الجمعة، 6 مارس 2015

يوم دراسي : حقوق الأسرة والمرأة والطفل أي ضمانات في أفق إصلاح القانون الجنائي ؟

عقد منتدى الزهراء للمرأة المغربية صباح اليوم السبت 21 فبراير 2015 بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، يوما دراسيا حول موضوع "حقوق الأسرة والمرأة والطفل أي ضمانات في أفق إصلاح القانون الجنائي".
وعرف اليوم الدراسي كلمة رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، الدكتورة عزيزة البقالي، ومداخلة الدكتور أحمد كافي حول إصلاح القانون الجنائي مرتكزا من مقاصد الشريعة، ومداخلة حول إصلاح القانون الجنائي مقاربة قانونية، قدمها رئيس محكمة الأسرة بالرباط، الزبير العباسي.
إثر ذلك تم تنظيم ورشات حول القانون الجنائي وحماية المرأة، أطرتها الأستاذة سعاد الزخنيني فيما خصصت الورشة الثانية للقانون الجنائي وحماية الأسرة أطرها محمد الزردة والأستاذة فاطمة ايت أومغار، بينما تم تخصيص الورشة الثالثة لحماية الطفل أطرها المحامي عبد المالك زعزاع، والأستاذة بشرى المرابطي.

الدعوة إلى ملئ الفراغ القانوني بخصوص مسألة الطرد من بيت الزوجية 


دعا الزبير العباسي، أستاذ بالمعهد العالي للقضاء، إلى ضرورة إيجاد معادلة تساوي التعامل بين الأشخاص في القانون المغربي، وملأ الفراغ القانوني في مسألة الطرد من بيت الزوجية.
جاء ذلك في مداخلة له خلال اليوم الدراسي الذي نظمه منتدى الزهراء صباح اليوم السبت، بالرباط، حول موضوع “حقوق المرأة والطفل أي ضمانات في أفق إصلاح القانون الجنائي؟”، وقف فيها على "تناقضات" تعتري القانون المغربي.
وانتقد العباسي عدم المتابعة القانونية في حالة طرد الزوجة والأبناء من بيت الأسرة، قائلا "عندما يطرد صاحب محل مكتريا لا يجمع بينه إلا عقد كراء يعاقب، بينما طرد زوجة يجمع بينها عقد زواج وشراكة حياة لا يجعلك صاحب هذا الفعل عرضة للمساءلة القانونية".
واستغرب الخبير القانوني عدم وجود "الطرد من بيت الزوجية" في القانون الجنائي، في الوقت الذي تتطرق إليه مدونة الأسرة بشكل "محتشم" حيث تنص على أنه “إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية بدون مبرر، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالا، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته.

الدعوة لكفالة كرامة المرأة والحرص على انسجام الأسرة في مراجعة القانون الجنائي

أوضحت الدكتورة عزيزة البقالي، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، إن المنتدى يرتكز في تصوره لمراجعة القانون الجنائي على مجموعة من التوجهات والأولويات والاختيارات التي تكفل كرامة المرأة وإعادة الاعتبار لمؤسسة الأسرة والحرص على انسجامها.
وأضافت البقالي خلال كلمة لها في اليوم الدراسي الذي نظمه صباح اليوم السبت ( 21 فبراير ) منتدى الزهراء للمرأة المغربية بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، حول موضوع "حقوق الأسرة والمرأة والطفل أي ضمانات في أفق إصلاح القانون الجنائي"، أن المنتدى يتطلع لتعزيز ضمانات إقرار الحقوق الإنسانية للنساء في ظل توابث الدستور.
وأكدت "على ضرورة أن تحرص إصلاحات القانون الجنائي على المزج الخلاق بين تفعيل القيم الأصيلة للمجتمع المغربي المستمدة من دينه وتراثه مع الوفاء للاتزامات والاتفاقات الدولية التي وقع عليها البلد"، مشددة على ضرورة "الانتباه إلى الخصوصيات وإلى التمييز الإيجابي الذي يزخر به رصيدنا الثقافي وديننا الحنيف".
وطالبت رئيسة منتدى الزهراء بأن تكون المنظومة القانونية متناسقة حسب الأسرة "لأن نسجل للأسف أن السياسات العمومية المتعاقبة لم تنصف الأسرة المغربية ولم توليها ما تستحق من الرعاية والاهتمام بما ساهم في اختلالات اجتماعية وأسرية خطيرة، أبرزها التفكك الأسري والأطفال المتخلى عنهم".
كما شددت على "ضمان وحدة تصور الفلسفة المؤطرة للنصوص التشريعية المتعلقة بالأسرة بمختلف تخصصاتها لا بد أن نحرص أن تكون تنسجم في إطار هذه المقاربة حسب الأسرة وأبرز مثال يجب أن يكون متناغما مع القانون الجنائي هو مدونة الأسرة، تورد المتحدثة.
ولكي يتحقق ذلك، طالبت البقالي الدولة بأخذ بعين الاعتبار المجهود العلمي الذي يقوم به المجتمع المدني في إعداد الدراسات والأبحاث حتى يتم إنتاج قوانين عادلة تحقق العدالة والكرامة والحماية، مؤكدة أن التقنين إذا انبنى على استقراء غير دقيق ينتج نصوص تشريعية متناقضة.
إلى جانب ذلك دعت رئيسة منتدى الزهراء إلى تشجيع وتأمين الحماية القانونية للجمعيات والمنظمات العاملة في مجال قضايا المرأة والأسرة وحماية الطفولة ومناهضىة العنف ضد النساء، مشددة على أن وجود المكون المدني ضروري لتعزيز المقاربة المتكاملة والمتناسقة والمتساوقة.


مقاصد الشريعة الاسلامية في التشريع الجنائي

قال الدكاتور أحمد كافي، أستاذ الدراسات العليا بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن من أسس التشريع الجنائي في الإسلام يتوخى قطع الطريق على الاستبداد والاعتداء والتدخلات وكل ما يمكن أن يُهدم مقصد تحقيق العدالة والمساواة.
وأوضح كافي الذي كان يتحدث خلال اليوم الدراسي الذي نظمه منتدى الزهراء للمرأة المغربية صباح السبت 21 فبراير بالرباط، بشراكة مع وزارة العدل والحريات، أن عندنا في الإسلامي التشريع العقدي والتربوي والعلمي والفكري والمالي والاجتماعي والسياسي ويأتي بعد ذلك التشريع الجنائي في خاتمة التشريعات.
وأبرز المتحدث أن "التشريع الجنائي الإسلامي مُقيد بمجموعة من القيود كضمانات للتنزيل وحسن تطبيقه حتى تبقى الكرامة الإنسانية متوفرة لأي من الجناة في هذا الباب، وأول هذه المقاصد التي يتوغاها التشريع الإسلامي هو تحقيق العدل، لأن العدالة إذا لم تكن مشاعة في المجتمع لابد أن تؤثر على التماسك بين الأفراد ومؤسساتتهم وبين الأفراد مع بعض وبينهم وبين الانتماء للدولة أو القطر أو الأمة حتى يشعر الفرد بعزة الانتماء لهذه المنظومة.
ويقصد التشريع الإسلامي تحقيق العدالة في القانون الجنائي على مستويين؛ أولا في النصوص القانونية التي ينبغي أن تتحلى بقدر كبير من المعقولية والقسط الذي يتلقى في الأخير من طرف جميع الناس بالرضى والاطمئنان، وثانيا تحقيق العدل في التطبيق والتنزيل.
وأضاف الدكتور أحمد كافي؛ "أن ثاني مقاصد التشريع الجنائي في الإسلام الذي ينبغي الاعتماد عليه وتنزيله، هو المساواة بحيث أن التشريع الإسلامي لا يعترف بالامتيازات التي تُعطى لأي شخص فالناس سواء عنده وهذا كان مألوفا في الأمة الإسلامي الأولى فنجد أن علي بن أبي طالب وهو أمير المؤمنين يقف أمام القاضي أمام شخص ليس من منظومتنا الإسلامي "يهودي"، ولم يعطي منصب علي بن أبي طالب أي امتياز في هذه النازلة".
كما نجد المساواة أمام القانون في الأمة الإسلامية الأولى يردف المتحدث عند أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب الذي قال "أطيعوني ما أطعت فيكم الله ورسوله"، مشيرا إلى أنه عند الحياد عن المساواة فذلك إيذان بخراب العمران وانهيار المجتمع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما عندما أراد القوم أن يتحايلوا على القانون الجنائي (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)".
واسترسل المتحدث مستعرضا مقاصد التشريع الجنائي في الإسلام، "ثالث المقاصد لا عقوبة إلا بنص"، مستشهدا بقول الله تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا) و قوله أيضا (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا)، بحيث ينبغي أن يكون البلاغ والبيان للناس بشكل واضح وجلي".
وأوضح أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية، أن التشريع الإسلامي يتوغى من مقصد - لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص - قطع الطريق على الاستبداد والاعتداء والتدخلات وكل ما يمكن أن يُهدم مقصد تحقيق العدالة والمساواة، ولذلك كانت الحدود والتعازير محصورة ومحددة بضوابط".
كما يقصد التشريع الجنائي الإسلامي من هذا المقصد -لا عقوبة إلا بنص - أنه لا يريد الزيادة في منسوب العقوبة وإنما ينبغي أن تقدر بقدرها في أضيق حدودها، وهذا ظاهر في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا) أي اللوم والسب والقمع".
وآخر مقاصد التشريع الجنائي في الإسلام هو "الإصلاح وليس العقوبة" وهذا ظاهر في مقاصد الشريعة الإسلامية يقول الدكتور أحمد كافي بحيث ليس كل من أخطأ خطأ يُنتقم منه، بل ينبغي أن يُساعد على الخروج من الورطة، ولذلك حينما تحدث القرآن عن القصاص لم يذكر أن من مقصده العقوبة وإنما أشار إلى أن من مقاصده حياة الناس لقوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). 

توصيات اليوم الدراسي

أوصت الورشات تقنية في اليوم الدراسي الذي عقده منتدى الزهراء للمرأة المغربية، أول أمس السبت بالرباط، جملة من الاقتراحات التي تهم الأسرة والمرأة والطفل بهدف ضمان تماسك الأسرة وحماية حقوق المرأة والطفل وفق مقتضيات المساواة في القانون الجنائي الذي يرتقب أن يشهد تغييرات في أفق تنزيل إصلاح منظومة العدالة.
في ورشة المرأة ركز المتدخلون على مشاكل العنف الزوجي والاغتصاب والتحرش الالكتروني والبغاء، وذهبت التوصيات في اتجاه تشديد العقوبة على الجناة في جريمة الاغتصاب حتى بدون افتضاض البكرية وبدون وقوع حمل، كما طالبت التوصيات بتشديد العقوبة المادية والزجري على البغاء واعتبارها جناية، ورفع العقوبة في حالة وجود الوسيط إلى درجة المرتكب، وإضافة تجريم الترحش الجنسي الإلكتروني تشديد العقوبة في حالة الابتزاز.
أما ورشة الطفل فقد دعت إلى ملائمة النص القانوني الجنائي المغربي مع الاتفاقية الجنائية لحقوق الطفل الصادرة سنة 1986، بتحديد السن القانوني للطفل، كما دعت إلى تفعيل القوانين التي تنص على إجبارية تمدرس الأطفال وتجريمه، وفيما يخص التسول أوصى المشاركون بتجريم الأباء الذين يتسولون بأبنائهم. وتجريم إيذاء الأطفال والتنصيص على الحماية من الإيذاء اللفظي أو النفسي، وفيما يتعلق بجرمة هتك العرض طالبت التوصيات بالتمييز في العقوبة بين أشكال انتهاك العرض وتجريمه كيفما كان نوعه.
وشهدت ورشة القانون الجنائي وحماية الأسرة مناقشة مستفيضة لعدد من المشاكل التي تهدد الأسرة وفي مقدمتها الإجهاض والحمل الناتج عن الاغتصاب وزنا المحارم والعنف الزوجي، وأوصى المشاركون في الورشة تجريم الخيانة الزوجية والحماية الجنائية لمرأة الحامل، وإعادة النظر في قانون الجزية والكفالة، تكوين قضاة متخصصين في المنازعات الأسرية، واعتماد مقاربات تتوخى تفادي العقوبات السالبة للحرية.
كما دعت التوصيات إلى إنشاء مكاتب الصلح لدى أقسام القضاء الأسري التي تستهدف الحل الشمولي القانوني والاجتماعي والنفسي والتربوي، وسن مقتضيات جديدة كمؤسسات الوساطة الاتفاقية أو القضائية وإحداث دور الإيواء للنساء والأطفال ضحايا العنف، وطالبيت بالمزج الخلاق بين القيم الأصيلة والمكونة للمجتمع المغربي وبين بنود المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب، بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية للجمعيات العاملة في مجال الأسرة والمرأة والطفولة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم