبون عقدا يسمى "عرفا" وليته يسمى "نكرا".يقولون فيه من فعل كذا يعطى كذا،وتركوا أحكام الشريعة وراء"[6].وقد أنكر العلماء الحكم بالاعراف المخالفة لتعاليم الاسلام.[7]

الفقرة الثانية : التنظيم الاسري اثناء الحماية (1912-1956)

اختلف التنظيم القضائي باختلاف مناطق النفوذ الاستعماري.وعموما عرف المغرب عدة  أنواع من المحاكم :كالمحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية،والمحاكم العبرية  والمحاكم العرفية.وثم الغاء المحاكم القنصلية وإنشاء المحاكم العصرية اضافة للمحاكم الاسبانية الخليفية بالمنطقة الشمالية الخاضعة للمستعمر الاسباني.[8]
         وما يهمنا هنا هي المحاكم الشرعية التي تمثل القضاء الشرعي و تتعلق بالتنظيم الاسري. فقد احدثت هذه المحاكم بمقتضى ظهير 7 يوليوز 1914 .و قامت سلطات الحماية بإدخال عدة إصلاحات عليها وذلك عبر مستويين مستوى الاختصاص ومستوى تعدد الدرجات.فأما على مستوى الاختصاص أصبح دور المحاكم الشرعية مقتصرا على قضايا الأحوال الشخصية والميراث بين المسلمين وقضايا العقار غير المحفظ، أي أنها أصبحت مقصورة على النزاعات المغربية بما فيها قضايا احكام الاسرة.وأما على مستوى تعدد الدرجات    فقد قسمت هذه المحاكم إلى درجتين : محاكم قضاة القرى و محاكم قضاة المدن .وتعتبر محاكم قضاة المدن محاكم استئنافية تستأنف لديها أحكام قضاة البادية.[9]
والملاحظ أن المستعمر قوى من القضاء العرفي في القبائل الامازيغية باستصدار الظهير البربيري لسنة 1930 مما أخرج حوالي نصف سكان المغرب عن دائرة القضاء الشرعي.
أما المحاكم العبرية فكانت تختص بالبث في مسائل الاحوال الشخصية والميراث  لليهود المغاربة.وقد اعيد تنظيمها بمقتظى ظهير 12 مايو 1918.[10]
فوسط هذه الانماط القضائية المتعددة وجد القضاء الشرعي نفسه محاصرا بالنظم و التشريعات الجديدة.وعموما فإن من أهم التغييرات التي عرفها القضاء الشرعي أثناء الاستعمار هو أنه أصبح ذات طابع استثنائي بعدما كان قضاء أصليا منذ اعتناق المغاربة للاسلام ولم يبقى من اختصاصاته إلا الاحوال الشخصية للمسلمين و ميراثهم وقضايا المحاجر والقاصرين والعقار غير المحفظ.
كما احتفظ القضاء الشرعي أثناء هذه الفترة بنظام القاضي الفرد في الدرجة الاولى،والقضاء الجماعي في مجلس الاستئناف.[11]لكن هذا القضاء الذي كان مختصا في الحكم في الامور الاسرية كان معرضا للانحلال و الفساد بسبب ربط المستعمر الفرنسي القضاة الشرعيين بالخصوم الذين يدفعون للقضاة أجور البث في الدعاوى،فيأخذ القاضي 30 في المائة مما يجب أداؤه من الشهادات ،والباقي يترك للعدلين .
اضافة الى هذا كانت المحاكم الشرعية خاضعة لمراقبة المندوب الفرنسي أو حاكم الدائرة.
و زبدة القول أن القضاء الشرعي في عهد الحماية انتزعت منه كثير من الاختصاصات و الصلاحيات وحول الى قضاء استثنائي.وكانت قضايا الاحوال الشخصية والميراث موكولة له.وبالتالي فقد ضيق عليه الحصار حتى أصبح شبيها بالقضاء الاسري لأنه لا يبث سوى في النزاعات الاسرية والعقار غير المحفظ.هذا في حين تم توسيع صلاحيات المحاكم التي أحدثها المستعمر الاجنبي.

الفقرة الثالثة : التنظيم الاسري في عهد الاستقلال

عندما رحل المستعمر من المغرب ترك مجموعة من المحاكم تتباين في التنظيم والأهداف و الاجراءات والاختصاصات،مما يلمح بحدوث تضارب في الاحكام الصادرة عن هذه المحاكم.لكن بمجرد حصول المغرب على الاستقلال أسندت لوزارة العدل مهمة اصلاح  الجهاز القضائي.وقد عرف المغرب خلال هذه الفترة أربعة أنواع من المحاكم وهي :المحاكم الشرعية و المحاكم العادية[12] والمحاكم العصرية و المحاكم العبرية.[13]
أما بالنسبة للقضاء الشرعي الذي كان يبث في قضايا الاحوال الشخصية فلم يعرف تغييرات كثيرة.وأهم ما ناله هو توسيع اختصاصه بعد الغاء المحاكم العرفية،ليشكل جميع التراب الوطني المغربي.
وهكذا فالتغييرات التي باشرها المغرب أثناء حصوله على الاستقلال لم تمس جوهر القضاء عموما والقضاء الشرعي بشكل خاص.
لكن فيما يخص الاحوال الشخصية فبعد حصول المغرب على الاستقلال ظهرت الحاجة الى وضع قانون موحد ينظم الأحوال الشخصية خاصة بعدما خلف المستعمر من محاكم شرعية و أخرى عرفية تضاربت أحكامهما و اختلفت .ونتيجة لذلك سارع المغرب الى احداث قانون موحد للأحوال الشخصية لدرء التعارض و الاختلاف بين القضاة بسبب اختلاف المصادر المعتمدة في صياغة الاحكام.وكان الهدف الاساس هو استرجاع السيادة الشرعية بجمع احكام الفقه الاسلامي في مدونة تكون هي معتمد القضاة في الاحكام المعروضة عليهم.
وقد بدأت معالم القضاء الاسري تظهر بصدور مدونة الاحوال الشخصية بظهير رقم 190-57-1 المؤرخ ب 22 محرم 1377 الموافق ل 19 غشت 1957 من طرف جلالة الملك محمد الخامس.ويقضي هذا الظهير بتكوين لجنة[14] بتعاون مع وزارة العدل لوضع مدونة لأحكام الفقه الاسلامي على شكل كتب تصدر تباعا يتألف من مجموعها مدونة تسمى ب ”مدونة الاحوال الشخصية “.وبموجب هذا الظهير صدرت ستة كتب متتالية بعدة ظهائر اخرى ابتدأ العمل بها ابتداء من سنة 1958.[15]
ورغم الحماية التي عرفتها المدونة فقد ظهرت عدة محاولات للإصلاح سنوات 1961[16] و [17]1965 و  1970 و  1974 و 1979 و 1981 وذلك نتيجة مصادقة المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية دفعت عدة جمعيات و منظمات (خاصة النسائية) الى ممارسة ضغوطات على الدولة من اجل الاصلاح وضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدولية.
لكن كل هده المحاولات الاصلاحية لقيت رفضا من المشرع المغربي وبقي العمل بالمدونة مند 1957 الى حدود سنة 1993[18] حيث اول تاريخ لنجاح اول محاولة موفقة للتعديل.
لكن تعديلات 1993[19] لم تلبي متطلبات كثير من الحقوقيين والجمعيات والمنظمات النسائية إذ لم تحقق أغلب متطلباتهم المتمثلة في الالتزام بمقتضيات الاتفاقيات الدولية بإلغاء التمييز بين الجنسين وتكريس مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة.ونتيجة لذلك ففي سنة 1999 أطلق ما سمي بمشروع "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" الذي شكل منعطفا حاسما لظهور المدونة الجديدة بسبب ردود الفعل القوية التي خلفها هذا المشروع بين مؤيد ومعارض.
وفي 27 أبريل 2001 تدخل الملك لحسم هذا الصراع حيث أعلن عن تشكيل اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بتعديل بنود المدونة برئاسة الأستاذ "إدريس الضحاك" الذي تم استبداله بالأستاذ محمد بوستة (الزعيم السياسي في حزب الاستقلال).
 بتقديم الملك لمشروع مدونة الأسرة انتقل المغرب من "قانون الأحوال الشخصية" إلى "مدونة الأسرة"[20]، فلم يعد الاهتمام منصباً على حقوق الأشخاص وواجباتهم في معزل عن الآخرين كما يفعل الغرب، بل أصبحت الأسرة حاضرة بجميع مكوناتها في القوانين الجديدة.

المطلب الثاني :الاصلاحات التي عرفها القضاء الاسري

الفقرة الاولى :ممهدات صدور القضاء الاسري بعد الاستقلال

اولا:مرحلة 1956 إلى 1974

عرف المغرب بعد حصوله على الاستقلال جملة من الاصلاحات في التنظيم القضائي ابتداء بإلغاء بعض المحاكم كالمحاكم العرفية  وإحداث اخرى كإحداث المجلس الأعلى و محاكم الشغل سنة 1957 الى صدور قانون المغربة.كما صدرت مجموعة من القوانين أهمها[21] قانون الاحوال الشخصية الذي يعتبر مرحلة ممهدة لإنشاء القضاء الاسري. وفي 26 يناير 1965 خرج الى الوجود قانون التوحيد[22] و المغربة و التعريب.[23]

ثانيا: مرحلة 1974 إلى 2004

للحديث عن التطور الذي عرفه القضاء الاسري لابد أن نشير الى أن سنة 1974 عرفت اصلاحا قضائيا كبيرا في جميع الميادين.فبمقتضى ظهير 15يوليوز 1974م أصبح القضاء المغربي الحالي يشمل نوعين من المحاكم؛ الأولى تسمى بالمحاكم العادية، والثانية تدعى المحاكم الاستثنائية.

  • المحاكم العادية

 

هي تلك المحاكم التي يتم التقاضي أمامها وفق شروط التقاضي العامة دون حاجة إلى توفر الشروط الخاصة كما هو الحال بالنسبة للمحاكم الاستثنائية. وقد حدد التنظيم القضائي المغربي  المحاكم العادية فيما يلي:

  • محاكم الجماعات والمقاطعات التي يحدد تنظيمها  وتأليفها واختصاصاتها بمقتضى القانون.
  • المحاكم الابتدائية.
  • محاكم الاستئناف.
  • المحاكم الإدارية.
  • المحاكم التجارية.
  • محاكم الاستئناف التجارية.
  • المجلس الأعلى للقضاء.
  • محاكم الاستئناف الإدارية ( أحدثت مؤخرا سنة 2003).

وما يهمنا هنا هو ما يتعلق بالقضاء الاسري والذي يوجد ضمن تخصصات المحاكم الابتدائية[24] اضافة الى محاكم الاستئناف.فأما المحاكم الابتدائية فيمكن تقسيمها بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام الأسرة وغرف مدنية، وغرف تجارية وعقارية واجتماعية وزجرية.
       تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة.
      لكن يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام الأسرة. كما يمكن تكليف قاض أو أكثر من قضاة هذه المحاكم بمزاولة مهامهم بصفة قارة في أماكن توجد داخل نفوذها وتحدد بقرار لوزير العدل.
       كل المسائل المرتبطة بالأحوال الشخصية والعائلية والإرث أيضا في اختصاص المحاكم الابتدائية سواء تعلق الأمر بالمواطنين المسلمين أو الإسرائيليين أو الأجانب.
      وتختص المحاكم الابتدائية في القضايا إما ابتدائيا و انتهائيا أو ابتدائيا مع حق الاستئناف طبقا للشروط المحددة في قانوني المسطرة المدنية والجنائية أو النصوص الخاصة عند الاقتضاء.
       وتجدر الإشارة إلى أن اليهود المغاربة يخضعون في أحوالهم الشخصية إلى قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية. ويتولى قضاة عبريون بالمحاكم النظر في هذا النوع من القضايا.
وأما محاكم الاستئناف[25] فمن ناحية التنظيم تتكون من عدة غرف متخصصة، من بينها غرفة الأحوال الشخصية والميراث والغرفة الجنائية.


2- المحاكم الاستثنائية

 أوكل القانون إلى هذه المحاكم النظر في بعض الحالات الخاصة، وهي نوعين حاليا: المحكمة العسكرية[26]، المحكمة العليا[27].
وبالتالي فإصلاحات سنة 1974 توجت بإحداث غرف و أقسام خاصة بالأسرة.لكن هذا لا يعني أنه تم انشاء قضاء اسري مستقل.اذ مازالت هناك حاجة ملحة لإنشاء قضاء أسري مستقل يضمن التطبيق السليم لمقتضيات مدونة الاحوال الشخصية.

الفقرة الثانية : احداث القضاء الاسري سنة 2004

لاشك أن من الامور التي اتفق عليها أغلب المتتبعين و الدارسين - بعد صدور مدونة الاسرة[28] - ضرورة وجود قضاء متخصص من أجل ضمان التطبيق السليم لهذا القانون اذ لا يمكن ان نتصور نجاح قانون المدونة الجديدة بدون توفر قضاء فعال وعادل.وقد اتضح ذلك جليا من الخطاب الملكي الذي أشار فيه الملك محمد السادس إلى قيامه بتوجيه رسالة إلى وزير العدل تضمنت ما يلي : «.... وقد أوضحنا فيها أن هذه المدونة مهما تضمنت من عناصر الإصلاح فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل، وعصري وفعال، لا سيما وقد تبين من خلال تطبيق المدونة الحالية أن جوانب القصور والخلل لا ترجع فقط إلى بنودها ولكن بالأحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل،  ماديا وبشريا ومسطريا، لتوفير كل شروط العدل والإنصاف، مع السرعة في البث في القضايا، والتعجيل بتنفيذها..."
 وتجدر الإشارة إلى أنه لم يسبق للتنظيم القضائي المغربي أن عرف جهازا قضائيا مستقلا وخاصا بالقضايا الأسرية،  وقد يزعم البعض بوجود هذا الجهاز قاصدا المحكمة الشرعية غير أنه يرد بأن دور هذه المحكمة المتكونة فقط من قاض للتوثيق والسادة العدول يقتصر فقط على تلقـي الإشهاد بالزواج، والطلاق وبعض القضايا المتعلقة بالإرث والمحاجير، كما أن تصفـح تاريـخ الأحوال الشخصية يبرز لنا غياب أي إشارة إلى هذا القضاء، بداية مـن مدونـة 1957 ومرورا بتعديلات 1993، و قد تضمن مشروع الخطة الوطنية للإدماج المرأة في التنميـة ضرورة وجود محاكم خاصة بالقضايا الأسرية  .
        وقد تم تدشين أقسام القضاء الأسـري يـوم 05/09/2002 بكل من المحكمة الابتدائية "بالرماني" و"ابن سليمان"، وذلك نظرا للإحساس بخصوصيـة القضايا بالأسريـة، والمشاكل التي تعتريها، غير أن إحداث هذه الأقسام لم يكن يستند على أي أساس قانوني، وذلك إلى غاية صدور قانون 73-03 المتعلق بتعديل التنظيم القضائي، الذي إلى جانب تكريس ما سبق، قام أيضا بتدقيق اختصاص هذا القسم، كما منحه الاستقلالية عن باقي الغرف وقد انطلقت بعد صدور هذا القانون سلسلة من التدشينات لأقسام قضاء الأسرة بمختلف محاكم المملكة كان آخرها بالمحكمة الابتدائية بمراكش.
       ومن الدول التي سبقتنا في هذا المجال نجد تونس التي تعتبر تجربتها تجربة رائدة بالنسبة لنا، أما مصر التي سبقتنا في تعديل قانونها الأسري، فإن مسألة إحداث قضاء أسري مستقل ما تزال إلى حد الآن مجرد مشروع.
      وبما أن إحداث قسم قضاء الأسرة تجربة حديث بالنسبة للمغرب فإن دراسته من الناحية النظرية تكتسي أهميـة بالغـة، و ذلك مـن أجل التعريف به و بمكوناته و خصوصيته، خصوصا وأننا أشرنا سابقا إلـى أن الكل يعـول عليـه مـن أجل تفعيل المدونـة الجديـدة.
 
 
        المبحث الثاني :الهدف من إحداث قضاء أسري متخصص.[29]

يمكن تقسيم أهداف قضاء الأسرة إلى ، أهداف مباشرة و أهداف غير مباشرة:

 المطلب الأول: الأهداف المباشرة.

        أهم ما يرجـى تحقيقـه من القضاء المتخصص نجد سرعة البت ( الفقرة الأولى )، ثم التسهيل على المتقاضين ( الفقرة الثانية ).

 الفقرة الأولى: سرعة البت في القضايا.

        من أهم المبادئ التـي نقف عليها بمجرد استقراء المدونة ، نجد حرص المشرع على الإسراع فـي البت، و ذلك من خلال وضع أجال محددة يجب على القضاء احترامها.
فالمادة 45 من المدونة أوجبت على الزوج إيداع المبلغ الذي تحدده المحكمة لفائدة الزوجـة و الأولاد داخل أجل 7 أيام و إلا اعتبر الزوج متراجعا عن طلب الإذن بالتعدد، و نجد أيضا المادة 83 التي تلزم الزوج بإيداع المبلغ الذي تحدده المحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما كمستحقات للزوجة و للأطفال و إلا اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق.
 كما نجد المادة 97 من مدونة الأسرة التي تنص على أن الفصل في دعوى الشقاق يجب أن يتم داخل أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب.( 6 )
وفي التطليق لعدم الإنفاق نجد المادة102 من مدونة الأسرة التي تنص في فقرتها الثانيـة على أن المحكمة عليها أن تحدد للزوج أجلا لا يتعدى ثلاثين يوما حتى ينفق خلاله و إلا طلقت المحكمة عليه إلا في حالة وجود ظرف قاهر و استثنائي.
و في الفقرة الثالثة مـن نفس المادة تنص علـى أنه إذا امتنع الزوج عن الإنفاق و لم يثبت العجز تطلق المحكمة الزوجة حالا.
  و فـي نفس الإطار و احتراما لنفس الفلسفـة التي يرجى منها الإسراع في البت نجد المادة 112 من مدونة الأسرة بالنسبة للتطليق  بسبب الإيلاء و الهجر، فالمحكمة ملزمة بالبت بعد أشهر من تاريخ رفع الزوجة طلب التطليق إلى المحكمة.
 و في نفس السياق، نجد المادة 113 من م أ التي حددت الأجل الأقصى في دعاوى التطليـق باستثناء حالة الغيبة في أجل أقصاه ستة أشهر.
  إن تحديد آجال من شأنه أن يخلق في نفوس المتقاضيين ارتياحا، و يشجعهم على اللجوء إلى القضاء، لأن التجربة أثبتت أن المساطـر الطويلة لا تبعث على الارتياح و تدخل اليأس في نفوس الأشخاص، كما أنها تفقد الناس الثقة في مرفق القضاء (7).
   غير أن هذه السرعة ستظل مجرد حبر على ورق  في غياب جهاز قضائـي متخصص، من هنا تبرز الغاية من إحداث قسم قضاء الأسرة، فبسبب كون اختصاصـه مقصور علـى القضايا الأسرية ، فسيكون بإمكان المسئولين عليه وضع تنظيم داخلي يتوافق مع هذه السرعة.

الفقرة الثانية: التسهيل على المتقاضيين.

   إذا كان النظام القضائي السابق بشأن الأحوال الشخصيـة لم يهتم بجمع شتات أقسامها، فإن التوجيهات الملكية حثت على إدماج جميع الأقسام بقسم  واحد حتى يتم تسهيل المأمورية على المتقاضين بشأن كافة النزاعات الأسرية، سواء تعلقت بقيام رابطـة الزواج أو انفصامها أو شؤون القاصرين أوالتوثيق  أو قضايا الحالـة المدنيـة، و ذلك من أجل تفعيل نصوص المدونـة و جعل الآجال المسرة بها قابلة لأن تكون آجالا محترمة، و نافذة و ليس شكلية فقط.(8)
   إن التسهيل على المتقاضيين لا يشمل فقط جمـع شتات قضاء الأسرة فـي قسـم واحد بل يتعدى إلى التيسير على المتقاضيين من كل النواحي، كالتيسير في ميدان الإثبات، هذا الجانـب الذي كان يشكل عقبة كبيرة في مواجهة الزوجة خاصة في دعوى التطليق، بحكـم أن المشاكـل الزوجية قلما يطلع عليها الغير حتى يشهد عليها، و قد تنبـه المشرع لذلك، حيث فتح المجال لكل وسائـل الإثبات بما فـي ذلك الاستماع إلى الشهود فـي غرفـة المشورة، و هذا ما جاءت به المادة100من مدونة الأسرة التي تنص على أنه: 
         " تثبت وقائع الضرر بكل وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود، الذين تستمع إليهم المحكمة في غرفة المشورة...".
 بل أن هذا التيسير بلغ إلى حد اعتماد مسطرة الشقاق التي لا تكلف الزوجة أي إثبات بـل ينوب الحكمان عن الزوجين في استقصاء أسباب الخلاف و بذل الجهد لإنهاء النزاع.
 إن إقرار قضاء أسري مستقل، ليس الغرض منه السرعة في البت و التسهيل علـى المتقاضيين فقط، و إنما يتعدى ذلك إلى أهداف غير مباشرة تتجلى في تحقيق العدل و الإنصاف و الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك.وهذا ما سنراه في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: الأهداف الغير مباشرة لاحداث قضاء الاسرة.

كما قلنا سابقا فإن الأهداف غيـر المباشرة لقضاء الأسرة تتجلـى فـي تحقيـق العدل والإنصاف ( الفقرة الأولى )، و الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك ( الفقرة الثانية ).

 الفقرة الأولى: العدل و الإنصاف.

  إن روح مدونة الأسرة و إقرار قضاء مستقل تتجلى في تحقيق العدل و الإنصاف، و تحقيق المبادئ التي تسعى المدونة إلى تكريسها رهين بوجود قضاء فعال و نزيه و عدم تحيزه لصالح أحـد الأطراف، فنصوص عديدة وردت في المدونة تسعى إلى تحقيق هذا الهدف، مذو من بينها نجد المادة 41 ، التي تحث المحكمة على احترام الشروط الإسثتنائية للتعدد.
و من بينها أيضا، نجد ترسيخ دور القضاء في عملية الفرقة أنواعها، و حتى علـى مستوى الطلاق، إذ نجد ضرورة مراقبة القضاء لعملية الطلاق منذ بدايتها إلى نهايتها و هذا يظهر من خلال المواد من 78 إلى 89 إذ تواكب المحكمة العمليـة منذ تقديم الطلـب إلى محاولة الصلح و تحديد المستحقات و توثيق رسـم الطلاق حتـى إصدار قرار معلل قابل للطعن وفق الإجراءات العادية، بل أكثر من ذلك فقـد أوكل المشرع النظـر في التطليق و الطلاق علـى حد السواء للمحكمة التي تتكون من ثلاثة قضاة لتوفير ضمانات أكثر.
          و على اعتبار كون  مدونة الأسرة تسعى إلى إنصاف المرأة، و حمايـة كرامـة الرجـل و ضمان حقوق الطفل، فإن هذا الأخير أيضا تم إنصافه بأن أصبح مـن التزامات القضاء تقديـر تكاليف سكنى المحضون مستقلة عن النفقة و أجرة الحضانة و غيرها، و هو ما أقرته المادة168 من مدونة الأسرة، مع مراعاة مصلحة المحضون في إسناد الحضانة (المادة 170 من مدونة الأسرة).

 الفقرة الثانية: الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك.

        يتجسد مبدأ الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك من خلال تفعيل مسطرة الصلح.لكن رغم أن الطلاق الموقع  من أحد الزوجين مباشرة مرهون بالإذن القضائي، و بالرغم من أن القصد من هذا الإذن هو الحد من اللجوء للطلاق إثناء العازمين عليه  و إصلاح ذات البين بينهما،فإن هذا الإجراء المحدث بمقتضى تعديل 1993 ، لم يقدم عمليا، خدمات تذكـر للأسرة، و ذلك لعدة اعتبارات من بينها كثرة الملفات بما لا يسمح للقضاء بإفراد الوقت الكافي لكل ملف و محاولة التعرف على أسباب الخلاف الحقيقية، و إيجاد حل لها.
        من جهة أخرى ، و بالنظر لعدم توفر الأجهزة و الأطر الكافيـة القادرة علـى ردم الخلاف و إيجاد الحلول بطريقة عملية متينة، نجد مهمة القضاء في هذا الشأن محدودة جدا، و بالتالي تنحصر مسطرة الصلح في أحيان كثيرة في محاولات سطحية.
     و لقد أولت مدونة الأسرة لمسطرة الصلح أهميـة كبرى حفاظا على كيان الأسرة من التفكك، و تتدخل في مسطرة الصلح ثلاث مؤسسات تتمثل في:
   ٭- القاضي.                     ٭- الحكمين.                          ٭- مجلس العائلة.
  فالمدونة الحالية وسعت من الصلح و أعطت القضاء كامل الصلاحية في اختيار أي مؤسسة للصلـح دون قيد أو شرط، بل توسعت إلى أبعد مـن ذلك إذ فتحت المجال لكل من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين ( المادة 82 من مدونة الأسرة )، و بذلك منحت القضاء حرية تامة،  الغرض منها هو الإصلاح و إنقاذ الأسرة.
 و مما يدعم توجه المشرع في  الحفاظ على هذا الكيان أن المحكمة تقوم بمحاولتين للصلح تفصل  بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما في حالة وجود أطفال.
المبحث الثالث :هيكلة قسم قضاء الاسرة و الاختصاصات الموكولة له.

المطلب الأول : هيكلة قسم قضاء الاسرة

الفقرة الاولى :التنظيم الهيكلي لقضاء الأسرة قبل صدور القانونين 72/03 و 73/03.

       إن إحداث أقسام خاصة بالأسرة تم قبل صدور القانون 73/03  المتعلق بتعديل التنظيم القضائي.و هكذا كان هذا القسم يتكون من :

  • رئيس قسم القضاء الأسري و هو قاض . 
  • رئيس شعبة الأسرة و هو منتدب قضائي .
  • قاضي التوثيق و شؤون القاصرين بجميع آلياته .
  • نائب وكيل الملك .
  • كتابـة النيابة العامة .
  • مكتب الإرشاد .
  • مكتب التبليغ و التنفيذ .
  • مكتب النسخ  .
  • مكتب العدول [30] .

 

الفقرة الثانية:التنظيم الهيكلي بعد صدور القانونين 72/03و 73/03.

لقد أتى قانون 73/03 المتعلق بتعديل التنظيم القضائـي زيادة علـى حصر اختصاصات قضاء الأسرة بمقتضى قانونـي جد مهم يتمثل في منع الغرف الأخرى من النظر في القضايا الخاصة بأقسام قضاء الأسرة بحيث نص علـى ما يلـي: " يمكن لكل غرفة أن تبحث و تحكم في كـل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة".
          كما أضاف القانون 72/03 المتعلق  بتعديل قانون المسطرة المدنيـة عناصر جديدة إلى الجهاز القضائي المتعلق بالأسرة .و انطلاقا مما سبق عملت وزارة العدل على وضع  التنظيم  الهيكلي لقضاء الأسرة و الذي يتكون مما يلي   :

 *  رئيس القسم و الذي يشرف على ما يلي :

      1- هيئة الحكم وهي المكلفة بقضايا الأحوال الشخصية و الميراث و كل ما لـه علاقـة برعاية و حماية الأسرة، و قضايا الحالة المدنية، و قضايا الكفالة .
      2- قاضي الأسرة المكلف بالزواج .
      3- القاضي المكلف بالتوثيق .
      4- القاضي المكلف بشؤون القاصرين .
      5- كتابـة الضبط : و التي تتكون من كتابة ضبط القسم، الصندوق ، مكتب الإرشادات ،
        مكتب الاستقبال ، مكتب النساخة .

* ممثل النيابة العامة ، و كتابة ضبط النيابة العامة .

*  كما تم إحداث قاضي خاص بتنفيذ الأحكام .

  و يلاحظ أن هذه الهيكلة حاولت تجميع كل الأجهزة التي لها علاقة بالأسرة فـي جناح واحد .
و سنحاول إعطاء بعض التوضيحات حـول أعضاء هذا القسم، مـن خلال التعريـف بالأعضاء الجدد، و إظهار ما تم تغيره في الأعضاء الموجودين سابقا .
يوجد في كل قسم من أقسام الأسرة رئيس يقوم بالإشراف على هذا القسم، و كذا تصريـف القضايا، و هو غالبا قاضي من الدرجة الثانية أو الثالثة [31]  .
و إلى جانبه يوجد ممثل النيابة العامة ، و قد يرى البعض أن هذا ليس بجديد ، فالهيكلة السابقة أيضا تحتوي على وكيل الملك ، لكن الفرق يكمن في حجم الاختصاصات التي أوكلت له ، و كـذا الصفة التي أصبح يتدخل بها في قضايا الأسرة ، وصحيح أنه لم توكل  له مهمة القيام بمحاولة  الصلح على عكس نظيره المصري [32] ، إلا أن هذا لا يقلل من مكانته داخل قسم قضاء الأسرة [33] .
وإذا  كان ضم الهيئة الثلاثية إلى هذا القسم اعتبر خطوة إيجابيـة و محمودة لما فيها مـن تجميع لشتات القضاء الأسري، غير أن هذا التجميع  في نظرنا يصعب تحقيقـه علـى المستـوى العملي، نظرا لعدم وجـود نص قانوني يمنـع باقـي أقسام قضاء الأسرة – الموزعين على أرجاء المملكة - من النظر  في القضية إذا ما رفعت القضيـة بقسم قضاء الأسرة بالرمانـي مثلا .
و كان ينبغي الاستفادة من المشرع المصري في هذا الصدد بحيث أنـه أشار في قانونـه الأسري في  المادة العاشرة منه إلى انعقاد الاختصاص بنظر دعاوى النفقة و الحضانة و كل  القضايا المترتبـة  علـى التطليق أمام المحكمة الابتدائية التي تنظر في الطلاق أو التطليق، و أوجب على المحاكم الأخرى إحالـة قضايا النفقة و الحضانة و غير ذلك من القضايا المطروحة أمامها  إلى المحكمة  الابتدائية التي تنظـر الى الطلاق أو التطليق [34] ، و هذا ما كرسه المشرع المصري من خلال مشروع محاكم الأسرة [35] .
 كما أن الهيكلة الجديدة تميزت بإضافة عضو جديد إلى قسـم قـضاء الأسرة، و نقصـد به هنا القاضـي المكلف بالزواج.هذا القاضي أعطيت له اختصاصات جد مهمـة سنتعرض لها لاحقا، كما أنه حسبما جاء في الفصل 179 من ق.م.م المعدل بمقتضى القانون 72/03 هـو أحد قضاة المحكمة الابتدائية يتم تعينه لهذه المهمة من قبل وزير العدل لمدة ثلاث سنوات.
كما تم الاحتفاظ أيضا  بقاضي التوثيق ضمن هذه الهيكلة و الملاحظ هو التقليص مـن حجـم اختصاصاته، وهو ما سنلاحظه عند تدارس اختصاصات القضاء الأسري .
كما تم الاحتفاظ أيضا بالقاضي المكلف بشؤون القاصرين، و قد تم الاحتفاظ بنفس كيفيـة تعيينـه التي  تخضع للفصل 182 من ق.م.م ، اضافة الى تدقيق اختصاصاته بحيث أصبحت محددة ومحصورة في الأمور المتعلقة بشؤون القاصرين فقط عكس ما  كان عليه الأمر سابقا، و خاصة إذا كانت المحكمة بمدينة صغيـرة ، حيث كانت تسند له إلى جانب مهمته الأصلية مهام أخرى كالتوثيق، و إصدار الأحكام في القضايا المعروضة على المحكمة [36] .
و رغبة في ضمان فعالية القضاء ، قام المشرع بالتنصيص على إحداث قاضي مكلف بمتابعة التنفيذ،  و ذلك بمقتضى القانون 72/03 الذي عدل مجموعـة من فصول ق.م.م ، ومـن بينها الفصل429 الذي أضيفت له فقرة جديدة تنص على ما يلي: « يكلف قاضي بمتابعـة إجراءات التنفيذ، يعين من طرف رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية العامة » .
 و ما يلاحظ علـى هذه الفقرة هو أن مهام قاضي التنفيذ ليست مقصورة على قسم قضاء الأسرة ، بل تتعداه إلى سائر الأحكام الصادرة عن  المحكمة الابتدائية ، و  كان الأفضل إحداث قاض مكلف بالتنفيذ خاص بهذا القسم فقط ، نظرا لخصوصية القضايا الأسريـة التي تتطلب عناية  أكبر من  أجل ضمان تنفيذها و نظرا لحساسيتها .

المطلب الثاني : اختصاصات قسم قضاء الأسرة.

الفقرة الاولى : الاختصاص النوعي لأقسام قضاء الأسرة.

       في هذا المبحث سنتناول اختصاصات الموكولة للقضاء الأسري،حيث سنتحدث عن إختصاصات القضاء الفردي(أولا) ، و اختصاصات النيابة العامة(ثانيا) .
أولا: اختصاصات القضاء الفردي

أشار القانون 73/03 المعدل للتنظيم القضائي لاختصاصات قسم قضاء الأسرة و ذلك  كالتالي :  «تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية ، والميراث ، والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين  ، والكفالة وكل ماله علاقة برعاية وحماية الأسرة ».
      و يشمل القضاء الفردي : القاضي المكلف بالزواج ، وقاضي التوثيق، وقاضي شؤون القاصرين.

  • اختصاصات القاضي المكلف بالزواج 

 

من أهم المستجدات التي أتت بها مدونة الأسرة هي إحداث مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج ويمكن إجمال الاختصاصات الموكولة إليه في كونه يعطي الإذن بإبرام عقد الزواج للشخص الذي تمنعه ظروف خاصة من إبرام عقد زواجه بنفسه وفق الشروط المحددة في المادة 17 من مدونة الأسرة بتأشيره على الوكالة بعد تأكده من توفرها على الشروط المطلوبة على أنه يمنع عليه أن يتولى بنفسه تزويج من له الولاية عليه من نفسه ولا من أصوله ولا من فروعه تطبيقا للمادة 18 من مدونة الأسرة .
كما له أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون 18 سنة مع تبيين المصلحة والأسباب المبررة لذلك تطبيقا للمادة 20 من مدونة الأسرة.ويبت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في حالة عدم موافقة النائب الشرعي للقاصر على طلب الإذن بالزواج ، وعند عدم حضوره إبرام العقد حسب ما جاءت به المادة 21 من مدونة الأسرة.وله أن يأذن بالزواج بالنسبة للشخص المصاب بإعاقة ذهنية ذكرا كان أو أنثى بعد تقديم تقرير حول حالة الإعاقة من طرف طبيب خبير أو أكثر تطبيقا للمادة 23 من مدونة الأسرة.و أخيرا، فعليه أن يؤشر قبل الإذن بالزواج على الوثائق المتطلبة من أجل إبرام العقد وإعطائه الإذن للعدلين بتوثيق عقد الزواج وهذا ما جاءت به المادة 65 من مدونة الأسرة .

  • اختصاصات قاضي التوثيق :

 

يمثل قاضي التوثيق جهة قضائية مسؤوليتها تكمن في التثبت من استيفاء الوثيقة العدلية لأركانها وشروطها ومراحلها تحملا وأداء ، ومدى تقيد كل من العدول والنساخ بالضوابط التوثيقية الشرعية والقانونية ، والملاحظ أن القاضي المسؤول عن هذه المؤسسة يكون دائما ذكرا نظرا لبعض المهام الملقاة على كاهله والتي لها صبغة دينية تشترط فيها الذكورة الشيء الذي جعل بعض الجمعيات النشيطة في مجال المرأة والأسرة والمساواة بين الجنسين تطالب بأن تكون هناك قاضية للأسرة مكلفة بالزواج، وقاضية للتوثيق بالموازاة مع القضاة الذكور في نفس المجال مع العلم أنه ليس هناك ما يمنع قانونا من تولي المرأة لهذه المهام.
وبمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون التنظيم القضائي فإن قضاة الأحكام أربعة : قضاة أحكام ، وقضاة التوثيق ، وقضاة الشؤون القاصرين ، وقضاة الأسرة المكلفين بالزواج .
ويستشف من هذا أن قضاء التوثيق هو إدارة قضائية تعنى بمراقبة ما تم توثيقه أو الإشهاد عليه من حقوق ومعاملات وتصرفات ووقائع على الشكل والمضمون الذي يحدده القانون وتختص هذه المؤسسة عمليا بمراقبة مرفقين مرتبطين بها وهما مؤسسة خطة العدالة ومؤسسة النساخة .
 ونلاحظ أن المشرع في المدونة الجديدة قلص من الاختصاصات الممنوحة لهذا القاضي وأعطاها إما إلى الهيئة الثلاثية وإما إلى القاضي المكلف بالزواج   .
فمن الاختصاصات التي نزعت منه لصالح الهيئة الثلاثية (المحكمة) نجد الإذن بالطلاق الذي يوقعه الزوج، وطلاق الخلع مع ما يستتبع ذلك من القيام بالصلح بين الزوجين والاستماع إلى الشهود، والقيام بباقي الإجراءات المنصوص عليها في المواد من  78 إلى 89 من مدونـة الأسرة، كانتدابها حكمين أو مجلس العائلة، أو من تراه أهلا لإصلاح ذات البين، وتحديدها تكاليف سكن الزوجة، و الأطفال عند الاقتضاء ، و كذا تحديدها مستحقات الأطفال  .
وأيضا إذنها للزوجة بإيقاع طلاق نفسها آخذة بشرطها في حالة ما إذا كانت العصمة بيدها ( المادة 89 من مدونة الأسرة ) ، و من الاختصاصات التي انتزعت منه لصالح القاضي المكلف بالزواج نجد إذنه بزواج من لم يبلغ سن الزواج ( المادة 20 من مدونة الأسرة )، و بته في زواج القاصر في حالة امتناع النائب الشرعي من تزويجه ( المادة 21 من م أ ) ، وإذنه بزواج المصاب بإعاقة ذهنية ( المادة 23 من مدونة الأسرة ) .
أما الاختصاصات التي بقيت له حسب المدونة الجديدة فهي كالتالي :

  • - نصت المادة 67 من م أ التي تتعلق بما ينبغي أن يتضمنه عقد الزواج علـى ضرورة وجود خطاب القاضي على رسم الزواج و طابعه ، و بالتالي نستنتج أن قاضي التوثيق هو المكلف بالخطاب على عقد الزواج .
  • - حسب المادة 87 من م أ يقوم قاضي التوثيق بالخطاب على وثيقة الطلاق بعد أن تأذن المحكمة بتوثيقه لدى العدلين ، ثم يقوم بعد ذلك بتوجيه نسخة من هذه الوثيقـة إلـى المحكمة التي أصدرت الإذن بالطلاق .
  • - قاضي التوثيق هو الذي يقوم بالخطاب على وثيقة الرجعة بعد أن يقوم باستدعاء الزوجة لإخبارها برغبة الزوج في إرجاعها ( المادة 124 من م.أ )

.
 و يجد تقليص اختصاصات قاضي التوثيق تفسيره بالرجوع إلى ما ورد في الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، حيث نجد المطالبة ب " الاعتراف للنساء القاضيات بإمكانية ممارسة مهمة التوثيق في مادة الأحوال الشخصية ".
و قد كان رد اللجنة العلمية كالتالي : " إن المجتمع المغربي المسلم لا يقبل أن تجلس قاضية على كرسي التوثيق، و كرسي التوثيق منه يخرج خطيب العيدين، و خطيب الاستسقاء، و هو قاضي القاصرين، و هو ولي من لا ولي له ".
و بالتالي فإن قيام المشرع بتقليص اختصاصات هذا القاضي  يعتبر حلا ذكيا نظرا لنجاحه في التوفيق بين الاتجاهين، غير أن ما يعاب على المشرع هو عدم تحديد اختصاصات هذا القاضي بدقة ، و ذلك لأنه لم يضف عليه تسميته ، بل يمكن استنتاج كونه مختصا مـن عبارة " خطاب ".

  • اختصاصات قاضي شؤون القاصرين :

 

وهي اختصاصات شبيهة إلى حد ما بالاختصاصات التي كانت لـه قبل صدور مدونة الأسرة مع زيادة التدقيق، فهو الذي يأمر بفتح النيابات القانونية وكذا مراقبتها ، فالفصل 184 من ق.م.م المعدل بقانون 72/03 ينص على أنه : " يفتح بقسم قضاة الأسرة بالمحكمة الابتدائية ملف لكل نيابة قانونية ويقيد سجل خاص يمسك لهذه الغاية " كما أن المواد 240 و 241 و 243 و 250 من مدونة الأسرة تؤكد على فتح ملف للنيابة القانونية وفق شروط معينة من قبل القاضي المكلف بشؤون القاصرين، وبالتالي فهذا القاضي ملزم بالأمر بفتح ملف لكل نيابة وذلك في حالة وفاة الأب أو في حالة وفاة أم طفل بدون نسب وكذا في حالة الحجر على الأبوين ، وأيضا في حالة إهمال الطفل ، وعليه  فهو ملزم بالإشراف على هاته  النيابات القانونية  ومراقبتها ، ومن اختصاصاته أيضا نجد الإشراف على التركات بعد وفاة صاحبها إلى حين تصفيتها وتقسيمها، فحسب المادة 372 من مدونة الأسرة، فلقاضي شؤون القاصرين اتخاذ جميع التدابير المستعجلة والضرورية للمحافظة على التركة ، وحتى يتمكن قاضي شؤون القاصرين من أداء مهامه فقد خوله القانون صلاحية إصدار مجموعة من الأوامر بحيث له الصلاحية في الأمر بإجراءات تحفظية ، مثلا الأمر بإقامة رسم عدة الورثة وذلك حسب المادة 267   ، والأمر بإحصاء التركة حسب المادة 249 من م.أ   ، والأمر بوضع الأختام على التركة إذا كان هناك وارث قاصر حسب المادة 372   ، وله أيضا صلاحية الأمر بتثبيت الوصي وتعيين المقدم المشرف بحسب المادة 237 من مدونة الأسرة والتي  تنص  على أن القاضي يصدر أمره بتثبيت الوصي بمجرد وفاة الأب وعدم وجود الأم ، وذلك بعد التأكد من توفر الوصي المعين بوثيقة الايصاء على الشروط المنصوص عليها في المادة 246 من م. أ ، وانتفاء الموانع المنصوص عليها في المادة 247 من نفس القانون ، وفي حالة عدم وجود الوصية وعدم وجود الأم ، فإن قاضي القاصرين يقوم بتعيين مقدم يسند له إدارة الشؤون المالية للقاصر وتطبيقا للمادة 244 من م.أ .
وله سلطة الأمر بإجراء حجز تحفظي على الأموال الخاصة بالوصي أو المقدم أو وضعها تحت الحراسة القضائية ، أو فرض غرامة تهديدية عليه إذا امتنع على الإدلاء بإيضاحات عن إدارة أموال المحجور أو تقديم حساب حولها ، أو إيداع ما بقي لديه من أموال المحجور وذلك بعد توجيه إنذار إليه يبقى دون مفعول داخل الأجل المحدد له ، وله أيضا صلاحية الإذن للقاصر بإدارة أمواله وفق المادة 226 من مدونة الأسرة ، وأخيرا للقاضي المكلف بالقاصرين صلاحية الأمر ببيع أموال القاصر، وذلك حسب المواد 271 و 272 و 273 و 274 و 275 من مدونة الأسرة.
ونشير أخيرا إلى أن القرارات التي يصدرها القاضي المكلف بشؤون القاصرين طبقا للمواد 226 و 240 و 268 و 271 من مدونة الأسرة تكون قابلة للطعن .
ثانيا: اختصاصات النيابة العامة .

لقد أوكل المشرع للنيابة العامة اختصاصات مهمة ، والملاحظ أن اختصاصات النيابة العامة المتعلقة بالقضايا الأسرية لا تجد مصدرها فقط في مدونة الأسرة بل خارجها أيضا، خصوصا إذا ما استحضرنا القانون 73/03 المعدل للتنظيم القضائي للمملكة والذي نص على أنه  : " تنظر أقسام الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية، وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة ، وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة ".    
فانطلاقا من هذا القانون يتضح أن قضاء الأسرة لا يقتصر على مدونة الأسرة فقط ، وإنما يمتد ليشمل كل المواضيع المرتبطة بالأسرة ، وكذا القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام الحالة المدنية وكفالة الأشخاص من المهملين، وقانون الجنسية والميراث وشؤون القاصرين والتوثيق .
وعموما فاختصاصات النيابة العامة تشمل  مدونة الأسرة وقوانين أخرى.فأما بالنسبة لمدونة الاسرة فقد وردت اختصاصات النيابة العامة في 25 مادة ، وذلك انطلاقا من المادة 3 من مدونة الأسرة التي تنص على ما يلي : «تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام المدونة». فحسب هذه المادة تعتبر النيابة العامة طرفا رئيسيا في جميع القضايا المتعلقة بأحكام مدونة الأسرة، وبالتالي فمن حقها أن تبدي طلباتها وأن تدلي بحججها في الدعوى، وكذا لها الحق في ممارسة الطعن في الأحكام والقرارات المدنية التي تصدر ضد طلباتها [37].
وباستطلاع الأربع وعشرين فصلا الأخرى نجد أن دور النيابة العامة في جلها يرمي إما إلى حماية أحد الزوجين أو إلى حماية الأطفال، أو إلى حماية أموال القاصر.
وأما بالنسبة للقوانين الاخرى فالنيابة العامة لها اختصاصاتها أيضا حسب قانون كفالة الأطفال المهملين ، وحسب قانون الحالة المدنية ، ثم حسب قانون الجنسية.
ولا أريد الاطالة في هذا الموضوع لان هناك عرض مخصص سيلقيه الطلبة حول تدخل النيابة العامة في قضايا الاسرة.و يمكن الرجوع اليه للإطلاع بالتفصيل على اختصاصات النيابة العامة.
و المهم فالملاحظ أن اختصاصات النيابة العامة متشعبة و متنوعة، وشاملة لكل القضايا المتعلقة بقضايا الأسرة ، لذا فإننا نستغرب من وجود ممثل وحيد للنيابة العامة داخل قسم قضاء الأسرة   .


الفقرة الثانية : الاختصاص المكاني أو المحلي لقضاء الأسرة .

الاختصاص المحلي أو الاختصاص المكاني، والترابي أو الإقليمي ، يخضع لقاعدة أساسية هي "مبدأ اختصاص محكمة موطن المدعى عليه"(أولا)، وللاستثناءات التي ترد على هذه القاعدة(ثانيا).
 
 
أولا : مبدأ اختصاص محكمة موطن المدعى عليه.

ومفاد هذا المبدأ حسب مقتضيات الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية أن المحكمة المختصة إقليميا أو محليا للنظر في الدعوى هي المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المكاني الموطن الحقيقي للمدعى عليه أو موطنه المختار،وهذا ما نص عليه المشرع المغربي في الفصل 27 من ق.م.م والذي ورد فيه :"
يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه.
إذا لم يكن لهذا الأخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان الاختصاص لمحكمة هذا المحل.
إذا لم يكن للمدعى عليه لا موطن ولا محل إقامة بالمغرب فيمكن تقديم الدعوى ضده أمام محكمة موطن أو إقامة المدعى أو واحد منهم عند تعددهم.
إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم".
ويرجع إقرار هذا المبدأ من جهة إلى القاعدة التقليدية المعروفة التي مؤداها أن المدعي يتبع المدعى عليه إلى محكمته، لأنه لا يعقل تحميل المدعى عليه  مشاق ومتاعب ومصاريف الانتقال إلى محكمة المدعي لمواجهة دعواه التي قد لا تكون وجيهة، ومن جهة أخرى فان الأصل هو براءة الذمة، مما يفترض معه أن المدعى عليه محق في موقفه إلى حين إثبات عكس ذلك،ولا يؤثر تغيير المدعى عليه موطنه أو محل إقامته على مسالة الاختصاص المكاني على مسألة الاختصاص المكاني لنظر الدعوى بعد تقديمها ضده في محكم بموطنه.
وموطن الشخص العادي الذي هو الموطن بالمفهوم العام هو محل سكناه ولو مؤقتا ، ولو لم يستقل به وحده، وكذا مركز أعماله المعتاد، ويعتبر موطن الزوج موطنا لزوجته أو زوجاته أو أولاده وخادميه، وقد تتعدد المحاكم المختصة في حالة تعدد محلات الشخص.
وان كان يوجد إلى جانب الموطن العام ما يسمى بالموطن الخاص المنصوص عليه في الفصل 519 ق.م.م  مثل المحل التجاري أو محل تعاطيه حرفة معينة، حيث ترفع عليه الدعاوى المتعلقة بناشه المهني، ولا ترفع الدعاوى المتعلقة بحقوقه العائلية أو أحواله الشخصية إلا في أمام محكمة موطنه العام، الذي يحددها القانون في بعض الحالات، كما سنرى في الاستثناءات الواردة على مبدأ اختصاص محكمة موطن المدعى عليه.

ثانيا : الاستثناءات الواردة على قاعدة مبدأ اختصاص موطن المدعى عليه.

ترد على مبدأ اختصاص موطن المدعى عليه عدة استثناءات نص عليها الفصل 28 من ق.م.م.وسنذكر الدعاوى فقط المتعلقة بقضاء الأسرة.
حيث جاء في مقتضيات الفصل 28 من ق.م.م :" تقام الدعاوى خلافا لمقتضيات الفصل السابق أمام المحاكم التالية :
.....................       
البند  3 – في دعوى النفقة أمام محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه أو موطن أو محل إقامة المدعي باختيار هذا الأخير،
البند  10 -  في دعاوى التركات، أمام محكمة محل افتتاح التركة.
البند  11 – في دعاوى انعدام الأهلية، والترشيد، والتحجير، وعزل الوصي أو المقدم، أمام محكمة محل افتتاح التركة أو أمام محكمة موطن أولائك الذين تقرر انعدام أهليتهم باختيار هؤلاء أو ممثلهم القانوني، وإذا لم يكن لهم موطن في المغرب، فأمام محكمة موطن المدعى عليه."
 
 
 
خاتمة

وأخيرا فمن خلال ما سبق يتبين لنا الدور الذي يلعبه قسم قضاء الاسرة باعتباره مكونا اساسيا لضبط العلاقات الاسرية و الفصل في النزاعات خاصة في ظل هذا العصر الذي فسدت فيه الذمم وظلم فيه الكثير من الافراد داخل الاسر لاسيما المرأة والطفل اللذان عانيا كثيرا في ظل مدونة الاحوال الشخصية.ويمكن القول ان صدور مدونة الاسرة و المستجدات التي جاءت بها لا يمكن ان يتحقق الهدف من تشريعها بدون قضاء اسري مستقل يدعم السير الفعال لمقتضياتها ويحمي جميع اطراف النزاع.ومع ذلك يبقى النص القانوني بعيدا عن الواقع العملي فقد قلنا ان من اهداف احداث القضاء الاسري حماية الاسرة من التفكك ولكن الواقع يعكس غير ذلك اذ ازدادت نسبة الطلاق بوثيرة خطيرة في السنوات الاخيرة مما ينبئ بوجود خلل يجب معالجته في اقرب وقت.ومهما كان فيبقى احداث قسم قضاء الاسرة خطوة ايجابية خطاها المشرع المغربي،مع ان حماية الاسرة من التفكك وتحقيق العدل و الانصاف اهداف يجب ان يساهم في تحقيقها كافة عناصر المجتمع و مؤسساته و اجهزته اذ القانون وحده لا يقدر على حل هذه المشاكل الاسرية المعقدة.
 
 
المراجع

  1. القضاء المغربي بين الأمس و اليوم،حماد العراقي
  2. كتاب العز و الصولة للمؤرخ عبد الرحمن ابن زيدان
  3. روضة الافنان في وفيات الاعيان لمحمد أحمد الاكراري
  4. المجموعة الفقهية في الفتاوى السوسية،المختار السوسي
  5. التنظيم القضائي باختلاف مناطق النفوذ الاستعماري
  6. المختصر في التنظيم القضائي المغربي،لحسن الرميلي
  7. قضاء الأسرة في التشريع المغربي لرشيد مشقاقة
  8. شرح قانون المسطرة المدنية " لعبد العزيز توفيق ، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء
  9. قانون الطلاق بالمغرب بين مدونة الأحوال الشخصية و الجدل حول التغيير" لخالد برجاوي 
  10. الإجراءات الإدارية والقضائية لتوثيق الزواج " لمحمد الشتوي
  11. التوثيق العدلي في المغرب بين مؤسسة قاضي التوثيق ومؤسسة خطة العدالة ومؤسسة النساخة
  12. العلمي الحراق: مقال بعنوان" مؤسسة قاضي التوثيق و آفاقها المستقبلية على ضوء مدونة الأسرة
  13. الزواج في مدونة الاسرة – الدكتور محمد الشافعي
  14. محمد المحجوبي, القانون القضائي الخاص, الكتاب1, الطبعة الأولى, سنة 2005, دار القلم
 
 
الهوامش

[1]القضاء المغربي بين الأمس و اليوم،حماد العراقي،ص:13 و 14.
[2] ولد بحاضرة مكناس. كان سلطاناً مغربياً من سلالة العلويين، حكم منذ عام 1757 حتى 1790. كما كان حاكماً لمراكش عام 1750 . تولى الحكم منذ عام 1746، ولمدة 44 عاماً.
 انظر كتاب العز و الصولة للمؤرخ عبد الرحمن ابن زيدان. [3]
[4] فأما الحسبة فتقابل في النظم الحديثة النيابة العامة لان ولاية الحسبة تقوم على فكرة الرقابة.وأما ولاية الشكايات أو الخصومات فتختص في الفصل في نزاعات الناس بعد ادعائهم الخصومة ويتبع فيها القاضي اجراءات التقاضي التي تعرف اليوم بأصول المحاكمات.وأما ولاية المظام فتقابل اليوم في النظم الحديثة القضاء الاداري ومجلس أمن الدولة أو محكمة العدل العليا.وتختص بالنظر في الخصومات التي تكون بين المواطن والولاة.
العرف و العمل في المذهب المالكي،عمر الجيدي،ص :237 و 238[5]
 روضة الافنان في وفيات الاعيان لمحمد أحمد الاكراري،ص:107.[6]
 انظر المجموعة الفقهية في الفتاوى السوسية،المختار السوسي،ص:193.[7]
[8]اختلف التنظيم القضائي باختلاف مناطق النفوذ الاستعماري.وهي كالتالي:
1-
القضاء بالمنطقة الجنوبية :تميز هذا التنظيم بالمحافظة على المحاكم الشرعية (نظام فردي)، المحاكم المخزنية والمحاكم العبرية، لكنه تم إلغاء المحاكم القنصلية، كما تم استحداث محاكم جديدة هي المحاكم العرفية والمحاكم العصرية ومحكمة الاستئناف الشرعي( نظام جماعي)
2- التنظيم القضائي بالمنطقة الشمالية أوالخليفية:انتظم العمل القضائي بهذه المنطقة بأربع جهات هي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم الاسبانية الخليفية ( كانت تتألف من محاكم الصلح، محاكم ابتدائية ومحكمة الاستئناف بتطوان).
3-
القضاء بمنطقة طنجة الدولية:نصت الاتفاقية الفرنسية-الاسبانية مع بريطانيا في دجنبر 1922م ـ في فصلها الثامن والأربعون ـ على إحداث محكمة دولية مختلطة يعهد إليها بتنظيم شؤون العدل بطنجة بالنسبة للأجانب والمحميين المغاربة، ومن مميزات هذه المحكمة أن أحكامها لم تكن قابلة للنقض. ثم صدر ظهير في 10يونيو 1953م نظم القضاء في عدة أنواع من المحاكم هي : محكمة الصلح، محكمة ابتدائية، محكمة استئناف ومحكمة الجنايات.
[9] المختصر في التنظيم القضائي المغربي،لحسن الرميلي1/4
[10] بهذا الظهير تم إنشاء درجة ثانية تستأنف إليها أحكام المحاكم الابتدائية المتعلقة بالأحوال الشخصية والميراث لليهود المغاربة .و بهذا التنظيم الجديد أصبحت المحاكم العبرية تنقسم إلى قسمين : محاكم عبرية ابتدائية و محاكم عبرية عليا .
 التنظيم القضائي في المغرب،ص :37.[11]
 تنظر في جميع القضايا المدنية و التجارية و الجنائية.[12]
 القضاء المغربي بين الامس و اليوم،ص:38-39.[13]
[14] ملاحظات و استنتاجات :
ترأس اللجنة الملكية التي قامت بإعداد أول مدونة شخصية علال الفاسي وكان عدد اعضائها 8 أعضاء.
ذيل كل من الكتاب الثاني و الرابع و الخامس و السادس بفصل ينص على أن ”كل ما لم يشمله هذا القانون يرجع فيه الى الراجح أو المرجوح أو ماجرى به العمل من مذهب الامام مالك.“
ساهمت كافة الجهات الحكومية لتعزيز الحماية القانونية للمدونة عن طريق :وزارة التعليم: عبر المناهج والبرامج التعليمية ووزارة الأوقاف: عبر المحاضرات الدينية وباقي القطاعات الوزارية الاخرى : ركزت جهودها لدعم الاسرة من خلال المدونة.
اضفي على المدونة طابع القدسية إذ استمر العمل بها على الوجه الذي خرجت عليه مدة 36 سنة وباءت كل محاولات الاصلاح بالفشل.
[15] الوصف الخارجي لمدونة الاحوال الشخصية:تتكون المدونة من ستة كتب ويحتوي كل كتاب على أبواب مختلفة الاعداد ويمكن توضيحها كما يلي :
الكتاب الاول في الزواج ويضم ثمانية ابواب، الكتاب الثاني في انحلال ميثاق الزوجية وأثاره ويضم ستة ابواب،الكتاب الثالث الولادة ونتائجها ويضم خمسة أبواب، ،الكتاب الرابع الاهلية والنيابة الشرعية و يضم تسعة أبوابا،لكتاب الخامس في الوصية ويضم سبعة أبواب،الكتاب السادس في الميراث ويضم تسعة أبواب.
 مبادرة رؤساء المحاكم المغربية.[16]
 مبادرة وزير العدل أنذاك.[17]
[18] هذه التعديلات لم تكن جذرية بل اقتصرت على بعض الفصول دون غيرها.و ركزت هذه التعديلات على مايلي :
الزواج : تم إقرار قيدين على التعدد، فاشترط المشرع على الزوج ضرورة إخبار الزوجة الأولى برغبته في الزواج عليها، وأهم مستجد في هذه المادة يتمثل في أن التعدد في كل الأحوال، لا يمكن أن يتم إلا بعد الحصول على إذن القاضي بذلك .وفي الطلاق : وضعت مدونة الاحوال  حدا للطلاق الغيابي الذي كان يعطي الصلاحية للزوج لتطليق زوجته غيابيا.ا وفي لحضانة : أصبح الأب يحتل المرتبة الثانية بعد الأم في ترتيب الحاضنين (ف 99 ), بعدما كان يحتل المرتبة السادسة قبل تعديل 1993.كما تم تحديد سن الحضانة في 12سنة للفتى و 15 سنة للفتاة بعدها يختار الاثنان الطرف الذي يريدان العيش معه.وفي  النفقة : أصبح بالإمكان رفع دعوى استعجاليه قصد الحكم بالنفقة وأسند للقاضي السلطة التقديرية في تحديدها .
ثم احداث مجلس العائلة الذي تتلخص مهمته في مساعدة القاضي في تدبير شؤون ونزاعات الاسرة.(ف 156)
[19] انحصرت تعديلات مدونة الاحوال الشخصية لسنة 1993 في الموضوعات التالية :
الزواج : تم تعديل الفصول:  05 - 12 - 30 - 41 ، الطلاق : تم تعديل الفصلين : 48 – 52 ،الولادة ونتائجها : تم تعديل الفصول:   99 - 102 - 119
الاهلية والنيابة الشرعية  : تم تعديل الفصلين : 148- 156
[20] صدرت المدونة بمقثظى ظهير شريف رقم 22-04-1 الصادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) القاضي  بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة. ومن أهم الملاحظات التي يمكن استنتاجها حول هذا التعديل :
   - تضمنّت المدونة الديباجة و باباً تمهيدياً للأحكام العامّة، وسبعة َ كتب مقسم كلّ منها إلى أقسام مبوَّبة بدورها إلى أبواب  مشتملة على عدد من المواد التي بلغ مجموعها 400 مادة ملحقة بالقرارات و المراسيم المتعلقة بمدونة الاسرة.
   - يمكن تلخيص اهم تعديلا ت المدونة فيما ثلاث محاور رئيسية :
المحور الاول : المساواة بين الزوجين وذلك من خلال :
تحديد سن الزواج لكل من الزوجين في 18 سنة،وضع الأسرة تحت رعاية ومسؤولية الزوجين،رفع الوصاية والحجر على جميع النساء الراشدات، وضع الطلاق تحت مراقبة القضاء، استفادة الزوجة المطلقة من الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية.
المحور الثاني : توازن الأسرة من خلال :
جعل النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية  إلى تطبيق المدونة، إحداث أقسام لقضاء الأسرة بالمحاكم، الاعتراف بالزواج المدني المبرم من طرف أفراد الجالية  المغربية لدى السلطات المحلية في بلدان الإقامة.
المحور الثالث : حماية الطفل من خلال :
الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي للطفل عند افتراق الأبوين سواء من حيث السكن أو مستوى العيش الذي كان عليه قبل الطلاق.
 الاعتراف بنسب الطفل المولود في مرحلة الخطبة.
[21] وصدر ايضا قانون الجنسية. وقانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي كما تتوجت هذه الحقبة بصدور أو دستور مغربي سنة 1962.
[22] قانون التوحيد على توحيد القضاء الذي كان مشتتاً وتوحيد أجهزة القضاء , وتركبت المحاكم الموحدة من محاكم السدد و محاكم الإقليمية و محاكم الاستئناف و المجلس الأعلى .
[23] قانون المغربة فقد نص على أنه لا يمكن ممارسة وظيفة قاض من لا يحمل جنسية مغربية.وجاء قانون التعريب لإعادة الاعتبار للغة العربية وستصبح لغة رسمية في المحاكم المغربية " في المرافعات والمداولات والأحكام " .
 
[24] تتكون المحاكم الابتدائية من: رئيس ونواب رئيس وقضاة ؛  نيابة عامة تتكون من وكيل للملك ونائب أو عدة نواب؛  كتابة الضبط؛ كتابة النيابة العامة.
 
[25] تقوم المحاكم الاستئنافية بصفتها محكمة من درجة ثانية للتقاضي بدراسة القضايا التي تم البت فيها  ابتدائيا من قبل المحاكم الابتدائية للمرة الثانية . وبذلك تنظر استئنافيا في الأحكام التي تصدر عن هذه المحاكم أو عن رؤسائها. إضافة إلى تخصص النظر في طلبات الفصل في تنازع الاختصاص.
[26] أحدثت بمقتضى ظهير 10نونبر 1956م، وهو بمثابة قانون القضاء العسكري، وتم تغييره بمقتضى قانون صدر في 26يوليوز 1971م.
[27] هي مؤسسة نص عليها الدستور(ف88 إلى ف92)، كما صدر قانون تنظيمي لها بتاريخ 8أكتوبر 1977م والذي يحدد المسطرة الواجب إتباعها أمامها.
[28] لقد توج الجدل الحاد الذي أثاره قانون الاحوال الشخصية بين أنصار الاتجاه المحافظ وأنصار الاتجاه الحداثي بصدور مدونة الاسرة الجديدة بعد الإعلان الملكي بقبة البرلمان في 2003/10/10 عن التعديلات الجوهرية في مدونة الأسرة.
وقد أجمع الجميع على أنه قانون متميز، وأنه نجح في التوفيق بين الاتجاهين، بحيث اعتبر في مضمونه مسايرا لواقع العصر، ومتوافقا مع الاتفاقيات الدولية، وفي عمقه مستمدا من الشريعة الإسلامية.
 
 قضاء الأسرة( التنظيم-الأهداف-الاختصاص) [29]
[30]  قضاء الأسرة في التشريع المغربي لرشيد مشقاقة ص 13.
[31]   " قضاء الأسرة في التشريع المغربي " لرشيد مشقاقة ص 17 .
[32]  " انطلاق محكمة الأسرة المصرية في 2004 " لعبير صلاح الدين ، الاتحاد الاشتراكي ، ع 7459، 14 يناير   2004، ص 7
[33]  المدونة الجديدة الأسرة ، سلسلة النصوص التشريعية و التنظيمية ، ع 34، 2004، ص165، منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال و المقاولات .
[34]  " قضاء الأسرة في التشريع المغربي " لرشيد مشقاقة ص 09 .
[35]  " انطلاق محكمة الأسرة المصرية في 2004 " لعبير صلاح الدين ، الاتحاد الاشتراكي ، ع 7459،     14 يناير   2004، ص 7 .
 [36]  " التعليق على قانون الأحوال الشخصية " لأحمد الخمليشي  ، ج 2 ، ط1، 1994، ص 357، نشر دار المعرفة ، الرباط .
[37] " شرح قانون المسطرة المدنية " لعبد العزيز توفيق ، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء،  ج 1، ط2، ص 94 .

عن موقع :  marocdroit.com

قضاء الأسرة ( التنظيم - الأهداف - الاختصاص).





مقدمة
    صدر مؤخرا قانون جديد للأسرة بعد الجدل الحاد الذي أثاره هذا الموضوع بين أنصار الاتجاه المحافظ وأنصارالاتجاه الحداثي(1)، وقد أجمع الجميع على أنه قانون متميز، وأنه نجح في التوفيق بين الاتجاهين، بحيث اعتبر في مضمونه مسايرا لواقع العصر، ومتوافقا مع الاتفاقيات الدولية، وفي عمقه مستمدا من الشريعة الإسلامية(2)، ومن الأمور التي وقع عليها الإجماع أيضا نجد ضرورة وجود قضاء متخصص من أجل ضمان التطبيق السليم لهذا القانون، فالجميع ربط نجاح هذا القانون بوجود قضاء فعال وعادل، وعلى رأسهم صاحب الجلالة محمد السادس، ويتضح هذا من خطابه الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للبرلمان ـ السنة التشريعية 2003-2004 والذي أعلن فيه جلالته عن الخطوط العريضة لهذا القانون حيث أشار إلى قيامه بتوجيه رسالة إلى وزير العدل تضمنت ما يلي : «.... وقد أوضحنا فيها أن هذه المدونة مهما تضمنت من عناصر الإصلاح فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل، وعصري وفعال، لا سيما وقد تبين من خلال تطبيق المدونة الحالية أن جوانب القصور والخلل لا ترجع فقط إلى بنودها ولكن بالأحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل،  ماديا وبشريا ومسطريا، لتوفير كل شروط العدل والإنصاف، مع السرعة في البث في القضايا، والتعجيل بتنفيذها...».
        وتجدر الإشارة إلى أنه لم يسبق للتنظيم القضائي المغربي أن عرف جهازا قضائيا مستقلا وخاصا بالقضايا الأسرية،  وقد يزعم البعض بوجود هذا الجهاز قاصدا المحكمة الشرعية غير أننا نرد بأن دور هذه المحكمة المتكونة فقط من قاض للتوثيق والسادة العدول يقتصر فقط على تلقـي الاشهاد بالزواج، والطلاق وبعض القضايا المتعلقة بالإرث والمحاجير، كما أن تصفـح تاريـخ الأحوال الشخصية يبرز لنا غياب أي إشارة إلى هذا القضاء، بداية مـن مدونـة 1957 ومرورا بتعديلات 1993، و قد تضمن مشروع الخطة الوطنية للإدماج المرأة في التنميـة ضرورة وجود محاكم خاصة بالقضايا الأسرية (3).
          وهكذا فقد كان النظر في قضايا الأحوال الشخصية مسندا إلى غرفة الأحوال الشخصية، وهي غرفة من ضمن غرف المحكمـة الابتدائيـة، والمعروف أنه لم يكن هناك ما يمنع من أن تنظر باقي الغرف في أي قضية كيفما كان نوعها.
        وقد تم تدشين أقسام القضاء الأسـري يـوم 05/09/2002 بكل من المحكمة الابتدائية بالرماني وابن سليمان، وذلك نظرا للإحساس بخصوصيـة القضايا بالأسريـة، والمشاكل التي تعتريها، غير أن إحداث هذه الأقسام لم يكن يستند على أي أساس قانوني، وذلك إلى غاية صدور قانون 73-03 المتعلق بتعديل التنظيم القضائي، الذي إلى جانب تكريس ما سبق، قام أيضا بتدقيق اختصاص هذا القسم، كما منحه الاستقلالية عن باقي الغرف وقد انطلقت بعد صدور هذا القانون سلسلة من التدشينات لأقسام قضاء الأسرة بمختلف محاكم المملكة كان آخرها بالمحكمة الابتدائية بمراكش.
        ومن الدول التي سبقتنا في هذا المجال نجد تونس ( 4 )التي تعتبر تجربتها تجربة رائدة بالنسبة
لنا، أما مصر التي سبقتنا في تعديل قانونها الأسري، فإن مسألة إحداث قضاء أسري مستقل ما تزال إلى حد الآن مجرد مشروع ( 5 ).
          وبما أن إحداث قسم قضاء الأسرة تجربة حديث بالنسبة للمغرب فإن دراسته منالناحية النظرية تكتسي أهميـة بالغـة، و ذلك مـن أجل التعريف به و بمكوناته و خصوصيته، خصوصا وأننا أشرنا سابقا إلـى أن الكل يعـول عليـه مـن أجل تفعيل المدونـة الجديـدة، كما أن أهميته العملية تنبع من نفس السبب – أي كونه تجربة جديدة- ، فمن المعروف أن كل تجربة جديدة مهما بلغة درجة الحرص على نجاحها إلا و تتخللها بعض الهفوات ، ومن تم فإن دراسة هذا الموضوع ستمكننا من الوقوف على هذه الثغرات من أجل العمل على تجاوزها.
         و السؤال الذي يمكن إثارته هو كيف يمكن لقسم قضاء الأسرة أن ينجح في تفعيل مدونة الأسرة؟.
         و الإجابة عن هذا السؤال لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الإجابة على السؤالين التاليين:
         الأول هو التساؤل عن ماهية الأهداف المتوخى تحقيقها من خلال إحداث قضاء أسري متخصص؟، و الثاني: هو مدى نجاح هذا القضاء في تحقيق هذه الأهداف من خلال الاختصاصات الموكولة إليه؟.
        فمن خلال الإجابة عن هذين السؤالين سنتمكن من الوقوف على مناطق القصور من أجل محاولة تفاديها، و بالتالي تمكن القضاء المغربي من كسب الرهان الملقى على عاتقه،و بعبارة أخرى تمكن القضاء المغربي من تطبيق مدونة الأسرة ن تطبيقا سليما، و محافظا على الفلسفة التي جاءت بها المدونة الجديدة، و المتمثلة في تحقيق المساواة و العدل، و المحافظة على السلم الأسري، في اتجاه إعداد مجتمع سليم و قوي، يسود فيه الاحترام بين كل مكوناته.
         و من خلال ما سبق يظهر لنا تصميم هذا الموضوع الذي سيكون على الشكل التالي:
الفصل الأول: الغاية من إحداث قضاء أسري متخصص.
الفصل الثاني: تجسيد أهداف قضاء الأسرة في الواقع.



 الفصل الأول: الغاية من إحداث قضاء أسري متخصص.
        في هذا الفصل سنتحدث عن الأهداف المتوخى تحقيقها من خلال إحداث القضاءالأسري( المبحث الأول)، كما سنتطرق فيـه إلى التنظيم الهيكلـي لهذا القضاء، و ذلك لأن معرفـة هذه الهيكلة ستمكننا من معرفة الأجهزة المعنية بتحقيق هذه الأهداف(المبحث الثاني).
المبحث الأول:فوائد إحداث قضاء متخصص في قضايا الأسرة.
      يمكن تقسيم أهداف قضاء الأسرة إلى ، أهداف مباشرة و أهداف غير مباشرة:
       المطلب الأول: الأهداف المباشرة.
   أهم ما يرجـى تحقيقـه من القضاء المتخصص نجد سرعة البت ( الفقرة الأولى )، ثم التسهيل علـى التسهيل على المتقاضين ( الفقرة الثانية ).
            الفقرة الأولى: سرعة البت في القضايا.
       من أهم المبادئ التـي نقف عليها بمجرد استقراء المدونة ، نجد حرص المشرع على الإسراع فـي البت، و ذلك من خلال وضع أجال محددة يجب على القضاء احترامها.
         فالمادة 45 من المدونة أوجبت على الزوج إيداع المبلغ الذي تحدده المحكمة لفائدة الزوجـة و الأولاد داخل أجل 7 أيام و إلا اعتبر الزوج متراجعا عن طلب الإذن بالتعدد، و نجد أيضا المادة 83 التي تلزم الزوج بإيداع المبلغ الذي تحدده المحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما كمستحقات للزوجة و للأطفال و إلا اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق.
        كما نجد المادة 97 من مدونة الأسرة التي تنص على أن الفصل في دعوى الشقاق يجب أن يتم داخل أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب.( 6 )
      وفي التطليق لعدم الإنفاق نجد المادة102 من مدونة الأسرة التي تنص في فقرتها الثانيـة على أن المحكمة عليها أن تحدد للزوج أجلا لا يتعدى ثلاثين يوما حتى ينفق خلاله و إلا طلقت المحكمة عليه إلا في حالة وجود ظرف قاهر و استثنائي.
       و في الفقرة الثالثة مـن نفس المادة تنص علـى أنه إذا امتنع الزوج عن الإنفاق و لم يثبت العجز تطلق المحكمة الزوجة حالا.
       و فـي نفس الإطار و احتراما لنفس الفلسفـة التي يرجى منها الإسراع في البت نجد المادة 112 من مدونة الأسرة بالنسبة للتطليق  بسبب الإيلاء و الهجر، فالمحكمة ملزمة بالبت بعد أشهر من تاريخ رفع الزوجة طلب التطليق إلى المحكمة.
        و في نفس السياق، نجد المادة 113 من م أ التي حددت الأجل الأقصى في دعاوى التطليـق باستثناء حالة الغيبة في أجل أقصاه ستة أشهر.
        إن تحديد آجال من شأنه أن يخلق في نفوس المتقاضيين ارتياحا، و يشجعهم على اللجوء إلى القضاء، لأن التجربة أثبتت أن المساطـر الطويلة لا تبعث على الارتياح و تدخل اليأس في نفوس الأشخاص، كما أنها تفقد الناس الثقة في مرفق القضاء (7).
         غير أن هذه السرعة ستظل مجرد حبر على ورق  في غياب جهاز قضائـي متخصص، من هنا تبرز الغاية من إحداث قسم قضاء الأسرة، فبسبب كون اختصاصـه مقصور علـى القضايا الأسرية ، فسيكون بإمكان المسئولين عليه وضع تنظيم داخلي يتوافق مع هذه السرعة.
        الفقرة الثانية: التسهيل على المتقاضيين.
         إذا كان النظام القضائي السابق بشأن الأحوال الشخصيـة لم يهتم بجمع شتات أقسامها، فإن التوجيهات الملكية حثت على إدماج جميع الأقسام بقسم  واحد حتى يتم تسهيل المأمورية على المتقاضين بشأن كافة النزاعات الأسرية، سواء تعلقت بقيام رابطـة الزواج أو انفصامها أو شؤون القاصرين أوالتوثيق  أو قضايا الحالـة المدنيـة، و ذلك من أجل تفعيل نصوص المدونـة و جعل الآجال المسرة بها قابلة لأن تكون آجالا محترمة، و نافذة و ليس شكلية فقط.(8)
        إن التسهيل على المتقاضيين لا يشمل فقط جمـع شتات قضاء الأسرة فـي قسـم واحد بل يتعدى إلى التيسير على المتقاضيين من كل النواحي، كالتيسير في ميدان الإثبات، هذا الجانـب الذي كان يشكل عقبة كبيرة في مواجهة الزوجة خاصة في دعوى التطليق، بحكـم أن المشاكـل الزوجية قلما يطلع عليها الغير حتى يشهد عليها، و قد تنبـه المشرع لذلك، حيث فتح المجال لكل وسائـل الإثبات بما فـي ذلك الاستماع إلى الشهود فـي غرفـة المشورة، و هذا ما جاءت به المادة100من مدونة الأسرة التي تنص على أنه: 
     " تثبت وقائع الضرر بكل وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود، الذين تستمع إليهم المحكمة في غرفة المشورة...".
      بل أن هذا التيسير بلغ إلى حد اعتماد مسطرة الشقاق التي لا تكلف الزوجة أي إثبات بـل ينوب الحكمان عن الزوجين في استقصاء أسباب الخلاف و بذل الجهد لإنهاء النزاع.
     إن إقرار قضاء أسري مستقل، ليس الغرض منه السرعة في البت و التسهيل علـى المتقاضيين فقط، و إنما يتعدى ذلك إلى أهداف غير مباشرة تتجلى في تحقيق العدل و الإنصاف و الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك.
    المطلب الثاني: الأهداف الغير مباشرة
                  لقضاء الأسرة.
         كما قلنا سابقا فإن الأهداف غيـر المباشرة لقضاء الأسرة تتجلـى فـي تحقيـق العدل والإنصاف ( الفقرة الأولى )، و الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك( الفقرة الثانية ).
      الفقرة الأولى: العدل و الإنصاف.
         إن روح مدونة الأسرة و إقرار قضاء مستقل تتجلى في تحقيق العدل و الإنصاف، و تحقيق المبادئ التي تسعى المدونة إلى تكريسها رهين بوجود قضاء فعال و نزيه و عدم تحيزه لصالح أحـد الأطراف، فنصوص عديدة وردت في المدونة تسعى إلى تحقيق هذا الهدف، مذو من بينها نجد المادة 41 ، التي تحث المحكمة على احترام الشروط الإسثتنائية للتعدد.
       و من بينها أيضا، نجد ترسيخ دور القضاء في عملية الفرقة أنواعها، و حتى علـى مستوى الطلاق، إذ نجد ضرورة مراقبة القضاء لعملية الطلاق منذ بدايتها إلى نهايتها و هذا يظهر من خلال المواد من 78 إلى 89إذ تواكب المحكمة العمليـة منذ تقديم الطلـب إلى محاولة الصلح و تحديد المستحقات و توثيق رسـم الطلاق حتـى إصدار قرار معلل قابل للطعن وفق الإجراءات العادية، بل أكثر من ذلك فقـد أوكل المشرع النظـر في التطليق و الطلاق علـى حد السواء للمحكمة التي تتكون من ثلاثة قضاة لتوفير ضمانات أكثر.
        و على اعتبار كون  مدونة الأسرة تسعى إلى إنصاف المرأة، و حمايـة كرامـة الرجـل و ضمان حقوق الطفل، فإن هذا الأخير أيضا تم إنصافه بأن أصبح مـن التزامات القضاء تقديـر تكاليف سكنى المحضون مستقلة عن النفقة و أجرة الحضانة و غيرها، و هو ما أقرته المادة168 من مدونة الأسرة، مع مراعاة مصلحة المحضون في إسناد الحضانة (المادة 170 من مدونة الأسرة).( 9 )
       الفقرة الثانية: الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك.
      يتجسد مبدأ الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك من خلال تفعيل مسطرة الصلح.
         رغم أن الطلاق الموقع  من أحد الزوجين مباشرة مرهون بالإذن القضائي، و بالرغم من أن القصد من هذا الإذن هو الحد من اللجوء للطلاق إثناء العازمين عليه  و إصلاح ذات البين بينهما،فإن هذا الإجراء المحدث بمقتضى تعديل 1993 ، لم يقدم عمليا، خدمات تذكـر للأسرة، و ذلك لعدة اعتبارات من بينها كثرة الملفات بما لا يسمح للقضاء بإفراد الوقت الكافي لكل ملف و محاولة التعرف على أسباب الخلاف الحقيقية، و إيجاد حل لها.
     من جهة أخرى ، و بالنظر لعدم توفر الأجهزة و الأطر الكافيـة القادرة علـى ردم الخلاف و إيجاد الحلول بطريقة عملية متينة، نجد مهمة القضاء في هذا الشأن محدودة جدا، بالتالي تنحصر مسطرة الصلح في أحيان كثيرة في محاولات سطحية( 10 ).
         و لقد أولى مشرع مدونة الأسرة لمسطرة الصلح أهميـة كبرى حفاظا على كيان الأسرة من التفكك، و تتدخل في مسطرة الصلح ثلاث مؤسسات تتمثل في: ٭-القاضي.
                                                                     ٭- الحكمين.                 
                                                                     ٭- مجلس العائلة.
        فالمدونة الحالية وسعت من الصلح و أعطت القضاء كامل الصلاحية في اختيار أي مؤسسة للصلـح دون قيد أو شرط، بل توسعت إلى أبعد مـن ذلك إذ فتحت المجال لكل من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين ( المادة 82 من مدونة الأسرة )، و بذلك منحت القضاء حرية تامة،  الغرض منها هو الإصلاح و إنقاذ الأسرة.
           و مما يدعم توجه المشرع في  الحفاظ على هذا الكيان أن المحكمة تقوم بمحاولتين للصلح تفصل  بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما في حالة وجود أطفال.
           بعدما قمنا بالاحاطة بأهم الأهداف التي توخاها مشرع مدونة الأسرة، سننتقل إلى التطرق لتنظيم الجهاز الذي سيتولى تحقيق هذه الأهداف.
     المبحث الثاني: التنظيم الهيكلي لقضاء الأسرة.
        في هذا المبحث سنتكلم عن الأعضاء الذين يكونون القضاء الأسري ، على اعتبار أن معرفة اختصاصات القضاء الأسري بصفة دقيقة ،  تتطلب معرفة دقيقة لمختلف الأعضاء  المكونيـن لهذا القضاء، و هكذا سنتكلم فـي ( المطلب الثاني ): عن التنظيـم الحالي أي التنظيم المستحدث بعد صدور القانونين  72/03  و 73/03 ، أما ( المطلب الأول ): فسنخصصـه للحديث عـن التنظيمالذي كانت قبل صدورهما، و ذلك لأن معرفة ما هو كائن ، لا تتم إلا بمقارنته بنا كان.
     المطلب الأول: التنظيم قبل صدور القانونين
                   72/03 و 73/03.
    سبق لنا أن أشرنا في المقدمة إلى أن إحداث أقسام خاصة بالأسرة تم قبل صدور القانون 73/03 ، المتعلق بتعديل التنظيم القضائي، و بالتالي فإننا عندما قلنا أننا سنتكلم عـن التنظيـم السابق لصدور القانونين 72/03 و 73/03، كنا نقصد التنظيم الذي وضع بعد إحداث هذه الأقسام، و ليس ما كان قبل ذلك.
          و هكذا كان هذا القسم يتكون من:  رئيس قسم القضاء الأسري و هو قاضي، و مـن رئيس شعبة الأسرة و هو منتدب قضائي، و قاضي التوثيق و شؤون القاصرين بجميع آلياته، نائب
وكيل الملك و كتابـة النيابة العامة، الصندوق، مكتب الإرشاد، مكتب التبليغ و التنفيذ، مكتب النسخ، مكتب العدول ( 11).
               و سنقوم بالتعريف ببعض هذه الأجهزة نظرا لأهميتها:
            -أول من سنتكلم عنه هو مؤسسة قاضي التوثيق: و هي مؤسسـة إسلاميـة المنشأ، و الملاحظ أن القاضي يكون دائما ذكرا، نظرا لبعض المهام الملقاة على كاهله و التي لها صبغة دينية تشترط فيها الذكورة( 12)،و المقصود بهذه المؤسسة هو تلك الإدارة القضائية التي تعنـى بتوثيـق الحقوق و المعاملات و إثبات التصرفات و الوقائع وفق الشكل و المضمون الذي يحدده القانون.
        و تتكون هذه المؤسسة من قاضي أو عدة قضاة، و من عدول ، و من نساخ، و من أعوان توثيـق، و من مساعدين عاملين بمكتب العدول و مقارهم، و إنما تنسب المؤسسة عادة إلى قاضي منفرد مع أنها تتكون من كل ما ذكر، لأن القاضي هو الرئيس المباشر لها، و المشرف على  إدارتها، و لهذا عندما  يتم الكلام عن مؤسسة التوثيق يقصد  بها  خصوصا المهام لتي يمارسها قاضي التوثيق بصفته هذه، و نحن عندما سنتكلم عن اختصاصات هذه المؤسسـة سنتعامل معها بهذا  المعنى، أي سنتكلم عنه فقط و بانفصال عما ذكر.
            و يعين قضاة التوثيق بقرار لوزير العدل لمدة 3 سنوات قابلة لتجديد، و يعينون من بين رجال السلك القضائي، دونما اعتبار لدرجتهم أو رتبتهـم، و ترتبط اختصاصاتهـم بدوائر نفوذ المحاكم الابتدائية  (13).
         -قاضي شؤون القاصرين: هو القاضي المكلف بشؤون المحاجر سواء كان الحجر للصغر أو للسفه أو للعته، أو المحكوم عليه الذي ينفد عقوبـة جنائيـة، حيث يفقـد أهليـة الأداء لمدة
  تنفذ العقوبة، و هو قاضي من قضاة المحكمة الابتدائية يعين حسب المادة182 من ق.م.م للقيام
بهذه المهمة لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل الذي يراعـي فـي اختياره المعرفـة بأحكام الأحوال الشخصية ( 14).
   و قد يلاحظ البعض أن هذا القسم له تشكيلة خاصة به تختلف عن باقي غرف المحكمـة الابتدائية، الشيء الذي يضمن له استقلاليته و خصوصيته، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود نص قانوني يمنع باقـي الغرف من التدخل في اختصاصـه، كما أن اختصاصات أعضائه لم تكن محددة تحديدا كافيا، مما يفتح المجال للتأويل، زيادة على  تعدد الاختصاصات الملقاة على بعض أعضاء هذا الجهاز و غير  ذلك مـن المشاكـل، هذا ما حاول قانـون مدونـة الأسـرة، و كذا القانونيين 72/03و73/03 تجاوزه، و هو ما سنلاحظه في المطلب الموالي.
    المطلب الثاني:التنظيم بعد صدور القانونين
                                                            72/03و73/03.
        لقد أتى قانون 73/03 المتعلق بتعديل التنظيم القضائـي زيادة علـى حصر اختصاصات قضاء الأسرة بمقتضى قانونـي جد مهم يتمثل في منع الغرف الأخرى من النظر في القضايا الخاصة بأقسام قضاء الأسرة بحيث نص علـى ما يلـي: « يمكن لكل غرفة أن تبحث و تحكم في كـل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة».
          كما أضاف القانون 73/03 المتعلق  بتعديل قانون المسطرة المدنيـة عناصر جديدة إلى الجهاز القضائي المتعلق بالأسرة و انطلاقا مما سبق عملت وزارة العدل على وضع  التنظيم  الهيكلي لقضاء الأسرة و الذي يتكون مما يلي( 15):
- رئيس القسم و الذي يشرف على ما يلي:
      1- هيئة الحكم ك وهي المكلفة بقضايا الأحوال الشخصية و الميراث و كل ما لـه علاقـة
      برعاية و حماية الأسرة، و قضايا الحالة المدنية، و قضايا الكفالة.
      2- قاضي الأسرة المكلف بالزواج.
      3- القاضي المكلف بالتوثيق.
      4- القاضي المكلف بشؤون القاصرين.
      5- كتابـة الضبط: و التي تتكون من كتابة ضبط القسم، الصندوق، مكتب الإرشادات،
        مكتب الاستقبال، مكتب النساخة.
   - ممثل النيابة العامة ، و كتابة ضبط النيابة العامة.
    - كما تم إحداثقاضيا خاصا بتنفيذ الأحكام.
          و يلاحظ أن هذه الهيكلة حاولت تجميع كل الأجهزة التي لها علاقة بالأسرة فـي جناح واحد .
         و سنحاول إعطاء بعض التوضيحات حـول أعضاء هذا القسم، مـن خلال التعريـف بالأعضاء الجدد، و إظهار ما تم تغيره في الأعضاء الموجودين سابقا.
        يوجد في كل قسم من أقسام الأسرة، رئيس بالإشراف على هذا القسم، و كذا تصريـف القضايا، و هو غالبا قاضي من الدرجة الثانية أو الثالثة.( 16)
       و إلى جانبه يوجد ممثل النيابة العامة، و قد يرى البعض أن هذا ليس بجديد، فالهيكلة السابقة
أيضا تحتوي على وكيل الملك، لكن الفرق يمكن في حجم الاختصاصات التي أوكلت له، و كـذا الصفة التي أصبح يتدخل بها في قضايا الأسرة، صحيح أنه لم توكل  له مهمة القيام بمحاولة  الصلح على عكس نظيره المصري (17)، إلا أن هذا لا يقلل من مكانته داخل قسم قضاء الأسرة(18).
          وإذا  كان ضم الهيئة الثلاثية إلى هذا القسم اعتبر خطوة إيجابيـة و محمودة لما فيها مـن تجميع لشتات القضاء الأسري، غير أن هذا التجميع  في نظرنا يصعب تحقيقـه علـى المستـوى العملي، نظرا لعدم وجـود نص قانوني يمنـع باقـي أقسام قضاء الأسرة – الموزعين على أرجاء المملكة- من النظر  في القضية إذا ما رفعت القضيـة بقسم قضاء الأسرة بالرمانـي مثلا، و كان ينبغي الاستفادة من المشرع المصري في هذا الصدد بحيث أنـه أشار في قانونـه الأسري في  المادة العاشرة منه إلى انعقاد الاختصاص بنظر دعاوى النفقة و الحضانة و كل  القضايا المترتبـة  علـى التطليق أمام المحكمة الابتدائية التي تنظر الطلاق أو التطليق، و أوجب على المحاكم الأخرى إحالـة قضايا النفقة و الحضانة و غير ذلك من القضايا المطروحة أمامها  إلى المحكمة  الابتدائية التي تنظـر الطلاق أو التطليق(19)، و هذا ما كرسه المشرع المصري من خلال مشروع محاكم الأسرة(20).
          كما أن الهيكلة الجديدة تميزت بإضافة عضو جديد إلى قسـم قـضاء الأسرة، و نقصـد القاضـي المكلف بالزواج، هذا القاضي أعطيت له اختصاصات جد مهمـة سنتعرض لها لاحقا، وهذا القاضي حسب
ما جاء في الفصل 179 من ق.م.م المعدل بمقتضى القانون 72/03،هـو أحد قضاة المحكمة الابتدائية يتم تعينه لهذه المهمة من قبل وزير العدل لمدة ثلاث سنوات.
          كما تم الاحتفاظ أيضا  بقاضي التوثيق ضمن هذه الهيكلة، و الملاحظ هو التقليص مـن حجـم اختصاصاته، وهو ما سنلاحظه عند تدارس اختصاصات القضاء الأسري.
        كما تم الاحتفاظ أيضا بالقاضي المكلف بشؤون القاصرين، و قد تم الاحتفاظ بنفس كيفيـة تعينـه، و الخاضعة للفصل 182 من ق.م.م، كما  تم  تدقيق اختصاصاته، بحيث أصبحت محددة ومحصورة في الأمور المتعلقة بشؤون القاصرين فقط، عكس ما  كان عليه الأمر سابقا، و خاصة إذا كانت المحكمة بمدينة صغيـرة،
حيث كانت تسند له إلى جانب مهمته الأصلية مهام أخرى كالتوثيق، و إصدار الأحكام في القضايا المعروضة على المحكمة (21).
         و رغبة في ضمان فعالية القضاء، قام المشرع بالتنصيص على إحداث قاضي مكلف بمتابعة التنفيذ، و ذلك بمقتضى القانون 72/03 الذي عدل مجموعـة من فصول ق.م.م ، ومـن بينها الفصل429 حيث أضيفت له فقرة جديدة تنص على ما يلي: « يكلف قاضي بمتابعـة إجراءات التنفيذ، يعين من طرف رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية العامة» ، و ما يلاحظ علـى هذه الفقرة هو أن مهام قاضي التنفيذ ليست مقصورة على قسم قضاء الأسرة، بل تتعداه إلى سائر
الأحكام الصادرة عن  المحكمة الابتدائية، و  كان الأفضل إحداث قاض مكلف بالتنفيذ خاص بهذا القسم فقط، نظرا لخصوصية القضايا الأسريـة، التي تتطلب عناية  أكبر من  أجل ضمان تنفيذها، و نظرا لحساسيتها.
       بعد أن تعرفنا على هيكلة قسم قضاء الأسرة، سننتقل إلى الفصل الثاني، مـن أجل التعرف على الاختصاصات الموكولة إلى هذا القسم.                      


الفصل الثاني: تجسيد أهداف قضاء الأسرة في الواقع.


       في هذا الفصل  سنتناول اختصاصات الموكولة للقضاء الأسري، و ذلك لأن معرفة هـذه الاختصاصات  هي التي ستمكننا مـن معرفـة مدى نجاح هذا  القضاء  فـي تحقيـق الأهداف المتحدث عنها فـي الفصل السابق، و هكذا سنتناول في المبحث الأول اختصاصات قضاء الحكم، و في المبحث الثاني اختصاصات النيابة العامة.
           المبحث الأول: اختصاصات قضاة الحكم.
         أشار القانون 73/03 المعدل للتنظيم القضائي لاختصاصات قسم قضاء الأسرة، و ذلك  كالتالي : «تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية، والميراث، والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين، والكفالة وكل ماله علاقة برعاية وحماية الأسرة».
            فهذا القانون تعرض للاختصاصات هذا القسم لكن بصفة عامة، ونحن سنقوم بتفصيل ذلك، وذلك من خلال معرفة اختصاصات، الهيئة الثلاثية، أي اختصاصات القضاء الجماعي (المطلب الأول) ثم معرفة اختصاصات القضاء الفردي (المطلب الثاني).
المطلب الأول : اختصاصات القضاء الجماعي
        يمكن القول بأن مدونة الأسرة أعطت اختصاصات واسعة للقضاء الجماعي أو ما يطلق عليه أيضا الهيئة الثلاثية وهذا الاختصاص شمل مواد عديدة من المدونة لعل أهمها :
         ـ فيما يخص الزواج : فالمحكمة مختصة بسماع دعوى الزوجية (المادة 16 من مدونة الأسرة)(22)، وإعطاء الإذن بالتعدد عند توافر شروطه تطبيقا للمادة 41 من مدونة الأسرة، ثم اختصاص القضاء الجماعي في اعفاء أو تعديل الشروط التي طرأت ظروف أو وقائع أصبح معهما التنفيذ العيني للشرط مرهقا (المادة 48).
           ثم اختصاص القضاء الجماعي بالتصريح ببطلان الزواج إذا تحققـت شروط ذلك (المادة
58) والحكم بوفاة المفقود أو إصدار قرار بإثبات كونه باقيا على قيد الحياة يبطل الحكم الصادر بإثبات حياة المفقود (75).
       ـ  فيما يخص الطلاق : تختص الهيئة الجماعية بالإذن بالإشهاد على الطلاق لدى عدليـن منتصبين (المادة 74) وانتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين (المادة 82). بالإضافة إلى تحديد مبلغ يودعه الزوج بكتابة ضبط المحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما في حالة فشل الإصلاح بين الزوجين تطبيقا للمادة 83 من مدونة الأسرة.(23)
        كما يختص القضاء الجماعي في الاذن بالاشهاد على الطلاق في حالة تمليك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق (المادة 89)
        ـ فيما يخص التطليق بطلب أحد الزوجية سبب الشقاق، فللهيئة الثلاثية الحكم بالتطليق في حالة تعذر الإصلاح بين الزوجين واستمرار الشقاق (المادة 97).
        ـ إلزام الهيئة الجماعية بالبت في دعاوي التطليق المؤسسة على أحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 98 باستثناء حالة الغيبة داخل أجل ستة أشهر.
        ـ فيما يخص عدة الحامل فمن اختصاص القضاء الجماعي تقرير استمرار العدة أو انتهائها بالاستعانة بذوي الاختصاص من الخبراء للتأكد من وجود الحمل وفترة نشوئه (المادة 134).
        ـ فيما يخص الحضانة : الاختصاص بتقدير تكاليف سكنى المحضون مستقلة عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما (المادة 168). ثم إعادة النظر في الحضانة إذا كان ذلك في مصلحة المحضون (المادة 170) وإقرار اسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية في حالة تعذر اسناد الحضانة للأم أو الأب أو لأم الأم.
        ـ وفيما يخص النفقة : اختصاص القضاء الجماعي في تقرير النفقة والبت فيها داخل شهر واحد (المادة 190) وتحديد وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة وتكاليف السكنى على أموال المحكوم عليه أو اقتطاع النفقة من منبع الريع والأجر الذي يتقاضاه (المادة 191).
    ـ فيما يخص  الحجر : إقرار الحجر أو رفعه اعتماد على خيرة طبية وعلى وسائل الإثبات  الشرعية (المادة 222).
        ـ فيما يخص النيابة الشرعية: تعين مقدم إلى جانب الوصي لمساعدته أو للإدارة المستقلة لبعض المصالح المالية للقاصر (المادة 234) واتخاذ كل الإجراءات الملائمة للمحافظة على أموال المحجور ومصالحه المادية والمعنوية (المادة 243) وتحديد أجرة الوصي أو المقدم عن أعباء النيابة الشرعية (المادة 264)، ثم إعفاء الوصي أو المقدم في حالة اخلاله بمهمته إما تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو ممن يعنيه الأمر (المادة 265).(24)
        ـ فيما يخص الميراث : تختص الهيئة الثلاثية عند الاقتضاء اتخاذ ما يجب من أداء نفقة تجهيز المتوفي بالمعروف والإجراءات المستعجلة للمحافظة على التركة، وتقرير وضع الأختام، وإيداع النقود والأوراق المالية والأشياء ذات القيمة (المادة 373)، وتعين مصفي التركة بعد اتفاق الورثة على اختياره أو إجبارهم على اختيار (المادة 375) ثم أخيرا الاطلاع على إحصاء التركة ومراقبة تصفيتها (المادة 386).
        تلك كانت أهم اختصاصات القضاء الجماعي ننتقل الآن إلى دراسة اختصاصات القضاء الفردي.
        المطلب الثاني: اختصاصات القضاء الفردي
        يشمل القضاء الفردي : القاضي المكلف بالزواج (الفقرة الأولى ) وقاضي التوثيق (الفقرة الثانية) وقاضي شؤون القاصرين (الفقرة الثالثة).
        الفقرة الأولى :اختصاصات القاضي المكلف بالزواج
        من أهم المستجدات التي أتت بها مدونة الأسرة هي إحداث مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج ويمكن إجمال الاختصاصات الموكولة إليه في كونه يعطي الإذن بإبرام عقد الزواج لشخص
الذي تمنعه ظروف خاصة من إبرام عقد زواجه بنفسه وفق الشروط المحددة في المادة 17 من مدونة الأسرة بتأشيره على الوكالة بعد تأكده من توفرها على الشروط المطلوبة على أنه يمنع عليه أن يتولى بنفسه تزويج من له الولاية عليه من نفسه ولا من أصوله ولا من فروعه تطبيقا للمادة 18 من مدونة الأسرة.
        كما له أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون 18 سنة مع تبيين المصلحة والأسباب المبررة لذلك تطبيقا للمادة 20 من مدونة الأسرة.
        ويبت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في حالة عدم موافقة النائب الشرعي للقاصر على طلب الإذن بالزواج وعند عدم حضوره إبرام العقد حسب ما جاءت به المادة 21 من مدونة الأسرة.
        وله أن يأذن بالزواج بالنسبة للشخص المصاب بإعاقة ذهنية ذكرا كان أو أنثى بعد تقديم تقرير حول حالة الإعاقة من طرف طبيب خبير أو أكثر تطبيقا للمادة 23 من مدونة الأسرة.
        وأخيرا، فعليه أن يؤشر قبل الإذن بالزواج على الوثائق المتطلبة من أجل إبرام العقد وإعطائه الإدن للعدلين بتوثيق عقد الزواج وهذا ماجاءت به المادة 65 من مدونة الأسرة. كانت تلك أهم اختصاصات القاضي المكلف بالزواج.
        الفقرة الثانية: اختصاصات قاضي التوثيق .
        بداية نشير إلى أن المشرع في المدونة الجديدة قلص من الاختصاصات الممنوحة لهذا القاضي، وأعطاها إما إلى الهيئة الثلاثية، وإما إلى القاضي المكلف بالزواج.(25)
        فمن الاختصاصات التي نزعت منه لصالح الهيئة الثلاثية [المحكمة]، نجد الإذن بالطلاق الذي يوقعه الزوج، والخلعي مع ما يستتبع ذلك من القيام بالصلح بين الزوجين والاستماع إلى الشهود، والقيام بباقي الإجراءات المنصوص عليها في المواد من  78 إلى 89 من مدونـة الأسرة، كانتدابها
حكمين أو مجلس العائلة، أو من تراه أهلا لإصلاح ذات البين، وتحديدها تكاليف سكن الزوجة، و الأطفال عند الاقتضاء ، و كذا تحديدها مستحقات الأطفال (26).
          و أيضا إذنها للزوجة بإيقاع طلاق نفسها آخذا بشرطها في حالة ما إذا كانت العصمة بيدها ( المادة 89 من مدونة الأسرة )، و من الاختصاصات التي انتزعت منه لصالح القاضي المكلف بالزواج نجد إذنه بزواج من لم يبلغ سن الزواج ( المادة 20 من مدونة الأسرة )، و بته في زواج القاصر في حالة امتناع النائب الشرعي من تزويجه ( المادة 21 من م أ )، إذنه بزواج المصاب بإعاقة ذهنية ( المادة 23 من م أ ).
       أما الاختصاصات التي بقيت له حسب المدونة الجديدة فهي كالتالي:
    - أولا: نصت المادة 67 من م أ التي تتعلق بما ينبغي أن يتضمنه عقد الزواج، علـى ضرورة
            وجود خطاب القاضي على رسم الزواج و طابعه، و بالتالي نستنتج أن قاضي التوثيق
            هو المكلف بالخطاب على عقد الزواج.
   - ثانيا: حسب المادة 87 من م أ يقوم قاضي التوثيق بالخطاب على وثيقة الطلاق بعد أن تأذن
            المحكمة بتوثيقه لدى العدلين ، ثم يقوم بعد ذلك بتوجيه نسخة من هذه الوثيقـة إلـى
            المحكمة التي أصدرت الإذن بالطلاق.
  - ثالثا: قاضي التوثيق هو الذي يقوم بالخطاب على وثيقة الرجعة بعد أن يقوم باستدعاء الزوجة
           لإخبارها برغبة الزوج في إرجاعها ( المادة 124 من م.أ ) .
  - رابعا: من اختصاصاته أيضا بالرغم من أن المشرع لم يبين ذلك صراحة، نجد إذنـه بتوثيـق  شهادة  شهود اتفق حضورهم النطق بوصية لفظية، بعد أن تؤدى الشهادة أمامه يوم التمكـن من أدائها و يخطر الورثة بذلك فورا ( المادة 296 من م.أ ).
        و يجد تقليص اختصاصات قاضي التوثيق تفسيره بالرجوع إلى ما ورد في الخطة الوطنية الإدماج المرأة في التنمية، حيث نجد المطالبة ب  " الاعتراف للنساء القاضيات بإمكانية ممارسة مهمة التوثيق في مادة الأحوال الشخصية "(27). 
          و قد كان رد اللجنة العلمية كالتالي: " إن المجتمع المغربي المسلم لا يقبل أن تجلس قاضية على كرسي التوثيق، و كرسي التوثيق منه يخرج خطيب العيدين، و خطيب الاستسقاء، و هو قاضي القاصرين، و هو ولي من لا ولي له" (28).
          و بالتالي فإن قيام المشرع بتقليص اختصاصات هذا القاضي – في نظرنا – يعتبر حلا ذكيا،
نظرا لنجاحه في التوفيق بين الاتجاهين،  غير أن ما يعاب على المشرع هو عدم تحديد اختصاصات هذا القاضي بدقة، و ذلك لأنه لم يضفي عليه تسميته، بل يمكن استنتاج كونه مختصا مـن عبارة
" خطاب ".
         الفقرة الثالثة: اختصاصات قاضي شؤون القاصرين.
        على العموم هي اختصاصات شبيهة إلى حد ما بالاختصاصات التي كانت لـه قبل صدور
مدونة الأسرة مع زيادة التدقيق.(29)
        فهو الذي يأمر بفتح النيابات القانونية وكذا مراقبتها، فالفصل 184 من ق.م.م المعدل بقانون 72/03 ينص على أنه : "يفتح بقسم قضاة الأسرة بالمحكمة الابتدائية ملف لكل نيابة قانونية ويقيد سجل خاص يمسك لهذه الغاية"
        كما أن المواد 240 و 241 و 243 و 250 من مدونة الأسرة تؤكد على فتح ملف
 للنيابة القانونية وفق شروط معينة من قبل القاضي المكلف بشؤون القاصرين، وبالتالي فهذا القاضي ملزم بالأمر بفتح ملف لكل نيابة، وذلك في حالة وفاة الأب أو في حالة وفاة أم طفل بدون نسب وكذا في حالة الحجر على الأبوين، أو على الحي منهما، وأيضا في حالة ما إذا أعلن اهمال الطفل وعليه وموازاة مع ذلك الإشراف على هاته النيابات القانونية، ومراقبتها ومن اختصاصاته أيضا نجد الإشراف على التركات بعد وفاء صاحبها إلى حين تصفيتها وتقسيمها، فحسب المادة 372 من م .الأسرة، فلقاضي شؤون القاصرين اتخاذ جميع التدابير المستعجلة والضرورية للمحافظة على التركة وحتى يتمكن قاضي شؤون القاصرين من أداء مهامه فقد خوله القانون صلاحية إصدار مجموعة من الأوامر بحيث له الصلاحية في الأمر بإجراءات تحفظية، مثلا الأمر بإقامة رسم عدة الورثة وذلك حسب المادة 267 (30)والأمر بإحصاء التركة حسب المادة 249(31) من م.أ، والأمر بوضع الأختام على التركة إذا كان هناك وارث قاصر حسب المادة 372(32). وله أيضا صلاحية الأمر بتثبيت الوصى، وتعيين المقدم المشرف، فحسب المادة 237 من مدونة الأسرة، فعلى القاضي إصدار أمره بثبيت الوصي بمجرد وفاة الأب، وعدم وجود الأم، وذلك بعد التأكد من توافر الوصي، المعين بوثيقة الايصاء على الشروط المنصوص عليها في المادة 246 من م. أ، واكتفاء الموانع المنصوص عليها في المادة 247 من نفس القانون وفي حالة عدم وجود الوصية، وعدم وجود الأم، فإن قاضي القاصرين يقوم بتعيين مقدم يسند له إدرة الشؤون المالية للقاصر وتطبيقا للمادة 244 من م.أ.
        وله سلطة الأمر بإجراء حجز تحفظي على الأموال الخاصة بالوصي أو المقدم أو وضعها تحت الحراسة القضائية، أو فرض غرامة تهديدية عليه إذا امتنع على الإدلاء بإيضاحات عن إدارة أموال المحجور أو تقديم حساب حولها، أو إيداع مابقي لديه من أموال المحجور وذلك بعد توجيه إنذار إليه يبقى دون مفعول داخل الأجل المحدد له، وله أيضا صلاحية الإذن للقاصر بإدارة أمواله وفق المادة 226 من مدونة الأسرة، وأخيرا للقاضي المكلف بالقاصرين صلاحية الأمر ببيع أموال القاصر، وذلك حسب المواد 271 و 272 و 273 و 274 و 275 من مدونة الأسرة.
        ونشير أخيرا إلى أن القرارات التي يصدرها القاضي المكلف بشؤون القاصرين طبقا للمواد 226 و 240 و 268 و 271 من مدونة الأسرة تكون قابلة للطعن.
          بعد أن انتهينا من استعراض الصلاحيات المسندة لقضاء الحكم، سننتقل إلى بحث الصلاحيات الموكولة إلى النيابة العامة في مجال قضاء الأسرة (المبحث الثاني). العامة في مجال قضاء الأسرة (المبحث الثاني).
        المبحث الثاني : اختصاصات النيابة العامة.
       من أجل توفير سبل النجاح والتطبيق السليم لمدونة الأسرة، أوكل المشرع للنيابة العامة اختصاصات مهمة، والملاحظ أن اختصاصات النيابة العامة المتعلقة بالقضايا الأسرية لا تجد مصدرها فقط في مدونة الأسرة بل خارجها أيضا، خصوصا إذا ما استحضرنا القانون 73/03 المعدل للتنظيم القضائي للمملكة والذي نص على أنه تنظر أقسام الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية، وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة، وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة". فانطلاقا من هذا القانون يتصح أن قضاء الأسرة لا يقتصر على مدونة الأسرة فقط، وإنما يمتد ليشمل كل المواضيع المرتبطة بالأسرة، وكذا القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام الحالة المدنية وكفالة الأشخاص من المهملين، وقانون الجنسية والميراث وشؤون القاصرين والتوثيق.
المطلب الأول : اختصاصات النيابة العامة     
             حسب مدونة الأسرة.
         لقد وردت اختصاصات النيابة العامة في 25 مادة، وذلك انطلاقا من المادة 3 من مدونة الأسرة التي تنص على ما يلي : «تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام المدونة».
        فحسب هذه المادة تعتبر النيابة العامة طرفا رئيسيا في جميع القضايا المتعلقة بأحكام مدونة الأسرة، وبالتالي فمن حقها أن تبدي طلباتها وأن تدلي بحججها في الدعوى، وكذا لها الحق في ممارسة الطعن في الأحكام والقرارات المدنية التي تصدر ضد طلباتها(33).
        وباستطلاع الأربع وعشرين فصلا الأخرى نجد أن دور النيابة العامة في جلها يرمي إما إلى حماية أحد الزوجين أو إلى حماية الأطفال، أو إلى حماية أموال القاصر.
             الفقرة الأولى : دور النيابة العامة في حماية الزوجين.
        حسب المادة 43 من مدونة الأسرة تتدخل النيابة العامة في مسطرة التعدد، عند غياب الزوجة المراد التزوج عليها، عن الجلسة، بحيث لا يمنح الإذن بالتعدد للزوج إلا إذا أفادت النيابة العامة تعذر الحصول على موطن أو محل إقامة يمكن استدعاؤها فيه، إلا أنه إذا كان سبب عدم توصلها بالاستدعاء ناتجا عن تقديم الزوج بسوء نية بعنوان غير صحيح أو تحريف  في اسم الزوجة فهنا تتدخل النيابة العامة لتحريك الدعوى العمومية ضد الزوج بناء على طلب الزوجة، وذلك
طبقا للفصل 361 من القانون الجنائي.(34)
        كما أن المادة 53 من م.أ. أتت لحل مشكل طرد أحد الزوجين للآخر من بيت الزوجية، وخصوصا طرد الزوجة الشيء الذي كان يعرضها للتشرد مدة طويلة قبل أن تحكم المحكمة بإرجاعها، إلى بيت الزوجية، وذلك بالنص صراحة على أنه إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر تتدخل النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالا مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته.
        كما تتدخل النيابة العامة أثناء مسطرة الصلح وذلك حسب المادة 81 التي تنص على أنه إذا توصلت الزوجة شخصيا بالاستدعاء ولم تحضر، ولم تقدم ملاحظاتها مكتوبة، أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إذا لم تحضر فسيتم البت في الملف، وطريقة الانذار بواسطة النيابة العامة تكون بجميع الوسائل المتاحة لها.
        كما نصت المادة 81 أيضا على أنه إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة، وإذا أثبت تحايل الزوج طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 361 من القانون.الجنائي بطلب من الزوجة.
        وبالإضافة إلى اعتبار النيابة العامة طرفا أصليا في دعاوي التطليق فإنها في حالة كون محل
غيبة الزوج مجهولا تقوم بإجراء أبحاث للتأكد من واقعة الغيبة وصحة ادعاء الزوجة عملا بمقتضيات المادة 103 من المدونة، كما أنها تساعد المحكمة في إجراءات التبليغ بالوسائل المتاحة
وتسهر على تنفيذ إجراءات القيم وذلك توخيا لسرعة في هذا النوع من القضايا.
        إضافة لهذا الدور أعطاها المشرع دورا آخر يتمثل في تنفيذ التدابير المؤقتة التي تراها المحكمة مناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال في انتظار صدور الحكم بالطلاق(35) .
        الفقرة الثانية : دور النيابة العامة في حماية الأطفال
        تتجلى هذه الحماية من خلال المادة 54 من م.أ، فهذه المادة بعد أن عددت واجبات الآباء نحو ابنائهم أشارت في الأخير إلى سهر النيابة العامة على مراقبة تنفيذ الأبوين لهذه الواجبات، بحيث مثلا تتدخل النيابة العامة من أجل التسجيل في الحالة المدنية، وتثبيت الهوية، النسب، النفقة، والسهر على سلامة الأطفال جسديا ونفسيا والوقاية من كل استغلال ويعتبر دورها هنا أصليا، بحيث لها رفع دعوى في هذه القضايا وتتبعها في جميع مراحلها، إلا أن هناك حقوقا عهد للنيابة العامة فيها بالسهر على تنفيذها كواجب إرضاع الأم للأولادها قد يبدو أن هذا الواجب تنعدم معه وسيلة التنفيذ.
        كما تظهر هذه الحماية من خلال قضايا الحضانة، فحسب المادة 165 من مدونة الأسرة، إذا لم يوجد من بين مستحقي الحضانة من يقبلها أو أنه وجد ولم تتوفر فيه الشروط، يمكن للنيابة العامة رفع الأمر إلى المحكمة لتقرر اختيار من تراه صالحا من أقارب المحضون أو غيرهم فإن لم يتأتى لها ذلك فتختار إحدى المؤسسات المؤهلة لذلك.
          كما أنها تخطر من طرف الحاضن بكل الأضرار التـي يمكن أن يتعـرض لها المحضـون
لكي تتدخل وتقوم بواجبها للحفاظ على حقوقه، وهذا التدخل يعطيها حق المطالبة باسقاط الحضانة.(المادة177 من مدونة الأسرة)
        وتعزيزا لدورها في حماية الطفولة وخاصة المحضون، فإن لها الحق أن تتقدم بطلب إلى المحكمة لتضمين في قرار إسناد الحضانة أو في قرار آخر لاحق منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي، وفي حالة الاستحالة لطلبها تتولى تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع.(36)
        الفقرة الثالثة : دور النيابة العامة في حماية أموال القاصر .
        قد تتدخل النيابة لحماية أموال القاصر تجاه نفسه، ويستنتج ذلك من المادة 226 من مدونة الأسرة، بحيث يمكنها تقديم طلب إلى قاضي القاصرين بقصد إلغاء قرار الإذن للقاصر بتسليم جزء من أمواله لإدارتها قصد الاختبار، وذلك كلما لاحظت النيابة العامة أن هناك سوء في التدبير من قبله.
        كما يمكنها حسب المادة 251 من مدونة الأسرة تقديم ملاحظاتها إلى قاضي القاصرين حول تقدير النفقة اللازمة للمحجور، واختيار السبل التي تحقق حسن تكوينه وتوجيهه التربوي وإدارة أمواله.
        كما تتدخل النيابة العامة لحماية أموال القاصرين تجاه الورثة، وذلك من خلال المادة 252 مدونة الأسرة، حيث أنه بموجب هذه المادة يحب اخبار النيابة العامة قبل قيام العدلان بالإحصاء النهائي والكامل للأموال والحقوق والالتزامات، وهذا فيه دلالة على أن المشرع يريد من النيابة العامة أن تكون حاضرة أثناء الإحصاء وممثلة لهذا القاصر تجاه الورثة.
        كما أن النيابة العامة ملزمة في حالة وجود ورثة قاصرين للمتوفي أو في حالة وفاة الوصي أو المقدم وفي ظرف ثمانية أيام من علمها بالوفاة بإخبار قاضي القاصرين بواقعة الوفاة.(37) وطبعا هذا الإجراء يستهدف منه المشرع حماية الأموال الارثية للقاصر تجاه أي وارث قد يتلاعب قبل تدخل قاضي القاصرين.
        وتتدخل النيابة العامة أيضا لحماية أموال القاصر تجاه المقدم أو الوصي، وهنا نجد المادة
245 من مدونة الأسرة تلزم المحكمة في كل مرة تعين فيها مقدما على القاصر إحالة الملف إلى النيابة العامة لتبدي رأيها في ظرف 15 يوما من إحالة الملف عليها حول المقدم، وحسب المادة 270 من نفس القانون يمكن للنيابة العامة أن تطلب من المحكمة عزل الوصي أو المقدم في حالة إخلاله بمهمته أو حالة عجزه عن القيام بها أو حدث له مانع، وهذا كله رغبة في حماية أموال القاصر من أي مس أو تلاعب أو حيازة شخصية.
        كما تختص النيابة العامة أيضا في تلقي نسخة من عقد الزواج المبرم في الخارج من قبل المغاربة إذا لم يكن للزوجين أو لأحدها محل ولادة بالمغرب وقد حددت النيابة العامة المعنية في شخص وكيل الملك بالحكمة الابتدائية بالرباط.(38)
        كما أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط هو المختص أيضا بتلقي عقود الزواج المبرمة داخل المغرب، إذا لم يكن للزوجين او لإحدهما محل ولادة بالمغرب.(39)
        وتنص المادة 75 من المدونة على أنه إذا ظهر أن المفقود المحكوم بوفاته مازال حيا يتعين على النيابة العامة أو من يعنيه الأمر أن يطلب من المحكمة إصدار لقرار باثباث كونه باقيا على قيد الحياة.
          أما المادة 76 من المدونة فإنها نصت على أنه في حالة ثبوث التاريخ الحقيقي للوفاة غير الذي صدر الحكم به يتعين على النيابة العامة وكل ما يعنيه الأمر طلب إصدار الحكم بإثبات ذلك، وبطلان الآثار المترتبة على التاريخ غير الصحيح للوفاة ما عدا زواج المرأة.
        كانت هذه اختصاصات النيابة العامة التي لها علاقة بقضاء الأسرة انطلاقا من مدونة الأسرة، وسننتقل الآن إلى الاختصاصات الموكولة لها عبر قوانين أخرى.
  المطلب الثاني:اختصاصات النيابة العامة حسب
                قوانين أخرى.
        سنرى اختصاصاتها حسب قانون كفالة الأطفال المهملين (الفقرة الأولى)، وحسب قانون الحالة المدنية (الفقرة الثانية)، ثم حسب قانون الجنسية  (الفقرة الثالثة) .
        الفقرة الأولى : حسب قانون كفالة الأطفال المهملين رقم 01/15.
        فأول تدخل للنيابة العامة نصت عليه المادة الرابعة من هذا القانون، بحيث أن وكيل الملك هو الذي يقوم بإيداع الطفل مؤقتا بإحدى المؤسسات أو المراكز المختصة بالطفولة، وذلك إما تلقائيا أو بناء على إشعار من طرف الغير، أو السلطة المحلية أو الضابطة القضائية، تم يقوم بعد ذلك بإجراء بحث حول الطفل فإذا ثبت أنه فعلا مهمل فإنه يقدم على الفور طلب التصريح بأنه مهمل إلى المحكمة، معززا بعناصر البحث الذي أجراه من أجل إثبات كونه مهملا، ويقوم عند الاقتضاء بكل الإجراءات الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية، وإذا تبين للمحكمة  أن الطفل مجهول الأبوين فإنها تصدر حكما تمهيديا، وتأمر وكيل الملك بالقيام بما يلزم لتعليق الحكم في اماكن يرتادها العموم، وبعد مرور ثلاثة أشهر ولم يظهر ابوي الطفل توجه نسخة من هذا الحكم إما بطلب من النيابة العامة أو من الشخص الذي يطلب كفالة الطفل إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين لدى المحكمة المختصة.
        الفقرة الثانية : حسب قانون الحالة المدنية رقم 37-99(40)
        فحسب المادة 78 من هذا القانون فلها صلاحية مراقبة أعمال ضباط الحالة المدنية داخل وخارج المملكة، كما لها صلاحية مراقبة سجلات الحالة المدنية الممسوكة على صعيد مكاتب الحالة المدنية داخل وخارج المملكة (المواد 12 و 13 و 15 من ظهير الحالة المدنية).
        وإذا تعلق الأمر بمولود من أبوين مجهولين، أو بمولود وقع التخلي عنه، يصرح بولادته وكيل الملك بصفة تلقائية، أو بناء على طلب من السلطة المحلية، أو من كل من يعنيه الأمر.(41)
كما يحيل ضابط الحالة المدنية بيان الزواج أو انحلاله المدرج بطرة رسم ولادة الزوجين على وكيل الملك ليضمنه في نظير السجل المحفوظ بالمحكمة كما يحيل عليه لنفس الغاية الإعلام بوفاة أحد الزوجين.(42)
        إذا لم يقع التصريح بالولادة أو الوفاة، داخل الآجال القانونية، يمكن للنيابة العامة أن تتقدم بطلب إلى المحكمة لاستصدار حكم تصريحي بالولادة أو الوفاة [المادة 30 من الظهير].
الفقرة الثالثة: حسب قانون الجنسية:
        أحكام الجنسية تخضع لظهير 06 شتنبر 1958.
        طبقا لأحكام الفصل 28 من قانون الجنسية فإنه يجوز للنيابة العامة أن تطعن لدى المحكمة الابتدائية في تصريح سبق أن وقعت الموافقة عليه بصورة صريحة او ضمنية، وفي حالة الطعن من قبل الغير الذي يهمه الأمر فإنه يجب تدخل النيابة العامة في الأمر.
        وينص الفصل 39 من نفس القانون على أنه يجوز لكل شخص أن يقيم دعوى تكون الغاية الرئيسية والمباشرة منها الحكم بأنه متمتع بالجنسية المغربية أو غير متمتع بها، ويقيم الدعوى على وكيل الملك الذي له وحده صفة المدعى عليه للتدخل فيها، ولوكيل الملك وحده الحق في إقامة دعوى ضد أي شخص تكون الغاية الرئيسية منها إثبات تمتع المدعى عليه بالجنسية المغربية أو عدم تمتعه بها كما أنه ملزم بإقامة الدعوى فيما إذا طلبت منه ذلك إحدى الإدارات العمومية.
        والملاحظ أن اختصاصات النيابة العامة متشعبة ومتنوعة، وشاملة لكل القضايا المتعلقة بقضايا الأسرة، لذا فإننا نستغرب من وجود ممثل وحيد للنيابة العامة داخل قسم قضاء الأسرة.(43)
 خاتمة
بعدما تعرفنا على أهداف واختصاصات وتنظيم قضاء الأسرة، سنقوم بإبداء بعض الملاحظات :
         - إن الحديث على تجميع شتات القضاء الأسري لا يمكن أن يتم بدون وجود نص قانوني يمنع أقسام قضاء الأسرة من النظر في قضية عرضت على قسم آخر.
         - كما أن فعالية هذا القضاء تتطلب وجود قاضي للتنفيذ خاص به، كما أن تنفيذ الأحكام المنعلقة بالنفقة يتطلب تفعيل صندوق التكافل العائلي، فكما هم معروف فأغلب الأحكام القضائية الملزمة بالنفقة كانت لا تجد طريقها إلا التنفيذ إما بسبب إعسار المحكوم عليه، أو تعذر العثور عليه.
         غير أن تفعيل هذا الصندوق ينبغي أن ينبني على أسس قوية حتى لايلقى مصير نظيره في تونس(44).
         - ومن أجل ضمان نجاح مسطرة الصلح لابد من توفير الإمكانيات المادية والبشرية، بحيث أن التكوين القانوني للقضاة لا يكفي وحده للإصلاح بين الزوجين، بل ينبغي تكوينهم تكوينا اجتماعيا ونفسيا كذلك، ويكون من الأفضل تعيين القضاة الجدد في النيابة العامة قبل إلحاقهم بقضاء الحكم، وذلك حتى يكتسبوا تجربة من خلال الاحتكاك المباشر بالمشاكل الأسرية.
       - و ما ينبغي الإشارة إليه أيضا هو أن هدف القضاء يجب أن لا ينحصر في الحرص على نجاح المدونة داخل المغرب فقط، بل يجب أن يعمل على ضمان نجاحها خارج المغرب أيضا، فإذا عرض عليه نزاع مختلط ، فينبغي عليه أن يراعي الاختلاف بين القانون الوطني و القانون الأجنبي، و إذا وجد فيه تعارضا كبيرا فيمكنه اللجوء إلى سلاح النظام العام.(45)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- لمعرفة المزيد عن هذا الصراع أنظر: أطروحة أستاذنا الدكتور خالد برجاوي «إشكالية الأصالة والمعاصرة في تقنين الأحوال الشخصية بالمغرب» أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، تحت إشراف أستاذنا الدكتور عبد الرزاق مولاي رشيد، كلية الحقوق السويسي، الرباط، 2000 ،ص من12إلى82.
(2)- عبد الرحمان الخالدي: «إصلاحات استوعبت الاجتهادات المطروحة في إطار المرجعية الإسلامية»،جريدة التجديد ع 14، فبراير 2004 ، ص 10.
    و مع ذلك  فإن هناك قواعد ما تزال محل نظر، للمزيد حول هذا الموضوع أنظر:
    - خالد برجاوي: " مدى استجابة مدونة الأسرة الجديدة لمطالب المجتمع المدني و السياسي المغربي"، الكتاب الرابع من سلسلة دليل قانون الأسرة بالمغرب، 2004، ص من 30إلى 34، منشورات دار القلم ، الرباط.
(3)- أستاذنا خالد برجاوي: " قانون الطلاق بين مدونة الأحوال الشخصية و الجدل حول التغير"، الكتاب الثالث من سلسلة دليل قانون الأسرة بالمغرب، ط 1، 2000،  ص7، منشورات دار القلم لطباعة والنشر و التوزيع، الرباط.
(4)- أستاذنا رشيد مشقاقة: عرض بعنوان :" قضاء الأسرة في التشريع المغربي"، عرض تقدم به في إطار دبلوم الماجستير حول المهن القضائية و القانونية، تحت إشراف الأستاذ خالد برجاوي، سنة 2003-2004، ص6، غير منشور.
(5)- عبير صلاح الدين: مقال بعنوان" انطلاقة محكمة الأسرة المصرية في 2004 "، جريدة الاتحاد الاشتراكي، ع 7459، الأربعاء 14 يناير2004، ص7.
(6)- نشير إلى أن مسطرة الشقاق هي من مستجدات هذه المدونة، و حسب الدليل العملي الذي أمر صاحب الجلالة. بإعداده، ينبغي على المحكمة أن تحكم بالتطليق متى ثبت لها تعذر الإصلاح.
( 7 )-أنظر: أستاذنا رشيد مشقاقة: "  قضاء الأسرة في التشريع المغربي"، مرجع سابق.
( 8 )-  في نفس الموضوع أنظر:  أستاذنا رشيد مشقاقة: " قضاء الأسرة في التشريع المغربي"، نفس المرجع السابق،ص20.
( 9 )  -   و يعتبر هذا المقتضى خطوة جريئة من قبل المشرع ، تبرز العناية التي أصبح يوليها المغرب للطفل،     و للمزيد حول هذا الموضوع، أنظر خالد برجاوي :   " مدى استجابة مدونة الأسرة الجديدة لمطالب المجتمع المدني و السياسي المغربي"، مرجع سابق، ص21.
(10)-رجاء مكاوي ناجي: " قضايا الأسرة بين عدالة التشريع و فكر التأويل و قصور المساطر و بيان التطبيق"،ط1، 2002، دار السلام للطباعة و النشر، ص122.
( 11) –  أنظر رشيد مشقاقة: " قضاء الأسرة في التشريع المغربي"، م س ، ص 13.
 (12) – نشير إلى أن الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، تمت فيها المطالبة بإسناد مهمة قضاء التوثيق للنساء أيضا، لكن المجلس العلمي بوزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية ردت على ذلك بالطابع الديني للاختصاصات هذا القاضي، للمزيد حول هذا الموضوع،أنظر خالد برجاوي: "قانون الطلاق بين مدونة الأحوال الشخصية و الجدل حول التغيير"، م س ، ص7 و 11.
(13) – أنظر : الطلبة ميداوي أنس، قدوري نبيلة: " قضايا الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية بالرماني بين اختصاص قاض التوثيق و الغرفة الشرعية"، بحث لنيل الإجازة في القانون الخاص، تحت إشراف الأستاذ خالد برجاوي، 1998/1999، كلية الحقوق – السويسي ،الرباط، ص5.
 (14) – أنظر محمد بكاسي و محمد أفزاز: مقالة بعنوان" مستجدات المسطرة المدنية و التنظيم القضائي المصاحبة لمدونة الأسرة"، جريدة التجديد، ع 14، فبراير 2004، ص 13.
 (15) – بالنسبة لتصميم هذه الهيكلة، أنظر الملحق.
(16) – أنظر بهذا الخصوص، رشيد مشقاقة:" قضاء الأسرة في التشريع المغربي"، م س ، ص17.
(17) – عبير صلاح الدين: " انطلاق محكمة الأسرة المصرية في 2004 "،الاتحاد الاشتراكي، ع 7459، 14 يناير 2004، ص 7.
(18) – المدونة الجديدة الأسرة، سلسلة النصوص التشريعية و التنظيمية، ع 34، 2004، ص165، منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال و المقاولات.
 (19) – رشيد مشقاقة: " الرجع المذكور سابقا"، ص9.
(20) – عبير صلاح الدين : " المرجع السابق"، ص7.
(21) – أحمد الخمليشي: " التعليق على قانون الأحوال الشخصية"، ج 2، ط1، 1994، ص 357، نشر دار المعرفة، الرباط.
(22) – و يظهر من هذا المقتضى ، أن المشرع كان مرنا بصدد توثيق عقد الزواج و ذلك رغبة منه في حماية حقوق الأطراف ، وبالأخص حماية حقوق الأطفال، غير أن رغبة المغرب في ملاءمة تشريعه مع الاتفاقيات الدولية الداعية إلى الحرص على توثيق عقود الزواج، جعلته يقيد هذه المرونة في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات.
 للمزيد حول هذا الموضوع، أنظر كتاب خالد برجاوي:" مدى استجابة مدونة الأسرة الجديدة لمطالب المجتمع المدني و السياسي المغربـي"،م س،ص23.
(23) – نشير إلى أن مسألة إعطاء الطلاق للقضاء و نزعها من الزوج ، ثار بصددها جدل و اختلاف ، بين من يريد نزعها من الرجل و إسنادها
للقضاء ، وبين من ينادي بإبقائها له، للمزيد حول هذا الموضوع أنظر المرجع التالي:
 محمد الشافعي:" أحكام الأسرة في مدونة الأحوال الشخصية"، ط 3، 1998، مطبعة دار وليلي للطباعة و النشر، مراكش،ص من 247إلى 249.
(24) – نشير إلى أن مسألة النيابة الشرعية ، بقية بالرغم من المدونة الجديدة محل انتقاد ، بسبب كونها ما تزال تبرز ألا مساواة بين المرأة و الرجل، للمزيد حول هذا الموضوع أنظر المرجع التالي:
   خالد برجاوي: " مدى استجابة المدونة الجديدة لمطالب المجتمع المدني و السياسي المغربي"، م س، ص33.
(25) – سنوضح في ما سيأتي، السبب الذي دفع المشرع المغربي إلى هذا التقليص.
(26) – العلمي الحراق: مقال بعنوان" مؤسسة قاضي التوثيق و آفاقها المستقبلية على ضوء مدونة الأسرة"، جريدة التجديد ، ع 14، فبراير2004،ص27.
(27) –  أنظر أهم ما جاء في هذه الخطة :خالد برجاوي:" قانون الطلاق بالمغرب بين مدونة الأحوال الشخصية و الجدل حول التغيير"، م س، ص7.
(28) – أنظر ردود اللجنة العلمية في المرجع التالي: خالد برجاوي:" نفس المرجع المذكور أعلاه"، ص11.
(29) – عبد العزيز توفيق:" شرح قانون المسطرة المدنية"، مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،ج1،1998 ،ط2،ص369.
(30) – يقابلها الفصل 153و185 من ق.م.م، و قد تم إلغاء هذه الفصول بمقتضى قانون73/03.
(31) – المقابلة للفصل 186 من ق.م.م، (تم إلغاءه أيضا بمقتضى نفس القانون)، و كذا الفصل 157 من م.أ.ش المنسوخة.
(32) – المقابلة للفصل 223 من ق.م.م والذي ما يزال ساري المفعول، و المادة 271 من م.أ.ش المنسوخة.
(33)- الأستاذ عبد العزيز توفيق : " شرح قانون المسطرة المدنية، والتنظيم القضائي" ، الجزء I ،طII ،1998، ص 94، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،
أستاذنا الدكتور إدريس العلوي العبدلاوي :" الوسيط في شرح المسطرة المدنية" ـ الجزء I ،مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، ط I، 1998، ص 468.
(34)- تنص المادة 361 من ق.ج : «من توصل بغير حق إلى تسلم إحدى الوثائق المشار إليها في الفصل 360 منح ترخيص  أو حاول ذلك إما عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاثة سنوات  
و غرامة من 120 درهم إلى 300 درهم».
(35)- بصدد هذا الموضوع أنظر :
عرض من إعداد الطالبتين، بشرى العلوي و ثريا المراكشي:" التطليق للضرر"، ص23، تحت إشراف خالد برجاوي، تقدمتا به في إطار دبلوم الماجستير في المهن القضائية و القانونية،سنة 2003-2004.
(36) – للمزيد حول دور النيابة العامة في قضاء الأسرة ، أنظر عرض الماجستير من إعداد:
عبد الهادي العطري:" القانون الجنائي و قضاء الأسرة"، ص28، سنة 2003-2004، غير منشور.
(37)- المادة266من مدونة الأسرة.
(38)- المادة 15 من مدونة الأسرة.
(39)- المادة 68 من مدونة الأسرة.
(40)- ظهير شريف رقم 1.02.239 صادر في 25 رجب 1423 الموافق 03 أكتوبر 2002، بتنفيذ القانون رقم 37.99 منشور بالجريدة الرسمية، عدد : 5054 بتاريخ 02 رمضان 1423 موافق 7 نونبر 2002، ص : 3150.
(41) –المادة 16 من الظهير- أعلاه-.
(42) – المادة 22من – نفس الظهير-.
(43) – نفس الشيء أكده لنا مجموعة من الممارسين: الأستاذ التهامي القائدي( محامي بهيئة الرباط)، و الأستاذ محمد الحجوجي ( محامي بهيئة القنيطرة)، .
(44)- الدكتور أحمد الخمليشي:" تصريح أدلى به إلى جريدة التجديد، جريدة التجديد"، عدد : 14، فبراير 2004، ص : 23.
(45) – أنظر بهذا الصدد:
Moulay  RCHID (Abderrazak) : «la magistrature marocaine et l’évolution de la moudawana prologues  » ; revue maghrébine du livre ; n°9 ;1997 ;p39-48 ; casablanca.
لائحة المراجع
أولا: الكتب.
- بالعربية.
       - الكتب العامة:
- إدريس العلوي العبدلاوي:" الـوسيـط فـي شـرح المسطــرة المـدنيــة"، ج1، ط1، 1998، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
- عـبــد العـزيــز تـوفـيـــق:" شرح قانون المسطرة المدنية و التنظيم القضائـــي"، ج1،ط2، 1998، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
      - الكتب المتخصصة:
-أحــمــــد الـخـمـلـيـشــــــي: " التعليق على قانون الأحـوال الشخصيـة"، ج2، ط1، 1994،مطبعة دار المعرفة، الرباط.
- خـالـــــد بــــرجــــــــاوي: ٭" مدى استجابة مدونة الأسرة الجديدة لمطالب المجتمع المدني  و السياسي المغربي"، الكتاب الرابع من سلسلة دليل قانون الأسرة بالمغرب، 2004، منشورات دار القلم، الرباط.
                                  ٭" قانون الطلاق بين مدونة الأحوال الشخصية و جدل التغيير"،الكتـاب الثالـث مـن سلسـلـة دليـل قانــون الأسـرة بالمغــرب، ط1،  2000، منشورات دار القلم، الرباط.
- رجـاء مكــاوي ناجـــي: " قضايـا الأســرة بيـن عدالـة التشـريـع و فكـر التأويـل و قصـور المساطــر و بيان التطبيـق"، ط1، 2002، دار الســلام للطباعــة  و النشر، الرباط.
- محمـد الشافـعــي: " أحكام الأسرة في مدونة الأحوال الشخصية"، ط3، 1998، مطبعة دار وليلي للطباعة و النشر، مراكش.
ثانيا:الأطروحات.
- بالعربية.
- خالـد بـرجــاوي:" إشكالية الأصالة و المعاصرة في تقنيـن الأحوال الشخصيـة، وضعية المرأة نموذجا"، أطروحة لنيل دكتـوراه الدولـة،كليـة الحقوق السويسي، الرباط،2000.
ثالثا: العروض و البحوث.
- ميداوي أنس و قدوري نبيلة:" قضايا الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية بالرمانـي بين اختصاص قاضي التوثيق و الغرفة الشرعية"، بحث لنيل الإجازة في القانون الخاص، تحت إشـراف خالـد برجاوي، كلية الحقوق-السويسي، الرباط، 1998/1999.
- بشرى العلوي و ثريا المراكشي:" التطليق للضرر"، عرض تقدمتا به في إطار دبلوالماجستير، تحت إشراف ذ: خالد براوي، سنة2003/2004،غير منشور.
- رشـيــد مـشـقـاقـــة:" قضاء الأسرة في التشريع المغربي"،عرض ماجستير،تحت إشراف ذ:خالـد برجاوي،2003-2004 غيـر منشور.
- عبـد الهـادي العـطــري:" القانون الجنائي و قضاء الأسرة"، عرض ماجستير،تحت إشــراف ذ: خالــد بـرجاوي،2003-2004، غير منشور.
رابعا: المقالات.
   - بالعربية:
- العلمــي الحــراق: " مؤسسة قاضي التوثيق و آفاقها المستقبلية على ضوء مدونة الأسرة"، جريدة التجديد، العدد14، فبراير 2004،ص27.
- عبد الرحمان الخالدي:" إصلاحات استوعبت الاجتهادات المطروحة في إطار المرجعية الإسلامية"، جريدة التجديد، ع 14، فبراير2004، ص10.
- عبيـر صلاح الديـن:" انطلاق محكمة الأسرة المصرية في 2004"، جريدة الاتحاد الاشتراكي، ع 7659، الأربعاء 14 يناير2004.
-محمد بنكاسي/محمد أفزاز:" مستجدات المسطرة المدنية و التنظيم القضائي المصاحب  لمدونة الأسرة"، جريدة التجديد، ع14ن فبراير2004، ص13.
- الفرنسية:
-Moulay  RCHID (Abderrazak) : «la magistrature marocaine et l’évolution de la moudawana prologues  » ; revue maghrébine du livre ; n°9 ; 1997 ; casablanca.     
خامسا: التصريحات.
- أحمد الخمليشي:" تصريح أدلى به إلى جريدة التجديد، جريدة التجديد"، عدد : 14،فبراير 2004، ص : 23.
- التهامي القائدي:" تصريح أدلى به لنا شفويا"، باعتباره ممارس- محامي بهيئة الرباط-.
- محمد الحجوجي:" تصريح شفوي أدلى به لنا"،باعتباره ممارس- محامي بهيئة القنيطرة-.


                                                                                                                                 عن مدونة : http://messaoui.arabblogs.com