الثلاثاء، 27 مايو 2014

تعليق على قرار المجلس الأعلى عدد 433 – استحقاق المطلقة للمتعة ؟ - ذ يوسف مرصود


تعليق على قرار محكمة النقض – استحقاق المتعة


بقلم الأستاذ يوسف مرصود
محامي بهيئة الدارالبيضاء


تــعلــيق علـــــى القرار عدد 433 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 21/09/2009 صدر مؤخرا قرار عن المجلس الأعلى أثار انتباه العديد من رجالات القانون خصوصا منهم القضاة والمحامون حيث قال عنه الأستاذ إبراهيم بحماني رئيس غرفة المجلس الأعلى ( يمكن القول بأنه لأول مرة تتاح فرصة للمجلس الأعلى ليبين حالات الحكم بالمتعة في الفراق بين الزوجين وحالات الحكم بالتعويض لمن يلحقه ضررا في الآخر). (أنظر تعليق الأستاذ بحماني عن القرار منشور بالعدد 72 من مجلة قضاء المجلس الأعلى ص 87 وما بعدها).
 وفيما يلي نص القرار :
تطليق للشقاق – لا تستحق المطلقة المتعة بل التعويض عند ثبوت مسؤولية الزوج عن الفراق .
المتعة لا يحكم بها إلا في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بناء على طلب الزواج، أما في حالة التطليق للشقاق بناء على طلب الزوجة فانه لا يحكم لها بالمتعة، وإنما يحكم لها بالتعويض بعد أن تثبت مسؤولية الزوج عن الفراق. نقض جزئي وإحالة

باسم جلالة الملك
حيث يستفاد من أوراق الملف ومن القرار المطعون فيه رقم 735 الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة في مواجهة المدعى عليه عزوز تعرض فيه أنها متزوجة به غير انه منذ زواجهما وهو يسيء معاملتها ويقوم بضربها ويمنعها من زيارة عائلتها وانه استنادا لمقتضيات المواد 83 و 84 و 85 من مدونة الأسرة فإنها تلتمس:الحكم بتطليقها من المدعى عليه بسبب الشقاق وبأدائه لها تعويضا قدره أربعون ألف درهم لكونه مسؤولا عن الفراق. وأدلت بوثائق. وأجاب المدعى عليه بان ادعاءات المدعية باطلة تفتقر إلى الدليل،وانه اعد لها سكنا جديدا ومستقلا عن عائلته وقد مكث فيه من تسعة أشهر ثم غادر بيت الزوجية بدون سبب، وقد رفع ضدها دعوى من اجل الرجوع إلى بيت الزوجية وصدر حكم بذلك بتاريخ 19/4/2007 في الملف رقم 63/07 وأنها امتنعت من الرجوع إليه حسب محضر امتناع في ملف التنفيذ عدد 54/07، ملتمسا رفض الطلب، وأدلى بوثائق. وبعد إجراء محاولة الصلح بين الطرفين وفشله، تقدمت المدعية بواسطة دفاعها بتاريخ 6/8/2007 بطلب إضافي التمست فيه الحكم على المدعى عليه بأدائه لها نفقتها حسب 800 درهم شهريا ابتداء من تاريخ الإهمال 31/12/2006 إلى تاريخ الحكم بالتطليق، وبأدائه لها كالىء صداقها وقدره عشرة ألاف درهم، وتحديد مدة الإجبار في الأقصى مع النفاذ المعجل والصائر. وبعد انتهاء الإجراءات، قضت المحكمة بتاريخ 9/10/2007 في الملف رقم 307/07 بتطليق المدعية نعيمة من المدعى عليه عزوز طلقة بائنة للشقاق ، وبأدائه لها مؤخر صداقها المحدد في 10.000 درهم ومتعتها بحسب 8000 درهم وتكاليف سكناها حسب 1500 درهم ونفقتها حسب 350 درهم شهريا ابتداء من 1/1/2007 إلى تاريخ 17/5/2007 ، مع النفاذ المعجل والصائر وبتوجيه ملخص هذا الحكم لضابط الحالة المدنية لمكان ازدياد الطرفين لاتخاذ المتعين. فاستأنفه الطرفان بواسطة دفاعهما، بحيث استأنفه المدعى عليه استئنافا أصليا في حين استأنفته المدعية استئنافا فرعيا. وبعد انتهاء الإجراءات، قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. وهذا هو القرار المطلوب نقضه من طرف الطاعن بواسطة دفاعه، بمقال يتضمن وسيلتين أجاب عنه دفاع المطلوبة في النقض بمذكرة ترمي إلى رفض الطلب. فيما يتعلق بالمقطع الأول من الوسيلة الثانية المتخذة من خرق المادة 84 من مدونة الأسرة، ذلك أن الطاعن أثار بان هذه المادة تنص على انه يراعى في تقدير مستحقات الزوجة فترة الزواج والوضعية المادية للزوج وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه، إلا أن المحكمة قد عممت الحديث عن مسؤولية التطليق دون الحديث عن أسباب ومسؤولية الزوجة في إيقاعه، لان العارض لا مسؤولية في النازلة، وقد أدلى بما يفيد امتناعها عن الرجوع لبيت الزوجية، ومع ذلك حكم لها بواجب المتعة المقدرة في 8000 درهم مع أنها المسؤولة الوحيدة عن طلب التطليق،وما ادعته في جلسة الإصلاح يبقى مجردا عن الإثبات، والقرار المطعون فيه لما لم يجب عما أثاره الطاعن في شان مسؤولياتها عن التطليق فانه جاء غير معلل ومعرضا للنقض. حيث تبين صحة ما أثاره الطاعن في هذا المقطع من الوسلية الثانية، ذلك أن المطلوبة قد طلبت في مقالها الرامي إلى التطليق بسبب الشقاق تعويضها بمبلغ 40.000 درهم باعتبار الطاعن هو المسؤول عن سبب الفراق،بينما قضت لها المحكمة بمتعة قدرها 8000 درهم، وانه بمقتضى المادة 84 من مدونة الأسرة فان المتعة إنما يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بطلب الزواج، والمحكمة لما حكمت لها بالمتعة رغم أنها طلبت الحكم لها بالتعويض المستحق لها ودون أن تحدد مسؤولية عن الفراق لترتب على ذلك التعويض المستحق لها عند الاقتضاء، فإنها تكون قد خرقت المادة المحتج بها وعرضت قرارها للنقض جزئيا فيما ذكر. وحيث يعيب الطاعن في الوسيلة الأولى،المتخذة من عدم ارتكازا الحكم على أساس قانوني وسوء التعليل أن المحكمة ألاستئنافي لم تجب عن الدفع كون المطلوبة في النقض قد تنازلت عن الدعوى التي التمست بمقتضاها الحكم لها بنفقتها ومن ثم فان المدة المحكوم لها بالنفقة لا تمت إلى الحقيقة بصلة،فضلا على انه حكم لها بالصداق مع أنها أخذته تبعا للتنازل المذكور. لكن حيث إن التنازل المتمسك به طرف الطاعن يتعلق بفترة تبتدئ من 22/6/2006، في حين أن الطاعن يقر أثناء جلسة البحث بان زوجته خرجت من بيت الزوجية ابتداء من 1/1/2007 وهو التاريخ فان التنازل لا علاقة له بالمدة المحكوم بها، كما أن الطاعن لم يثبت أداء كالئ الصداق بحجة مقبولة، وان الثابت كتابة لا يزول إلا بالكتابة، وان التنازل لا يشير إلى براءة ذمته منه لذلك يبقى النعي غير مؤسس. وحيث يعيب الطاعن في المقطع الثاني من الوسيلة الثانية، بأنه مقتنع كون القضية ستحال على ابتدائية بركان، لعدم الاختصاص المكاني لابتدائية وجدة باعتبار أن بيت الزوجية يتواجد بمدينة السعيدية، وان ما أدلت به المستأنف عليها من شهادة السكنى هو تحريف للحقيقة لأنها ى تسكن بمدينة وجدة وان القرار المطعون فيه لم يجب على هذا الدفع لذلك يتعين نقضه. لكن حيث إنه من جهة قد صدر حكم بالتطليق للشقاق، وانه استنادا إلى المادة 128 من مدونة الأسرة فان المقررات القضائية الصادرة بالتطليق تكون غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية، ومن جهة أخرى فان المحكمة مختصة استنادا لذلك يبقى ما أثير غير مقبول في جزء منه وغير مؤسس في الجزء الأخر. لهـــذه الأســــباب قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه جزئيا فيما قضى به من متعة المطلوبة. السيد إبراهيم بحماني رئيسا، والسادة المستشارون:عبد الكريم فريد مقررا، واحمد الحضري ومحمد الترابي وحسن منصف أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد عمر الدهراوي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة او بهوش.
التعلـــــــــيق على القرار
اعتبر المجلس الأعلى موضوع هذه القراءة انه لا يحكم بالمتعة إلا في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بناء على طلب الزوج، أما في حالة التطليق للشقاق بناء على الزوجة فانه لا يحكم بالمتعة، وإنما يحكم لها بالتعويض بعد أن تثبت مسؤولية الزوج عن الفراق والملاحظ أن المجلس الأعلى اعتمد في قراره هذا على مقتضيات المادة 84 من المدونة لما اعتبر انه بمقتضى هذه المادة فان المتعة إنما يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بطلب الزوج.
وبقراءة متأنية لمضمون هذا القرار نجد المجلس الأعلى اعتبر أن المشرع في المادة 84 ربط استحقاق المطلقة للمتعة بالطلاق الذي يوقعه الزوج ولم ربطه بالتطليق الذي تطلبه الزوجة.
وبوقوفنا على المادة 84 من المدونة نجدها قد وردت في القسم الثالث من الكتاب الثاني المتعلق بانحلال ميثاق الزوجة وأثار.
وتتصدر المادة 78 القسم الثالث بقولها  » الطلاق حل ميثاق الزوجة، يمارس الزوج والزوجة كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا لأحكام هذه المداونة ».
وتلتها المادة 79 التي جاء فيها  » يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالإشهاد به لدى عدلين منتصبين لذاك« 
وتحدثت بعدها المواد 80،81،82،83 عن إجراءات طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق.
وجاءت المادة 84 لتحدد مستحقات الزوجة ومضمونها « تشمل مستحقات الزوجة: الصداق المؤخر أن وجد ونفقة العدة والمتعة التي يراعي في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه… »
إذن فالمادة 84 وردت في القسم الثالث ( المتعلق بالطلاق) من الكتاب الثاني(المتعلق بانحلال ميثاق الزوجة وأثاره).
والملاحظ أن المشرع استهل القسم الثالث المتعلق بالطلاق بمخاطبة كلا طرفي العلاقة الزوجة لما قال في المادة 78(الطلاق حل ميثاق الزوجة،يمارسه الزوج والزوج كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء…).
وأيضا لما قال على من يريد الطلاق ان يطلب الإذن من المحكمة(المادة79) والمخاطب بعبارة من يريد الطلاق طبعا الزوج والزوجة.
وذلك على خلاف ما كان معمولا به في مدونة الأحوال الشخصية بحيث كان الطلاق تصرف قانوني أناطه المشرع بالزوج وحده وفقا لشروط معينة حددها.
وخلاصة القول في هذه النقطة هو أن الطلاق من خلال مدونة الأسرة أصبح تصرف يمارسه الزوج والزوجة كل بحسب شروطه تحت إشراف القضاء.
والملاحظ من خلال تسلل المواد من 78 إلى 88 من القسم الثالث المتعلق بالطلاق أن المادة 84 لم تربط استحقاق المطلقة للمتعة بالطلاق الذي يوقعه الزوج. وإلا لما كان المشرع قد خاطب كل من الزوج والزوجة من خلال المادتين 78 و79 من المدونة واعتبر أن لكل منهما حق ممارسة الطلاق، وكان فقط اقتصر على مخاطبة الزوج.
وإنما المادة 84 لم تحدد سوى مستحقات الزوجة وكيفية تقديرها بغض النظر عن ممارس الطلاق هل الزوج أم الزوجة؟.وأن عبارة « ومدى تعسف الزوج في توقيعه التي وردت في المادة 84 لا ينبغي أن يفهم منها أن المشرع حصر استحقاق المطلقة للمتعة بالطلاق الذي يوقعه الزوج.
لان تعسف الزوج في توقيع الطلاق ما هو إلا عنصر من العناصر التشريعية التي تعتمدها المحكمة في تقرير المتعة على غرار فترة الزواج والوضعية المالية للزوج وسبب أو أسباب الطلاق.
ولأنه أيضا من البديهي أن يخاطب المشرع الزوج فيما يتعلق بالمتعة دون الزوجة لأنه هو من تقع على عاتقه.
ولما كانت النصوص القانونية يكمل بعضها البعض فكان واجبا لتطبيق نص ما ربطه بباقي النصوص التي لا يمكن أن يطبق بمعزل عنها ومن تم لا يمكن القول بان المادة 84 ربطت استحقاق المطلقة للمتعة بالطلاق الذي يوقعه الزوج،لأن المادة 84 جاءت ضمن القسم الثالث المتعلق بالطلاق الذي هو حق يمارسه الزوج والزوجة تحت إشراف القضاء.
وتبقى المتعة حق من حقوق الزوجة في حالات الطلاق بغض النظر عن طالب الطلاق طبقا للمادة 84 من مدونة الأسرة.
ولا أدل على ذلك من أن المادة 97 من المدونة أحالت على مقتضيات المادة 84 في حالة تعذر الإصلاح بين الزوجين واستمرار الشقاق، هذا مع العلم أن التطليق للشقاق  يقع بناء على طلب الزوجان أو احدهما( المادة 94)
والمشرع من خلال المادة 97 خول للمحكمة أن تحكم بتعويض على المسؤول عن الفراق لفائدة الزوج الآخر بغض النظر عن المستحقات الواردة في المادة84 أي أن الزوجة ممكن أن يحكم لها بالتعويض إلى جانب المتعة إذا تبث للمحكمة أن الزوج هو المسؤول عن الفراق وحتى إذا كانت هي من تقدم بطلب التطليق للشقاق وذلك طبقا للمادتين 84 و97 من المدونة .
لأن المشرع اعتبر بان المتعة اثر للطلاق وعدده ضمن مستحقات الزوجة المحددة بمقتضى المادة 84 من المدونة والمحال عليها من خلال المادة 97 المنظمة لمضمون حكم التطليق للشقاق والمادة 113 المنظمة لمضمون الحكم الصادر في دعاوي التطليق لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 98 من المدونة.
 والجدير بالقول أن المتعة من خلال مدونة الأسرة أصبحت حقا من حقوق الزوجة المنفصلة عن زوجها بسبب الطلاق أو الشقاق أو التطليق.
ولا يمكن حرمان الزوجة المطلقة من المتعة لكون أنها هي من تقدمت بطلب التطليق للشقاق وللقول بان حقها يبقى مقتصرا على طلب التعويض إن أثبتت مسؤولية الزوج عن الفراق لأن مدونة الأسرة خالية من أي نص يقول بذلك.
 وفي اعتقادي المتواضع أن المجلس الأعلى لم يكن صائبا في تفسيره للمادة 84 من المدونة لما اعتبر أن المتعة يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بطلب الزواج.
لان المادة 84 وردت في القسم الثالث المتعلق بالطلاق الذي أصبح من خلال مدونة الأسرة حق يمارسه الزوج والزوجة تحت إشراف القضاء.
وان هذا القسم وردت مواده بتسلسل واضح إذ عرفت الطلاق وكيفية ممارسته وإجراءاته ورتبت من أثاره مستحقات الزوجة والأطفال بغض النظر عن ممارس حق الطلاق وهذا ما يستشف من قراءة مواد القسم الثالث من الكتاب الثاني.
أما عبارة ومدى تعسف الزوج في توقيعه التي وردت في المادة 84 ما هي إلا عنصر من عناصر تقدير المتعة على غرار باقي العناصر الأخرى وليس دليلا للقول بان المشرع ربط الحكم بالمتعة أن يكون ممارس الطلاق هو الزوج وليس الزوجة.
لان المادة 84 ما هي إلا تحديد لمستحقات الزوجة وسبقتها مواد أخرى حددت مفهوم الطلاق وممارسيه وشروطه وإجراءاته،ولم يرد فيها ولا بعدها التفرقة بين ترتيب الآثار على الطلاق بالنظر إلى طالب الطلاق أهو الزوج  أم الزوجة.
وبناء عليه فالمتعة حق من حقوق الزوجة المطلقة سواء كانت طالبة التطليق أو كان الزوج.
أما التعويض عن الضرر فهو مستقل عن المتعة لأنه حقا من حقوق الزوجين معا إذا اثبت أن الزوج الآخر هو المسؤول عن الفراق.
وكل ما في الأمر أن المحكمة وعند تقديرها للمتعة إنما تضع في اعتبارها العناصر الواردة في المادة 84 التي تدخل في تحديد المتعة وأهمها عنصر أسباب الطلاق بصفة عامة سواء كان الطلاق قد ثم بطلب من الزوج أو الزوجة.
ويحكم بها في كل الأحوال مصادقا لقوله جل وعلا  » وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين« .

جريدة المساء بتاريخ 01 - 01 - 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم