الثلاثاء، 1 يناير 2013

ديباجة مدونة الأسرة




 ديباجة :
الظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424(3 فبراير 2004) 
بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة


لقد جعل مولانا أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، النهوض بحقوق الإنسان في صلب المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، الذي يقوده جلالته، حفظه الله. ومن ذلك إنصاف المرأة، وحماية حقوق الطفل، وصيانة كرامة الرجل، في تشبث بمقاصد الإسلام السمحة، في العدل والمساواة والتضامن، واجتهاد وانفتاح على روح العصر ومتطلبات التطور والتقدم.
وإذا كان المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، قد سهر، غداة استرجاع المغرب لسيادته، على وضع مدونة للأحوال الشخصية، شكلت في إبانها لبنة أولية في بناء صرح دولة القانون، و توحيد الأحكام في هذا المجال، فإن عمل صاحب الجلالة الملك المغفور له الحسن الثاني، نور الله ضريحه، قد تميز بالتكريس الدستوري للمساواة أمام القانون، موليا، قدس الله روحه، قضايا الأسرة، عناية فائقة، تجلت بوضوح في كافة ميادين الحياة السياسية والمؤسسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكان من نتائجها أن تبوأت المرأة المغربية مكانة أرقى، أتاحت لها المشاركة الفاعلة في شتى مناحي الحياة العامة.
وفي نفس السياق، وسيرا على النهج القويم لجده ووالده المنعمين، فإن جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، تجسيدا لالتزامه المولوي بديمقراطية القرب والمشاركة، وتجاوبا مع التطلعات المشروعة للشعب المغربي، وتأكيدا للإرادة المشتركة التي تجمع كافة مكونات الأمة بقائدها، على درب الإصلاح الشامل والتقدم الحثيث، وتقوية الإشعاع الحضاري للمملكة، قد أبى حفظه الله، إلا أن يجعل من الأسرة المغربية، القائمة على المسؤولية المشتركة، والمودة والمساواة والعدل، والمعاشرة بالمعروف، والتنشئة السليمة للأطفال لبنة جوهرية في دمقرطة المجتمع باعتبار الأسرة نواته الأساسية.
وقد سلك جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، منذ تقلده الأمانة العظمى لإمارة المؤمنين، مسلك الحكمة وبعد النظر، في تحقيق هذا الهدف الأسمى، فكلف لجنة ملكية استشارية من أفاضل العلماء والخبراء، من الرجال والنساء، متعددة المشارب ومتنوعة التخصصات، بإجراء مراجعة جوهرية لمدونة الأحوال الشخصية، كما حرص جلالته، أعزه الله على تزويد هذه اللجنة باستمرار، بإرشاداته النيرة، وتوجيهاته السامية، بغية إعداد مشروع مدونة جديدة للأسرة، مشددا على الالتزام بأحكام الشرع، ومقاصد الإسلام السمحة، وداعيا إلى إعمال الاجتهاد في استنباط الأحكام، مع الاستهداء بما تقتضيه روح العصر والتطور، والتزام المملكة بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا.
وقد كان من نتائج هذا الحرص الملكي السامي، الإنجاز التاريخي لهذه المدونة الرائدة، في مقتضياتها وصياغتها بأسلوب قانوني فقهي حديث، متطابقة مع أحكام الإسلام السمحة ومقاصده المثلى، واضعة حلولا متوازنة ومنصفة وعملية، تنم عن الاجتهاد المستنير المتفتح، وتنص على تكريس حقوق الإنسان والمواطنة للمغاربة نساء ورجالا على حد سواء، في احترام للمرجعيات الدينية السماوية.
وإن البرلمان بمجلسيه، إذ يعتز بروح الحكمة والتبصر والمسؤولية والواقعية، التي حرص جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على أن تسود مسار إعداد هذه المعلمة الحقوقية والمجتمعية، ليقدر بافتخار التحول التاريخي المتميز المتمثل في مدونة الأسرة، معتبرا إياها نصا قانونيا مؤسسا للمجتمع الديمقراطي الحداثي.
وإن ممثلي الأمة بالبرلمان ليثمنون عاليا المبادرة الديمقراطية لجلالة الملك، بإحالة مشروع مدونة الأسرة على مجلسيه للنظر فيه، إيمانا من جلالته، باعتباره أميرا للمؤمنين، والممثل الأسمى للأمة، بالدور الحيوي الذي يضطلع به البرلمان في البناء الديمقراطي لدولة المؤسسات.
كما أن البرلمان يقدر بامتنان الحرص المولوي السامي على إيجاد قضاء أسري متخصص، منصف ومؤهل عصري وفعال؛ مؤكدا تعبئة كل مكوناته خلف مولانا أمير المؤمنين، من أجل توفير كل الوسائل والنصوص الكفيلة بإيجاد منظومة تشريعية متكاملة ومنسجمة، خدمة لتماسك الأسرة وتآزر المجتمع.
لهذه الاعتبارات، فإن البرلمان، إذ يعتز بما جاء من درر غالية وتوجيهات نيرة في الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية السابعة، ليعتمدها بمثابة أفضل ديباجة لمدونة الأسرة، ولاسيما ما جاء في النطق الملكي السامي، وهو قوله أيده الله:
"لقد توخينا، في توجيهاتنا السامية لهذه اللجنة، وفي إبداء نظرنا في مشروع مدونة الأسرة، اعتماد الإصلاحات الجوهرية التالية:
أولا: تبني صياغة حديثة بدل المفاهيم التي تمس بكرامة وإنسانية المرأة. وجعل مسؤولية الأسرة تحت رعاية الزوجين. وذلك باعتبار « النساء شقائق للرجال في الأحكام »، مصداقا لقول جدي المصطفى عليه السلام، وكما يروى: « لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم ».
ثانيا: جعل الولاية حقا للمرأة الرشيدة، تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها، اعتمادا على أحد تفاسير الآية الكريمة، القاضية بعدم إجبار المرأة على الزواج بغير من ارتضته بالمعروف: « ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف». وللمرأة بمحض إرادتها أن تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.
ثالثا: مساواة المرأة بالرجل بالنسبة لسن الزواج، بتوحيده في ثمان عشرة سنة، عملا ببعض أحكام المذهب المالكي، مع تخويل القاضي إمكانية تخفيضه في الحالات المبررة، وكذلك مساواة البنت والولد المحضونين في بلوغ سن الخامسة عشرة لاختيار الحاضن.
رابعا: فيما يخص التعدد، فقد راعينا في شأنه الالتزام بمقاصد الإسلام السمحة في الحرص على العدل، الذي جعل الحق سبحانه يقيد إمكان التعدد بتوفيره، في قوله تعالى «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة »، وحيث إنه تعالى نفى هذا العدل بقوله: « ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم»، فقد جعله شبه ممتنع شرعا، كما تشبعنا بحكمة الإسلام المتميزة، بالترخيص بزواج الرجل بامرأة ثانية، بصفة شرعية لضرورات قاهرة وضوابط صارمة، وبإذن من القاضي، بدل اللجوء للتعدد الفعلي غير الشرعي، في حالة منع التعدد بصفة قطعية.
ومن هذا المنطلق فإن التعدد لا يجوز إلا وفق الحالات والشروط الشرعية التالية:
لا يأذن القاضي بالتعدد إلا إذا تأكد من إمكانية الزوج في توفير العدل على قدم المساواة مع الزوجة الأولى وأبنائها في جميع جوانب الحياة، وإذا ثبت لديه المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد؛
للمرأة أن تشترط في العقد على زوجها عدم التزوج عليها باعتبار ذلك حقا لها، عملا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: « مقاطع الحقوق عند الشروط ». وإذا لم يكن هنالك شرط، وجب استدعاء المرأة الأولى لأخذ موافقتها، وإخبار ورضى الزوجة الثانية بأن الزوج متزوج بغيرها. وهذا مع إعطاء الحق للمرأة المتزوج عليها، في طلب التطليق للضرر.
خامسا: تجسيد إرادتنا الملكية، في العناية بأحوال رعايانا الأعزاء، المقيمين بالخارج، لرفع أشكال المعاناة عنهم، عند إبرام عقد زواجهم. وذلك بتبسيط مسطرته، من خلال الاكتفاء بتسجيل العقد، بحضور شاهدين مسلمين، بشكل مقبول لدى موطن الإقامة، وتوثيق الزواج بالمصالح القنصلية أو القضائية المغربية، عملا بحديث أشرف المرسلين « يسروا ولا تعسروا ».
سادسا: جعل الطلاق حلا لميثاق الزوجية يمارس من قبل الزوج والزوجة، كل حسب شروطه الشرعية، وبمراقبة القضاء، وذلك بتقييد الممارسة التعسفية للرجل في الطلاق، بضوابط محددة تطبيقا لقوله عليه السلام: « إن أبغض الحلال عند الله الطلاق »، وبتعزيز آليات التوفيق والوساطة، بتدخل الأسرة والقاضي. وإذا كان الطلاق، بيد الزوج، فإنه يكون بيد الزوجة بالتمليك. وفي جميع الحالات، يراعى حق المرأة المطلقة في الحصول على كافة حقوقها قبل الإذن بالطلاق. وقد تم إقرار مسطرة جديدة للطلاق، تستوجب الإذن المسبق من طرف المحكمة، وعدم تسجيله إلا بعد دفع المبالغ المستحقة للزوجة والأطفال على الزوج. والتنصيص على أنه لا يقبل الطلاق الشفوي في الحالات غير العادية.
سابعا: توسيع حق المرأة في طلب التطليق، لإخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج، أو للإضرار بالزوجة مثل عدم الإنفاق أو الهجر أو العنف، وغيرها من مظاهر الضرر، أخذا بالقاعدة الفقهية العامة: " لا ضرر ولا ضرار"، وتعزيزا للمساواة والإنصاف بين الزوجين. كما تم إقرار حق الطلاق الاتفاقي تحت مراقبة القاضي.
ثامنا: الحفاظ على حقوق الطفل، بإدراج مقتضيات الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب في صلب المدونة. وهذا مع اعتبار مصلحة الطفل في الحضانة من خلال تخويلها للأم ثم للأب ثم لأم الأم. فإن تعذر ذلك، فإن للقاضي أن يقرر إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية. كما تم جعل توفير سكن لائق للمحضون واجبا مستقلا عن بقية عناصر النفقة، مع الإسراع بالبت في القضايا المتعلقة بالنفقة، في أجل أقصاه شهر واحد.
تاسعا: حماية حق الطفل في النسب، في حالة عدم توثيق عقد الزوجية، لأسباب قاهرة، باعتماد المحكمة البينات المقدمة في شأن إثبات البنوة، مع فتح مدة زمنية في خمس سنوات لحل القضايا العالقة في هذا المجال، رفعا للمعاناة والحرمان عن الأطفال في مثل هذه الحالة.
عاشرا: تخويل الحفيدة والحفيد من جهة الأم، على غرار أبناء الابن، حقهم في حصتهم من تركة جدهم، عملا بالاجتهاد والعدل في الوصية الواجبة.
حادي عشر: أما في ما يخص مسألة تدبير الأموال المكتسبة، من لدن الزوجين خلال فترة الزواج: فمع الاحتفاظ بقاعدة استقلال الذمة المالية لكل منهما، تم إقرار مبدأ جواز الاتفاق بين الزوجين، في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، على وضع إطار لتدبير أموالهما المكتسبة، خلال فترة الزواج، وفي حالة عدم الاتفاق يتم اللجوء إلى القواعد العامة للإثبات بتقدير القاضي لمساهمة كلا الزوجين في تنمية أموال الأسرة.

حضرات السيدات والسادة البرلمانيين المحترمين:
إن الإصلاحات التي ذكرنا أهمها، لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها انتصار لفئة على أخرى، بل هي مكاسب للمغاربة أجمعين. وقد حرصنا على أن تستجيب للمبادئ والمرجعيات التالية:
- لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين، أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله؛
- الأخذ بمقاصد الإسلام السمحة، في تكريم الإنسان والعدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، وبوحدة المذهب المالكي والاجتهاد، الذي يجعل الإسلام صالحا لكل زمان ومكان، لوضع مدونة عصرية للأسرة، منسجمة مع روح ديننا الحنيف؛
- عدم اعتبار المدونة قانونا للمرأة وحدها، بل مدونة للأسرة، أبا وأما وأطفالا، والحرص على أن تجمع بين رفع الحيف عن النساء، وحماية حقوق الأطفال، وصيانة كرامة الرجل. فهل يرضى أحدكم بتشريد أسرته وزوجته وأبنائه في الشارع، أو بالتعسف على ابنته أو أخته؟
وبصفتنا ملكا لكل المغاربة، فإننا لا نشرع لفئة أو جهة معينة، وإنما نجسد الإرادة العامة للأمة، التي نعتبرها أسرتنا الكبرى.
وحرصا على حقوق رعايانا الأوفياء المعتنقين للديانة اليهودية، فقد أكدنا في مدونة الأسرة الجديدة، أن تطبق عليهم أحكام قانون الأحوال الشخصية المغربية العبرية.
وإذا كانت مدونة 1957 قد وضعت، قبل تأسيس البرلمان، وعدلت سنة 1993، خلال فترة دستورية انتقالية، بظهائر شريفة، فإن نظرنا السديد ارتأى أن يعرض مشروع مدونة الأسرة على البرلمان، لأول مرة، لما يتضمنه من التزامات مدنية، علما بأن مقتضياته الشرعية هي من اختصاص أمير المؤمنين.
وإننا لننتظر منكم أن تكونوا في مستوى هذه المسؤولية التاريخية، سواء باحترامكم لقدسية نصوص المشروع، المستمدة من مقاصد الشريعة السمحة، أو باعتمادكم لغيرها من النصوص، التي لا ينبغي النظر إليها بعين الكمال أو التعصب، بل التعامل معها بواقعية وتبصر، باعتبارها اجتهادا يناسب مغرب اليوم، في انفتاح على التطور الذي نحن أشد ما نكون تمسكا بالسير عليه، بحكمة وتدرج.
وبصفتنا أميرا للمؤمنين، فإننا سننظر إلى عملكم، في هذا الشأن، من منطلق قوله تعالى « وشاورهم في الأمر»، وقوله عز وجل « فإذا عزمت فتوكل على الله».
وحرصا من جلالتنا، على توفير الشروط الكفيلة بحسن تطبيق مدونة الأسرة، وجهنا رسالة ملكية إلى وزيرنا في العدل. وقد أوضحنا فيها أن هذه المدونة، مهما تضمنت من عناصر الإصلاح، فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل، وعصري وفعال، لاسيما وقد تبين من خلال تطبيق المدونة الحالية، أن جوانب القصور والخلل لا ترجع فقط إلى بنودها، ولكن بالأحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل، ماديا وبشريا ومسطريا، لتوفير كل شروط العدل والإنصاف، مع السرعة في البت في القضايا، والتعجيل بتنفيذها.
كما أمرناه بالإسراع بإيجاد مقرات لائقة لقضاء الأسرة، بمختلف محاكم المملكة، والعناية بتكوين أطر مؤهلة من كافة المستويات، نظرا للسلطات التي يخولها هذا المشروع للقضاء، فضلا عن ضرورة الإسراع بإحداث صندوق التكافل العائلي.

كما أمرناه أيضا، بأن يرفع إلى جلالتنا اقتراحات بشأن تكوين لجنة من ذوي الاختصاص، لإعداد دليل عملي، يتضمن مختلف الأحكام والنصوص، والإجراءات المتعلقة بقضاء الأسرة، ليكون مرجعا موحدا لهذا القضاء، وبمثابة مسطرة لمدونة الأسرة، مع العمل على تقليص الآجال، المتعلقة بالبت في تنفيذ قضاياها الواردة في قانون المسطرة المدنية، الجاري به العمل.

بين يدي مدونة الأسرة ( المسار والجديد )

بين يدي مدونة الأسرة

   بشرى تاكفـراست
أستاذة جامعية-مراكش

شاركت بهذه المداخلة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في ندوة نظمها الاتحاد النسائي الوطني المغربي تحت عنوان/ مدونة الأسرة تحت ظلال الشريعة الإسلامية بقاعة الاجتماعات ببلدية المنارة، جيليز، مراكش بتاريخ 13 مارس2004.

 " بين يدي مدونة الأسرة" هي قراءة طموحها الأساس ملامسة هذا النص المقروء من خلال محوريين اثنين هما:
 أولا:  مسار المدونة:
 يبتدئ هذا المسار من 19 غشت 1957:  سنة تعيين لجنة مكونة من عدة فقهاء تحت رئاسة وزير العدل الذي كان وحده من أعضاء اللجنة المكون تكوينا قانونيا مما يعني حسب الدكتور عبد الهادي بوطالب أن مرجعية المدونة كانت فقهية بدون جدال كان مطلوبا من أعضاء اللجنة العمل على تدوين الأحكام الفقهية المتعارف عليها في المذاهب الإسلامية الأربعة بانتقائية لكن مع تغليب المذهب المالكي " ولما كانوا متخصصين في المذهب المالكي وقد اعتمدوه في تدوين أغلبية الأحكام ولم يأخذوا من المذاهب الأخرى إلا نادرا.
3 مارس 1992:  يَعِدُ المغفور له الحسن الثاني بإصلاح دستوري ومناضلات اتحاد العمل النسائي يطالبن بتغيير المدونة.
5 مارس 1992:  اتحاد العمل النسائي يوجه رسائل إلى كل من رئيس مجلس النواب والفرق البرلمانية والأحزاب السياسية يعبر من خلالها عن عزمه القيام بحملة تحسيس واسعة للرأي العام حول ضرورة تعديل المدونة ، ولم يتوصل اتحاد العمل النسائي ساعتها بأي رد.
7 مارس 1992: اتحاد العمل النسائي وكذا القطاع النسائي لمنظمة العمل الشعبية الديمقراطية ينظمان ندوة صحفية يعلنان فيها القيام بوقفة احتجاجية بهدف جمع مليون توقيع لصالح إصلاح المدونة.
8 مارس 1992: هجوم عنيف على الوقفة الاحتجاجية وصدور فتوى تكفيرية في حق الموقعين على وثيقة المطالبة بالإصلاح والذين بلغوا المليون فعلا.
18و 19 أبريل 1992:  تأسيس لجنة وطنية للتنسيق من أجل إصلاح المدونة والدفاع عن حقوق النساء تحت رعاية الجمعيات والقطاعات النسائية في الأحزاب وممثلات عن النقابتين: الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، لكن خلافا بين مناضلات استقلاليات واتحاديات أدى إلى انسحاب الاستقلاليات من هذه اللجنة، ولم تكن هذه أول ولا آخر مرة التي تؤثر فيها الحساسيات الحزبية على مسار الحركة النسائية عامة.
20 غست 1992: المرحوم الحسن الثاني يوجه دعوة للنساء المغربيات، دعاهن من خلالها إلى التوجه إليه مباشرة لتقديم كل ملاحظاتهن وانتقاداتهن حول المدونة القديمة وكل ما يتعلق بوضعية المرأة ومستقبلها.
9 شتنبر 1992: المرحوم الحسن الثاني يعلن عن تشكيل لجنة إصلاح المدونة عهد بها إلى السيد عبد الهادي بوطالب ليترأسها.
29 شتنبر 1992: الحسن الثاني رحمه الله يستقبل لجنة منتدبة مكونة من 44 امرأة ممثلة للقطاعات النسائية في الأحزاب، وشخصيات معروفة.
15 أكتوبر 1992: عقدت اللجنة أولى اجتماعاتها.
17 أكتوبر 1992: المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنتقد تركيبة اللجنة وتطالب بتوسيع عضويتها لتشمل فعاليات أخرى من المجتمع المغربي.
10 شتنبر 1993: اللجنة تنتهي من أشغالها وتسلم نتيجة عملها لجلالة الملك والذي شمل أربع مجالات : ولاية الرجل على المرأة- الطلاق – تعدد الزوجات – الحضانة، واقتصر عمل اللجنة على تعديل الفصول التي أجمعت اللجنة على تعديلها واستبعدت تعديل فصول أخرى لأنها لم تحظ بالإجماع.
8 مارس 1998: مسيرة كبيرة للنساء كان من المنتظر أن تقوم بها الفعاليات الجمعوية النسائية لكنها أجلت بطلب من الوزير الأول في حكومة التناوب السيد عبد الرحمن اليوسفي الذي وعد بأن الحكومة ستركز اهتمامها على وضعية المرأة المغربية.
19 مارس 1999: الوزير الأول السيد اليوسفي يعلن رسميا عن برنامج الحكومة المعروف بمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية الذي أنجزته الحكومة بشراكة مع الجمعيات النسائية وتشكيل لجنة وزارية مختلطة يعهد إليها بدراسة سبل ترجمة ما تتضمنه الخطة على أرض الواقع وعلى شكل قوانين ومراسيم تطبيقية.
ربيع 1999:  مهاجمة الخطة من طرف القوى الدينية المحافظة معتبرة إياها خارجة عن مبادئ دين الإسلام، واستغلال منابر المساجد للترويج لذلك وتأليب الرأي العام ضدها مما أدى بالوزير المكلف بالعلاقات العامة للحكومة إلى التصريح في بلاغ صحفي بأن:  "الخطة تتضمن بعض المقتضيات المخالفة للشريعة"
16 يوليوز 1999: تشكيل شبكة دعم خطة العمل وكذا الجبهة الوطنية للدفاع عن حقوق المرأة هذان الجهازان تابعا عملهما عن كتب للدفاع عن الخطة والتحسيس بأهميتها.
12 مارس 2000: تنظيم مسيرة كبيرة في الرباط مساندة للخطة، ضد الفقر والعنف ضد المرأة، مشت فيها أغلب الأحزاب المشاركة في الحكومة والجمعيات والمنظمات الحقوقية و النسائية، في نفس اليوم تنظم مسيرة مماثلة بالدار البيضاء ضد نظيرتها بالرباط، أي ضد الخطة بزعامة أغلب التيارات الإسلامية الفاعلة بالمغرب وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية.
أبريل 2000: من أجل تهدئة الوضع وامتصاص الغضب النسائي الوزير الأول يعلن عن تشكيل لجنة استشارية مكونة من 20 شخصية من بينها 5 نساء، لإعادة النظر في الخطة والبحث في إمكانية خلق توافقات بشأنها، ولم يكتب لاجتماع هذه اللجنة أن يرى النور في يوم من الأيام.
5 مارس 2001: الملك محمد السادس يستقبل 40 امرأة من ممثلات الجمعيات والقطاعات الحزبية النسائية قدمن للعاهل المغربي بيانا حول مراجعة المدونة.
16 مارس 2001: سبع جمعيات نسائية ينظمن مؤتمرا صحفيا عبرن من خلاله عن ترحيبهن بالمبادرة الملكية ويخرجن باسم جديد لشبكتهن، أطلقن عليه اسم ربيع المساواة كإطار وحدوي يستهدف توحيد خطة العمل بالاعتماد على تنسيق المطالب المتعلقة بتغيير المدونة والضغط على مراكز القرار للحيلولة دون إبعادها عن إنجاز مدونة بديلة تضمن نهوضا فعليا لحقوق النساء.
27 أبريل 2001: الملك محمد السادس نصره الله يعلن عن تشكيل اللجنة الاستشارية المكلفة بإصلاح مدونة الأحوال الشخصية تتكون من 16 عضوا وثلاث نساء تحت رئاسة السيد إدريس الضحاك رئيس المجلس الأعلى، إلا أن اللجنة لم تتمكن من إنجاز عملها بعد تشنجات في المواقف بين أعضائها، مما حذا بجلا لته إلى إعفاء رئيسها من مهامه.
22 يناير 2003: تعيين السيد امحمد بوستة على رأس اللجنة التي احتفظت بأغلب عناصرها والتزم السيد امحمد بوستة بإنهاء الأشغال في شهر ماي 2003.
29 يناير 2003: العاهل المغربي محمد السادس يخص في خطابه الذي ألقاه بمناسبة افتتاح السنة القضائية، الأسرة المغربية بحيز هام، ويشدد من خلالها على ضرورة الارتقاء بوضعها تماشيا مع "النهج التحديثي" الذي أوصى به للنهوض بالقطاع القضائي وعصرنته" ويقول في خطابه:" وقد أصدرنا تعليماتنا السامية لوزيرنا في العدل كي يعمل على فتح أقسام لقضاء الأسرة في أهم المحاكم، ويحرس على أن تعم فيما بعد كل أنحاء المملكة، وعلى الإسراع بتكوين قاضي الأسرة المتخصص لأن قضاء الأحوال الشخصية الحالي غير مؤهل لتطبيق مدونة الأسرة التي يحرص على إنجازها بكامل الاهتمام، ترسيخا لتماسك العائلة في ظل التكافؤ والإنصاف..."
مارس 2003: السيد امحمد بوستة يذكر أن أشغال اللجنة ما زالت ممتدة إلى غاية يوليوز 2003 على الأقل بدل شهر ماي ، وذلك " لكون الأمور ما زالت بحاجة للمزيد من الوقت من أجل درس جميع النقاط " ويؤكد أن مهمته تتجلى في ضرورة ملاءمة نص قانون معين مع السياق الاجتماعي والسياسي الحالي مع الأخذ بعين الاعتبار أصوله في النص القرآني "وذلك بهدف تحقيق مواطنة مساواتية بين الرجال والنساء" .
بداية صيف 2003: ربيع المساواة يوجه مذكرة إلى جلالة الملك بخصوص اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية يقول فيها:إنه" بعد مرور أزيد من سنتين على عمل اللجنة تبث أن غالبية أعضائها عاجزة عن الاجتهاد وملاءمته للتصور الملكي بخصوص المراجعة الشاملة" ويوضح أن المشكل الحقيقي يكمن في تشكيلة اللجنة غير المنسجمة وغير المتوازنة والتي تضم أغلبيتها تيارا محافظا يعتبر أفكاره ثوابت لا تراجع عليها، ويؤكد أن تدخل جلالة الملك للحسم في هذا الاتجاه ضرورة موضوعية من أجل رفع الظلم عن نصف المجتمع في هذا الظرف التاريخي الذي تمر منه بلادنا."
20 غشت 2003: الملك محمد السادس نصره الله يحدد أجل شهر للسيد أحمد بوستة كي تنتهي اللجنة من أشغالها.
شتنبر 2003: السيد امحمد بوستة يقدم للملك مشروع النسخة النهائية لمدونة الأسرة.
الجمعة 10 أكتوبر 2003: جلالة الملك يعلن في قبة البرلمان، بمناسبة افتتاحه السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة عن مضامين مشروع المدونة الجديدة لقانون الأسرة وعن عزمه لأول مرة في المغرب على طرحها أمام البرلمان للمناقشة والمصادقة لصدورها في إطار قانوني.
 ويسدل الستار على هذا المسار لنجد أنفسنا أمام ولادة مباركة لمدونة جديدة.
ثانيا:  جديد المدونة:
  فبعد أكثر من ثلاثين شهرا من المخاض العسير داخل أحشاء اللجنة الاستشارية الملكية لتعديل المدونة انتظر الشعب المغربي، ولادة قانون الأسرة، هذا القانون الذي ينتظر منه تسوية الوضعية القانونية للأسرة المغربية.
 وبعد الإعلان عن مشروع مدونة الأسرة الذي ينتظر منه أن يقوم ما اعوج في علاقتنا الأسرية ها نحن نعيش فترة الترقب للتطبيق الميداني للمدونة الجديدة مقرين مسبقا أنه سيعرف تعثرات قبل أن يستقيم له الطريق لاعتبارات كثيرة منها قلة في الأطر، وضعف في الإمكانيات وعطب في الفهم والتباس في الاستيعاب.وقبل هذا وذاك هناك مقاومة ظاهرة أو باطنة من قوى المعارضة سواء أفصحت عن نفسها أو لم تفصح...
  وذلك مظهر طبيعي إذ الجديد مخيف دائما. فما هو هذا الجديد الذي جاءت به المدونة؟ ذلك ما سنطرحه من خلال التساؤلات التالية:
1-هل المدونة الجديدة للأسرة تلغي الولاية؟

شرط الولاية في الزواج تم التخلي عنه في المدونة الجديدة للأسرة بالنسبة للمرأة الرشيدة التي لها أن تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها، لكن الولاية تظل سارية المفعول بالنسبة للقاصر، بحيث يظل زواجها متوقفا على نائبها الشرعي، كما أن موافقة النائب الشرعي تظل سارية المفعول حتى بالنسبة للذكر الذي ما زال لم يبلغ سن الرشد القانوني.
  
2- هل الزوج يعفى من النفقة على زوجته إن كانت تشتغل؟

ولو أن المشروع أقر بالمساواة بين الزوجين وأكد اقتسامهما للمسؤولية داخل الأسرة فإن الزوج يظل ملتزما بالنفقة على زوجته، وإذا كانت هذه القاعدة لا تظهر صراحة في بنود المدونة الجديدة فإنها تستنتج من الرخصة التي أعطيت للزوجة والقاضية بأحقية مطالبتها بالطلاق في حالت إذا ما امتنع الزوج عن الإنفاق وفق ما تنص عليه المادة 102 من المشروع.الفقرة الثانية والثالثة تنصان على: ب – في حالة ثبوت العجز تحدد المحكمة حسب الظروف أجلا للزوج لا يتعدى ثلاثين يوما لينفق خلاله وإلا طلقت عليه، إلا في حالة ظرف قاهر أو استثنائي.
ج- تطلق المحكمة الزوجة حالا إذا امتنع الزوج عن الإنفاق ولم يثبت العجز.

 3- هل الزوجة لها الحق في نصف الثروة مباشرة بعد وقوع الطلاق؟

 ممتلكات الأسرة، أو تلك التي روكمت أثناء الزواج، تعد حقا خالصا لكل طرف، إذ المادة 49 من المشروع تنص على أن "لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن الآخر".
  ومدونة الأسرة تقترح إطارا تعاقديا جديدا من أجل تدبير أو اقتسام الممتلكات التي تم تحصيلها أثناء الزواج بين الزوجين كما تنص المادة 49 من مدونة الأسرة.
  وهكذا فقد أصبح بمقدورها بناء على عقد خاص تدبير طريقة هذا الاقتسام سواء بالتساوي بينهما أو بطريقة أخرى.
  وإذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة للإثبات، مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات للتنمية أموال الأسرة.
  بتعبير آخر فإنه بإمكان الزوجة أو الزوج حسب الحالات اقتسام الثروة أو الممتلكات التي حصلت أثناء الزواج وذلك على حسب الجهد الذي بذله كل طرف في تنميتها.

  4- هل المرأة تفقد حضانة ابنها عندما تتزوج؟
زواج الحاضنة الأم لا يسقط حضانتها في الأحوال الأربعة التالية كما جاء في المادة 175 من المدونة وهي:
-        إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز سبع سنوات
-        إذا كان بالمحضون عاهة، أو علة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم.
-        إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون.
-        إذا كان نائبا شرعيا للمحضون.
 وتفقد الأم حضانة طفلها إذا وصل إلى سن السابعة من العمر، أو إذا كانت وضعية الطفل المحضون لا تندرج ضمن أحد من الحالات الأربعة المشار إليها سابقا.

   5- هل للأنثى نفس الحصة من الميراث المخصصة للذكر؟

  مدونة الأسرة لم تمس القواعد المنظمة للإرث إذ للذكر مثل حظ الإثنين. وأضافت المساواة بين الحفيدة والحفيد من جهة الأم مع أولاد الإبن في الاستفادة من حقهم في تركة الجد بعد وصية بعد أن كان هذا الحق مقتصرا فقط على أولاد الإبن، وتجد ذلك في المادة 369-370-371- من مدونة الأسرة.
 
  6- هل للزوجة حق التطليق في جميع الحالات؟

  نصوص مدونة الأسرة حددت الحالات التي يمكن فيها للزوجة أن تلجئ لطلب التطليق بعد تحقق الشروط الواجبة لذلك، وهكذا فقد أخذت بمبدأ التطليق للضرر، والمدونة وسعت من المقصود بمفهوم الضرر، ولكن يبقى على الزوجة أن تدلي بوسائل الإثبات.
  يمكن أيضا للزوجة أن تشترط على زوجها أثناء عقد القران أن يجعل العصمة من حقها، وبمجرد ما يقبل الزوج بهذا التنصيص يلغى أي اعتراض من طرفه عليه، وبالنسبة لطلاق الخلع يمكن للقاضي أن يتدخل في الحالات التي يكون فيها الزوجان غير متفقين على مبلغ التعويض ولكن يظل دائما رأي الزوج ضروريا.
  في الحالات التي تعجز فيها الزوجة عن توقيع الطلاق، بعد استنفاد جميع الطرق المشار إليها أعلاه يمكن لها أن تلجأ إلى مسطرة الطلاق للشقاق التي أدخلتها في المادتين 70 و 100 والتي تسمح لها بالحصول على الطلاق دون ما حاجة لأن تدلي بمعللات لهذا الطلب، يكفيها في هذه الحالة أن تعرض أمام قاضي المحكمة مختلف المبررات المؤكدة لمعقولية طلب الشقاق، والقاضي من جهته يقوم بمحاولة التوفيق، وإذا فشلت هذه المحاولة، وكان للزوجين أولاد يقوم القاضي بمحاولة ثانية للتوفيق بعد انصرام أجل 30 يوما من تاريخ المحاولة الأولى وبعدها يمكن أن يعلن عن انتهاء العلاقة الزوجية بين الزوجين بالطلاق.
  7- ما موقف مدونة الأسرة من تعدد الزوجات؟

  قيدت مدونة الأسرة قضية التعدد بشروط شرعية صارمة تجعلها شبه مستحيلة، إذ يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل التزاما بمقاصد الإسلام السمحة في الحرص على العدل، الذي جعل الحق سبحانه وتعالى يقيد إمكان التعدد بتوفيره في قوله تعالى: "فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة"، وبما أنه سبحانه وتعالى نفى هذا العدل بقوله:" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم "، فقد جعله شبه ممتنع شرعا، ولا يأذن القاضي بالتعدد إلا إذا تأكد من إمكانية الزوج في توفيره فرص العدل على قدر المساواة بين الزوجة الأولى وأبنائها والزوجة الثانية في جميع جوانب الحياة.
  وللمرأة أن تشترط على زوجها عدم التزوج عليها، باعتبار ذلك حقا لها، عملا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "مقاطع الحقوق عند الشروط."
8- هل يمكن للمرأة الحاضنة أن تغير المدينة أو البلد الذي تقطن به ؟

المرأة الحاضنة لا تفقد حضانتها إذا غيرت سكناها إلى مدينة أخرى غير تلك التي يقطن بها الأب، هذا هو التوجه الجديد للاجتهاد القضائي ، ولكن إذا غيرت الحاضنة البلد تسقط عنها الحضانة، فالحدود الترابية بين إقامة الأم خارج المغرب إضافة إلى صعوبة الحصول على تأشيرة العبور كلها عوامل تشكل عراقيل أمام ممارسة الأب لحقه في الزيارة.
  9- هل القاضي هو الذي يرخص بالزواج؟
  
 ترخيص القاضي ضروري في الحالات التالية:
-        الزواج دون سن الأهلية.
-        التعدد في حالة توفر شروطه المنصوص عليها في المدونة.
-        زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية.
-        زواج معتنقي الإسلام والأجانب.
ما عدا هذا يحق للمرء ممارسة حقه في الزواج دون أي مراقبة قضائية.
10- هل المرأة محتاجة دائما لشهادة اثني عشر شاهدا لإثبات أنها كانت ضحية عنف من الزوج نتج عنه عدة أضرار للحصول على الطلاق.؟

 يعد عنف الزوج من الأسباب التي تعطي للزوجة حق طلب الطلاق للضرر، وعليها أن تثبت هذا الضرر بكل الوسائل الشرعية المتاحة بما في ذلك شهادة الشهود، لم يعد الأمر متعلقا بشهادة اثني عشر شاهدا لإثبات هذا الضرر تحرر شهادتهم في عقد خاص، ولكن فقط بشهادة شخصين أو أكثر يستمع القاضي لشهادتهم، في غرفة المشورة كما جاء في المادة مائة (100) من مدونة الأسرة.
 إذا لم تثبت الزوجة الضرر ومنه الضرر الحاصل عن العنف في العلاقة الزوجية وأصرت بذلك على طلب التطليق يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق، ليعمل القاضي بعد ذلك على النظر في مختلف مواقف الزوجين ويحاول التوفيق بينها وفي حالة فشل محاولة الصلح والتوفيق فإنه يقضي بالطلاق بين الأطراف.
 11- هل الرجل له حق إرجاع زوجته أثناء العدة ولو بعدم رضاها؟

الموافقة أضحت شرطا أساسيا لرجوع مياه العلاقة الزوجية التي أفسدها الطلاق إلى مجاريها، سواء أثناء أو بعد العدة.
12-ما مكان الطفل في مدونة الأسرة الجديدة ؟

لأجل مصلحة الطفل أتت مدونة الأسرة بمجموعة من المقترحات منها:
1-مصلحة الطفل مضمنة في العديد من البنود التي لا تهم إلا الزوجين.
   المادة 4 تنص على إنشاء أسرة مستقرة تحت رعاية الزوجين.
المادة 41 تشترط على طالب التعدد التوفر على المواد الكافية لرعاية الأسرتين و ضمان جميع الحقوق من نفقة و إسكان و مساواة   في جميع أوجه الحياة.
-المادة 51 تنص على مبتدإ التشاور بين الزوجين في اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون الأسرة و الأطفال و تنظيم النسل.
 -المادة 80 و المتعلقة بطلب الطلاق من الزوج، تُلزم هذا الأخير أن يُضَمَّن طلبه بمعلومات حول عدد الأطفال عند الاقتضاء و سنُّهم و وضعهُم الصحي و الدراسي.
-المادة 82 تستوجب على المحكمة القيام بمحاولتين للصلح بين الزوجين في حالة وجود أطفال.
-المادة 85 تلزم القاضي بتحديد النفقة للأطفال في حالة وقوع الطلاق مع مراعاة الوضعية المعيشية والتعليمية التي كانوا عليها قبل الطلاق.
-المادة 89 تنص على أن القاضي عندما يأذن للزوجة بالطلاق، أن يبث في مستحقات الزوجة وكذا مستحقات الأبناء.
-المادة 114 تقضي بأن اتفاق الزوجين على إنهاء العلاقة الزوجية بينهما بدون شروط، يجب ألا تتنافى شروطه مع أحكام المدونة وألا تضيع مصالح الأطفال.
-المادة 168 تعتبر توفير السكن للمحضون واجبا مستقلا عن واجبات النفقة.
 2-مصلحة الطفل تبرر الإجراءات التي نصت عليها مدونة الأسرة في الحالات التالية:
*مرحلة الخطبة، لا تلغي حقوقا لطفل يظهر أثناءها، حيث يتم إلحاقه بأبيه المادة 156.
*في المادة 54 نصت المدونة على العديد من المقتضيات التي تهدف في مجملها إلى حماية حقوق الطفل.
*أغلب المقتضيات الواردة في المواد 170و175 من مدونة الأسرة والمتعلقة بحضانة الأطفال، تستهدف أساسا حماية مصلحة الطفل.
*بالنسبة للحضانة، روعيت مصلحة الطفل في حالة زواج الأم الحاضنة... وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك فيما سبق.
13-ما دور النيابة العامة في مدونة الأسرة ؟

أصبحت النيابة العامة طرفا أصليا في الدعاوى الرامية إلى تطبيق أحكامها، بعدما أغفلت الدور الذي تقوم به مدونة1993، فالمدونة الجديدة تهدف إلى تكريس الحماية القضائية والقانونية والإدارية لمؤسسة الأسرة بمختلف مكوناتها من خلال إسناد البث في قضايا الأسرة لمحاكم متخصصة تحت عنوان:"محاكم الأسرة".
        و في الختام فمدونة الأسرة الجديدة جاءت كنتيجة للحاجة الماسة إلى تأهيل مؤسسة الأسرة باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع و ضمان استقرار مؤسسة الزواج في ظل علاقة التكافؤ و المساواة و العدل والمعاشرة بالمعروف مع تمتيع و تمكين المرأة من حقوقها كاملة في إطار احترام كامل لأحكام الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب و أصبحت جزءا من تشريعه الوطني.
  أجل، إن المدونة تهدف إلى إنصاف المرأة و صيانة الرجل وحماية حقوق الطفل في ظل التقيد بالتوابث الشرعية الراسخة في مجال العلاقات الأسرية وتوظيف آلية الاجتهاد لإيجاد الحلول الملائمة للمشاكل المطروحة من منطلق أن الإسلام صالح لكل زمان و مكان و أنه حيثما مصلحة الأمة فثمة شرع الله. والسؤال المطروح الآن:كيف سيطبق شرع الله ؟ فالمشكل ليس مشكل المرأة والرجل و ليس مشكل قوانين إجرائية، و لكنه مشكل اجتماعي تربوي ثقافي مما سيجعل مشكل المدونة الجديدة مشكلا مسطريا لا مشكلا نصيا، فبدون تربية ولا متابعة لهذه القوانين لا يرجى خير منها.
                     
و السلام عليكم و رحمته تعالى و بركاته

                                                
مراكش في:13-03-2004.