الجمعة، 6 مارس 2015

الرميد: مدونة الأسرة أكدت صحة اختيارات المغرب لتحديث منظومته القضائية



مصطفى الرميد وزير العدل والحريات | المهدي
 
مصطفى الرميد وزير العدل والحريات
قال وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، اليوم الجمعة بالرباط، إن تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة حقق عدة مكاسب وأكد صحة الاختيارات التي انتهجها المغرب في تحديث منظومته التشريعية والقضائية في مجال الأسرة.
وأوضح الرميد في كلمة خلال افتتاح أشغال الندوة الوطنية لتقديم الدراسة التقييمية حول "التطبيق القضائي لمدونة الأسرة بعد مرور عشر سنوات"، التي نظمتها جمعية "عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة"، أن النقاش بشأن مدونة الأسرة، لا ينبغي أن يغفل حساسية أحكام وقواعد الأحوال الشخصية وتداخلاتها الثقافية والدينية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، معتبرا أن اللقاء يهدف إلى تعزيز النقاش حول إسهام كافة الفاعلين في مجال الأسرة، من المنظورين الجمعوي والقضائي.
وأضاف أن الندوة تطمح بالأساس إلى التعرف على موضوع تطبيق مدونة الأسرة، نظرا للأهمية البالغة للمدونة وكذا المدة التي مضت على بداية تطبيقها، فضلا عن الإشكالات التي يثيرها موضوع التطبيق، وما يتوجبه من تدارس للحلول الواقعية التي تنسجم مع فلسفة المشروع وما كرسه الدستور لمؤسسة الأسرة.

ضرورة نهج الحوار المسؤول والتفاعل الإيجابي
واعتبر أن مرور أزيد من عشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة، يمكن من تقييم واقع التطبيق، من خلال ما تحقق من مكاسب وإنجازات، وما بذل من جهد، و ما اتخذ من مبادرات و تدابير إجرائية، و ما تم وضعه من آليات لإنجاح الإصلاحات و تفعيل المستجدات التي جاءت بها المدونة لفائدة الأسرة المغربية.
وتطرق الوزير في الوقت ذاته للإكراهات التي تعترض سبيل التطبيق السليم لمقتضيات مدونة الأسرة على المستوى القضائي، وتتعلق أساسا بالإكراهات المادية والتنظيمية والبشرية من جهة، والواقع الاقتصادي والاجتماعي والموروث الثقافي من جهة ثانية، والذي حد من فعالية وجدوى كثير من المقتضيات والمستجدات التي أحدثتها نصوص مدونة الأسرة، معتبرا أن هذا التقييم من شأنه العمل على تحقيق الرهان واستشراف المستقبل بمقاربة تشاركية مع كل الفاعلين و المهتمين بالشأن الأسري.
وأكد الرميد على ضرورة نهج الحوار المسؤول والتفاعل الإيجابي المبني على التعاطي بموضوعية مع الإشكاليات التي يطرحها التطبيق العملي، وعلى قراءة متأنية لواقع القضاء الأسري بالمغرب نصا وتطبيقا، لإيجاد حلول ملائمة وواقعية، تنسجم مع فلسفة المشرع المغربي في مدونة الأسرة، وما يكرسه الدستور للنهوض بمؤسسة الأسرة، بما يضمن وحدتها واستقرارها و المحافظة عليها، معتبرا أن ذلك لا يتحقق إلا بضمان حقوق المرأة وحماية الأطفال وصيانة كرامة الرجل، في إطار ثوابت الأمة المغربية ومرتكزاتها.

عرف الزواج منحى تصاعديا
واستعرض الرميد جملة من المؤشرات الدالة على مستوى تطور أداء القضاء الأسري، إذ عرف الزواج على سبيل المثال منحى تصاعديا منذ دخول المدونة حيز التطبيق، حيث تزايد عدد عقوب الزواج المبرمة، منتقلا من 236 ألف و574 خلال سنة 2004 إلى 306 ألف و533 زواجا أبرم سنة 2013، وهذا راجع بالأساس إلى ما تم القيام به من توعية وتحسيس بمقتضيات مدونة الأسرة، ووعي المواطنين بأهمية توثيق عقود الزواج ودوره في ضبط وحفظ حقوق الزوجين والأطفال، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات ومرونة المسطرة وتقريب القضاء من المواطنين.
وبالنسبة لتعدد الزوجات، يضيف الوزير، فقد شهد نوعا من الاستقرار خلال عـشر سنوات إذ سجل أكبر نسبة سنة 2004 و2011 بما قدره 0,34 بالمائة من مجموع عقود الزواج المبرمة، وأدنى نسبة بلغت 0,26 بالمائة من مجموع رسوم الزواج المبرمة سجلت خلال سنة 2012 و2013.

ارتفع عدد حالات الصلح
كما ارتفع عدد حالات الصلح، الذي أولته المدونة عناية خاصة، إذ بلغ عدد حالات الصلح في قضايا طلبات الإذن بالإشهاد على الطلاق التي سجلتها المحاكم على مستوى أقسام قضاء الأسرة بمختلف ربوع المملكة خلال سنة 2013 ما مجموعه 8702، وبلغ هذا العدد في نفس السنة بخصوص طلبات التطليق ما مجموعه 10389 حالة صلح وهو ما يعني أن المحاكم استطاعت أن تحافظ على كيان 18 الف و491 أسرة خلال سنة واحدة فقط، معتبرا في الوقت نفسه أن مسطرة الصلح في حاجة للمزيد من الآليات والوسائل لتحقيق نتائج أكبر.
كما تدنت حالات الطلاق الرجعي، في مقابل ارتفاع في عدد حالات الطلاق الاتفاقي، التي بلغت في سنة 2013 حوالي 40 ألف و850 حالة في مقابل 7 آلاف و213 سنة 2004.
وأعرب الوزير عن الارتياح لكون نسبة تنفيذ الأحكام بلغت 86 بالمائة من الأحكام المطلوب تنفيذها، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة الارتقاء بالنتائج المحققة في هذا الإطار. من جهتها، أبرزت رئيسة جمعية "عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة" السيدة جميلة السيوري في كلمة بالمناسبة، أن الندوة تعد تتويجا لحصيلة عمل أربع ندوات بؤرية انكبت على دراسة موضوع مدونة الأسرة بصفتها مشروعا مجتمعيا، وذلك في سياق دستور 2011 الذي نص في عدد من فصوله على ضرورة إحقاق المناصفة.

إصلاح منظومة العدالة على مستوى القوانين والبنيات والسير الإداري

كما تم خلال اللقاء تقديم مضامين الدراسة التقييمية للتطبيق القضائي لمدونة الأسرة بعد مرور عشر سنوات، وذلك في سياق ظرفية دولية ووطنية تدعو إلى تكريس حقوق المرأة في مختلف المجالات، انطلاقا من التراكم الحاصل في مجال تطوير مدونة الأسرة، في أفق النهوض الفعلي بأوضاع الأسرة المغربية.
وتساهم جمعية "عدالة"، التي تعد منظمة غير حكومية تأسست بصفة قانونية في أكتوبر 2005، إلى جانب المكونات المجتمعية المعنية بحقوق الإنسان وبإصلاح العدالة من أجل إصلاح القضاء، وتعمل من أجل توفير الشروط الضرورية لضمان المحاكمة العادلة وجودة الأحكام والأمن القضائي بمنطق ورؤية ينسجمان مع روح الاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الإنسان.
وتهدف الجمعية بالأساس إلى إصلاح منظومة العدالة على مستوى القوانين والبنيات والسير الإداري، وضمان استقلالية السلطة القضائية وتحقيق الشفافية في عملها، وملاءمة القوانين الوطنية مع منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، فضلا عن تيسير الحق في الولوج إلى العدالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم