السبت، 11 مايو 2013

إشكاليات تطبيق مدونة الأسرة بعد مرور سنتين على دخولها حيز التنفيذ - ندوة




 محاور الندوة 
 تقرير حول ندوة " إشكاليات تطبيق مدونة الأسرة بعد مرور سنتين من دخولها حيز لتنفيذ " المقرر د أمينة ناعمي
       

**************************

· إشكالية إثبات النسب عن طريق الخبرة الطبية
·تذييل الأحكام الأجنبية في مجال الأسرة بالصيغة التنفيذية
 
 

كلـمـة الافـتـتـاح ( السيد رئس المكتب الجهوي عبد العزيز بوزيان )

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة  والسلام على أشرف المخلوقين و على آله و صحبه أجمعين
السيد والي جهة فاس بولمان عامل عمالة فاس
السيد ممثل وزير العدل الأستاذ إبراهيم الأيسر مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل
السيد رئيس الودادية الحسنية للقضاة
السيد عامل إقليم صفرو
السيد عامل إقليم مولاي يعقوب
السيد رئيس لجنة العدل و التشريع
السيد رئيس المجلس الجهوي
السيد رئيس مجلس مدينة فاس
السيد رئيس مجلس العمالة
السيد رئيس المجلس العلمي
السادة الرؤساء الأولون
السادة الوكلاء العامون لجلالة الملك
السادة رؤساء المحاكم
السادة وكلاء الملك
السيد نقيب هيئة المحامين بمكناس
السيد نقيب هيئة المحامين بتازة
السادة رؤساء الجامعات
السادة القضاة و المحامين و الأساتذة
السيد والي الأمن بفاس
السيد قائد القيادة الجهوية للدرك الملكي بفاس
السادة البرلمانيون و المنتخبون
السيد رئيس هيئة الأطباء بفاس
السيد رئيس المجلس العلمي بفاس
السيد رئيس هيئة العدول بفاس
السيد رئيس هيئة الخبراء بفاس
السيد رئيس هيئة الأعوان القضائيين بفاس
السادة رجال الإعلام و الصحافة
السادة العاملون في الحقل الجمعوي
أبنائي الطلبة
سيداتي سادتي
أيها الحضور الكريم
إنه لشرف كبير أن يفتتح المكتب الجهوي للودادية الحسنية لقضاة فاس تازة أنشطته الثقافية الإشعاعية بتنظيمه لندوته الأولى حول موضوع إشكاليات تطبيق مدونة الأسرة بعد مرور سنتين على دخولها حيز التنفيذ بتعاون مع هيئة المحامين بفاس
أيها السادة
لم يكن تنظيم هذه الندوة و في هذا التاريخ بالضبط مجرد مصادفة و إنما كان الهدف من هذا التوقيت هو الاحتفال و استحضار أبعاد الخطاب الملكي السامي و التاريخي لفاتح مارس 2002 بمناسبة ترؤس جلالة الملك رئيس المجلس الأعلى للقضاء محمد السادس أعز الله أمره دورة هذا المجلس الذي حث فيه حفظه الله على مراجعة وتحيين القانون الأساسي للودادية الحسنية للقضاة
و الحقيقة أن هذا الخطاب التاريخي و الذهبي و الذي تعتبره الودادية بمثابة دستور لها جمع فيه حفظه الله الأهداف السامية وراء إحداث هذه الودادية حينما قال أيده الله:
« إن التعبئة الشـاملـة التي يتطلبهـا الورش الكبيـر لإصلاح القضـاء تستلزم المشـاركة الفعـالة و الواسعـة للقضـاة فيه و هنا يبرز الدور المنوط بالودادية الحسنية للقضاة التي ننتظر منهـا و في نطاق مهامها و أهدافها أن تواكب هذا الإصلاح و تدعمه بكل فعالية متيحة لجميع القضاة الإسهام في تجديد الصرح المشترك للعدالة و إضافة قيمة جديدة لبرامج التعاون الدولي و الانفتاح على العالم القضائي و التكوين المستمر و تحديث القضاء »
ثم أضاف حفظه الله
« و بذلك تسترجع الودادية إشعاعها و تحمل من جديد مشعل استقلال القضاء و الدفاع عن حقوق القضاة و تحدد المنهج القويم لعملها و المساهمة في إصلاح القضاء الذي يوجد اليوم في قلب عملية تغييـر المجتمع و تحديـثـه و دمقرطته و بنـاء دولة الحـق و القـانون و النمـاء و التقدم و جعلها اختيارات استراتيجية لا رجعة فيها و تحديات مصيرية يجب على المغرب أن يرفعها و هو ما لا يتم إلا بالمساهمة الحاسمة و الفعالة للقضاء » انتهى النطق المولوي السامي
أيها الحضور الكريم
لم يكن الارتباط الدستوري بين أسرة القضاء و جلالته المنيفة فقط من خلال تحمل القضاء أمانة إصدار الأحكام و تنفيذها باسمه، و إنما أيضا من خلال حرص جلالة المغفور له الحسن الثاني على تسميتها بالودادية الحسنية للقضاة.
و هو ما يعني الحرص على تكريم القضاء و رعاية رجاله دأبا على أسلافه المنعمين
و هذا ما يجعلنا نسجل بمداد من الفخر و الاعتزاز انتسابنا إلى هذه المؤسسة العتيدة التي آلت على نفسها مهمة توزيع العدل في أبهى مظاهره تصون  الحقوق و ترعى الحريات و تتشبث بالقيم الأخلاقية و الإسلامية النبيلة المتمثلة في الأمانة و النزاهة و التجرد و الاستقلال.
وإننا إذ نشد بحرارة على كل القضاة المخلصين و المدافعين عن المظلومين و الذين لا يخافون في الحق لومة لائم نتمنى من الله أن يتغمد برحمته كل القضاة الشرفاء الذين قضوا نحبهم و ما بدلوا تبديلا و الذين تركوا لنا كنوزا من العلم و الأحكام تشرف أصحابها كما تشرف هذا البلد العزيز 
إن المكتب الجهوي للودادية الحسنية معتز بمساندة كل قضاة فاس تازة، متطلع إلى مستقبل واعد للودادية انطلاقا من مضامين الخطاب الملكي السامي و ما تضمنه من دعم استقلال القضاء و ترسيخ تقاليده العريقة و دعم التكافل الاجتماعي بين القضاة و السهر على احترام و صيانة كرامتهم و ضمان حقوقهم و مصالحهم و الدفاع عن كل ما يمس بها و العمل على أن يتبوأوا مكانتهم المرموقة في منأى عن كل المؤثرات طبقا للمادة الثالثة من القانون الأساسي للودادية .
و يطمح المكتب الجهوي للودادية إلى أن يصبح  كقناة للحوار مع الوزارة و المجلس الأعلى للقضاء لتعزيز الضمانات القانونية التي يكفلها النظام الأساسي لرجال القضاء و أيضا كهيأة استشارية لكل مشاريع القوانين المتصلة بشؤون القضاء و القضاة.
و تأتي هذه الندوة أيضا في سياق دعم مشروع التنمية البشرية من خلال المحافظة على كيان الأسرة باعتبارها وحدة إنسانية و اجتماعية للمعاشرة بالمعروف على أساس المسؤولية المشتركة بين الرجل و المرأة بما يضمن الحرص على المودة و المساواة و العدل و التنشئة السليمة للأطفال كلبنة جوهرية في دمقرطة المجتمع باعتبار الأسرة نواته الأساسية
و لقد عمل القضاء المغربي مع الإشكاليات التي أسفر عنها التعامل اليومي مع نصوص مدونة الأسرة بنوع من الإنصاف و العدل ينم عن فكر اجتهادي مستنير و متفتح بما يتضمنه ذلك من تكريس حقوق الإنسان و المواطنة للمغاربة نساءا و رجالا على حد سواء . 
و ما تنظيم هذه الندوة إلا مقدمة لتجاوز الإشكاليات المطروحة على القضاء بمعاونة رجال الفقه و المحاماة الذين ما فتئوا بفضل تعليقاتهم و شروحا تهم على أحكام القضاء من مساعدته في تحقيق أسس العدل و الرحمة، إذ في صلاحه صلاح الرعية و انتظام المصالح المرعية و حفظ الحقوق و الحريات و حمل الناس على القيام بالواجبات بما يتضمنه ذلك من ضمان تنمية اقتصادية مستدامة.
و هو ما أكد عليه جلالة الملك في خطابه يوم 3 فبراير 2003 إذ جاء فيه « إننا لن ندخر جهدا لتفعيلها على الوجه الأمثل من خلال قضاء مؤهل و مستقل، فعال و منصف، كما إننا عازمون على أن نوفر لتفعيل مدونة الأسرة، ليس فقط وسائلها المادية و البشرية و آلياتها القانونية، و إنما بالمضي قدما، في إنجاز التنمية الشاملة، و تشجيع العمل الميداني الملموس للنهوض الفعلي بأوضاع الأسرة » انتهى النطق المولوي السامي.
و يتشرف المكتب الجهوي للودادية بأن يتوجه بخالص تشكراته لهيئة المحامين بفاس على هذا التعاون المثمر و الفعـال في تنظيـم هذه الندوة .
 
كما نتوجه بالشكر و عظيم الامتنان للسيد وزير العدل و للسيد الكاتب العام على دعمهما المتواصل لنا من أجل النهوض بسمو القضاء و رفعته.
كما نتوجه بالشكر أيضا للسيد رئيس المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة على دعمه للمكاتب الجهوية و تشجيعها على المضي قدما في دعم خيار القضاة في العمل المشترك لما فيه صالح المجتمع
و لا يفوتنا في الأخير أن نتوجه بخالص الشكر للسيد والي جهة فاس بولمان و للسادة عمـال الجهة على ما لقيناه فيهم من تشجيع و مساندة ، و لكافة عناصر السلطة المحلية و رجال الإعلام و جميع فعاليات و هيئات المجتمع المدني التي أبت إلا أن تشاركنا في هذا المحفل العلمي، و نحن نعدهم بأننا سنساهم معهم أيضا في أنشطتهم العلمية كلما سنحت الفرصة لذلك.
مع الشكر الجزيل للجنة التنظيمية المشتركة للندوة و لكل أعضاء المكتب الجهوي للودادية و مجلس هيئة المحامين بفاس على حسن التنظيم و الاستعداد الجيد لهذه الندوة.

و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

  السيد رئس المكتب الجهوي

               عبد العزيز بوزيان
 






المقرر د أمينة ناعمي قاضية بالمحكمة الابتدائية بصفرو
      تقديم
  نظم المكتب الجهوي للودادية الحسنية لقضاة فاس – تازة بتعاون مع هيئة المحامين بفاس ،  ، ندوة علمية ، وذلك يوم 10 مارس 2006 بقصر المؤتمرات بفاس ، والتي كان الهدف منها مناقشة الاشكاليات التي افرزها التطبيق العملي لمدونة الاسرة بعد مرور سنتين على  دخولها حيز التنفيذ
 
  وقد ارتأت اللجنة التنظيمية معالجة الإشكاليات المثارة من خلال أربع محاور شكلت مواضيع جلسات السادة المتدخلين ، حيث خصصت الجلسة الأولى لمناقشة عرضين في  غاية الأهمية أولهما يتعلق :
  إشكالية إثبات النسب عن طريق الخبرة الطبية ، الذي تناوله الأستاذ الدكتور ناصر متيوي مشكوري ، أستاذ بكلية الحقوق بفاس ، حيث استهل مداخلته بالتطرق للأهداف الكبرى التي كانت وراء تعديل مدونة الأحوال الشخصية السابقة ، والتي كان من مظاهرها أن عين جلالة الملك لجنة استشارية كلفت بصياغة تعديل للقواعد المنظمة لميدان الأسرة ، حيث ضمت هذه اللجنة و لأول مرة ممثلين للمجتمع المدني و مختصين  في علم الإجتماع و الطب ، إلى جانب فقهاء الشريعة و قضاة متمرسين في الأسرة  ، كما ثم الأخد بعين العتبار اقتراحات المجتمع المدني الذي رفع إلى اللجنة تقارير جعلت هذه الأخيرة تقف ، وبخاصة ، على الوضعية المزرية التي كان يتواجد عليها عدد كبير من الأطفال المتخلى عنهم و المودعون بمراكز الرعاية ( خاصة التقرير الذي رفعه المرصد الوطني لحقوق الطفل ) ، بالإضافة إلى حرص جلالة الملك على تفعيل باب الإجتهاد و عدم التقيد بالفتاوى التي جعلت ال معين في زمن معين ، مؤكدا جلالته على مراعاة الإتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب خاصة تلك المتعلقة بحماية حقوق الطفل و      المرأة ، من أجل ملاءمة القانون الداخلي للمملكة مع ما نصت عليه من مبادئ .
  وقد لاحظ الأستاذ المتدخل أن تشكيلة اللجنة ، بالرغم من توسيع التمتيلية فيها مقارنة مع      سابقتيها ، افتقرت إلى أساتذة متخصصين في القانون الدولي الخاص ، منبها إلى ما قد ينجم عن ذلك من تضارب في الأحكام ، إذا علمنا أن الأنظمة القانونية المقارنة تجعل ضابط الإسناد يفضي إلى تطبيق قانون الموطن أو القانون الذي يريده الأطراف ، حيث يتور الإشكال حين طلب تذييل مثل هذا الحكم أمام القضاء المغربي ، وهو ما سيمتنع عنه هذا الأخير على اعتبار أن المدونة هي الواجبة التطبيق على كافة المغاربة المسلمين أينما كانوا .
  بعد هذه التوطئة ، أكد الستاذ المتدخل على أهمية اعتماد الخبرة في ميدان إثبات النسب ، وهو الإجتهاد الذي صدر عن مجمع الفقه الإسلامي تأكيدا على تبجيل الإسلام للبحث العلمي ، غير أن هذا الإجراء يتعين إحاطته بمجموعة من الضوابط من أجل الإستيثاق من النتائج المترتبة عنه ، من ذلك إسناد إجراء مثل هذه التحاليل إلى مختبرات علمية متميزة بعملها الدقيق ، وبأخذ كل الإحتياطات الكفيلة بضمان سلامة و صحة النتائج .
  وفي نفس الإطار ، أكد الأستاذ لمتيوي على أن اعتماد الخبرة من أجل نفي نسب طفل كان متمتعا به فنرة من الزمن ، أمر يتعين تجنبه حفاظا على الأنساب ولأن الشرع يتشوف للحوق النسب ، مشيرا إلى أن هذه الممارسة قد ترسخت لدى القضاء الفرنسي ، مشيرا في نفس الوقت إلى حكم صادر عن المجلس الأعلى بجميع غرفه بتاريخ 30 / 12/ 2005 الذي رفض تذييل حكم أجنبي قضى بنفي نسب طفل مولود من أب مغربي اعتمادا على نتائج الخبرة الطبية ، حيث تمسك المجلس بالمقتضيات التي كانت تنص عليها مدونة الأحوال الشخصية ، و التي تجعل الفراش دليلا قاطعا على نسب الولد لصاحب الفراش .
  وفي الموضوع التاني  إشكاليات مسطرة الطلاق و التطليق  أكدت الأستاذة رشيدة  حليمي ، القاضية بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بفاس ، أن مداخلتها تعتبر مجرد أرضية لإثارة النقاش حول القضايا المتعلقة بها .
وذكرت الأستاذة بالأهمية القصوى للأسرة إن على مستوى حياة الفرد أو المجتمع ، تلك المكانة  كانت وراء اهتمام ديننا الحنيف بهذه المؤسسة الإجتماعية إذ حظيت بتنظيم يعد الأكثر تفصيلا في الشريعة الإسلامية ، لذلك فلا مراء في الإستناد إلى قواعدها و مقاصدها من أجل إيجاد حلول لما استشكل من نصوص مدونة الأسرة .
  وقد ارتأت المتدخلة أن تسلط الضوء في مرحلة أولى على الإجراآت المسطرية التي تتبع من أجل توثيق   الطلاق ، مشيرة إلى أن المسطرة في هذه القضايا تكون شفوية ، و إلى أن الإختصاص النوعي قد انتقل إلى أقسام قضاء الأسرة بعد التعديل الذي طال الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي في 05 / 02 / 2004 ، حيث يرفع طالب الإذن بالإشهاد على رسم الطلاق طلبه إلى المحكمة التي يوجد بدائرة اختصاصها بيت الزوجية ، أو محكمة موطن الزوجة أو محل إقامتها و إلا فلمحكمة إبرام عقد الزواج ، معززا طلبه بمجموعة من الوثائق ، و هناتثار مسألة التصريح بالشرف التي تتنافى مع قاعدة ألا حق لشخص أن يخلق دليلا لنفسه ، بعد ذلك ، تبدأ محاولة الصلح من خلال تعيين المحكمة لحكمين و إن كانت المحكمة من الناحية الواقعية تضطلع بهذا الأمر بنفسها و الإكتفاء بمن حضر من أفراد العائلتين لتكليفهم بمحاولة إصلاح ذات البين ، فإما أن يتم الصلح و تشهد عليه المحكمة ، و إما أن تأمر المحكمة الزوج بإيداع المستحقات قبل الإذن له بتوثيق الطلاق .
  وهكذا ، أبانت التجربة العملية قصور بعض نصوص المدونة عن إيجاد حلول صريحة لبعض الأوضاع القانونية خاصة على مستوى الشكل ، أولى هذه الإشكاليات تبدؤ بالرسوم القضائية المتعلقة بطلب الزوجة للطلاق للخلع أو التطليق للشقاق ، فهل يقاس هذين الطلبين على أنواع التطليق الأخرى المعفاة من الرسوم خاصة التطليق للضرر ، لاشتراك الطلبين في علة الضرر الواقع بالزوجة ؟  كذلك يطرح إشكال اختصاص  تعيين القاضي المقرر خاصة في الحالة التي تكون فيها أقسام قضاء الأسرة بعيدة عن المحكمة الإبتدائية ، إلى جانب مشكل توصل الزوجة شخصيا بالإستدعاء خاصة إذا كانت خارج الوطن ، أو إذا كان عنوانها مجهولا وما يتطلبه البحث من طول المسطرة ، حيث قد يلجؤ الزوج إلى طرق ملتوية من أجل التعدد من خلال فرض الأمر الواقع ، إضافة إلى الكيفية التي بمقتضاها سيجري اتصال المحكمة بأحد الزوجين الذي يكون رهن الإعتقال ، و اعتماد بعض قنصليات المملكة على الإتصال الهاتفي من أجل تبليغ المعني بالأمر بالاستدعاء وهو ما يجعل مثل هذا الإجراء عرضة للطعن ، إلى جانب الأجل الذي قد تستغرقه مسطرة الصلح خاصة في حالة وجود أولاد وهو ما لايناسب أفراد الجالية المرتبطين بالتزامات بدول المهجر ، أضف إلى ذلك المعنى الذي يؤول به عدم استجابة الزوج والذي يسمح لطالبة الخلع التحول إلى التطليق للشقاق ، فهل يتجسد امتناعه هذا في إبداء تعنته رغم حضوره جلسة الصلح أم في عدم حضوره الجلسة رغم استدعائه وهل استدعاؤه ينبغي أن يكون شخصيا ؟
  تساؤلات وغيرها تركت الأستاذة المتدخلة للحضور استيعابها والتشاور بشأنها من أجل تقديم أجوبة قانونية عنها .
  بعد ذلك انتقلت أشغال الندوة إلى جلستها الثانية ، استهلتها الأستاذة وفاء بناني ، نائبة أولى لوكيل الملك لدى ابتدائية فاس ، بعرضعا حول دور النيابةالعامة في حماية النظام العام الأسري مستحضرة المحور الثلاثي الأبعاد الذي أعلن عنه جلالة الملك وهو رفع الحيف على النساء ، حماية حقوق الأطفال ، و صيانة كرامة الرجل ، مبرزة أن هذا التدخل يتم على مستويات ثلاث : المقتضيات التي جاءت بها مدونة الأسرة ، و المهام المسندة للنيابة العامة بمقتضى نصوص خاصة ، فضلا عن  ممارسة دورها التقليدي في تحريك الدعوى العمومية .               
   فعلى صعيد مدونة الأسرة ، يعتبر الفصل الثالث من بين المستجدات الهامة و الذي جعل من النيابة العامة طرفا أصليا في الدعاوى التي تروم تطبيق فصول هذه المدونة ، والذي يتعين التوفيق بينه وبين الفصل 9 من المسطرة المدنية الذي ينص على حالات خاصة تبلغ فيها النيابة العامة بدعاوى تتعلق بالأسرة ، فالمشرع إذن هدف من المادة 3 أن تستفيد النيابة العامة من خصائص الطرف الأصلي كحق الطعن و إبداء الرأي بكل حرية على امتداد الحياة الأسرية .
  و هكذا ، يتدخل جهاز النيابة العامة في طلبات الزواج عموما و طلبات تزويج القاصرين عل الخصوص واستثناء ، و هنا يلاحظ أن بعض المحاكم حولت هذا الإستثناء إلى قاعدة ، كما يلاحظ الإقتصار على شهادة طبية في تزويج القاصرة دون البحث في سوابق الخطيب في التطليق و   الإجرام ، كما تبدل النيابة العامة دورا هامالإرجاع الزوج المطرود بدون مبرر ، إلى بيت الزوجية مع اتخاذ الإجراآت الكفيلة بأمنه وحمايته متخدة لأجل ذلك الإجراآت الملائمة في إطار سلطتها التقديرية لاعتبار الطرد مبنيا على مبرر مسوغ أم لا ، وعلى هذا الصعيد ، تمكنت النيابة العامة بفاس من إرجاع 150 حالة طرد سنة 2004 ، مقابل 170 سنة 2005 ، وإن لم تخل عملية الإرجاع هذه من صعوبات فقد يغير الزوج الآخر الأقفال وهنا بعض النيابت تلجؤ إلى كسرها بينما تنصح أخرى الزوج المطرود باللجوء إلى القضاء الإستعجالي ، كما يطرح السؤال حول نجاعة الإكتفاء بإرجاع الزوجة  المطرودة  إلى بيت الزوجية أمام زوج يرغب في الإنتقام ، لذلك يستحسن إيجاد مراكز لاستقبال هذه الحالات و إحاطة المقتضيات الأخرى بحماية زجرية خاصة .
  كما يمتد تدخل النيابة العامة إلى مسطرة الطلاق خاصة تذييل الحكم الأجنبي القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية  بالصيغة التنفيذية ، من خلال مراقبة مدى استيفاء هذه الأحكام للإجراآت الشكلية و الموضوعية المنصوص عليها قانونا . ليبقى تواجدها مستمرا حتى ما بعد إيقاع الطلاق من خلال اختيار الأصلح لحضانة الأطفال ، ومنع السفر بالمحضون من غير موافقة نائبه القانوني .
كما أسندت للنيابة العامة مهام إضافية بمقتضى نصوص خاصة بالإرتباط مع مجال الأسرة ، كقانون الحالة المدنية إذ يمكنها التصريح بولادة أو وفاة ، إلغاء رسم مضاعف ، الإذن بإصلاح الأخطاء المادية ، إلى جانب دورها الطلائعي على مستوى اللجنة الإقليمية الخاصة بتصفية مكاتب الحالة المدنية . كما تتولى إيداع الأطفال بالمؤسسات المعنية في إطار قانون كفالة الأطفال المهملين ، وتقديم طلب التصريح بإهمالهم  وتسجبلهم بالحالة المدنية .
  كل هذا ينضاف إلى دورها التقليدي في تحريك المتابعة الجنائية سواء من خلال نصوص المدونة التي تحيل على ذلك ، مع التساؤل حول ما إذا كان ذلك يتوقف على تقديم شكاية من الزوجة و التي تعتبر قيدا على ممارسة النيابة العامة للدعوى العمومية بالرغم من التنازل عنها لاحقا .
و قد دعت المتدخلة قضاء الحكم الزجري إلى اعتماد الشواهد الطبية التي تعزز بها دعاوى الضرب و الجرح و اعتبارها قرينة على الفعل ، مع البت في طلب التطليق للضرر في إطار الدعوى المدنية التابعة .
  كما دشن جهاز النيابة العامة تجربة رائدة من خلال تعاونه مع المرصد الوطني لحقوق الطفل ، بتبليغ مكاتب هذا الأخير عن الحالات التي يتوصلون بها والتي تشكل أفعالا معاقب عليها قانونا .
ليشكل تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية في مجال قضاء الأسرة موضوع آخر مداخلة ، تناولته الأستاذة نادية باديس ، المحامية بهيئة فاس ، حيث اعتبرت الموضوع يتناول وضعية خاصة يتواجد  فيها قضاة الحكم بين مقتضيات الحق الإنساني الذي هم حريصون على تحقيقه ومنطق النص القانوني الذي يفرض قيودا على هذه المسطرة تستجيب لمفهوم السيادة ، هذا الموضوع بدوره لايخلو من إشكالات تبدء بتحديد الإختصاص القضائي المكاني الذي يرجع للمحكمة الإبتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه و في حالة عدم وجودهما لمكان التنفيذ ، غير أن طبيعة الدعوى تجعل من المتعذر تصور مكان التنفيذ كما هو الشأن في دعاوى الطلاق و التطليق فلأية محكمة ينعقد الإختصاص ؟ إن الفصل 27 من المسطرة المدنية باعتبارهاالشريعة العامة  فد يكون مسعفا ، إذ يجعل الإختصاص لمحكمة موطن أو إقامة المدعي عند عدم توفر المدعى عليه على موطن أو محل إقامة .
  أما على مستوى الإختصاص النوعي ، فقد اختلفت آراء الفقه ما بين قضاء الموضوع و القضاء الإستعجالي على اعتبار القضاء فنا لإنهاء الخصومات والدعاوي والذي لن يبلغ مرتبته الراقية إلا بربطه بعامل الزمن ، غير أن إحداث قسم مختص بالقضاء الأسري جعل هذا النوع من الدعاوى من اختصاص الأقسام المذكورة .
  و أشارت المتدخلة إلى الدور الذي قد تلعبه النيابة العامة في طلبات التذييل خاصة من خلال نيابتها عن أفراد الجالية بالمهجر ، مشيرة إلى توفر القنصلية المغربية بكندا على مطبوع يتم ملؤه من طرف المعني و يوجه إلى وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية المختصة مرفوقا بالوثائق  ، مترجمة رسميا إلى العربية ،  المتطلبة قانونا و المشار إليها أسفل ذلك المطبوع ، و يتعلق الأمر بنسخة رسمية من الحكم الأجنبي المراد تذييله ، و أصل التبليغ ، شهادة من كتابة الضبط تفيد عدم التعرض أو الإستئناف أو الطعن بالنقض في الحكم ، مع مراعاة ما تنص عليه الإتفاقيات الثنائية في الموضوضوع ، لتتأكد المحكمة بعد ذلك من توفر الشروط الموضوعية المتمثلة في صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته و عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام ، حيث لاحظت الأستاذة أن الطلبات الرامية إلى تذييل حكم أجنبي القاضي بالطلاق الإتفاقي أو التطليق للشقاق ، كان مآلها الرفض قبل التعديل ، مشيرة في الأخير إلى إعفاء الأحكام الأجنبية المتعلقة بالنفقة من مسطرة التذييل ، كما تنص على ذلك اتفاقية نيويورك ل 20 يونيو  1956 ، ويستعاض عنها باللجوء إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة موطن المدين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم