الاثنين، 1 أبريل 2013

نادر - مواد ميثاق الأسرة في الإسلام - اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل 2007، - تقديم د. محمد عمارة

ميثاق الأسرة
نصوص مواد ميثاق الأسرة في الإسلام


مقدمة: ميثاق الأسرة في الإسلام لماذا هذا الميثاق؟
مقدمة ميثاق الأسرة في الإسلام
لماذا هذا الميثاق؟
بقلم: د. محمد عمارة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبة ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين، وبعد....
قبل الغزو الفكري الذي جاء إلى الأمّة الإسلامية في ركاب الغزوة الغربية الحديثة - التي قادها «بونابرت»- على مصر والشرق (1213هـ-1798م) لم تكن هناك حاجة إلى وضع المواثيق والفلسفات التي تحدد سلوك المسلمين في مختلف ميادين الحياة -الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية- ذلك أن المرجعية الإسلامية كانت هي الوحيدة الحاكمة، التي تحدد كل المفاهيم والفلسفات في سائر هذه الميادين.
ولقد كانت المشكلات التي تعاني منها الحياة الإسلامية مقصورة على «التطبيق» لهذه المفاهيم الإسلامية الواحدة، والتي تحكم حتى الاختلافات الفقهية الفرعية التي يثمرها الاجتهاد في إطار وحدة هذه المرجعية ومفاهيمها وفلسفاتها، ومدى اقتراب «الواقع والتطبيق» من«المثل» التي حددها الإسلام.
لكن الغزو الفكري الغربي قد أحدث تغييرًا أساسياً، وذلك عندما زرع في المجتمعات الشرقية الإسلامية مرجعية حضارية أخرى -وضعية علمانية لا دينية- غدت منافساً شرساً لمرجعية الإسلام.. الأمر الذي استوجب تمييز المفاهيم الإسلامية عن نظيرتها الوضعية العلمانية اللادينية في مختلف ميادين الحياة..
§ فبدأت فكرة ضرورة وأهمية تقنين الفقه الإسلامي كبديل متميز عن القانون الوضعي العلماني.
§وبدأت البلورة للرؤية الإيمانية الإسلامية للكون والحياة -لبداية الخلق.. والمسيرة.. والمصير.. ومكانة الإنسان في الكون- كبديل متميز عن الرؤية الوضعية والمادية للكون والحياة..
§ وبدأت البلورة لمذهب الإسلام في الثروات والأموال والعدل الاجتماعي -مذهب الاستخلاف- كبديل «لليبرالية الرأسمالية» و«الشمولية الشيوعية» في الاقتصاد والاجتماع..
ولأن الغزو الفكري قد تسلَّلَ إلى ميادين الحياة الإسلامية تدريجياً، وبكل أساليب الخداع، بل وبواسطة الغش والتدليس في خلط المفاهيم ومضامين المصطلحات، وذلك كي لا يستفز الحسَّ الإسلامي فتنتفض الأمة لمقاومته..ولأن الدوائر التي تخطط لهذا الغزو كانت على علم بمكانة الأسرة في منظومة القيم الإسلامية -مكانة «الحرام»..و«العرض»..و«الشرف»- فلقد جاء الغزو لميدان الأسرة متأخرًا، وفي مرحلة عموم البلوى لكل ميادين الحياة..جاء في الوقت الذي أصبحت فيه الأسرة المسلمة «محاصرة» بهذا الغزو الفكري الغربي من جميع الجهات والاتجاهات!
ومع تصاعد موجات التغريب وزيادة هيمنة الغرب على المؤسسات الدولية، واجتياح العولمة الغربية للخصوصيات الثقافية والقيمية غير الغربية -في العقدين الأخيرين من القرن العشرين- بدأ الاقتحام الغربي لحرمات الأسرة المسلمة، والانتهاك لمقدساتِ منظومةِ قِيَمِهَا التي حددها الإسلام وصاغتها المرجعية الإسلامية..الأمر الذي فرض ويفرض على مؤسسات العلم والفكر والعمل الإسلامي صياغة البديل الإسلامي في هذا الميدان.
دور منظمات الأمم المتحدة في التمكين للغزو الفكري الغربي
لقد شرع الغزو الفكري الغربي منذ العقدين الأخيرين للقرن العشرين، في صياغةِ منظومةِ قِيَمِهِ في «الحداثة وما بعد الحداثة»،..صياغتها في مواثيق ومعاهدات أخذ في عولمتها تحت ستار الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وذلك لإحلال هذه المنظومة القِيْمِيَّة -المصادمة لكل القيم الدينية- محل منظومة القيم الإسلامية، وفي ميدان الأسرة على وجه التحديد.
وإذا كانت قوى الهيمنة الغربية المعاصرة، ترفع -في ميدان السياسة- شعار «الفوضى الخلاَّقة» التي تتغيّا من ورائها تفكيك المجتمعات الإسلامية وبعثرة مكونات وحدتها، وفق معايير عرقية ولغوية ومذهبية وطائفية، ليتأبد نهب ثروات هذه المجتمعات، بمنع التماسك والتضامن والوحدة الإسلامية من الجهاد لتحرير الأوطان والثروات فلقد غدت الهجمة الغربية على حصون الأسرة المسلمة بمثابة «المعركة الفاصلة» في هذه الغزوة وهذا الاحتواء..الذي يتغيّا إحداثَ الفوضى في عالم الأسرة لتفكيكها والقضاء على مقوماتها..ومن ثم تفكيك الأمة..المكوِّنة من الأسَرِ والعائلات..
وإذا نحن أخذنا نموذجاً واحدًا من «الوثائق» التي يصوغها الغرب، ويضمنها منظومة قيمه في الحداثة وما بعد الحداثة، ثم يسعى لعولمتها، وفرضها على الحضارات غير الغربية تحت ستار الأمم المتحدة وأعلامها..لنرصد من بين فصولها وموادها عددًا من معالم الهدم والتدمير لمنظومة الأسرة المسلمة في القيم والأخلاق، فإننا واجدون - في وثيقة «مشروع برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية» الذي عقد بالقاهرة من 5 حتى 15 سبتمبر سنة 1994م- نموذجًا «لإعلان الحرب» على الأسرة ومنظومة القيم والأخلاق التي حددها لها الإسلام..
فإذا كان الإسلام -انطلاقاً من الفطرة الإنسانية السوية- قد بنى الأسرة على العلاقات الشرعية والمشروعة بين ذكر وأنثى، لتتحقق -بهذا التمايز والتكامل- سعادة الإنسان، وليتحقق -بالتوالد والتناسل- بقاء الجنس البشري، ولتكون هذه الأسرة هي اللبنة الأولى في تأسيس بناء الأمة..فإن وثيقة مؤتمر السكان -وبصريح العبارة- تعلن الحرب على هذا المعنى الإنساني للأسرة، وتدعو إلى «تغيير الهياكل الأسرية» معتبرة ذلك التغيير هو «المجال الحيوي لعمل الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية المعنية، ووكالات التمويل، والمؤسسات البحثية» فكل هذه المؤسسات مدعوة: «بإلحاح لإعطاء الأولوية للبحوث الحيوية المتعلقة بتغيير هياكل الأسرة»([1]) .. وذلك حتى لا تكون -فقط- أسرة شرعية مؤسسة على علاقة مشروعة بين ذكر وأنثى.. وإنما لتضم كل ألوان العلاقات -بين رجل ورجل، أو بين امرأة وامرأة-، مدخلة -بذلك الانقلاب- كل ألوان العلاقات الشاذة والمحرمة شرعًا وفطرة في إطار «الأسرة» التي يعترف بها القانون ويحميها ويرتب لها الحقوق!
وإذا كان الإسلام قد ضبط المتعة الجنسية، لتكون سبيلاً شرعيًا للعفة والإحصان والإنجاب، فجعل «الجنس مشروعًا»: فإن وثيقة مؤتمر السكان تطلب –فقط- أن يكون «الجنس مأمونًا» أي لا يؤدي إلى الأمراض، وتطلقه وتحرره من ضوابط الشرع، ليكون حقًا من حقوق الجسد -كالطعام والشراب- مباحًا «لجميع الأفراد» وليس فقط «الأزواج» ومن كل الأعمار، بما في ذلك المراهقون والمراهقات!!..
«فالصحة التناسلية والصحة الجنسية» التي جاءت مصطلحاتها الأكثر شيوعًا وتكرارًا في هذه الوثيقة- هي «حالة الرفاهية البدنية والعقلية والاجتماعية الكاملة التي تجعل الأفراد-[وليس فقط الأزواج]- قادرين على التمتع بحياة جنسية مُرْضية ومأمونة([2])..والمتعة الجنسية والصحة التناسلية هي كالاحتياجات التغذوية، حق من حقوق البنات والفتيات المراهقات([3])...»!!.
وإذا كان الإسلام قد أطلق على عقد الزواج، الذي تؤسس به الأسرة، وصف «الميثاق الغليظ» المؤسس على قيم المودة..والرحمة..والسكن..والسكينة فجاء في القرآن الكريم: ((وقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ وأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظ))[النساء:21] ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21].. فإن وثيقة مؤتمر السكان تؤسس «العلاقة» التي تسميها «أسرة» على مجرد الالتقاء الاختياري المؤسس على «الإباحة والإباحية» ولذلك فهي تنزع عن هذه العلاقة الصفة الشرعية..حتى لقد خلت كل فصول هذه الوثيقة وبنودها خلوًا تاماً من كلمتي «الله» و«الدين»!.
وإذا كان الإسلام يحضّ على الزواج المبكر لإحصان البالغين من الشبان والشابات وإعفافهم، فإن وثيقة مؤتمر السكان تحرِّم وتجرِّم الزواج المبكر، وتستعيض عنه ببدائل منها الزنا المبكر! فتدعو «الحكومات إلى أن تزيد السن الأدنى عند الزواج حيثما اقتضى الأمر..ولا سيما بإتاحة بدائل تغني عن الزواج المبكر..» ([4]).
أى أنها تدعو إلى «تقييد الحلال» وإلى «إطلاق الحرام» الذي جعلته حقًا من حقوق الجسد لجميع الناشطين جنسياً من كل الأعمار..وبين جميع الأفراد..وعلى اختلاف ألوان هذه العلاقات..!
وفي الوقت الذي يقيم فيه الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة -وخاصة في إطار الأسرة- على قواعد المودة والرحمة والسكن والسكينة.. ويجعل «النساء شقائق الرجال» – كما جاء في الحديث النبوي الشريف- ويقرر للنساء من الحقوق مثل الذي عليهن من الواجبات بالمعروف المتعارف عليه: ((ولَهُنَّ مِثْلُ الَذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) [البقرة: 228]، ((والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ويُطِيعُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))[التوبة: 71]، تذهب وثيقة مؤتمر السكان
-
انطلاقاً من الطابع المادي للحضارة الغربية- إلى تحويل هذه العلاقة إلى علاقة تجارية مادية «تتشيأ» فيها القيم والمثل والأخلاقيات.. فتتحدث عن «تمكين المرأة» بدلاً من الحديث عن «إنصافها ومساواتها» بالرجال.. وتدعو إلى «دمجها بشكل تام في الحياة المجتمعية» وإلى المشاركة الكاملة للرجل في تربية الأطفال والعمل المنزلي([5]فتصادم بذلك تقسيم العمل الفطري الذي ساد الحياة الإنسانية على مر التاريخ...
والأكثر إمعاناً في الغرابة والشذوذ أن الغرب الذي يتفاخر بالحديث عن الحرية والليبرالية وحقوق الإنسان، ينكر على الأمم والحضارات الأخرى حقوقها في أن تختار منظومة القيم التي تريد!! ويسعى -بالترهيب والترغيب- إلى فرض مفاهيمه وفلسفاته على العالمين.. حتى ليعلن -في وثيقة مؤتمر السكان- توجيه المعونات التي يقدمها لتنفيذ ما صاغه في هذه الوثيقة من قيم وفلسفات، فتتكرر -في هذه الوثيقة- عبارات «الالتزام» و«الإلزام» التي تقولينبغي للحكومات أن تلتزم على أعلى مستوى سياسي بتحقيق الغايات والأهداف الواردة في برنامج العمل هذا([6]).. وإعمال الضمانات وآليات التعاون الدولية لكفالة تنفيذ هذه التدابير([7])..وينبغي على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تنظم استعراضًا منتظمًا لتنفيذ برنامج العمل هذا([8])..».
وعندما طلبت بعض الدول النص -في الوثيقة- على أن يكون «تنفيذ السياسات السكانية حقًا سياديًا يتمشى مع القوانين الوطنية..» رأينا الوثيقة تجهض هذا الحق -بعد النص عليه- وذلك بالنص على أن يكون هذا الحق في إطار «الامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان»([9]وهي المعايير التي صاغها الغرب لتعبر عن فلسفته في هذا الميدان!..
أما الإغراء والترغيب الذي قدمه الغرب -في هذه الوثيقة- فهو المساعدات في مجالات «التنمية» التي تساعد على انتشار هذا الانحلال.. فنصت هذه الوثيقة على أنه «ينبغي للمجتمع الدولي أن ينظر في اتخاذ تدابير مثل نقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية لتمكينها من إنتاج وتوزيع وسائل منع الحمل ذات النوعية العالية وغيرها من السلع الضرورية اللازمة لخدمات الصحة التناسلية، وذلك للاعتماد على الذات في هذا الميدان»!!([10])
نعم..هذا هو الميدان الذي يساعد فيه الغرب الدول النامية كي تعتمد على الذات!..ميدان «إنتاج وتوزيع وسائل منع الحمل ذات النوعية العالية..وغيرها من السلع الضرورية لتحقيق المتعة الجنسية المأمونة للأفراد..من مختلف الأعمار»!!
الرسالة التي يحققها ميثاق الأسرة
وهكذا..ومن خلال هذه الأمثلة -وهي مجرد أمثلة- من وثيقة مؤتمر السكان -وهي مجرد وثيقة من وثائق عديدة- يتم الغزو والاجتياح لآخر حصون الأمة الإسلامية، ولمنظومة القيم الحاكمة لهذا الحصن، حصن الأسرة المسلمة.
الأمر الذي استوجب وفرض الوضع والصياغة لهذا الميثاق -ميثاق الأسرة في الإسلام- ليكون -مع مذكرته التفسيرية- دليلاً ينير الطريق للإنسان المسلم-رجلاً كان أو امرأة- ومرجعًا للمجتمعات الإسلامية، ومنظماتها الأهلية..ولحكوماتنا الوطنية..ومنظماتنا الإقليمية..بل وردًّا على مواثيق الغزو وأيديولوجياته، التي تحاول -مع امتداداتها السرطانية في مجتمعاتنا- اجتياح آخر حصون الإسلام وأمته..حصن الأسرة في عالم الإسلام.
إننا والغرب أمام مفهومين مختلفين للحرية، ينبع كل واحد منهما من فلسفة النظر إلى مكانة الإنسان في الكون، وعلاقته بالذات الإلهية.
ففي الإسلام: استخلف الله الإنسان في الأرض لأداء الرسالة التي عهد بها إليه، وفي الحدود وبالضوابط المرسومة له، فحرية الإنسان في الإسلام محكومة ببنود عقد وعهد الاستخلاف، المتمثلة في الشرائع الإلهية.
بينما هذا الإنسان -في الرؤية الوضعية الغربية- هو سيد الكون، الذي لا سلطان على عقله إلا لعقله وحده..ولا حدود لحريته إلا إرادته واختياره، والتي لا يضبطها سوى ما يضعه بنفسه لنفسه من قوانين.
ولقد أدرك علماء الإسلام -منذ بدايات الغزو الفكري الغربي للشرق الإسلامي- هذا الفارق الجوهري في مفهوم الحرية..فانتقد العالم المجاهد عبد الله النديم [1261-1313هـ، 1845-1896م] المفهوم الغربي للحرية فقال:
«ولئن قيل: إن الحرية تقضي بعدم تعرض أحد لأحد في أموره الخاصة، قلنا: إن هذا رجوع إلى البهيمية وخروج عن حد الإنسانية..أما الحرية الحقيقية فهي عبارة عن المطالبة بالحقوق والوقوف عند الحدود.
ولئن كان ذلك سائغًا في أوربا، فإن لكل أمة عادات وروابط دينية أو بيئية، وهذه الإباحة لا تناسب أخلاق المسلمين ولا قواعدهم الدينية ولا عاداتهم..» ([11])
إننا أبناء دين أضفى القداسة الدينية على منظومة القيم الحاكمة لمؤسسة الأسرة، عندما أقامها على «الميثاق الغليظ» الجامع لقيم المودة والرحمة والسكن والسكينة..
كما رسم هذا الدين المعالم والطرق والوسائل لحل مشكلات هذه الأسرة 
-
من الإعراض.. إلى النشوز.. إلى الشقاق- وجعل «التحكيم..والشورى» السبل لإصلاح هذه المشكلات..
ونحن أبناء الحضارة التي وضعت هذه القيم الدينية وجسدتها في الممارسات والتطبيقات على امتداد تاريخ الإسلام..حتى لقد رأينا «مؤسسة الأوقاف» وهي المؤسسة الأهلية الأم -التي موَّلت صناعة الحضارة الإسلامية وتجديدها- ترصد الأوقاف الواسعة على مؤسسة الأسرة فتيسر الزواج..وتحل مشكلاته..الأوقاف التي تُيسر:
1- تزويج المحتاجين والمحتاجات.
2- وتقديم الحلي وأدوات الزينة ومستلزمات العرس للعرائس الفقيرات.
3- وتقديم حليب الرضاعة -المحلى بالسكر- لإعانة الأمهات المرضعات.
4- وتأسيس الدور لرعاية النساء الغاضبات اللواتي لا أسر لهن، أو من تسكن أسرهن في بلاد بعيدة.. فتؤسس هذه الأوقاف لهن الدور، التي تقوم على رعايتها نساء مدربات، على رأسهن مشرفة تهيئ الصلح للزوجات الغاضبات من أزواجهن..
5- وحتى الأوقاف المرصودة على رعاية الأيتام واللقطاء..
هكذا صاغ الإسلام للأسرة ميثاقاً من القيم والأخلاق.. ووضعت الحضارة الإسلامية هذه القيم في التطبيق - قدر الإمكان-..ومع تفاوت في التطبيق الذي يقترب فيه «الواقع» من «المثال» على امتداد تاريخ الإسلام..
ومن هنا -وفي مواجهة الغزو الغربي لحصن الأسرة المسلمة- تأتي الأهمية البالغة لهذا الميثاق -ميثاق الأسرة في الإسلام- تلك الأهمية التي لا تقف عند كونه السياج الذي يحمي الأسرة المسلمة في المجتمعات الإسلامية..وإنما تمتد - هذه الأهمية- إلى حيث تجعله «إعلانًا عالميًا إسلاميًا» ينطلق من عالمية الإسلام، وهدايته للعالمين، ليكون طوق نجاة للأسرة -كل أسرة- على امتداد القارات والحضارات.. وذلك عندما يدعو -باسم الإسلام- أهل الحكمة والفطرة الإنسانية السوية -من مختلف الديانات- إلى كلمة سواء..
إنه بديل إسلامي لكل ما يرفضه الإسلام فيما يتعلق بالأسرة.. تقدم به الأسرة المسلمة -عبر منظماتنا النسائية الوفية لدينها- إلى المؤتمرات العالمية «إعلاناً إسلاميًا عالميًا» لإنقاذ الأسرة من الانحلال الذي تفرضه عليها العولمة الغربية.
تلك هي رسالة هذا الميثاق.. وهذه هي مكانته.. ومقاصده.. التي ندعو الله سبحانه وتعالى..أن يهيئ لها أسباب التحقيق والتمكين..إنه -سبحانه- أفضل مسئول وأكرم مجيب.
([1]) [مشروع برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية]، الفصل الثاني عشر، الفقرة24، الترجمة العربية الرسمية، طبعة سنة 1994م.
([2]) [مشروع برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية]، الفصل السابع، الفقرات1-5.
([3]) المصدر السابق، الفصل الرابع، فقرة 2.
([4]) [مشروع برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية]، الفصل الرابع، فقرة 21.
([5]) المصدر السابق، الفصل الرابع، فقرة 26.
([6]) المصدر السابق، الفصل السادس عشر، الفقرة 7.
([7]) المصدر السابق، الفصل الرابع، الفقرة 9.
([8]) المصدر السابق، الفصل السادس عشر، الفقرة 21.
([9])[مشروع برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية]، الفصل الثاني، المبدأ 4.
([10]) المصدر السابق، الفصل السابع، الفقرة 23.
([11]) عبد الله النديم، مجلة [الأستاذ]، العدد 19، 8 جمادي الثانية سنة 1310هـ، 27من ديسمبر سنة 1892م، ص439.

بين يدي الميثاق
المصادر والمنطلقات والاختيارات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فهذا الميثاق جهد جمعي تضافر على إنجازه مجموعة من العلماء بدعوة من اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل -التابعة للمجلس العالمي للدعوة والإغاثة بالأزهر الشريف- وتحت رعايتها، ثم تتابع على تحقيقه وتمحيصه أعداد من علماء هذه الأمة ومن شتى بلادها وبقاعها زادوا على العشرين عالمًا، وقد تمثلوا جميعًا في هذا العمل قول الله تعالى: ((وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً))[النساء: 83]، فكان عملاً جماعيًا إسلاميًا، سيحفظ له التاريخ -بإذن الله- قيمته ومنزلته.
و«ميثاق الأسرة في الإسلام» يسدّ حاجة من حاجات الأمة في أهم مكوّنات ذاتها: وهي الأسرة، ويَكْشف عن عدالة الإسلام ورحمته، ويُسْره وسماحته، واعتداله ووسطيّته، في أمره كلّه، بما في ذلك نظُم الحياة الدنيوية، وعلى رأسها نظام الأسرة الذي يعتبر القلب النابض لغيره من النظُم؛ لأن الأسرة نواة المجتمع  وبذرته ووحدة تكوينه، بل هي صورة مصغّرة عنه.
هذا وقد قام القائمون على الميثاق باستقاء موادّه وبنوده من شريعتنا الغراء الثابتة بصريح الكتاب وصحيح السنة، كما قاموا أيضًا بالانتقاء والاختيار من تراثنا الفقهي الضخم بمذاهبه كلّه من لدن الصحابة والتابعين ومرورًا بالمذاهب الفقهية الأربعة وغيرها، وحرصوا في تدوينهم هذا على الابتعاد عن كل ما هو غريب ومرجوح من الآراء والأقوال وخاصة إذا ضعف مستندُه ووهن معتمدُه، أو ما كان مبنيًّا على عُرْف زمانه ثم تغيّر إلى عُرْف مُسْتحدث لم يُسْبق له حكم.
كما راعى العلماء في اختيارهم وانتقائهم وتدوينهم على أن تكون كلّ مسألة يقرِّرونها لها دليلها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، كما حرصوا على مراعاة ظروف وأحوال المجتمعات الحديثة القائمة الآن والمصالح والمفاسد المحيطة بهذه المجتمعات، ومآلات الأحوال لهذه المصالح والمفاسد، فجمعت بين الشرع والعقل، والسمع والرأي، مع الحرص الشديد على الأخذ بأيسر وأعدل وأوسط الآراء وأكثرها ملاءمة لمقتضيات العصر الحديث في نظرهم، مع تَجَنُّب مواطنِ الخلاف بقدر الإمكان.
كما وازنوا في صياغته وألفاظه بين ما هو قطعي وما هو ظني، ، وبين ما هو متفق عليه وما هو مختلف فيه، وبين ما هو ثابت وما هو متغير، فجعلوا للأول منها اللفظ القاطع، وللثاني منها اللفظ المحتمل، أما ترتيب المواد ومنهجيته البحثية فكانت مشتملة وجامعة لخير القديم والحديث، فكانت موصولة بتراثنا وأصالتنا الفقهية بتأصيلهم وتقعيدهم بل ومصطلحاتهم، وموشَّاة بأسلوبنا العصري القانوني، وأيضًا مزجوا -في تداخل تامٍّ لا ينفصل بعضه عن بعض- بين العقائد والأحكام والأخلاق، فسلوك الفرد والجماعة لا بد وأن ينضبط بذلك العقد المنظوم بين الإيمان والإسلام والإحسان، كما اعتدلت صياغة تلك المواد بين دور الإنسان كفرد، والأسرة كلبنة صغرى، والمجتمع ومؤسساته والدولة ككيان معنوي، في وسطية وعدْل وحفاظ على الحقوق وبيان للواجبات، فلم تغفل دور الفرد وحقّه وواجبه من أجل المجتمع، كما لم تهمل دور المجتمع وحقّه وواجبه في سبيل الفرد: فجاءت موادّ هذا الميثاق وفقراته رفيعة المضمون، واضحة الأسلوب، قويمة المنهج، اتّسقت فيها أمور الأسرة وشؤونها وحاجاتها اتّساقًا يرشّح بصفاء منهلها، وثبات أصولها، ورسوخ قواعدها، وشموخ مقاصدها، كما يرشّح بما تضمّنه من أحكام عادلة وتوجيهات فاضلة، ترمي إلى تحصين الأسرة والمجتمع وتمتين بنائهما وحمايتهما من الزوابع والعواصف، وصياغتهما على المكارم والفضائل، وإعدادهما ليكونا راشدين قاصدين صاعدين.
ونجد خلف تلك الكلمات الدقيقة المحدودة في «164» مادة: رُؤية مقاصِديّة وكُلَّيَّة للشريعة والفقه: تأصيلاً وتفريعًا، عقلاً ونقلاً، استشهادًا واستدلالاً، حالاً ومآلاً، يُنْبِئُ عن فِقْهٍ دقيق وفَهْمٍ عميق للواقع والشرع، مع استكمال آلات الاجتهاد، فاكتملت المنظومة الاجتهادية من الْمُجْتَهِد والْمُجْتَهَد فيه وأدوات الاجتهاد، أما «المذكرة التفسيرية» فجاءت موضّحة ومبينة لذلك الجهد العلمي الضخم المتمثل في الميثاق، رافعة النقاب عما هو مستبطن، وكاشفة اللثام عن تلك الخلفية المنهجية المخبوءة والمستورة في الصياغة الدقيقة لبنود الميثاق.
ودعاؤنا لله أن يهيئ للأمة الإسلامية كل الخير بهذا الميثاق وأن تعنى بتطبيقه على واقعها الاجتماعي والأسري، وأن تمكّن له في مجالاتها التعليمية والتشريعية والثقافية، وأن يكون خطوة فعلية نحو توحيدِ مدوّنةٍ في شؤون الأسرة في العالم الإسلامي بأسره.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



الباب الأول
مبادئ وقيم ومفاهيم عامة


الفصل الأول
رسالة الإنسان الربانية
مــادة (1(
عبادة الله وعمارة الأرض
كَرَّمَ الله الإنسان وَفَضَّلَهُ على كثير من خلقه، واستخلفه في الأرض؛ لِيُعَمِّرَهَا بالسعي فيها لتلبية حاجاته البدنية والروحية، ولإقامة مجتمع إنساني تَسُودُهُ القِيَم الْمُثْلى من الحق والخير والعدل، ولتحقيق معاني العبودية لله والإيمان به وحده، وإفراده بالطاعة والعبادة دون أحد من خلقه على منهج أنبيائه ورسله.
مــادة (2(
تأهيل الإنسان لحمل الرسالة
تحقيقًا لرسالة الإنسان في الأرض، وَهَبَه الله من القدرات العقلية والنفسية والجسدية ما يجعله أهلاً لتحقيق هذه الرسالة، وأرسل إليه الرسل لهدايته إلى أقوم سبل الرشد والفلاح في الدنيا والآخرة.
---------------
الفصل الثاني
الفطرة الإنسانية والسنن الكونية
مــادة (3(
امتــــلاك العقل وإرادة التغــــــيير
خلقَ الله الإنسان مفطورًا على الإيمان به سبحانه وتعالى، ومَنَحَهُ العقل والإرادة الذي يستطيع بهما: إما الانحراف عن فطرته أو الارتقاء بقدراته حسب مكتسباته المعرفية، وملكاته الروحية، وظروفه الاجتماعية، وهذا العقل وهذه الإرادة هي مناط الجزاء الأخروي ثوابًا أو عقابًا.
مــادة (4(
التساوي في أصل الخلْق وتنوُّع الخصائص
خلق الله البشر جميعًا متساوين في أصْل الخلْق من نَفْسٍ واحدة، ويتساوون -تبعًا لذلك- في الخصائص العامة، ومع ذلك اقتضت حكمة الله أن يتفاوتوا في بعض الخصائص كالقوة والضعف، وفي الملكات والقدرات النفسية والعقلية والجسمية.
وهذا التنوع البشري في بعض الخصائص هو قوام الحياة بالتعارف والتعاون والتكامل بين الأفراد والمجتمعات، وليس مدعاة للعداوة والتباغُض.
مــادة (5(
تكامل الزوجين: الذكر والأنثى
مع وحدة الإنسان في أصل الخَلْقِ من نَفْسٍ واحدة، فقد خلق الله منها بقدرته زوجين ذكرًا وأنثى، ولا تستمر الحياة وتَعْمُرُ الأرض ويَتَكاثَر الجنس البشري إلا بتلاقيهما وتعاونهما وتكاملهما، وتلك هي سنة الله في جميع الكائنات والأشياء الدنيوية
ومن الرابطة بين الرجل والمرأة تتكون الأسرة، وهي النواة الأولى للمجتمع الإنساني.
----------------------
الفصل الثالث
وحدة الخطاب الشرعي والتمايز في الوظائف
مــادة (6(
وحدة خطاب التكليف والمساواة في الحقوق والواجبات العامة
تقتضي المساواة بين الرجل والمرأة في فطرة الخَلْق الطبيعية أمرين:
أولهما: المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الأغلب الأعمّ من شئون الحياة، واعتبارُ كلٍّ منهما مُكَمِّلاً للآخر ومُتمِّمًا لرسالته، وشريكًا له في الحياة الزوجية والاجتماعية عدا بعض الخصوصيات المُمَيِّزة لكلٍّ منهما في تكوينه البدني والنفسي فيختص كلٌّ منهما بما تَمَيَّز فيه.
الثاني: اتَّساقًا مع هذا الأصل، جاء الخطاب الشرعي مُوَحَّدًا يتناول كلاًّ من الرجل والمرأة في سائر الأمور التي يتساويان فيها كالتكليف بالأوامر والنواهي، وفي الحلال والحرام والثواب والعقاب، وفي الحقوق والواجبات الإنسانية العامة، وفي الكرامة البشرية، كما جاء هذا الخطاب خاصًّا بكلٍّ منهما في الأمور الخاصَّة به.
مــادة (7(
تَنَوُّع التَّخَصُّصَـــــات
إنَّ تَمَايُزَ كلٍّ من الرجل والمرأة بخصائص وملكات وقدرات بدنية ونفسية معينة لا تجعل أحدَهما أعلى شأنًا من الآخر، ولكنه مَنُوطٌ بصلاحِيَّتِه لأداءِ وظائفَ حياتيةٍ وحيوية معيّنة لا يستطيع الآخر القيام بها، وهي سُنَّة الله في البشر كافَّة حتى بين الرجال وبعضهم، وبين النساء وبعضهن.
فالمرأة بعاطفتها ورقّتها وأنوثتها مصدر الاستقرار والسَّكَن النفسي والاجتماعي للرجل والأسرة، وبفطرتها وصبرها غير المحدود على مشاقِّ الحمل والولادة والأمومة، ترعى أطفالهما وتعتني بهم رضاعة وتربية وتقوم على سائر شئونهم، والرجل بقوّته وجَلَده وكَدْحه المتواصل منوط به تحصيل الرزق وتلبية احتياجات أسرته، والقيام على رعايتها وحمايتها.
مــادة (8(
توزيع المسئوليات وتَمَايُز المراكز القانونية
إنَّ العدالة والمصلحة تستوجب مراعاة هذه الخصائص الفطرية الطبيعية لكلٍّ من الرجل والمرأة في توزيع المسئوليات والتبعات والوظائف التي يؤديها كلٌّ منهما في الحالات التي تقتضيها؛ وهو ما يؤدي حتمًا إلى تَمَايُز المركز القانوني لكلٍّ من الرجل والمرأة في نطاق هذه الحالات دون غيرها.
والأسرة من أهم الميادين التي تبرز فيها تلك الفروق والملكات والمُكَوِّنات الخِلْقِيَّة البدنية والنفسية لكل من الرجل والمرأة.
مــادة (9(
صلاح المجتمع في الإقرار بالخصائص الفطرية
إن التَنَكُّر لهذه الفروق والخصائص غير جائز عقلاً وطبعًا وشرعًا؛ لما فيه من امتهان للفطرة وإنكار لظواهر طبيعية متجسدة واقعًا وعملاً ومعلومة للكافة بالعلم اليقيني والمعملي.
كما لا يجوز شرعًا التوسع في إعمال هذه الفوارق بِمَدِّهَـا خارج نطاق الحالات التي تستوجبها الشريعة أو تشهد لها الفطرة لما فيه من ظلم للمرأة وافتئات على أحكام الشريعة، ولأن كِلا الأمرين يؤدي إلى فساد كبير وخلل مجتمعي وقيمي يهدد بتدمير المجتمع ولو طال الأمد.
ولم يَحْظَ نظام اجتماعي بالعناية والتفصيل في القرآن الكريم بمثل ما حَظِيَت به الأسرة في كل شئونها على النحو الوارد تفصيلاً في الأحكام الشرعية.
الفصل الرابع
الزواج ونظام الأســـرة
مــادة (10)
تعريــــــــف
الزواج في الإسلام: رابطة شرعية محكمة بين رجل وامرأة على وَجْهِ الدوام والاستمرار، وتنعقد بالرضاء والقبول الكامل منهما وفْق الأحكام المُفَصَّلة شرعًا.
مــادة (11)
تحريم الاقتران غير الشرعي
الزواج الشرعي: هو الوسيلة المحدَّدَة على سبيل الحصر لإباحة اقتران الرجل بامرأة والأساس الوحيد لبناء الأسرة.
وقد حَرَّمَ الإسلام كافّة الصور الأخرى للعلاقة بين الرجل والمرأة ولو سُمِّيت زُورًا باسم الزواج، كما حَرَّمَ كافّة الدواعي المؤدية إليها.
مــادة (12)
تطور مظاهر الزواج بِرُقِيّ الإنسان
خَلْقُ الإنسان من ذكر وأنثى، يكشف عن الإرادة الإلهية في جَعْلِ الزواج فطرةً بشريةً وضرورةً اجتماعيةً ونظامًا أساسيًا لتكوين الأسرة والترابط الاجتماعي بين الأسر.
وقد تطورت مظاهر الزواج ووسائله بمقدار رُقِيّ الإنسان عن باقي المخلوقات وأصبح طريقًا لتزكية الجوانب الجنسية والسلوكية والاجتماعية في الإنسان.
مــادة (13)
نطاق الأسرة
الأسرة في الإسلام لا تقتصر على الزوجين والأولاد فقط، وإنما تمتد إلى شبكة واسعة من ذَوِي القُرْبى من الأجداد والجدات والأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وغيرهم ممن تجمعهم رابطة النسب أو المصاهرة أو الرضاع أينما كان مكانهم، وتَتَّسِع حتى تشمل المجتمع كله.
مــادة (14)
أهمية الأسرة وضرورة وجود رئيس لها
الأسرة كمجموع بشري من ذكر أو أنثى: هي اللبنة الأولى والوحدة الاجتماعية الأساسية للمجتمع، وتتجسّد فيها أركان المجتمع ومقوماته البنائية، ومهما صَغُر حجمُها أو عددُ أفرادها فإنهم يرتبطون بعلاقات عاطفية واجتماعية ومالية وتُنَظّمهم حقوق وواجبات، فلا يستقيم أمرها دون قيادة تدير شئونها وهي: قوامة الرجل، وهي إدارة خاضعة للضوابط والأحكام الشرعية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
مــادة (15)
حكمة تحريم زواج المحارم
حَرَّمَ الإسلام زواج المحارم من النساء وهم الذين يرتبطون بدرجة معينة من قرابة النسب أو المصاهرة أو الرضاعة، سُمُّوًا بهذه القرابة وحرصًا على حسن صلتها وعدم قطيعتها، ووقاية لها من أسباب الخصومة والبغضاء.
الفصل الخامس
مقاصـــد الأســـرة
مــادة (16)
حفظ النسل (الجنس البشري)
المقْصِد الأول للأسرة في الشريعة الإسلامية هو حفظ النسل أو الجنس البشري؛ تعميرًا للأرض، وتواصلاً للأجيال، وقد فطر الله الرغبة الجنسية في الأبدان لكونها الوسيلة الطبيعية للإنجاب المشروع، وليست غاية في ذاتها.
وتحقيقًا لهذا المقْصِد قَصَرَ الإسلام الزواج المشروع على ما يكون بين ذكر وأنثى، وحَرَّمَ كل صور اللقاء خارج الزواج المشروع، كما حَرَّمَ العلاقات الشاذة التي لا تؤدّي إلى الإنجاب، ولم يُجِزْ تنظيم النسل إلا بموافقة الزوجين.
مــادة (17)
تحقيق السكن والمودة والرحمة
حتى لا تنحصر العلاقة بين الزوجين في صورة جسدية بحتة، فقد نَبَّهَتْ الشريعة إلى أن من مقاصد هذه العلاقة أن يسكن كل من الزوجين إلى الآخر، وأن تتحقق بينهما المودة والرحمة.
وبذلك تُؤَمِّن الشريعة لكل أفراد الأسرة حياةً اجتماعيةً هانئةً وسعيدة قوامها المودة والحب والتراحم والتعاون في السراء والضراء وتُحَقِّق الاستقرار والسكن النفسي والثقة المتبادلة.
وشَرَعَتْ لتحقيق هذا المقصد أحكامًا وآدابًا للمعاشرة بالمعروف بين الزوجين، وغير ذلك من الأحكام التي تُوَفِّر الجوَّ العائليّ المملوء دفئًا وحنانًا، ومشاعر راقية.
مــادة (18)
حفــظ النســب
انتساب الإنسان إلى أصله الشرعيّ ونقاء الأنساب وصيانتها من الاختلاط، مَقْصِدٌ للشريعة مستقل عن مَقْصِد حفظ النسل.
ولأجل تحقيق هذا المقصد حرم الإسلام الزنا والتَّبَنِّي، وشُرِعَتْ الأحكامُ الخاصة بالعِدَّةِ، وعدمِ كَتْمِ ما في الأرحام، وإثباتِ النسب وجحدِه، وغيرِ ذلك من الأحكام.
مــادة (19)
الإحصــــــــــان
يوفر الزواجُ الشرعي صَوْن العفاف ويحقق الإحصان ويحفظ الأعراض، ويسدّ ذرائع الفساد الجنسي بالقضاء على فوضى الإباحية والانحلال.
مــادة (20)
حفظ التدين في الأسرة
الأسرة هي محضن الأفراد، لا برعاية أجسادهم فقط، بل الأهم هو غَرْس القيم الدينية والخُلُقية في نفوسهم، وتبدأ مسئولية الأسرة في هذا المجال قبل تكوين الجنين بحُسْن اختيار كلّ من الزوجين للآخر، وأولوية المعيار الديني والخلقي في هذا الاختيار، وتستمر هذه المسئولية بتعليم العقيدة والعبادة والأخلاق لأفراد الأسرة وتدريبهم على ممارستها، ومتابعة ذلك حتى بلوغ الأطفال رُشْدهم واستقلالهم بالمسئولية الدينية والقانونية عن تصرفاتهم.
الباب الثاني
مسئولية الأمة عن تكوين الأسرة وحمايتها


الفصل الأول
مسئولية الأمة عن تشجيع الزواج
مــادة (21)
أسـاس هذه المسئولية
تقوم مسئولية الأمّة عن أفرادها في الإسلام على أساس ارتباط الكلّ بالجزء، والكيان الواحد بأعضائه، فالأمة تتكون من أُسَر مترابطة ومتماسكة كالجسد الواحد، لا من أفراد منفصلين، ولا يتم ذلك إلا عن طريق الزواج.
والأمة الراشدة هي التي تعنى بوضع الخطط والمناهج الصالحة لتشجيع الزواج، والتبكير به؛ حرصًا على ارتقائها وقوتها الذاتية، وسدًّا لأبواب الرذيلة.
مــادة (22)
تيسير سبل الزواج الشرعي
توجب الشريعة الإسلامية على الأمّة تيسير سبل الزواج الشرعي وتذليل العقبات والصعاب الصارفة عنه ومن ذلك :
1- حلّ المشكلات المادية، وبالأخص مشكلة البطالة، وأزمة المساكن، وتقديم المعونة المادية لراغبي الزواج.
2- الارتفاع بوَعْيِ الأمة بإدراك أهمية الزواج في الإسلام، وبحَقّ الأفراد في الارتباط بالزواج.
3- الدعوة والتأكيد على السلوك الإسلامي المتوازن بالالتزام بالضوابط الشرعية للاختلاط المباح شرعًا، وأن يكون وسَطًا بين الإفراط والتفريط والتضييق والانفلات.
4- التأكيد على عدم المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج، ومحاربة العادات الاجتماعية السيئة في مجال الزواج، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمنع هذه المظاهر والحَدّ منها.
مــادة (23)
الحــثّ على تزويج الشباب
تحثّ الشريعة الإسلامية على التبكير بزواج الشباب؛ درءًا لدواعي الانحراف الأخلاقي والجنسي.
الفصل الثاني
مسئولية الأمة عن حماية الأسرة ورعايتها
مــادة (24)
أساس هذه المسئولية
تقوم هذه المسئولية على دعامتين:
الأولى: أنها تحقق مقصدًا شرعيًا؛ لأن الإسلام يقضي بأن الأصل في الزواج التأبيد وفي الأسرة البقاء والدوام، وإتمامًا لواجب التشجيع على الزواج الذي لا يستوفي مقاصده الشرعية إلا ببقاء الأسرة بالذود عنها ورعايتها.
الثانية: أن الأمة عندما تحمي الأسرة من عوامل الانهيار والتفسُّخ إنما تحمي نفسها وقيمها الاجتماعية والأخلاقية.
مــادة (25)
التوازن بين الحقوق والواجبات
يجوز استيفاء عقد الزواج بتحديد شروط كلٍّ من الزوجين بدقّة ووضوح مراعاة للعدالة والتوازن بين حقوق وواجبات كلٍّ منهما وفق الأصول والضوابط الشرعية، ضرورة ولحماية الحياة الأسرية وبقائها.
مــادة (26)
توثيق عقد الزواج
توثيق عقد الزواج بطريق رسمي يحقق مصلحة شرعية واجتماعية؛ درءًا لإنكار العلاقة الزوجية وحفاظًا على حقوق الزوجة والأولاد.
مــادة (27)
الإشهاد على عقد الزواج وإعلانه
اشتراطُ الشريعة الإشهاد على عقد الزواج، إشراكٌ للأمة في بناء الأسرة وعلامةٌ فارقة بين المشروع والمحظور في العلاقة بين الرجل والمرأة، واستحباب الإعلان عنه إشهارٌ للعقد وإقرارٌ اجتماعيٌّ بقيام أسرة جديدة.
مــادة (28)
قــيد الموالــيد
قيد المواليد لدى الجهة المختصة يكفل انتساب كل طفل إلى أبويه الشرعييَّن، ويضمن قيام أسرة صحيحة وثابتة الانتماء، كما يحقق انتماءَ الفرد إلى مجتمعه ووطنه، واحترامَ المجتمع والوطن لحقوق الفرد.
مــادة (29)
محاربة الأشكال غير المشروعة للزواج
حماية الأمة للقيم الخُلُقية والاجتماعية الفاضلة ومحاربة العلاقات الجنسية وأشكال الزواج غير المشروعة، تحمي الأسرة من الانهيار، وتحقق لها السعادة والاستقرار؛ لتصبح المحضن الصالح للنشء الجديد، كما تنمّي الإقبال على الزواج المشروع.
مــادة (30)
التصدي للأفكار المنحرفة
يجب على الأمة التصدّي للأفكار المنحرفة التي تجعل العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة صراع وتنافس، وشركة مادية يتحقق كسْب كل من طرفيها بخسارة الطرف الآخر، ونشر الوعي بأن العلاقة بينهما علاقة تعاون وتكامل.
مــادة (31)
إشاعة الوعي بقيمة العلاقة الزوجية وآدابها
إشاعة الوعي بقيمة العلاقة الزوجية في الإسلام وقيامها على المودة والرحمة والاستقرار النفسي والمشاركة في حَمْل الأعباء والتشاور في أمور الحياة الزوجية، يحمي الأسرة من أسباب الخلاف والشقاق.
الفصل الثالث
وســائل حماية الأســـــــرة
المبحث الأول : الوازع الديني

مــادة (32)
بناء الأسرة على مبادئ الدين
قيام البناء الأسري عند اختيار كل من الزوجين للآخر على مبادئ الدين وقواعده، ترسيخ لهذا البناء واستدامته.
مــادة (33)
اهتمام الشريعة بعقد الزواج
لأهمية الأسرة في بناء المجتمع، تجعل الشريعة لعقد الزواج أهمية خاصة وتحيطه بضوابط تفصيلية وشروط أشدّ وأكثر من سائر العقود الأخرى.
مــادة (34)
تبغيض الطلاق وتضييق أسباب الفرقة
تحرص الشريعة على تضييق أسباب الفرقة، وتبغيض الطلاق والتنفير منه، وعلى ترغيب كل من الزوجين في الحرص على البناء الأسري بأقصى قدْر من الصبر والتحمل.
كما تفرض لحل الخلاف بين الزوجين آليات ووسائل متعددة تضمن عدم التسرّع في افتراقهما.
مــادة (35)
أهمية النسل في تثبيت الزواج
الشريعة الإسلامية تعتبر النسل من أهم مقاصد الزواج، ووجوده مدعاة لعدم إقدام أيٍّ من الزوجين على فَصْم عُرَى الزوجية.
مــادة (36)
رقابة الضمير واستشعار رقابة الله
يتميز الوازع الديني عن الوازعين الاجتماعي والسلطاني، بتأثيره البالغ على الضمير الإنساني واستشعار رقابة الله والجزاء الأخروي ثوابًا وعقابًا، فيكون عاصمًا من فَصْم عُرَى الزواج أو ظلم المرأة، وذلك حيث تعجز الإجراءات العملية، وفي الحالات التي لا يَطَّلع عليها الناس.
----------------------
المبحث الثاني : الوازع الاجتماعي
مــادة (37)
تأثر الأسرة بالمجتمع
الأسرة جزء من المجتمع، وتتأثر حتمًا بالضوابط والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع.
مــادة (38)
تأثُّر إجراءات الزواج بالعادات والتقاليد
العلاقات الأسرية السابقة على الزواج والناشئة عنه، ومقدمات الزواج ومعايير الكفاءة بين الزوجين وعوامل نجاح الحياة الزوجية، تتأثر بالعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، ويجب أن تتشكّل وفْق الضوابط والقيم الاجتماعية في الإسلام.
مــادة (39)
تدخُّل أهل الزوجين في الزواج
يتدخل أهل الزوجين في مشروع الزواج بقدر ما تفرضه تقاليد الواقع الاجتماعي، وينبغي الحدّ من هذا التدخل قدر المستطاع وفق الضوابط الشرعية، مع إشاعة الاستمساك بالقيم والأخلاقيات الإسلامية في الارتقاء بالعلاقة بين كل من الزوجين وأهل الطرف الآخر.
مــادة (40)
الجيران ومدى تأثيرهم
العلاقات الاجتماعية بين الأسر المتجاورة تحكمها الأسس الاجتماعية السائدة، ويؤدي الجيران دورًا فعالاً في وجود المشكلات الأسرية وفي حلِّها، وبناء العلاقة مع الجيران على المبادئ والقيم الإسلامية يساعد على بقاء الأسرة وتماسكها.
مــادة (41)
التكافل الاجتماعي في الأسرة
التكافل الاجتماعي بين أفراد الأسرة يؤدي دورًا رئيسيًا في ترابطها ودوامها.
مــادة (42)
أهمية المؤسسات الأهلية
للمؤسسات الأهلية دور فعّال في أمور الأسرة، يتسع هذا الدور ليشمل مؤسسات:
1- للتشجيع على الزواج وتيسيره.
2- للتوعية بالأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة وبالدراسات الاجتماعية والنفسية المتعلقة بها.
3- لرعاية الأمومة والطفولة والمسنّين والزوجات في الخلافات الزوجية ومشكلات الشباب مع الآباء والأمهات والتي تعجز عنها الأسرة.
4- لإقامة مجالس الصلح بين أفراد الأسرة.
5- دور الحضانة والمدارس ووسائل الإعلام والمساجد تمثل التربية الخارجية التي تكوِّن أفراد الأسرة من داخل نفوسهم، فينبغي الاهتمام بها وتمكينها من حُسْن القيام بأدوارها التربوية الصحيحة التي تلائم مبادئ الإسلام.
----------------------
المبحث الثالث : الوازع السلطاني
مــادة (43)
معيار نجاح التشريعات القانونية
معيار نجاح التشريعات القانونية المنظمة للعلاقات الزوجية، رَهْنٌ بنجاحها في حل المشكلات الزوجية، وبإقامة العدالة والتوازن بين حقوق كل من الزوجين وواجباتهما في إطار أحكام الشريعة الإسلامية.
مــادة (44)
تيسير سبل التقاضي وحلّ المنازعات
على الدولة تيسير سبل التقاضي وسرعة الفصل في المنازعات الزوجية وضمان تنفيذ الأحكام فور صدورها وبصورة لائقة وكريمة؛ حرصًا على حسن العلاقات بين الأسر وعلى عدم الإضرار بالأولاد.

مــادة (45)
مسئولية الدولة عن نجاح الترابط الأسري
من مسئوليات الدولة:
1- إقامة نظم التأمينات الاجتماعية بأنواعها المختلفة.
2- الرقابة الرشيدة على وسائل الإعلام ومنع تقديم النماذج السيئة التي تصرف الشباب عن التفكير في الزواج والتي تشجّع على الفساد والانحلال وتؤدي إلى تفكّك الأسر وانهيارها.
3- أن تتضمن مناهج التعليم في مختلف المراحل -كل حسب مستواه- الثقافة العلمية اللازمة لتهيئة كل طالب وطالبة لتكوين أسرة ونجاحها، وفق الضوابط الشرعية.
----------------------
الباب الثالث
بين الزوجين


الفصل الأول
مــقدمات الــــزواج
مــادة (46)
تعريــف الخِطـــــبة
الخِطبة: هي إبداء الرجل رغبته في الزواج من المرأة وقبولها هي ووليها، لهذه الرغبة، والتواعد على إبرام عقد الزواج مستقبلاً.
مــادة (47)
آثــــــــــار الخطبـــــــة
الخطبة ليست زواجًا ولا شبهة زواج؛ وإنما هي مواعدة على الزواج بين رجل وامرأة، لا تُثبت حقًا ولا تُحِلُّ حرامًا، ولا يَحِلُّ لأحدهما من الآخر سوى النظر إليه عند الخطبة، تحقيقًا للرضاء به، وتظل أجنبية عنه حتى ينعقد العقد.
مــادة (48)
عدم جواز خطبة المرأة المخطوبة
لا يجوز شرعًا لرجل أن يتقدم لخطبة امرأة مخطوبة لغيره، ولا أن يسعى لحَمْلها أو حَمْل أهلها على فَسْخ خطبة غيره ليخطبها لنفسه.
مــادة (49)
عدم جواز خطبة المحرمات من النساء
لا يجوز خطبة امرأة يحرم زواجها على الرجل حرمة مؤبدة بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع، أو محرمة حرمة مؤقتة إلا بعد زوال سبب التحريم، ولا خطبة امرأة في عدة طلاق رجعي لا تصريحًا ولا تلميحًا إلا بعد انتهاء مدة العدة، ولا خطبة امرأة في عدة طلاق بائن أو في عدة الوفاة، إلا تلميحًا لا تصريحًا، ولا خطبة امرأة مشركة حتى تسلم.
مــادة (50)
العدول عن الخطبة وآثاره
يكره شرعًا لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة إلا لمصلحة مشروعة، كنقص ظهر له في دين الآخر أو خلقه أو اعوجاج مسلكه أو لأمر نفسي يصعب احتماله، ويُرْجَعُ إلى الأحكام الشرعية لتحديد حقوق والتزامات كل من الطرفين عند عدول أحدهما.
----------------------
الفصل الثاني
عقـــــــــد الـــــــزواج
مــادة (51)
عوامل نجاح الأسرة
حددت الشريعة الإسلامية معايير للزواج الناجح، ينبغي على كل من الزوجين مراعاتها بما يحقق مصلحة الأمة والأسرة عمومًا، والأطفال على وجه الخصوص.
ومن هذه المعايير: التدين الصحيح، والخلق الكريم، والمنشأ الطيب، ويجوز التماس صفات أخرى معها.
ومن عوامل نجاح الزواج مراعاة التكافؤ في السنّ والثقافة والبيئة الاجتماعية، ومنها خلو الزوجين من الأمراض المنفرة أو المعدية أو الوراثية الخطيرة.
مــادة (52)
متى يكون الزواج واجبًا
تجري على الزواج الأحكام الشرعية الخمسة: الوجوب والندب والإباحة والكراهة والتحريم، وتعتبر الشريعة الإسلامية الزواج واجبًا على من يخشى على نفسه الفتنة مع قدرته على حَمْل أعبائه المادية.
مــادة (53)
شروط صحة الزواج
يشترط أن يتم عقد الزواج بحضور شاهدين، وأن يباشر العقد وليّ الزوجة، ويجوز لمن سبق لها الزواج أن تتولى العقد بنفسها إذا ثبت عضل وليها أو فقدت الولي، ويندب الإعلان عن الزواج بإقامة وليمة؛ احتفالاً به وإظهارًا للفرح والسرور.
مــادة (54)
حقّ الاشتراط عند عقد الزواج
يجوز للزوجة أن تشترط على زوجها عند عقد الزواج ما تراه أكفل لراحتها وأوفى بحاجتها من المباحات التي لا تنافي مقتضى عقد الزواج، فلها مثلاً أن تشترط تفويض الطلاق إليها مع عدم الإخلال بحقّ الرجل فيه، أو ألا يخرجها من بلدها أو ألا يتزوج عليها، أو تشترط أن تعمل خارج البيت، ولها أن تحدّد الجزاء المترتب على مخالفة هذا الشرط، وللرجل نفس الحق في الاشتراط، كأن يشترط أن تعيش معه في بيت أهله، أو تسافر معه إلى حيث يعمل.
مــادة (55)
التيسير في تكاليف الزواج
تنهى الشريعة الإسلامية عن المغالاة في المهور، وعن التشدّد في المسائل المادية التي تُحِيل الزواج إلى مساومة مادية تهبط بمنزلة المرأة وبقيمة العلاقة الزوجية باعتبارها رابطة معنوية تقوم على السكن والمودة والتراحم.
----------------------
الفصل الثالث
ضوابط العلاقة بين الزوجــين
مــادة (56)
المساواة بين الزوجين إلا فيما خُصِّص
الأصل العام في الإسلام هو المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وهي مقرّرة شرعًا في الأعم الأغلب من أمور الحياة، والاستثناء هو اختصاص كل منهما ببعض الوظائف التي لا يستطيع الآخر القيام بها، بحكم طبيعة تكوينه البدني والنفسي وخصائصه الذاتية.
وليس ثمة مانع شرعي من توزيع الأعباء الاجتماعية بين الرجل والمرأة بما يحقق المصلحة العامة للأسرة والمجتمع.
مــادة (57)
القيــم المعنوية والأخلاقيــة
استنادًا إلى هذا الأصل العام الوارد في المادة «56» تقوم العلاقة الزوجية على عدد من القيم المعنوية والأخلاقية والضوابط الشرعية الآتية:
1- المودة والرحمة والثقة المتبادلة والتعاون على السراء والضراء.
2- العشرة بالمعروف والإحسان واحترام الكرامة البشرية.
3- الشَّراكة التامة في أمور الحياة الزوجية القائمة على التراضي والتشاور واعتبار كل من الزوجين جزءًا من الآخر ومُكَمِّلاً له ومُتَمِّمًا لرسالته في الحياة الزوجية والاجتماعية.
مــادة (58)
توافر الأهلية والشخصية المستقلة للمرأة
تتمتَّع المرأة في الشريعة الإسلامية بالأهلية الشرعية والقانونية الكاملة، وباحترام إرادتها، وباستقلال ذِمّتها المالية، وباحتفاظها باسم أسرتها.
مــادة (59)
مسئولية الرجل عن الأسرة
للرجل القوامة على الأسرة، باعتبارها وحدة اجتماعية مكونة من عدة أفراد، ولابد لها من رئاسة وإلا فَسَدَ أمرها وتبدّد شملها، والرجل مؤهّل بحكم فطرته وتكوينه البدني والنفسي لحمل تبعات هذه المسئولية ومَشَقَّاتها، وهي ليست قوامة قَهْر وتسلط، ولكنها مسئولية وجوب وتكليف لرعاية الأسرة وحمايتها وصيانتها، وضمان مصالحها المادية وكفالتها بالعمل والكسب وتحصيل المال.
مــادة (60)
مسئولية المرأة في بيتها
يُقَرِّر الإسلام للمرأة نوعًا من المسئولية يناسب طبيعتها وتكوينها البدني والنفسي، ويعتبرها راعية ومسئولة مع زوجها عما ترعاه من أمور البيت والأولاد، وهي مسئولية لها مكانتها وخطرها على الأسرة والمجتمع كله، ولا تقلّ أهمية عن مسئولية الرجل، بل أعظم منها في التأثير المعنوي والأخلاقي.
----------------------

الفصل الرابع
الحقوق والواجبات الزوجية المتبادلة
مــادة (61)
تثقيف الشباب بمبادئ الإسلام في الزواج
ضرورة تثقيف الشباب من الجنسين بمبادئ الإسلام وقيمه وآدابه وأصوله في شأن الزواج وأمور التعامل بين الزوجين، ووسائل تكوين حياة زوجية وأسرية صالحة وناجحة.
المبحث الأول : الحقوق والواجبات المشتركة
مــادة (62)
التعاون على المسئوليات الزوجية
على كلّ منهما واجب الإخلاص للآخر والثقة به، والتناصح والتعاون على القيام بمسئوليات الحياة الزوجية ورعاية الأبناء وتربيتهم في كل الظروف والأحوال.
مــادة (63)
الحرص على التفاهم وعدم التنازع
تحثّ الشريعة الإسلامية كلاًّ من الزوجين على فهْم طبيعة الآخر، والوعْي بالفوارق الفطرية والطبيعية والنفسية لكلّ منهما، وبوجود قواسم وسمات مشتركة بينهما، كما تحثّ الشريعة كلاًّ من الزوجين -لنجاح الحياة الزوجية- على الاهتمام بعوامل التوافق والإيجابيات في شخصية الطرف الآخر، وحصْر أسباب الاختلاف، والبحث لها عن حلول وسط يتراضيان عليها، والبعد عن نزغات العناد والإثارة والإفراط في الغيرة وحبّ التغلب على الآخر.
مــادة (64)
الاحترام المتبادل
على كل من الزوجين:
1- واجب احترام الآخر وتقدير متاعبه الحياتية ومراعاة مكانته في الأسرة، وإعانته على تحمل أعبائه وعلى سائر شئونه، واحترام قرابته، واعتبارهم في مكانة قرابته من النسب.
2- مراعاة مشاعر الآخر وتجنب كلّ ما يجرح كرامته وكرامة أسرته، سواء في سرٍّ أو على ملأ من الناس وخاصة أمام أحد من أهله أو أهلها.
مــادة (65)
ضوابط الخلاف بين الزوجين
1- لا يجوز للزوجين فيما بينهما استعمال الشتم والتقبيح وإسماع أحدهما الآخر ما يكره.
2- لا يجوز في حالة الخلاف بين الزوجين إعراض أحدهما عن كلام الآخر أكثر من ثلاثة أيام وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، كما لا يجوز لأيهما هجر الآخر في الفراش إلا لسبب شرعي وبالشروط الواردة في الأحكام الشرعية.
3- لا يجوز -مهما بلغت درجة الخلاف بين الزوجين- اللجوء إلى استعمال الضرب تجاوزًا للضوابط الشرعية المقررة، ومن يخالف هذا المنع يكون مسئولاً مدنيًا وجنائيًا.
4- ينبغي الحرص على إبقاء الخلاف محصورًا بينهما بعيدًا عن الأطفال، وعدم إشاعته بين الأهل والمعارف، ومحاولة حلّه بالتفاهم بينهما، فإن عَجَزَا فبالاحتكام إلى حَكَمَيْن عَدْلَيْن من أهله ومن أهلها.
5- كتمان الأسرار الزوجية؛ إذ يَطَّلِعُ كلٌّ منهما على أَدَقِّ أسرار الآخر، بما لا يَعْلَمُه أحدٌ سواهما إلا الله عز وجل، وإفشاءُ هذه الأسرار ولو بعد الطلاق إثمٌ ومعصيةٌ وخيانةٌ للأمانة.
مــادة (66)
التزام كل منهما بالآداب الإسلامية
يجب على كلِ من الزوجين:
1- أن يَحثَّ كلٌّ منهما الآخر على التزام طاعة الله والتحلّي بمكارم الأخلاق، ومراقبة الله وخشيته في السر والعلن، وأن يأخذه بأداء حقوق الله كما يأخذه بحقوقه أو أشد، وأن يكون كلٌّ منهما قدوة للآخر وللأبناء في هذا الشأن.
2- أن يُعلِّم كلٌّ منهما الآخر، أو يُيَسِّرَ له تَعَلُّم كل ما يحتاج إليه في إحسان حياته الدنيوية والأخروية.
3- التزام كل منهما بالنظام والنظافة والتطهر في كل شئونهما، ليس فقط نظافة المكان والجسم والثياب، ولكن من باب أولى نظافة النفس وطهارتها ونظافة القلب واليد واللسان من جميع المحرمات والآثام.
4- الحرص على الالتزام بالحلال الطيب، والكسب الحلال وتجنب الحرام مهما كانت مغرياته، والاقتصاد والاعتدال في الإنفاق دون إسراف ولا تقتير، والبعد عن المظاهر والشكليات والتقليد الأعمى للآخرين.
مــادة (67)
حسن الصلة بالناس وخاصة الجيران والأقارب
ينبغي على كل من الزوجين:
1- الحرص على الآداب الشرعية في زيارة الآخرين واستقبالهم ومخالطتهم.
2- الحرص على إحسان الصلة بالناس وخاصة الجيران والأقارب وذوي الأرحام واعتبار قرابة كل منهما في درجة قرابة النسب للآخر.
3- عدم الإزعاج للآخرين خاصة الجيران بأي وجه من أوجه الإزعاج والضوضاء.
4- العناية بالصحة واجتناب العادات الغذائية السيئة، والحرص على استخدام المنتجات الوطنية ومقاطعة منتجات الأعداء.
----------------------
المبحث الثاني:الحقوق الخاصّة للزوجة على زوجها
مــادة (68)
الالتزام بتكاليف الزواج
تفرض الشريعة الإسلامية على الزوج -وحده-، نفقات الزواج ومهر زوجته وتأثيث بيت الزوجية، ولا تتكلف الزوجة شيئًا من ذلك إلا برضائها وطيب نفسها ومع حفظ حقها فيما تسهم به.
مــادة (69)
المعاملة بالمعروف والإحسان
توجب الشريعة الإسلامية على الزوج أن يعامل زوجته بالمعروف والإحسان ويتحقق ذلك بما يلي:
1- مراعاة فطرتها واختلاف نشأتها ونظرتها لبعض الأمور ومعاملتها باللين والرفق في حلم وهوادة، وأن يهيئ لها المسرات البريئة.
2- عدم منعها من زيارة والديها ومحارمها، إلا في حالة ثبوت ضرر معتبر شرعًا وبقدر تلافي الضرر.
3- الاعتدال في الغيرة عليها دون إفراط ولا تفريط.
مــادة (70)
حــــــق النفقـــــة
للزوجة -ولو كانت ذات مالِ- الحقّ في الإنفاق عليها بما يكفيها للطعام والشراب والمسكن والملبس والعلاج من الأمراض بقدر استطاعته يُسْرًا وعُسْرًا في غير إسراف ولا تقتير، على النحو الوارد تفصيلاً في الأحكام الشرعية.
مــادة (71)
عمل المرأة خارج البيت
عمل المرأة خارج بيتها في نظر الإسلام أمر مباح أصلاً، وهو ليس غاية في ذاته، ولكنه وسيلة لتحقيق مصلحة الأسرة والمجتمع، وتطرأ عليه أحكام الوجوب والندب والحظر وفْق الظروف والأحوال، وفي كل الحالات يخضع للضوابط الآتية:
1- أن يكون العمل مباحًا شرعًا، ومتفقًا مع مصلحة الجماعة وفطرة المرأة.
2- التفاهم والتراضي بين الزوجين في حدود مصلحة الأسرة دون تكلّف ولا إفراط، مع تحديد العلاقة المالية بين الزوجين على النحو المبين في المادة «76».
3- أولوية مصلحة الأطفال في التربية والرعاية الصالحة باعتبارهم عماد الأمة وجيل المستقبل.
4- الالتزام بالضوابط الأخلاقية الإسلامية للرجل والمرأة.
مــادة (72)
إعانتها في عمل المنزل
إذا اقتضت الظروف أن تعمل الزوجة خارج البيت، فعلى زوجها أن يعينها وأن يهيّئ لها سبل أداء عملها وإحسانه كما يعينها على أداء الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال.
----------------------
المبحث الثالث : حقوق الزوج الخاصة على زوجته
مــادة (73)
طاعته في المعروف
للزوج على زوجته أن تطيعه في المعروف، وهو كل أمر مباح شرعًا ولا يصيبها منه ضرر أو إيذاء.
مــادة (74)
عدم الإسراف في الإنفاق
يجب عليها أن تتّقي الله في ماله وأن تنفق منه بقدر حاجتها وحاجة أولادها بحكمة وتبصُّر دون إسراف ولا تبذير، وألا تتصرّف في شيء منه إلا بإذنه، أو فيما يجري به العرف والعادة.
مــادة (75)
حــقّ الالتزام بآداب الدين
1- على الزوجة أن تكون صالحة قانتة متأدبة بآداب الدين، ملتزمة باللباس الشرعي، والحشمة والوقار والجدّ في زينتها وكلّ أعمالها.
2-من حقّ الزوج مَنْع زوجته من كل ما يمكن أن يُؤَدِّي إلى ارتكاب المنكرات والرذائل وارتياد أماكن اللهو العابث؛ وفي غير هذه الأماكن يتم التفاهم بينهما وفق الضوابط الشرعية.
مــادة (76)
مســئوليتها عن بيتها
1- على الزوجة القيام بشئون بيت الزوجية والأولاد على الوجه الملائم لأمثالهما، وهو واجب عليها ديانة وبحكم روابط المودة والرحمة والتعاون على ما فيه سعادتهما، ولكنها لا تُجبر عليه قضاء، وإذا كانت تعمل خارج المنزل، فعليها أن تسهم في نفقات البيت بالقدر المناسب لحالهما وحسبما يتفقان عليه رضاء، أو بتقدير حَكَم عَدْل بين الطرفين.
2- إذا كانت ذات مال وأعسر زوجها، وجب عليها الإنفاق عليه وعلى الأولاد وترجع على الزوج بما أنفقته إذا أيسر وفْق الضوابط وفي الحدود المقررة شرعًا.
----------------------

الفصل الخامس
الحقوق المتبادلة بين الآباء والأبناء
مــادة (77)
أساس العلاقة بين الآباء وأبنائهم
يقيم الإسلام علاقة الأبوة والبنوة على أساس متين من البرِّ والترابط والود والرحمة، وجعل لكل من الطرفين حقوقًا وعليهما واجبات متبادلة، وسيأتي بيان حقوق الأبناء على الآباء في الفصل الخامس من الباب الرابع الخاص بحقوق وواجبات الطفل في الإسلام.
مــادة (78)
حقوق الآباء على أبنائهم
1- صحبتهما بالمعروف ولو كانا على غير دينه أو مذهبه.
2- الإحسان إليهما وإكرامهما والقيام بحقوقهما ورعاية شيخوختهما وخاصّة أمه.
3- ألا يرفع صوته عليهما ولا يَنْهَرهما ولا يؤذيهما أدنى إيذاء ولو بالإشارة.
4- رعاية حقوقهما بعد وفاتهما بالدعاء والاستغفار لهما وَإنفاذ عهدهما ووصيتهما وإكرام صديقهما وصلة رحمهما.
----------------------
الفصل السادس
فــي تعـــــدد الزوجات
مــادة (79)
ضوابـــط التعــــــــدّد
يباح تعدد الزوجات في الحدود المقررة شرعًا؛ تحقيقًا لمصلحة شرعية أو اجتماعية، وبشرْط القدرة على تبعات الإنفاق على الزوجات والأبناء، وتحقيق العدالة بينهم بالمساواة التامة في المسكن والمأكل والملبس والمبيت وكلّ شئون الحياة.
مــادة (80)
عدم إظهار الميل لإحدى الزوجات
تحثّ الشريعة على التوازن النفسي بعدم المبالغة في إظهار الحب والميل القلبي لإحدى الزوجات.
مــادة (81)
اشتراط عدم التعدّد
يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج ألا يتزوج عليها زوجها، وأن تحدّد الجزاء المترتّب على مخالفة هذا الشرط.
مــادة (82)
متى يكون التعدّد سببًا للطلاق
إذا لم يراعِ الزوج الشروط الشرعية للتعدّد، وترتّب على ذلك ضرر للزوجة كان من حقها طلب الطلاق، فإذا لم يَسْتَجبْ الزوجُ طَلَبَتْ من القاضي تطليقَها منه.
----------------------

الفصل السابع
فـــــي الفرقــــة
المبحث الأول : الطلاق
مــادة (83)
ماهيته والحكمة من ورائه
الطلاق: هو انفصام رابطة الزواج بإرادة الزوج المنفردة، وهو من المباحات الْمُبْغَضَة في الإسلام بل أبغض الحلال إلى الله، وقد شُرِعَ للتَّخَلُّصِ من زواجٍ لم يتحقق مقصودُه الشرعي، حينما يَسْتَحْكِمُ الخلاف بين الزوجين ويتأكد استحالةُ استمرارِ الزواج.
مــادة (84)
ضرورة الصبر والاحتمال
تُوْجبُ الشريعة الإسلامية على كلٍّ من الزوجين الصبر على شريك حياته واحتماله إلى أبعد مدى مستطاع.
مــادة (85)
تضييق أسباب الطلاق
تعمل الشريعة الإسلامية على تضييق سبل إيقاع الطلاق، وتعقيد إجراءاته وتعدّدها، وتحرص على استدامة الزواج وتجنّب استحكام الخلاف بين الزوجين، وأوردت لتحقيق هذا الهدف آليات ووسائل متعددة مبسوطة في الأحكام الشرعية.
مــادة (86)
مـــتعة الطـــلاق
تحثّ الشريعة الإسلامية على إعطاء الزوجة المطلّقة عطاءًا ماديًا يسمى المتعة بقدر يَسَار الزوج ومدة الزواج تطييبًا لنفسها وجبرًا لما أصابها من ضررٍ بسبب الطلاق.
----------------------
المبحث الثاني : التطليق
مــادة (87)
التطلــيق للضــرر
إذا وقع على الزوجة ضرر من زوجها، يتعذّر معه دوام العشرة بين أمثالهما كان لها الحق في طلب الطلاق، فإذا امتنع زوجها عن طلاقها رفعت أمرها إلى القاضي، فإذا ثبت الضرر قضى لها بالتطليق من زوجها، والتطليق للضرر يقع بائنًا بينونة صغرى، فلا تحلّ لزوجها إلا بعقد ومهر جديدين إذا لم يكن الطلاق مكمّلاً للثلاث.
مــادة (88)
التطليق لعدم الإنفاق أو للغَيْبة المنقطعة
للزوجة حق طلب الطلاق إذا امتنع زوجها عن الإنفاق عليها، أو غاب عنها غَيْبة بعيدة منقطعة أو كان مفقودًا أو مسجونًا مدة طويلة، ولم يكن له مال ظاهر تنفق منه، أو له مال ولكنها تضررت من بُعْدِه عنها، وذلك وفْق الضوابط والشروط الواردة في الأحكام الشرعية.
مــادة (89)
الخلــــــــــــع
إذا أبغضت المرأة زوجها وأصابها النفور منه دون سبب من جانبه يتوافر به موجب الطلاق للضرر، ولم تُطِقْ صبرًا على الإقامة معه، كان لها الحق في طلب الطلاق مقابل التنازل عن حقوقها المالية المترتبة على الطلاق وأن تردّ إليه ما قدّمه لها من مهر وهدايا.
هذا النوع من الطلاق يعرف بالخلع، وهو يتم في الأصل بالاتفاق بين الطرفين، فإذا لم يتفقا أو لم يستجب الزوج تعسّفًا، رفعت الزوجة أمرها إلى القاضي ليحكم بتطليقها من زوجها طلاقًا بائنًا.
----------------------
المبحث الثالث : فســخ عقــد الزواج
مــادة (90)
ســـبب الفســــخ
لكلٍّ من الزوج والزوجة حقّ طلب التفريق بينهما، إذا وجد في الآخر عيبًا مستحكمًا لا يمكن البرء منه، أو يمكن بعد زمن طويل، ولا يمكن العيش معه إلا بضرر، وذلك بشرط عدم العلم بالعيب إذا كان قائمًا قبل العقد، وعدم الرضاء به صراحة أو ضمنًا إذا وقع العلم أو حدث المرض بعد العقد.
ويستعان بأهل الخبرة في تحديد العيوب الموجبة للتفريق، وتعتبر الفرقة فسخًا لعقد الزواج لا طلاقًا.
----------------------
الباب الرابع
حقوق وواجبات الطفل في الإسلام


الفصل الأول
العناية بالطفل منذ بدء تكوين الأسرة
مــادة (91)
طلب الولد حفظًا للجنس البشري
1- الطفل نعمةٌ إلهية، ومطلبٌ إنسانيٌّ فطريّ.
2- وتُرَغِّب الشريعة الإسلامية في طلب الأولاد حفظًا للجنس البشري.
3- ولذلك تُحرِّم الشريعة تعقيم الرجال والنساء واستئصال الأرحام والإجهاض بغير ضرورة طبية، كما تُحرِّم الطرق التي تحول دون استمرار مسيرة البشرية.
4- من حق الطفل أن يأتي إلى الحياة عن طريق الزواج الشرعي بين رجلٍ وامرأة.
مــادة (92)
الرعاية المتكاملة منذ بدء الزواج
1- تشمل رعاية الشريعة الإسلامية للطفل المراحل التالية:
أ- اختيار كل من الزوجين للآخر.
ب- فترة الحمل والولادة.
ج- من الولادة حتى التمييز (مرحلة الطفل غير المميِّز).
د- من التمييز حتى البلوغ (مرحلة الطفل المميِّز).
2- وتنشأ للطفل في كل من هذه المراحل حقوق تلائمها.
مــادة (93)
الأسرة مصدر القيم الإنسانية
الأسرة محضِن الطفل وبيئته الطبيعِيَّة اللازمة لرعايته وتربيته، وهي المدرسة الأولى التي يُنَشّأ الطفل فيها على القيم الإنسانية والأخلاقية والروحية والدينية.
مــادة (94)
الالتزام بمعايير الزواج الناجح
من حق الطفل على أبويه أن يُحْسن كلّ منهما اختيار الآخر، وأن يلتزم بمعايير الزواج الناجح التي حددتها الشريعة الإسلامية والمنصوص عليها في المادة «51» من هذا الميثاق.
----------------------
الفصل الثاني
الحـــريات والحقوق الإنسانية العامة
مــادة (95)
حق الحياة والبقاء والنماء
1- لكل طفل منذ تخلّقه جنينًا حقٌ أصيلٌ في الحياة، والبقاء، والنماء.
2- يحرم إجهاض الجنين إلا إذا تعرضت حياة الأم لخطر محقق لا يمكن تلافيه إلا بالإجهاض.
3- من حق الجنين الحصول على الرعاية الصحية والتغذية الملائمة من خلال رعاية أمه الحامل.
4- يَحْرُم بوجه عام الإضرار بالجنين، وقد نظمت الشريعة الإسلامية الجزاء المدني والعقابي لمن يخالف ذلك.
مــادة (96)
الاحتفاء بمقدم الطفل
من حقّ الطفل عند ولادته إحسان تسميته، وإبداء السرور والبشرى بمقدمه، والتهنئة به والاحتفال بمولده، وتأمر الشريعة الإسلامية بالتسوية بين البنين والبنات في كل هذه الأمور، وتُحَرِّم التسخُّط بالبنات، أو فعل أي شيء يؤذيهن.
مــادة (97)
الحفاظ على الهوية
للطفل الحق في الحفاظ على هُويته، بما في ذلك اسمه، وجنسيته، وصِلاته العائلية، وكذلك لغته، وثقافته، وعلى انتمائه الديني والحضاري.
مــادة (98)
تحريم التمييز بين الأطفال
تُحرِّمُ الشريعة الإسلامية أي نوع من أنواع التفرقة أو التمييز بين الأطفال سواءٌ أكان التمييز بسبب عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه، أو لونهم أو جنسهم أو جنسيتهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي، أو أصلهم القومي أو العرقي أو الاجتماعي، أو ثروتهم أو عجزهم، أو مكان مولدهم، أو أي وضع آخر يبدو من خلاله هذا التمييز خلافًا للأحكام الشرعية.
مــادة (99)
الرعاية الصــــــحيـة
للطفل حق التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه، وله حق استخدام مؤسسات الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل.
مــادة (100)
المعامـــلة الحانيــــة
للطفل الحق في أن يلقى من والديه ومن غيرهما المعاملة الحانية العادلة المحقِّقة لمصلحته.
مــادة (101)
الاستمتاع بوقت الفراغ
للطفل حق الاستمتاع بطفولته، فلا يُسلب حقه في الراحة، والاستمتاع بوقت الفراغ، ومزاولة الألعاب والاستجمام والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية والفنية بما يتناسب مع سنه ويحفظ هويته، مع إبعاده عن وسائل اللهو المحرم شرعًا وقانونًا.
مــادة (102)
حرية الفكر والوُجْدان
1- للطفل في حدود الضوابط الشرعية والقانونية الحق في حرية الفكر والوُجْدان، وله الحق في رعاية فطرته التي ولد عليها.
2- وللوالدين والمسئولين عن رعايته شرعًا وقانونًا حقوق وعليهم واجبات في توجيه الطفل لممارسة حقه بطريقة تنسجم مع قدراته المتطورة ومصالحه الحقيقية.
مــادة (103)
حريــــــة التعبـــير
1- للطفل الحق في حرية التعبير، بما لا يتنافى مع تعاليم الإسلام وآدابه.
2- ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار القويمة التي لا تتنافى مع مبادئ الأخلاق والدين والوطنية، وحرية تلقيها وإذاعتها سواء بالقول أو بالكتابة، أو بالفن أو بأية وسيلة أخرى مناسبة لظروفه وقدراته الذهنية.
3- وللطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حقُّ التعبير بحرية عن تلك الآراء، في جميع المسائل التي تخصه، وتُولَى آراءُ الطفل الاعتبارَ الواجبَ وفقًا لسن الطفل، ونضجه، ولمصالحه الحقيقية.
4- ولا يحدّ من هذه الحرية سوى احترام حقوق الغير، أو سمعتهم، أو حماية الأمن الوطني، أو النظام العام أو الصحة العامة، أو الآداب العامة.
----------------------
الفصل الثالث
حقـــوق الأحوال الشخصية
مــادة (104)
النســــب
1- للطفل الحق في الانتساب إلى أبيه وأمه الشرعيين.
2- وتَحْرُمُ -بناء على ذلك- الممارسات التي تشكك في انتساب الطفل إلى أبويه، كاستئجار الأرحام ونحوه.
3- وتُتَّبَع في ثبوت النسب أحكامُ الشريعةِ الإسلامية.
مــادة (105)
الرضــاع
للطفل الرضيع الحق في أن ترضعه أمه، إلا إذا منع من ذلك مصلحة الرضيع، أو المصلحة الصحية للأم.
مــادة (106)
الحضــانة
1- للطفل الحقّ في أن يكون له من يقوم بحضانته -أي ضمه- والقيام على تنشئته، وتربيته، وقضاء حاجاته الحيوية والنفسية، والأم أحق بحضانة طفلها، ثم من تليها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
2- ويشمل نظام الحضانة الأطفال الأيتام، واللقطاء، وذوي الاحتياجات الخاصة، واللاجئين، والمحرومين بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئتهم العائلية، والمقهورين بالطرد ونحوه.
3- ولا تجيز الشريعة الإسلامية نظام التبني، ولكنها تكفل حقوق الرعاية الاجتماعية بكافة صورها للأطفال أيًا كان انتماؤهم.
4- وتقوم مؤسسات المجتمع كافة ومنها الدولة، بتوفير الدعم والخدمات اللازمة لمعاونة الحاضنات على القيام بواجباتهن.
5- الوالدان صاحبا الحضانة أساسًا، ولا يمكن فصل الطفل عنهما أو عن أحدهما إلا لضرورة راجحة، والضرورة تقدر بقدرها.
6- الوالدان مسئولان بالتشاور بينهما عن رعاية الطفل، ومصالحه، وكيفية معيشته، ويمكن أن يستعينا بجهة الرعاية الاجتماعية المختصة أو القضاء عند الحاجة لتحقيق تلك الرعاية، وهذه المصلحة.
7- ومصلحة الطفل يقدرها أهل الخبرة والاختصاص القضائي والاجتماعي والطبي وفق الظروف المحيطة بكل طفل على حدة.
مــادة (107)
النـفـقــة
1- لكل طفل الحق في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني، والعقلي، والديني، والاجتماعي.
2- ويثبت هذا الحق للطفل - الذي لا مال له - على أبيه، ثم على غيره من أقاربه الموسرين، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
3- ويمتد هذا الحق للولد حتى يصبح قادرًا على الكسب وتتاح له فرصة عمل، وللبنت حتى تتزوج وتنتقل إلى بيت زوجها، أو تستغني بكسبها.
4- وعلى مؤسسات المجتمع كافة ومنها الدولة مساعدة الوالدين، وغيرهما من الأشخاص المسئولين عن الطفل، في تأمين ظروف المعيشة اللازمة لنموه.
----------------------
الفصل الرابع
الأهليــة والمسئولية الجنائية
مــادة (108)
الأهلية المحدودة للجنين
ويتمتع الجنين بأهلية وجوب محدودة للحقوق المالية التي تقررها له الشريعة الإسلامية، فيحتفظ له بحصته في الميراث، والوصية، والوقف، والهبة من الوالدين أو الأقرباء أو الغير، على أن تكون معلقة بميلاده حيًا.
مــادة (109)
أهلية الوجوب للطفل
1- يتمتع الطفل -منذ ولادته حيًّا- بأهلية وجوب كاملة فيكون له بذلك حقوق في الميراث والوصية والوقف والهبة وغيرها.
2- يبدأ حق الطفل في الانتفاع من الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمين الاجتماعي والإعانات وغيرها منذ ولادته.
مــادة (110)
أهليـة الأداء
أهلية الأداء - هي أهلية الطفل للتصرف في حقوقه وأمواله - مناطها الرشد العقلي، بالقدرة على معرفة النافع من الضار، ويتدرج التمييز العقلي حَسَب المراحل العمرية، ويتأثر بالسن، وبعوارض الأهلية التي قد تعدمها أو تنقصها.
مــادة (111)
تدرج المسئولية الجنائية والمعاملة الخاصة
1- الطفل الذي لم يبلغ سن التمييز التي يحددها القانون، يكون غير مسئول جنائيًّا، ويجوز أن يخضع لأحد تدابير الرعاية المقررة قانونًا.
2- الطفل الذي تجاوز سن التمييز ولم يصل إلى سن البلوغ التي يحددها القانون، تتدرج معاملته إما بإخضاعه لأحد تدابير الرعاية أو لأحد تدابير الإصلاح أو لعقوبة مخففة.
3- في كل الأحوال للطفل الحق في:
أ- مراعاة سنه، وحالته، وظروفه، والفعل الذي ارتكبه.
ب- أن تتم معاملته بطريقة تتفق وإحساسه بكرامته، وقدره، وتعزز احترامَ حقوقه الإنسانية، وحرياته الأساسية، والضمانات القانونية، احترامًا كاملاً.
ج- تشجيع إعادة اندماجه وقيامه بدور بنَّاء في المجتمع.
د- محاكمتِه أمام هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة تفصل في دعواه على وجه السرعة، ويساعدها خبراءُ اجتماعيون وقانونيون، وبحضور والديه أو المسئولين عن رعايته قانونًا ما لم يكن ذلك في غير مصلحة الطفل الفضلى.
هـ- تأمين قيام سلطة قضائية أعلى لإعادة النظر في القرار الصادر ضده.
----------------------
الفصل الخامس
إحســـان تربية الطفل وتعليمه
مــادة (112)
التربية الفاضلة والمتكاملة وفق الضوابط الشرعية
1- الحق تجاه والديه أن يقوما بمسئوليتهما المشتركة عن إحسان تربيته تربية قويمة ومتوازنة، وعن نموه العقلي والبدني، وينصرف هذا الحق إلى كل من يحل محل الوالدين من المسئولين عن رعايته والقيام على مصالحه، وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع اهتمامهما الأساسي.
2- ومن أولويات التربية الأساسية تعليمه قواعد الإيمان، وتدريبه على عبادة الله، وطاعته، وتأديبه بآداب الإسلام، ومكارم الأخلاق، وتعويده على اجتناب المحرمات، وسائر السلوكيات والعادات السيئة والضارة، والبعد عن قرناء السوء، وتوجيهه إلى الرياضة المفيدة، والقراءة النافعة، وأن يكون الوالدان أو المسئولون عن رعايته قدوة عملية صالحة له في كل ذلك.
3- وعليهم مراعاة التدرج في منحه هامشًا من الحرية، وفقًا لتطوره العمري، بما يعمق شعوره بالمسئولية؛ تمهيدًا لتحمله المسئولية الكاملة عند بلوغه السن القانونية.
4- من الضروري حماية الطفل وخاصة في سن المراهقة من استثارة الغرائز الجنسية، والانفعال العاطفي عند التوعية الجنسية، ويجب في جميع الأحوال:
أ- استخدام الأسلوب الأمثل في التعبير، والملائم لكل مرحلة من مراحل نمو الطفل العقلي والوجداني.
ب- إدماج المعلومات الجنسية بصورة ملائمة لمرحلته العمرية في مواد العلوم المناسبة لها كعلم الأحياء، والعلوم الصحية، والعبادات والأحوال الشخصية، والتربية الدينية.
ج- اقتران عرض مواد التوعية الجنسية بتعميق الآداب السلوكية الإسلامية المتصلة بهذه الناحية، وبيان الحلال من الحرام، ومخاطر انحراف السلوك الجنسي عن التعاليم الإسلامية السامية.
5- وفي جميع الأحوال، يجب العمل على وقاية المراهقين من الممارسات التي تشجع على الانحراف، أو على إثارة الغرائز الدنيا المخالفة للتعاليم الدينية ولقيم المجتمع، وذلك بمنع الاختلاط في المدارس، والنوادي الرياضية، وتعيين مدربات للفتيات بها، ومنع ارتياد المراهقين من الجنسين لأماكن الفساد واللهو العابث، وتقرير عقوبات رادعة للمسئولين عن تلك الأماكن في حالة مخالفة ذلك.
مــادة (113)
العادات الاجتماعية الطيبة
من حق الطفل أن ينشأ منذ البداية على اكتساب العادات الاجتماعية الطيبة، وخاصة بالحرص على التماسك الأسري والاجتماعي، بالتوادِّ والتراحم بين أفراد الأسرة والأقرباء، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الوالدين، وطاعتهما في المعروف، والبر بهما، والإنفاق عليهما، ورعايتهما عند الحاجة لكِبَر أو عوز، وأداء سائر حقوقهما المقررة شرعًا، وعلى توقير الكبير، والرحمة بالصغير، وحب الخير للناس، والتعاون على البر والتقوى.
مــادة (114)
التعليم المتكامل والمتوازن للطفل
1- في إطار الضوابط الشرعية: يحق للطفل الحصول على تعليم يهدف إلى:
أ- تنمية وعي الطفل بحقائق الوجود الكبرى: مِن خالقٍ مدبر، وكونٍ مسخَّر، وإنسانٍ ذي رسالة، وحياةِ ابتلاءٍ في الدنيا تمهيدًا لحياةِ جزاءٍ في الآخرة.
ب- تنمية شخصية الطفل، ومواهبه، وقدراته العقلية، والبدنية إلى أقصى إمكاناتها بما يمكِّنه من أداء رسالته في الحياة.
ج- تنمية احترام حقوق الإنسان، وحرياته الأساسية، وتوعيته بواجباته الخاصة والعامة.
د- تنمية احترام ذات الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة بدينه ووطنه.  
هـ- إعداد الطفل لحياة تستشعر المسئولية في مجتمع حر، يَنْشُد الحفاظ على قيمه الدينية والإنسانية، والاقتراب من مثله العليا بروح من التفاهم، والسلم، والتسامح، والمساواة بين الجنسين في الكرامة الإنسانية، والتعارف بين جميع الشعوب والجماعات العرقية والوطنية والدينية.
و- تنمية احترام البيئة الطبيعية، في سياق الوعي بتسخير الكون للإنسان، لتمكينه من أداء رسالته في الحياة، خليفةً في إعمار الأرض.
2- وفي سبيل ذلك ينبغي:
أ- جعل التعليم الأساسي إلزاميًّا ومتاحًا مجانًا للجميع، ومشتملاً على المعارف الأساسية اللازمة لتكوين شخصية الطفل وعقله.
ب- تشجيع وتطوير جميع أشكال التعليم الثانوي، سواء العام أو المهني، لتغطية احتياجات المجتمع من العمالة القادرة على تحقيق فروض الكفاية، المحققة لأهداف المجتمع، وتوفيرها وإتاحتها لجميع الأطفال، واتخاذ التدابير المناسبة مثل مجانية التعليم وتقديم المساعدة المالية، عند الحاجة إليها.
ج- جعل التعليم العالي المزود بجميع الوسائل المناسبة متاحًا للجميع على أساس القدرات العقلية والاستعداد البدني والنفسي.
مــادة (115)
الحصول على المعلومات النافعة
1- للطفل الحق في الحصول على المعلومات والمواد التي تبثها وسائل الإعلام، وتستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية، وتعميق ثقافته الدينية، وحماية صحته الجسدية والعقلية، والوقاية من المعلومات والمواد الضارة به في هذه النواحي جميعًا.
2- وعلى مؤسسات المجتمع كافة ومنها الدولة تشجيع إنتاج وتبادل ونشر المعلومات، والمواد ذات المنفعة الثقافية، والخلقية، والدينية، والاجتماعية، وتيسير وصولها للأطفال، ومنع إنتاج ونشر المعلومات الضارة بالأطفال في هذه الجوانب جميعها.

الفصل السادس
الحمــاية الـمـتكـامــلة
مــادة (116)
الحماية من الإيذاء والإساءة
1- للطفل الحق في حمايته من كافة أشكال الإيذاء، أو الضرر أو أيّ تعسُّف، ومن إساءة معاملته بدنيًا أو عقليًا أو نفسيًا، ومن الإهمال أو أية معاملة ماسة بالكرامة من أي شخص يتعهد الطفل أو يقوم برعايته.
2- ولا يخل هذا الحق بمقتضيات التأديب والتهذيب اللازم للطفل، وما يتطلبه ذلك من جزاءات مقبولة تربويًّا، تجمع بحكمة وتوازن بين وسائل الإفهام والإقناع والترغيب والتشجيع، ووسائل الترهيب والعقاب بضوابطه الشرعية والقانونية والنفسية.
3- وعلى مؤسسات المجتمع كافة ومنها الدولة تقديم المساعدة الملائمة للوالدين ثم لغيرهم من المسئولين القانونيين عن الطفل، في الاضطلاع بمسئوليات تربية الطفل واتخاذ جميع التدابير الاجتماعية والتشريعية، والإعلامية والثقافية اللازمة لغرس مبادئ التربية الإيمانية، وإقامة مجتمع فاضل، ينبذ الموبقات والعادات المنكرة، ويتخلق بأقوم الأخلاق وأحسن السلوكيات.
مــادة (117)
الحماية من المساس بالشرف والسمعة
1- للطفل الحق في الحماية من جميع أشكال الاستغلال، أو الانتهاك الجنسي، أو أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته.
2- وله حق الحماية من استخدام المواد المخدِّرة، والمواد المؤثرة على العقل، والمشروبات الكحولية والتدخين ونحوها.
3- وله حق الحماية من الاختطاف، والبيع، والاتجار فيه.
4- وعلى الوالدين والمسئولين عن رعايته شرعًا وقانونًا توعية الطفل، وإبعادُه عن قرناء السوء، وعن كافة المؤثرات السيئة، كمجالس اللهو الباطل وسماع الفحش، وتقديم القدوة الحسنة، والصحبة الصالحة التي تعين على حمايته.
5- وعلى مؤسسات المجتمع كافة ومنها الدولة واجب اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لتنقية وسائل الإعلام من كل ما يؤثر، أو يشجع، أو يساعد على انحراف الطفل واتخاذ التدابير التشريعية والاجتماعية والتربوية التي تحقق ذلك.
مــادة (118)
الحماية من الاستغلال الاقتصادي
1- للطفل الحق في الحماية من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل ينطوي على خطورة، أو يعوقه عن الانتظام في التعليم الأساسي الإلزامي، أو يكون ضارًّا بصحته، أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الديني، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
2- ويدخل في ذلك تحديد حد أدنى لسن التحاق الأطفال بالأعمال المختلفة، ووضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه.
مــادة (119)
الحـــــــرب والطوارئ
1- لا يشترك الطفل قبل بلوغه السن المقررة قانونًا اشتراكًا مباشرًا في الحرب.
2- وللطفل في حالات الطوارئ والكوارث والمنازعات المسلحة أولوية الحماية والرعاية الخاصة بالمدنيين من حيثُ عدم جواز قتله أو جَرْحه أو إيذائه أو أََسْرِه، وله أولوية الوفاء بحقوقه في المأوى والغذاء والرعاية الصحية والإغاثية.
----------------------
الفصل السابع
مراعاة المصالح الفضلى للطفل
مــادة (120)
الاستفادة من إعلانات حقوق الإنسان
لا تخلُّ أحكامُ هذا الباب الرابع([1]) بأيٍّ من حقوق الإنسان المنصوص عليها في إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام الصادر عن مؤتمر القمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في (5 أغسطس1990م)، والذي يُعد مع هذا الميثاق وحدةً متكاملة، ولا مع أي إعلان دولي لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
مــادة (121)
اتخاذ تدابير إعمال حقوق الطفل
تتخذ مؤسساتُ المجتمع كافة ومنها الدولة التدابيرَ الملائمةَ لإعمال الحقوق المقررة في هذا الباب، وتوفر للطفل التوجيه والإرشاد الملائمين لقدراته المتطورة عند ممارسته هذه الحقوق، مع احترام مسئوليات الوالدين، أو الأقرباء، أو الأوصياء، أو غيرهم من الأشخاص المسئولين قانونًا عن الطفل، واحترام حقوقهم وواجباتهم.
مــادة (122)
مراعاة مصالح الطفل الفضلى في كل ما يتعلق بالأطفال
في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها الهيئات التشريعية أو القضائية أو الإدارية، أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، يكون الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى، مع مراعاة حقوق والديه أو أوصيائه أو غيرهم من الأفراد المسئولين شرعًا وقانونًا عنه وواجباتهم.
----------------------
الباب الخامس
من الأسرة الصغرى إلى الأسرة الكبرى


الفصل الأول
التكافـــل الاجتماعـي
المبحث الأول : مكانة التكافل في الإسلام
مــادة (123)
مبدأ التكافل وأساس قيامه
التكافل المالي والاجتماعي من أهم المقاصد العامة، والأهداف الأساسية في الإسلام، والذي يجب تحقيقه في المجتمع الإسلامي، ويقوم على مبدأين أساسيين يحيطهما الإسلام بأقصى درجات الرعاية والاهتمام وهما: مصلحة الجماعة ووحدتها وتماسكها، والأخوة الإنسانية الشاملة.
مــادة (124)
دوائر التكافل في الإسلام
تتّسع فكرة التكافل في الإسلام في دوائر متماسكة الحلقات حتى تستوعب المجتمع كله، فتشمل التكافل المالي والمعنوي والاجتماعي بكل صوره بين أفراد الأسْرة الواحدة وبين الأسَر وبعضها، وبين الجماعة وأولي الأمر، وله آليات عديدة لتحقيقه ما بين فرديّة وجماعيّة، وما بين تطوعيّة وإلزاميّة.
ونقتصر هنا على بيان صور ومجالات التكافل في ميدان الأسْرة، وهي النواة الأساسية للمجتمع وبصلاحها يصلح سائر أحواله.
----------------------
المبحث الثاني : أحكــام عامـة
مــادة (125)
الفطرة الاجتماعية تقتضي التكافل
الإنسان كائن اجتماعي مفطور على العيش في جماعة، ولا يستطيع أن يحيا منفردًا، ولذا كان التكافل بين الأغنياء والفقراء، وإعانة بعضهم بعضًا في الضرّاء والمشاركة في السرّاء من أهم القواعد الأساسية لبناء التضامن الاجتماعي وتحقيق الوحدة والأخوة الإنسانية بين البشر.
مــادة (126)
حـــدود التكافـــل
التكافل الاجتماعي في الإسلام يضمن للفرد توفير حاجاته الأساسية من الضروريات والحاجيات والتحسينيات، في المسكن والمأكل والملبس والعلاج والتعليم بالقدر الكافي لحاجة الشخص المعتاد من أواسط الناس ليس بأدناهم ولا أعلاهم.
مــادة (127)
تعاون المجتمع الإسلامي
أقام الإسلام المجتمع الإسلامي على التعاون على البر والتقوى، والتكافل الاجتماعي من أهم صور البر؛ إذ يحقق مصلحة للأمة بما يشيعه من ترابط بين أفراد المجتمع وبما يوفره من دعم قدرة الأفراد على الزواج وبناء الأسر.
مــادة (128)
التكافـــل حـق وواجب
التكافل في الإسلام ليس صدقة طوعية متروكة لإرادة الأفراد إن شاءوا أدوها أو منعوها، بل جعله الإسلام حقًا في مال الأغنياء واجب الأداء إلى مستحقيه دون منٍّ ولا أذى، وشرع لضمان وصوله إليهم نظامًا دقيقًا يجمع بين مسئولية الأغنياء ومسئولية وليّ الأمر.
مــادة (129)
المستـحقون للتكافــل
المستحقون للتكافل في الإسلام هم كافة فئات المجتمع غير القادرة على الوفاء باحتياجاتها الأساسية، المقيمون في الدولة الإسلامية بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة طارئة، من اليتامى والضعفاء والفقراء والمساكين ومن أصابتهم الكوارث، أو تحملوا أية ديون في مصالح مشروعة ولا يستطيعون سدادها، سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين.
مــادة (130)
التكافل في الإسلام أساس العبادات المالية
التكافل في الإسلام أحد المقاصد الشرعية المهمة لكثير من التشريعات والنظم التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي والتي تعرف بالعبادات المالية كالزكاة والنفقات بين ذوي القربى، والأمر بصلة الرحم، ونظام العاقلة وهي مشاركة أقارب الجاني من العَصَبَات في تحمل دية القتل الخطأ، والأمر بعدالة توزيع الدخل القومي بين الأغنياء والفقراء والقرض الَحَسَن والكفَّارات والنذور وغيرها.
----------------------
المبحث الثالث
مــادة (131)
الأحـكام التفصيلية للتكافـل
تتدرج الأحكام الشرعية للالتزام التكافلي بين الوجوب والندب، كما تتنوع دوائر الاستحقاق، وذلك من وجوه عدة منها: درجة القرابة بين صاحب المال والمستحق، ونوع التكليف الشرعي على المال إن كان زكاة مفروضة أو نفقة واجبة أو صدقة تطوعية، وبحسب نوع حاجة المستحق إن كانت ضروريّة أو حاجيّة أو تحسينيّة، وبحسب السبب الناشئ عنه هذه الحاجة إن كان مصلحة مشروعة أو قوة قاهرة، أو تصرفات غير مشروعة، وتتسع هذه الدوائر حتى تشمل المجتمع كله بنظام دقيق ليس له نظير حتى أطلق على الإسلام بحق أنه دين أنزل لرعاية الفقراء والمستضعفين، ويرجع في ذلك كله إلى أحكامه التفصيلية في كتب الفقه الإسلامي.
الفصل الثاني
صـــلة الرحــــم
مــادة (132)
تعريف وتحديــد المفهــوم
1- الرحم في أصل الوضع اللغوي : مستقر خلق الإنسان واكتمال تكوينه في بطن أمه، والمقصود بها هنا : ذوو القربى، سواء كانوا ذوي رحم أو ذوي نسب..
2-وصلة الأرحام هي إسداء البر والخير والمعروف وأداء الحقوق والواجبات والمندوبات لذوي القربى قبل غيرهم من سائر الناس،
3- ويتنوع حكم هذه الصلة بين الفرض والواجب والمندوب بحسب قوة القرابة أو بعدها، الأقرب فالأقرب حتى ترتفع إلى درجة الإيثار للوالدين لأنهما سبب الوجود، وتتقدم الأم على الأب في سائر النصوص والتعاليم الإسلامية.
مــادة (133)
أهمية صــلة الرحــم
1- يولي الإسلام أهمية بالغة لصلة الرحم وإحسان هذه الصلة والتحذير الشديد من قطعها.
2- التعبير عن صلة القرابة بصلة الرحم، يُنبِّه الأذهان إلى اعتبار رحم الأم محل الإعجاز الإلهي وقدرة الله عز وجل على خلق الإنسان من عدمٍ؛ وهو ما يرسّخ الوازع الديني والوفاء بحقوق ذوي القربى.
مــادة (134)
وسائل وآليات صــلة الرحــم
1- جعلها الإسلام أساسًا لقواعد الميراث، وأولوية التكافل الاجتماعي وأساس البناء الاجتماعي، واعتبرها أعمق وأهم الروابط المجتمعية التي تعمل على تماسك المجتمع واستمراريته.
2- يحثُّ الإسلام على ضرورة الإبقاء على قدر مناسب من أواصر المودة وحسن الصلة والمعاشرة بالمعروف، وعدم التنكر لصلة الرحم مهما بلغت أسباب التنازع واختلاف المذهب والمعتقد.
3- الحرص على التناصح والتناصر ومراعاة الأولويات بين ذوي القربى.
----------------------
الفصل الثالث
النفقـــة
مــادة (135)
النفقة أهم وسائل التكافل
يتميز الإسلام بوضع تنظيم دقيق للالتزام بالنفقة بين بعض أفراد الأسرة وبعضهم الآخر وبين الفرد والدولة، بحيث يُكَوِّنُ جزءًا مهمًا من تنظيم التكافل الاجتماعي في الإسلام، ويتضافران سويًّا في سدِّ حاجة الفقراء والضعفاء وذوي الحاجات الخاصة.
مــادة (136)
نفقة الزوجة والأولاد الصغار ومَنْ في حُكْمِهِمْ
1- الشخص الموسر ذو المال، رجلاً كان أو امرأة، صغيرًا أو كبيرًا، فنفقته في ماله عدا الزوجة خاصة فنفقتها -بكل أنواعها بما فيها العلاج- على زوجها ولو كانت موسرة.
2- الأولاد الصغار الفقراء نفقتهم على أبيهم ولو كان فقيرًا، ويتولى الإنفاق عليهم أمهم الموسرة أو أقرب قريب موسر لهم وتكون دينًا على أبيهم على تفصيل يرجع له في كتب الفقه، وكذلك الأولاد الكبار إذا كانوا عاجزين عن الكسب حقيقة أو حكمًا، وتستمر نفقة البنت حتى تتزوج وتنتقل إلى بيت زوجها فينتقل حقها في النفقة إلى زوجها.
مــادة (137)
نفقة الفقراء القادرين على الكسب
الرجل الفقير الذي لا مال له، أَوْ له مال لا يكفيه إذا كان قادرًا على الكسب يلتزم بالبحث عن عمل مناسب يكفيه، ويلتزم ولي الأمر بمساعدته المالية ومعاونته في الحصول على ما يناسبه من عمل.
مــادة (138)
نفقــة المرأة غير المتزوجــة
1- المرأة غير المتزوجة أو التي طلقت أو مات عنها زوجها وانقضت عدتها، إذا كانت ذات مال فنفقتها في مالها، وإن كانت لا مال لها فلا تلتزم شرعًا بالبحث عن عمل، ونفقتها على وليها، أو على ذوي قرابتها الأقرب فالأقرب، فتجب على ابنها أو أبيها أو على أخيها أو جدها أو عمها وهكذا، وإذا تعدّدوا في درجة واحدة قسمت بينهم حسب يسار كل منهم أو بالسوية، كما يتم ترتيب الأولويات بين المستحقين إذا تعدّدوا على التفصيل الوارد في الأحكام الشرعية.
2- أما إذا تكسّبت المرأة غير المتزوجة من عمل مناسب فنفقتها في كسبها.
3- وإذا لم يكن للمرأة أقرباء ولا مال ولا كسب أو لها ولكن لا يكفيها فنفقتها بقدر كفايتها من أموال الزكاة والصدقات ثم على ولي الأمر من بيت مال المسلمين.
مــادة (139)
نفقة الفقراء غير القادرين على الكسب
الرجل الفقير غير القادر على الكسب أو لم يجد فعلاً عملاً يناسبه، وجبت نفقته على أقرب قريب موسر له كالأولاد الموسرين، أو من يليهم إذا لم يكونوا كذلك، وإذا تعددوا في درجة واحدة قسمت بينهم وفقًا للتفصيل الوارد في الأحكام الشرعية، مع مراعاة حقه في زكاة المال المفروضة وفي الصدقة الطوعية، فإذا لم يَفِ ذلك بقضاء حاجاته الأساسية، ولم يوجد له قريب موسر يجب عليه نفقته، انتقل حقه إلى بيت مال المسلمين، فإذا لم يكن فيه ما يكفي حاجات الفقراء، كان على وليّ أمر المسلمين أن يوظّف في أموال الأغنياء ما يفي بحاجة الفقراء.
----------------------
الفصل الرابع
الولاية على النفس والمـــال
مــادة (140)
المقصــد الشــرعي
شرعت الولاية على النفس والمال والوصاية والقوامة حرصًا على مصلحة ومال شخص غير كامل الرشد والعقل؛ نتيجة لصِغَرِ سنه أو عدمِ استقامة تصرفاتِه في أمواله؛ أو لانعدام أهليته أو نقصها؛ لأن المال قوام الحياة، ويجب شرعًا حفظه وتنميته.
مــادة (141)
الولاية والوصاية
1- من حق عديم الأهلية أو ناقصها، أن تكفل له الدولة الرعاية الشخصية، ورعاية حقوقه ومصالحه المعنوية والمادية؛ وذلك بتنظيم أحكام الولاية على النفس، وعلى المال، والوصاية، والقوامة، والمساعدة القضائية، وغيرها، وفْق أحكام الشريعة الإسلامية.
2- ولعديم الأهلية أو ناقصها الحق على هؤلاء الأولياء والأوصياء وعلى المؤسسات التشريعية والقضائية والاجتماعية أن يُحْسنوا رعايته والمحافظة عليه، وحسن إدارة أمواله، وتدريبه على إدارتها توطئة لتسلّمها عند بلوغ الرشد.
مــادة (142)
إجراءات تعيين الأولياء والأوصياء
يراجع ما جاء من أحكام أهلية الوجوب وأهلية الأداء في الفصل الرابع من الباب الرابع الخاص بحقوق وواجبات الطفل في الإسلام، ويرجع في تفصيل إجراءات تنظيم الولاية على النفس والمال وحق عديم الأهلية وناقصها تجاه الأولياء والأوصياء إلى أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المستمدة منها.
الفصل الخامس
المـيراث
مــادة (143)
حكمــه الشــرعي
الميراث في الإسلام: نظام إجباري فرضه الله عز وجل بنصوص صريحة قطعية الثبوت والدلالة، ومفصلة تفصيلاً دقيقًا أكثر من أي نظام دنيوي آخر في الشريعة الإسلامية، حتى أطلق عليه اسم علم الفرائض.
مــادة (144)
قـوام نظــام المـيراث
1- يقوم نظام الميراث على أن المورّث لا سلطان له على ماله بعد وفاته إلا في حدود الثلث عن طريق الوصية، كما تُوجب الشريعة سدادَ ما على المتوفى من حقوق وديون قبل التوزيع على الورثة، وتحث الشريعة على أن تكون الوصية بأقل من الثلث.
2- إن مال المتوفى الباقي بعد سداد الديون والحقوق، وبعد الوصية إذا أوصى، يعتبر تركة من حق ورثته، وقد استأثر الشارع الحكيم بتوزيعها بين أفراد أسرته كل واحد حسب درجة قرابته توزيعًا محدَّدًا بحَصْر المستحقين وتحديد نصيب كل منهم دون أي تدخل لإرادة المورث أو ورثته في هذا التحديد.
3- يشتمل هذا النظام على عدد من القواعد والضوابط التي تكفل المرونة والعدالة والتطبيق الصحيح ومواجهة التغيرات في كل حالة تقتضي ذلك مثل: شروط الإرث وأسبابه وموانعه وقواعد الحجب والحرمان من الميراث والردّ والعَوْل والتخارج وغير ذلك، ويرجع في تفصيل بيانها إلى أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المستمدة منها.
مــادة (145)
التوازن الدقيق بين نظامي الميراث والنفقة
1- باستقراء أحكام الميراث في الإسلام يتبين أن الله العليم الخبير قد وزَّعَ تَرِكة المتوفى في دائرة أسرته لا يخرج عنها، وأن ترتيب المستحقين ومقادير أنصبتهم ترتبط بقواعد النفقة بين الأقارب، وأن كلاًّ من النظامين يُشَكِّل أساسًا متينًا للتكافل الاجتماعي في الإسلام.
2- وقد رتبت أحكام هذين النظامين على أفراد الأسرة، ولهم حقوقًا ومسئوليات متبادلة، فقد أوجب الشارع الحكيم للصغير الفقير وللكبير الفقير العاجز عن الكسب حقًّا في مال قريبه الموسر الأقرب فالأقرب، وهم غالبًا ممن يرث بعضهم بعضًا، حتى إنّ بعض الفقهاء اشترط فيمن تجب عليه النفقة أن يكون وارثًا، ويقابل هذا الالتزام أن أغلب هؤلاء الأقارب هم ورثة المتوفى الذين تئول إليهم تركته.
مــادة (146)
تميز نظام الميراث في الإسلام
نظام الميراث في الإسلام القائم على جعل خلافة المورّث في ماله للأسرة مجتمعة على تفاوت بينهم، وأن يكون بعضهم أولى أو أكثر نصيبًا، طبقًا لمعايير منضبطة هو الوسط العدل الذي يحقق ترابط الأسرة وتوثيق العلاقات بين أفرادها خلافًا للنظريات التي تمحو التوارث تمامًا أو التي تجعل للمتوفى السلطان الكامل على ماله بعد وفاته كما كان في حال حياته، وكلتا النظريتين لا تحقق مصلحة الأسرة ولا توثق الصلة بين أفرادها.
مــادة (147)
معايير التوزيع بين الورثة
باستقراء أحكام الميراث، تبين أن معايير التوزيع بين الورثة تقوم على الاعتبارات الآتية:
1- درجة القرابة، فالأقرب يأخذ نصيبًا أكبر ذكرًا كان أو أنثى.
2- اعتبار الوارث امتدادًا لشخص المتوفى، وهم فروعه الذين يستقبلون الحياة، نصيبهم أكبر من الأجيال الماضية وهم أصوله، ولذا كان نصيب الأولاد أكثر حظًا في الميراث من الآباء، وينفردون بالتركة في أغلب الأحيان، كما أن نصيب البنت أكبر من نصيب الأم وكلتاهما أنثى.
3- الالتزام بتكاليف مالية أكبر كالأولاد الذين في مستقبل حياتهم ولا مال لهم، خلافًا للآباء الذين لهم مال من كسبهم ويستدبرون الحياة.
4- العدل بين الورثة بإقامة توازن دقيق بين التزامات الوارث المالية ونصيبه في الميراث حسب الوارد في المادة «148».
5- تفتيت الثروة وعدم تركيزها في يد وارث واحد، ولذا لا يقتصر الميراث على الأصول والفروع، وإنما يشترك فيه أيضًا قرابة الحواشي كالإخوة والأخوات والأعمام والإخوة لأب والإخوة لأم وذوي الأرحام.
مــادة (148)
الذكورة والأنوثة لا تدخل في معايير التوزيع
قرَّرَتْ الشريعة تحديد نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى في بعض الحالات التي يتساويان فيها في درجة القرابة وجهتها مما يقتضي -ظاهرًا- التساوي في حق الميراث، كالابن والابنة، والأخ والأخت، والعم والعمة، والزوج والزوجة، والحكمة من ذلك هي تفاوت الالتزامات المالية بينهما في هذه الحالات تفاوتًا كبيرًا رغم تساويهما في درجة القرابة وجهتها، فالمرأة في جميع الحالات تحتفظ بنصيبها في الميراث لنفسها ولا تلتزم شرعًا بإنفاق شيء منه على غيرها إلا في حالات نادرة جدًا وبشرط أن تكون غنية.في حين أن الرجل يلتزم شرعًا بالإنفاق من نصيبه بما يجعل المرأة أوفر حظًا في الميراث حتى في الحالات التي يأخذ فيها الرجل ضعف الأنثى.
مــادة (149)
القاعدة العامة المساواة بين الرجل والمرأة في تطبيق معايير التوزيع
في غير الحالات السابقة لا يوجد أي فرق بين الذكر والأنثى في تحديد حق الميراث، حسبما يتضح من الحالات الآتية على سبيل المثال لا الحصر:
1- الأمّ تأخذ نصف الأب في حالة إذا لم يكن لابنهما المتوفى فرع وارث، وتتساوى معه في حالات أخرى إذا كان لابنهما ولد واحد أو بنتان.
2- يتساوى الأخ والأخت لأم في استحقاق السدس لكل منهما أو يشتركون بالسوية في الثلث إذا زاد عن ذلك، وهي حالة ميراث الكلالة بأن لم يوجد فرع وارث للميت ولا أصل وارث.
3- يتساوى كل من الذكر والأنثى في استحقاق كل التركة عند الانفراد فرضًا وردًّا.
4- في بعض الحالات يكون نصيب الأنثى فرضًا مثل نصيب الذكر تعصيبًا أو أكثر.
5- بالمقارنة بين المستحقات من النساء والمستحقين من الرجال، يتبين أن الأغلب الأعم من الوارثات من النساء يرثن بالفرض، ولا يرث بالفرض من الرجال سوى نوعين فقط، والباقي من الرجال لا يرث إلا تعصيبًا؛ أي لا يرث إلا بعد استكمال توريث أصحاب الفروض وأغلبهم من النساء، ويتضح من ذلك أن المرأة أوفر حظًّا في الميراث؛ لأن الفُرَص التي تتاح لها أكثر بكثير من الرجال، وسبحان العليم الخبير الذي وَسِعَ كل شيء رحمةً وعدلاً.
----------------------
الفصل السادس
الوصيـــة
مــادة (150)
تعــــريف
الوصية:إحدى وسائل التكافل الاجتماعي في الإسلام، وهي مُكمِّلة لنظام الميراث لكونها تمليكًا من المورِّث مضافًا إلى ما بعد الموت تبرُّعًا، بجزء من التركة لمن يشاء من أهل مودته أو أقاربه أو غيرهم.
مــادة (151)
حكمــــة مشــروعيتها
شرع الله عز وجل قواعد الميراث فرضًا لازمًا بتحديد المستحقين وتحديد نصيب كل منهم دون تدخل لإرادة المورث أو لورثته في ذلك، ونظرًا لأن المورث هو صاحب المال الذي جمعه بجهده وكسبه، فقد شاءت حكمته سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الفريضة متعلقة بثلثي التركة، وأن يترك للمورث ثلث التركة يتصرف فيها باختياره بأن يهديه إلى من يشاء ممن تربطه به مودة أو قرابة أو غيرهم، أو ليتدارك به تقصيرًا في دنياه، أو ليزداد به مثوبة عند الله بتوجيهه إلى جهة بر أو إلى تحقيق مصلحة للأمة.
مــادة (152)
مــكانتها في الإســـلام
رغَّبَتْ الشريعة في الوصية وجعلت لها منزلة كبيرة؛ إذ تسبق في التنفيذ حقوق الميراث؛ وذلك لأنها تتم بإرادة المتوفى وليست جبرًا عنه، فتكون جزءًا من كسبه الدنيوي ومن صالح أعماله التي يثاب عليها بعد وفاته.
مــادة (153)
مقدارهــا
الحد الأقصى للوصية ثلث التركة، ويستحب شرعًا أن تكون بأقل من الثلث إيثارًا لحق الورثة في التركة، ولا تجوز الوصية بأَزْيَد من ثلث التركة، إلا بإجازة الورثة فيما جاوز الثلث، فإن لم يجيزوا الزيادة كانت الوصية نافذة في حدود الثلث.
مــادة (154)
الوصــية لوارث
لا تجوز الوصية لوارث إلا بشرط إجازة الورثة أو تحقيق العدل بين الورثة بمراعاة حاجة مشروعة وحقيقية خاصّة بالموصى له.
مــادة (155)
شـروط عامـة
يُشترط في الموصِي أن يكون مختارًا غير مكره، وتتوافر له أهلية التبرع، وأن يكون الموصَى له موجودًا، وأن يقبل الوصية إذا كان شخصًا متعينًا، وأن يكون الموصَى به مالاً متقوّمًا قابلاً للإرث.
مــادة (156)
الوصيـة الواجبة
تقضي بعض القوانين الوضعية ومنها القانون المصري رقم (43) لسنة (1946م) في المادة (76) أخذًا من بعض المذاهب الفقهية تحقيقًا للعدالة بين الأبناء بوجوب الوصية لفرع ولده الذي مات في حياته إذا لم يكن الفرع وارثًا، وأن تكون الوصية بمثل نصيب الابن المتوفى بشرط ألا يزيد عن الثلث، فإذا لم يوصِ الجد لفرع ولده رغم توافر الشروط، اعتبر الفرع وارثًا بمقتضى القانون بمثل نصيب والده، أو بمقدار الثلث أيهما أقل.
الفصل السابع
الوقــف
مــادة (157)
التعريــف
الوقف: هو حبس المال عن التداول في حياة الواقف وبعد مماته، والتصدق بثمراته ومنافعه في سبيل الله على أي وجه من وجوه الخير للناس والنفع العام للمجتمع.
مــادة (158)
أســاس مشــروعيته
الوقف صدقة جارية أصلها ثابت وأجرها دائم، وعبادة مالية، وإحدى الوسائل المهمة للتكافل الاجتماعي في الإسلام، وهو سنة مؤكدة للرسول صلى الله عليه وسلم، سنة قولية وعملية، فقد كان أول من وقف وقفًا في الإسلام وأول من أمر المتصدقين بتحويل تبرعاتهم إلى وقف بحبس أصلها وإنفاق ثمرتها في سبيل الله، كما انعقد عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، والأمة الإسلامية من بعدهم.
مــادة (159)
شـروط الوقف وأحـكامه
فصَّلَ الفقهاء في أحكام الوقف تفصيلاً دقيقًا لأهميته، وبعض الفقهاء وضع شروطًا لصحته كاشتراط أن يكون الموقوف عقارًا ومفرزًا ولجهة مؤبدة وغير ذلك من شروط، والبعض الآخر من الفقهاء لم يشترط شيئًا من ذلك، وهو الرأي الراجح عملاً بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وترغيبًا للناس في الوقف، وتحصيلاً لما فيه من تحقيق مصالح المسلمين، فيجوز وقف المشاع والمنقول والعقار وغيرها مؤبدًا ومؤقتًا، والأصل في الوقف هو عدم اللزوم إلا في بعض الحالات التي تفيد التأبيد كوقف أرض لإقامة مسجد عليها.
مــادة (160)
مكانته العملية في الإسلام
يجوز الوقف في كل أعمال البر والخير، وكل ما يؤدي إلى تكافل المجتمع وتسانده، ويشيع فيه المودة والرحمة ويربط الأمة بأواصر الأخوة الإنسانية والتكافل، ولا يقتصر الوقف على مجال معين، بل يشمل كافة أنواع الحياة الإنسانية وعلى المرافق والخدمات العامة وكافة صور التقدم الحضاري.
مــادة (161)
الأهداف التي يخدمها الوقف
تنافس المسلمون حكامًا ومحكومين في وقف أموالهم للإنفاق منها على الأغراض الآتية:
1- النواحي الإنسانية وسد حاجة الفقراء والمعدمين، بالوقف على اللقطاء واليتامى والمقعدين والعجزة والعميان والمجذومين، وتزويج الشباب والشابات وما يقدم من حليب وسكر للأطفال الرضع، وعلى السقايات والمطاعم الشعبية لتوزيع الطعام على الفقراء والمحتاجين، والوقف على المقابر وعلى القرض الحسن وعلى البيوت ليسكنها الفقراء والمحتاجون غير القادرين على امتلاك أو تأجير مسكن وعلى الحمامات العامة للنظافة ووقف البيوت بمكة لإقامة الحجاج والوقف على الحيوانات.
2- المرافق العامة لتيسير أمور الحياة، كالوقف على إصلاح القناطر والجسور ووقف الآبار في الفلوات لسقاية المسافرين والزروع والماشية.
3- الجهاد في سبيل الله، وعلى أدوات الحرب والخيول والكراع والإنفاق على المجاهدين وأسرهم.
4- الوقوف على ذرِّيَّة الواقِف خشيةَ تبديدِ الأموال، ولِضَمان عائدٍ دائمٍ للموقوف عليهم.
مــادة (162)
دور الوقف في التقدّم الحضاري الإسلامي
كان للوقف دور أساسي في أغلب الإنجازات العلمية والحضارية في بلاد الإسلام وقت أن كانت أوربا وأغلب بلاد العالم تعيش في عصر الظلمات ومن ذلك:
1- نشر العلم والمعرفة بالوقف على المدارس والمساجد والمكتبات العامة والكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم، وعلى طلبة العلم من غذاء ومسكن وغيرها.
2- الوقف على المراصد الفلكية ودور الحكمة والمستشفيات التعليمية؛ لتعليم الطب والتمريض وتطوير علم الصيدلة والكيمياء وعلم النبات.
3- ساهم الوقف مساهمة فعالة في حفظ مبادئ الإسلام ورقي المجتمع الإسلامي وتقدمه، وعلى نشر الإسلام والدعوة إليه، ومقاومة عمليات التبشير والهدم الفكري والنفسي الموجَّه إلى بلاد الإسلام من أعدائها.
مــادة (163)
وجوب العناية بالوقف وتيسير أحكامه
في نهاية القرن التاسع عشر وما بعده، ابتلي المسلمون باحتلال أراضيهم، وغزوها فكريًا واقتصاديًا وعسكريًا، وأدرك هؤلاء الأعداء أهمية الوقف في مقاومة مخططاتهم، فعملوا على القضاء على فكرة الوقف وسلب أمواله، واعتماد المجتمع كليًا على الحكومات الموالية لهم وتعللاً ببعض السلبيات التي يمكن تصويبها صدرت القوانين الوضعية في العديد من البلاد الإسلامية بالتضييق على الواقفين ووضع القيود والعقبات أمامهم وسلبهم النظارة والإشراف على الوقف كالقانون رقم 48 لسنة 1946 في مصر وما تبعه من قوانين أخرى، فانصرف الناس عن الوقف حتى كاد أن يندثر، وآن الأوان لكي يعود للوقف مكانته السابقة في خدمة المسلمين والمجتمع الإسلامي، وأن تقوم بالدعوة إلى هذه الفكرة فئة من المسلمين حسبة لوجه الله تعالى.
مــادة (164)
الــوقف على الذرية (الأهلي)
اتّجهت بعض الدول الإسلامية أخيرًا إلى مَنْع الوقف على ذرّية الواقف، وهو ما يُطلق عليه الوقف الأهلي؛ إذ أدى على المدى الطويل إلى حبس كثير من الثروات عن التداول؛ وهو ما تسبّب في الإضرار بالاقتصاد القومي وإعاقة التنمية، فضلاً عن تكاثر الذرية وضآلة العائد على المستحقين، واستنفاد معظم إيرادات الوقف في نفقات ومصاريف الإدارة.
والأصوب شرعًا وأصلح عملاً: إبقاء الوقف على الذرية (الأهلي) عملاً بالنصوص الشرعية، مع إحاطته بضوابط وشروط تجيز التصرف في الوقف وتوزيعه على المستحقين إذا أضحى قاصرًا عن تحقيق مقصده الشرعي.
----------------------
([1]) وهو ميثاق الطفل الذي صدر مستقلاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم