الأحد، 4 مايو 2014

طلاق المغاربة أمام القضاء الأوربي - إشكالات التطبيق وآفاق التنفيذ - دبلوم الدراسات العليا المعمقة.





مـــقـــدمـــة

      
لقد أدت التحولات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى تزايد لا محدود في حركة الهجرة الدولية. وقد تميزت هذه الهجرة بأحادية الوجهة التي يقصدها المهاجرون، حيث تدفقت أعداد هائلة منهم انطلاقا من الدول الفقيرة باتجاه الدول الغنية، وبمنظر جغرافي من دول الجنوب نحو دول الشمال.
       هذا وقد ساهمت الظروف الاقتصادية والاجتماعية المرهقة، وكذا السياسية الصعبة، في تحريك هذه الجموع باتجاه البحث عن ظروف عيش أفضل، وبدائل أخرى يمكن أن يكون فيها الخلاص من الأوضاع التي تعيشها داخل بلدانها الأصلية، وهي ظروف زاد من حدتها عولمة النظم الاقتصادية وتطور وسائل الاتصال، بشكل سهل على المواطن في بلدان العالم الثالث إجراء مقارنة جدية مع أمثاله في الدول المتقدمة، سواء فيما يتعلق بظروف عيشه أو فيما يتعلق بكيفية احترام حقوقه وكرامته، لدرجة جعلته يعيش حلم الوصول إلى الفردوس المنشود مهما كانت الصعوبات التي سيواجهها أو المصير الذي سيلقاه.[1]
       أما بالنسبة للمغرب فإذا كانت هجرة مواطنيه إلى الخارج وتحديدا إلى أوروبا تعود إلى بداية القرن الماضي، فإن الانطلاقة الحقيقية لهذه الهجرة لم تكن إلا مع بداية عقد الستينات منه، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي كان يعيشها مغرب ما بعد الاستقلال، هذا بالإضافة إلى عجز الحكومات في هذه الفترة عن توفير فرص للشغل وتحقيق مشاريع التنمية وكذا فتح المؤسسات الجامعية بالقدر المطلوب[2]، وقد ازدادت حركة هجرة المغاربة نحو الأقطار الأوروبية، خلال الربع الأخير من القرن العشرين وبداية القرن الحالي وذلك بتضاعف العوامل الباعثة عليها. حتى أصبحت الجالية المغربية اليوم تشكل أهم رابط اجتماعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إذ يعيش اليوم في أوروبا أكثر من 2200000 مهاجر مغربي حسب إحصائيات مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، هذا بعض النظر عن الرقم الأسود الذي تشكله نسبة المغاربة المقيمين فوق أراضي الدول الأوروبية بطريقة غير شرعية، ولا يقتصر الأمر على هذا المستوى فقط بل إن هذه الجالية تلعب دورا مهما على المستوى الاقتصادي، ولمعرفة ذلك يمكن الرجوع إلى المكانة التي تحتلها تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج داخل الاقتصاد الوطني وبشكل خاص داخل ميزان الأداءات، إذ تشكل المصدر الأول لجلب العملة الصعبة إلى المغرب[3]، هذا دون أن نأخذ بعين الاعتبار التأثير المباشر لهذه التحويلات على حياة آلاف الأسر بحيث تشكل مصدر دخل أساسي ووحيد في بعض الأحيان بالنسبة لذويهم الذين ظلوا داخل أرض الوطن.[4]
       وعموما إذا كانت هجرة المغاربة إلى الديار الأوروبية قد ساهمت في تحقيق نوع من الرفاهية المادية والاستقرار الاقتصادي لعدد كبير من المهاجرين داخل البلدان التي يقيمون فيها، فإنها ومع ذلك عملت على ظهور مجموعة من الإشكالات الاجتماعية والقانونية.
       وإذا كانت الإشكالات الاجتماعية المرتبطة بالهوية وصعوبة الاندماج في المجتمع الأوربي تشكل أهمية بالغة في هذا الإطار، فإن الإشكالات القانونية المرتبطة بحقل الأحوال الشخصية لهؤلاء المهاجرين لا تقل أهمية أيضا، خاصة مع احتدام النزاعات بشأن تطبيق القوانين الشخصية على الروابط الأسرية والعائلية لهم. هذه الإشكالات تجد مرتعها الأساسي في الاختلاف التام بين القوانين المنظمة للروابط الأسرية في الدول الأوروبية والتي تجد مرجعيتها الأساسية في مبادئ الحرية والمساواة المطلقة المضمنة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والقانون المغربي المنظم للأحوال الشخصية الذي يرتكز على مرجعية مختلفة تجد أساسها في مبادئ الشريعة والفقه الإسلاميين.
       ومن هذا المنطلق رفضت بلدان الإقامة الكثير من المؤسسات القانونية الأسرية المضمنة في قانون الأحوال الشخصية المغربي واعتبرتها متعارضة والنظام العام السائد فوق أقاليمها، كما أن المغرب رفض بدوره الاعتراف بأي حق اكتسب بناءا على القواعد القانونية لتلك البلدان من قبل رعاياه نظرا لما فيه من تعارض مع الأسس التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع المغربي.
       وتعد مؤسسة الطلاق من أكثر المؤسسات التي تجسد هذا الاختلاف والتنازع بين القوانين، بل وتشكل هذه المؤسسة ميدانا خصبا يكشف تنازع الحضارات والثقافات وكذا الاختلافات التشريعية للدول، وهو ما انعكس سلبا على تنظيم طلاق المهاجرين المغاربة وعلى توازنهم واستقرارهم في المجتمع الأوربي، ويتجلى ذلك من خلال رفض القضاء الأوربي تطبيق القانون الوطني للمهاجرين على هذه المؤسسة، أو من خلال رفضه السماح بتنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي بخصوصها فوق التراب الأوربي.
       ولعل المبرر الأساسي الذي يعتمد عليه القضاء الأجنبي في هذه الحالة هو كون القانون المغربي المنظم للأحوال الشخصية يتعارض في مضمونه والنظام العام السائد في الدول التي يحكم باسمها، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للطلاق الانفرادي الموقع من طرف الزوج الذي يعد مؤسسة غير مقبولة في أوروبا على اعتبار أنها تكرس عدم المساواة بين الرجل والمرأة بل ويجعل المرأة في مرتبة دنيا حسب الاعتقاد السائد في أوروبا، وهو ما يخالف المبادئ التي يقوم عليها المجتمع الأوربي.
       كما أن ظهور ضوابط إسناد جديدة على مسرح القواعد القانونية المنظمة للروابط الأسرية زاد الأمر تعقيدا وذلك من خلال ميول القضاء الأوربي إلى اعتماد هذه الضوابط على حساب ضابط الجنسية ما دام أنها تؤدي في الأخير إلى تطبيق قانون الدولة التي يحكم باسمها.
       ولم تقف هذه الإشكالات عند الحد المتعلق بأسباب الطلاق وطرق إيقاعه فقط، بل تعدى الأمر ذلك إلى الآثار الناجمة عنه أيضا، إذ غالبا ما شكلت هذه الآثار إشكالات أخرى تنضاف إلى التي سبقتها. كما هو الحال بالنسبة للآثار المتعلقة بشخص الزوجين من جهة. التعويض عن الطلاق ومصير الأموال المشتركة". والآثار المتعلقة بالأطفال من جهة أخرى "مثل الحضانة والنفقة".
       هذا التعامل من طرف القضاء الأوربي مع القانون المغربي في مادة الطلاق وآثاره دفع بالقضاء المغربي إلى عدم الاعتراف بالأحكام والقرارات الصادرة عن القضاء الأوروبي في هذا الإطار على اعتبار أن عدم تطبيق قانون الأحوال الشخصية المغربي على الروابط الأسرية للجالية المغربية في المهجر يعد من المسائل المخالفة للنظام العام في المغرب، وهو ما أدى إلى إهدار حقوق الأفراد بل وخلق وضعيات أسرية شاذة وغير مقبولة من الناحية المنطقية والإنسانية.
       لذلك وأمام هذا الوضع فقد راهن المغرب لعقود طويلة من أجل ضمان تطبيق القانون المغربي للأحوال الشخصية على الجالية المغربية المقيمة في أوربا، ومن ثم الحفاظ على وحدة النظام القانوني الذي يحكم الأسرة المغربية بالمهجر، ومن أجل بلوغ هذا الهدف عمل إلى السعي نحو إبرام اتفاقيات ثنائية مع بعض الدول المستقبلة للجالية المغربية، وذلك كوسيلة ناجعة للتقليص من حجم النزاعات المثارة بشأن تطبيق القوانين الشخصية كما هو الشأن بالنسبة للاتفاقية المغربية الفرنسية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة والتعاون القضائي ل 10 غشت 1991.
       إلا أنه وبالرغم من الجهود المبذولة في هذا الإطار، فإن صعوبة التوفيق بين القانون المغربي للأحوال الشخصية والقوانين الأسرية الأوربية، جعلت القضاء في الدول الأوروبية يستبعد القانون المغربي، الأمر الذي يوحي بأن قاعدة التنازع التي توصي بتطبيق القانون الوطني توجد في مأزق، ولعل السبب في ذلك يرجع بالدرجة إلى ما يلي:
       1 – نهج الدول الأوربية استراتيجيات جديدة في مقاربتها لظاهرة الهجرة وذلك عبر الإدماج الكلي للمهاجرين في مجتمعاتها بغض النظر عن أصولهم ومن ثم إخضاعهم لقيم وقوانين المجتمع الأوروبي، ومن أجل ذلك فتحت أبواب التجنيس في وجوههم، هذا بالإضافة إلى تمتيعهم بكل المزايا التي يتمتع بها المواطن الأوربي.
       2 – عولمة حقوق الإنسان على الصعيد الدولي من خلال تدعيم سيادة مفهوم الحرية الفردية ومبدأ المساواة المطلقة بين الجنسين، بحيث أصبح من الصعب على أية دولة أن تتذرع بخصوصياتها بهدم عدم احترام المقتضيات الناظمة لحقوق الإنسان.[5]
       3 – إندماج الدول الأوروبية تحت لواء اتفاقية أوربية لحقوق الإنسان، التي تكرس المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات التي تنشأ عند الزواج، أثناء سريانه، ولدى انحلاله، هذا فضلا عن التأثير الذي أحدثته المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان على القضاء الأوربي بطريقة جعلت هذا القضاء يعتمد على تقنية جديدة لاستبعاد القانون المغربي.
       واعتبارا لكل ما سبق فقد جسدت الأبحاث والدراسات العلمية بصورة واضحة وضعية عدم الاستقرار التي تعيشها الجالية المغربية بالمهجر كلما تعلق الأمر حقوق المرأة وحقوق الطفل عند انتهاء الرابطة الزوجية، خاصة وأن مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 وما دخل عليها من تعديلات سنة 1993 لم تكن قادرة على ضمان حماية كافية[6]، وملائمة لمختلف الإشكالات القانونية للأسرية للجالية المغربية المقيمة بالمهجر، فكان لا بد من وضع استراتيجية جديدة على المستوى القانوني تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الجديدة للأسرة المغربية، وما التزم به المغرب من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وغيرها من المعاهدات التي تتضمن التنصيص على ضرورة احترام حقوق المرأة والطفل، وخاصة أن هذه الاتفاقيات تفرض على الدولة تكييف قوانينها الداخلية بما ينسجم وروح هذه الاتفاقيات، بناءا على مبدأ أسبقية المرجعيات الدولية المصادق عليها على التشريعات الوطنية.[7]
       ولتحقيق هذه الأهداف كان لا بد من صدور قانون ينظم أحوال الأسرة المغربية يعتمد مقاربة ثنائية تحافظ على التزاوج بين روح الانفتاح وبين التأكيد على التشبث بجذور الأصالة المستمدة روافدها من الإسلام كمكون حضاري، ومصدر تشريعي أساسي لا محيد عنه، ويتعلق الأمر بصدور قانون 03 – 70 بمثابة مدونة للأسرة.[8]
       هذا القانون الذي حاول من خلاله المشرع تنظيم وضعية الأسرة المغربية ليس فقط داخل أرض الوطن، بل حتى تلك المقيمة بالخارج، فإضافة إلى التعديلات المتعلقة بتبسيط إجراءات زواج هذه الفئة، عن طريق السماح لها بإبرام زيجاتها وفقا لقوانين الدول التي تقيم فيها، ثم التنصيص في صلب هذا القانون على مقتضيات هامة تتعلق بتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة بإنهاء الرابطة الزوجية فوق التراب الوطني.[9]
       هذا بالإضافة إلى مجموعة من المقتضيات الجديدة التي من شأنها أن تدعم مركز المرأة داخل المؤسسة الأسرية المغربية، وأن تحافظ على حقوق الأطفال سواء أثناء استمرار العلاقة الزوجية أو بعد انفصامها، وهي مقتضيات من شأنها أن تقوي مركز القانون المغربي أمام القضاء الأوربي، ومن ثم إعطائه الأسبقية في التطبيق على النزاعات الأسرية التي تهم الجالية المغربية المقيمة في أوربا.
وانطلاقا من كل ما سبق، سوف نعمل على تحديد الدوافع الرئيسية لاختيار هذا الموضوع (أولا) ثم الصعوبات التي ارتبطت بدراسته (ثانيا)، على أن نعمل على تحديد الإشكالات المركزية التي يثيرها (ثالثا)، ثم في الأخير الإعلان عن خطة البحث رابعا.

أولا : دوافع اختيار الموضوع :
       إن اختياري لدراسة هذا الموضوع لم يكن مجرد صدفة وإنما جاء نتيجة لتظافر عدة اعتبارات، منها ما هو متعلق بأهمية الموضوع من جهة، ومنه ما هو متعلق بدوافع ذاتية من جهة أخرى.

       أ – الاعتبارات المتعلقة بأهمية الموضوع:
·       ارتفاع نسب الأسر المغربية المتواجدة فوق التراب الأوربي، مما يدعو إلى ضرورة إثارة الانتباه إلى الواقع الذي تعيشه هذه الفئة من المواطنين المغاربة خاصة في ظل التحولات التي عرفها التشريع المغربي المنظم للعلاقات الأسرية، وصدور مدونة الأسرة لسنة 2004.
·       ضرورة حماية الشخصية الوطنية المغربية وتمكينها من الاستقرار الذاتي مع الاندماج الحضاري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي الذي يفرضه وجودها خارج أرض الوطن، وذلك بصيانة الأسرة المغربية وتقوية مناعتها باعتبارها ممثل القيم الحضارية المغربية في المهجر، وهو الاهتمام الذي أكد عليه جلالة الملك محمد السادس في خطابه الذي جاء فيه:
"تجسيدا لإرادتنا الملكية في العناية برعايانا الأعزاء المقيمين بالخارج لرفع المعانات عنهم".
·       المشاكل الأسرية الخطيرة التي ترتبت عن اعتماد القضاء الأوربي على ضوابط إسناد متمايزة من حيث عناصر الارتباط التي تقوم عليها.
·       اعتبار مؤسسة الطلاق من أكثر المؤسسات التي تجسد التنازع بين القوانين الأوربية والقانون المغربي، بشكل يجسد تجليا حقيقيا للتصادم بين القيم الحضارية بسبب ما يوجد بين هذه القوانين من اختلافات جوهرية راجعة لعدم تماثل مرجعيتها الثقافية والدينية والأخلاقية.
·       قصور الحلول المعتمدة لتجاوز الإشكالات التي يطرحها هذا التنازع وهو ما يوجب تقييم أهمية المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة من أجل معالجة المشاكل التي تعاني منها الجالية المغربية في المهجر، خاصة وأن هذه المدونة أخذت بعين الاعتبار في إطار فلسفتها العامة، هذه الشريحة من المواطنين من جهة، كما أنها انفتحت على مجموعة من المرجعيات الأخرى ومن ضمنها المرجعية الدولية المتمثلة في الأوفاق والاتفاقيات الدولية، وذلك من أجل خلق التوازن بين الأطراف المكونة للكيان الأسري.

       ب – الاعتبارات المتعلقة بالدوافع الذاتية:
·       جدة الموضوع التي تتضح من خلال ندرة الكتابات والاجتهادات القضائية خاصة في ظل صدور مدونة الأسرة، التي لم يمر على تطبيقها سوى ثلاث سنوات وبضعة أشهر، وهو ما يجعل من المواضيع التي تتعلق بالجالية المغربية المقيمة بأوربا مجالا خصبا للدراسة والبحث، وذلك بالنظر لما تطرحه من إشكالات متعددة تتأرجح بين عالمية حقوق الإنسان وتطور حقوق الأسرة.
·       الرغبة في المساهمة في البحث عن خيارات مناسبة لتدعيم مركز قانون الأسرة المغربي، لحكم الأحوال الشخصية للجالية المغربية المقيمة بالمهجر.
·       الرغبة في الوقوف على ما وصل إليه القضاء المغربي في التعاطي مع المستجدات الجديدة التي تهم أفراد الجالية المقيمة في أوربا، خاصة تلك التي تهم تنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة في حق هذه الجالية، والتي غالبا ما كانت ترفض لاعتبارات تتعلق بصلابة مفهوم النظام العام، الأمر الذي كان يزيد من تعميق المشاكل التي تعاني منها هذه الفئة بل وجعلها تعيش أوضاعا أسرية شاذة وغير مقبولة من الناحية الإنسانية.
كما ينضاف إلى ذلك رغبتي في خوض غمار حقل معرفي له ارتباط وثيق بأكثر المواد القانونية صعوبة، مادة تنازع القوانين، والاحتكاك بمراجعها ومؤلفاتها.

ثانيا : صعوبات الموضوع :
إن البحث في موضوع طلاق المغاربة أمام القضاء الأوروبي اعترضته مجموعة من الصعوبات يمكن إجمال أهمها فيما يلي :
·       صعوبة تحديد نطاق دراسة هذا الموضوع خاصة فيما يتعلق بحدود مضمون مصطلح الطلاق الذي هو جزء أساسي في عنوان هذه البحث، وذلك لأن معظم القوانين المنظمة للروابط الأسرية في الدول الأوربية لا تتضمن مقابلا لهذا المصطلح، نظرا لما يوحي به من عدم المساواة بين الجنسين في إنهاء الرابطة الزوجية.
ومن ثم فإننا نقصد بمصطلح الطلاق في إطار هذه الدراسة، انحلال ميثاق الزوجية للمغاربة بأوربا سواء تم ذلك بالطلاق أو التطليق.
·       قلة المراجع المتخصصة في دراسة هذا الموضوع، وهو ما جعلنا نعتمد على المراجع العامة المتعلقة بتنازع القوانين، وكذا بعض الدراسات والأبحاث التي تناولت موضوع المغاربة المقيمين بالخارج من منظور شمولي، هذا بالإضافة إلى بعض المقالات والأبحاث التي تلامس الموضوع في جانب من جوانبه.
·       صعوبة الحصول على الأحكام والقرارات القضائية الصادرة على القضاء الأوروبي، والقاضية بإنهاء الرابطة الزوجية بين زيجات من جنسية مغربية، وذلك لعدم وجود مجلات متخصصة في نشر هذه الأحكام. وهو ما دفعنا في بعض الأحيان إلى الاعتماد على المواقع الإلكترونية لبعض المؤسسات القضائية الأوربية. الأمر الذي لم يكن سهلا وذلك نظرا لحركية هذه المواقع من جهة، وعدم نشرها للنصوص الكاملة للأحكام من جهة أخرى.
·       ارتباط الموضوع في شق منه بتنازع القوانين، هذه المادة التي تتميز بصعوبتها، وذلك باعتراف الأساتذة الذين يدرسونها على المستوى الجامعي، وهو ما زاد في المساحة الزمنية المخصصة لدراسة هذا البحث.
ثالثا : الإشكالات التي يعالجها الموضوع:
       انطلاقا مما مر بنا بخصوص أهمية الموضوع ودوافع اختياره يمكن القول بأن هذا الأخير يثير إشكاليتين مركزيتين يمكن صياغتهما على الشكل الآتي:
       *  أولا : ما مدى إمكانية تطبيق قانون الأسرة المغربي على طلاق الجالية المغربية الواقع أمام القضاء الأوروبي وآثاره؟ خاصة في ظل ما يلي:
1 – التحولات السريعة التي تعرفها الأنظمة القانونية الأوروبية سواء على مستوى تطور ضوابط الإسناد، أو على مستوى إدراج وتكريس مفاهيم الحرية والمساواة في صلب القواعد المنظمة للروابط الأسرية، التي أصبحت تشكل جزءا من النظام العام الدولي في أوربا.
2 – صدور مدونة الأسرة المغربية التي روعي في صياغة نصوصها مبادئ وقيم حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية وذلك من أجل فتح المجال أمامها للتطبيق أمام قضاء الدول الأوربية.
       *  ثانيا : إلى أي حد يمكن السماح بتنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي بالطلاق أو التطليق في حق الجالية المغربية فوق التراب الوطني؟ مع مراعاة ما يلي:
1 – جنوح القضاء الأوربي إلى تطبيق قانونه الوطني على طلاق المغاربة وآثاره.
2 – صدور مقتضيات جديدة في قانون الأسرة المغربي تلطف من حدة الشروط المنصوص عليها في الفصلين 430 و431 من قانون المسطرة المدنية.

رابعا : خـطـة الـبـحـث:
       إن محاولة تحليل هذين الإشكالين تقتضي اختيار معالجة هذا الموضوع من خلال تقسيمه إلى فصلين رئيسيين:

×         الفصل الأول: موقف القضاء الأوربي من قانون الأسرة المغربي في مادة الطلاق وآثاره
×         الفصل الثاني: تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الأوربي بالطلاق والتطليق في المغرب.



[1] إبراهيم زعيم: الزواج المختلط، ظوابطه وإشكالياته، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية. العدد 96. السنة 2002. ص: 41.
[2] المكي بن الطاهر: تاريخ هجرة المغاربة إلى الخارج . مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة الندوات . هجرة المغاربة إلى الخارج. الناطور. 12 / 13. مايو 1999. ص: 71.
[3] هند هاني: الحماية الدولية للمهاجرين العرب، حالة المهاجرين المغاربة نموذجا. مقال منشور بمجلة المستقبل العربي. العدد. 274. السنة 2001. ص: 123.
[4] محمد بلقزيز: المجال الاقتصادي، تبادل المنافع وتلبية المطالب بين الداخل والخارج، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية. سلسلة الندوات . هجرة المغاربة إلى الخارج . الناظور . 12 / 13. مايو 1999. ص: 154.
[5] إدريس بلماحي : مكانة الاتفاقيات الدولية من زاوية القانون الدولي، مداخلة في ندوة حول الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي، من خلال الاجتهادات القضائية . نظمت بالرباط من طرف وزارة حقوق الإنسان  19 /20 / 21. أكتوبر 2002. من منشورات مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان. الطبعة الأولى . مطبعة فضالة . المحمدية . دجنبر 2002. ص: 15.
[6] أحمد الخمليشي وعبد الرزاق مولاي رشيد: مدونة الأحوال الشخصية بعد 15 سنة من صدورها، مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون والاقتصاد . عدد10 . 1981. ص: 45.
[7] خالد برجاوي : مدى استجابة مدونة الأسرة لمطالب المجتمع المدني والسياسي، دار القلم سنة 2004. ص: 15.
[8] تم ذلك بموجب الظهير الشريف رقم 1.04.22 الصادر في 12 ذي الحجة 1424هـ الموافق لـ3 فبراير 2004 بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة للأسرة والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004، ص : 418.
[9] سعاد الأخريسي: من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة. الطبعة الأولى. مطبعة النجاح الجديدة. البيضاء . 2005 .ص: 187.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم