الجمعة، 30 مايو 2014

مدونة الأسرة بعد سنتين من التطبيق - تحليل و تقييم - ذ/ عبد السلام زوير




 ذ/ عبد السلام زوير
رئيس قسم  قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية لبولمان



في إطار التحول الهام الذي يعرفه المغرب في مساره الديمقراطي والاجتماعي والحقوقي، ومن منطلق حرص المشرع على ترسيخ مقومات الأسرة المغربية الوفية لقيمها وأصالتها والمنفتحة على مستجدات العصر في كنف من العدل والمساواة والتضامن – في هذا الإطار- تم إصدار مدونة الأسرة في 05 فبراير 2004[1]، لتحل محل مدونة الأحوال الشخصية التي استمر تطبيقها منذ 1958، وقد تم تكريس كل تلك المعطيات – عند صياغة مدونة الأسرة- بأسلوب حداثي تم الأخذ فيه بمقاصد الإسلام السمحة[2].
وبعد مرور سنتين على دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، كان لابد من وقفة تأمل، تحليل وتقييم أهم المقتضيات الواردة فيها وكيفية استقبالها على أرض الواقع، من خلال عرض أهم إيجابيات المدونة وما كرسته من مبادئ (المبحث الاول) ثم رصد بعض الإشكاليات التي ظهرت خلال تطبيق مدونة الأسرة، و الكيفية التي ينبغي بها التعامل معها (المبحث الثاني)، ثم أعرض في الأخير لمسطرة الطلاق ببعض الدول المقارنة، وكذا لوضعية قضاء الأسرة (المبحث الثالث)، وذلك على أساس تناول باقي المقتضيات الواردة في مدونة الأسرة وتقييمها في مناسبة أخرى إن شاء الله.

المبحث الأول : إيجابيات المدونة و ما كرسته من مبادئ :

وسنتطرق لهذه الإيجابيات حسب المقتضيات الواردة في باب الزواج (المطلب الأول) ثم ما يتعلق بباب الطلاق (المطلب الثاني) وآثار ذلك فيما يخص النسب والنفقة والحضانة (المطلب الثالث).


المطلب الأول :  في باب الزواج
عمل المشرع المغربي في مدونة الأسرة على تنظيم مقتضيات الزواج و إجراءاته بشكل دقيق و مستفيض لتفادي الإخلالات التي كانت تحصل في السابــق، كالإدلاء ببيانات كاذبة الذي كان يتم في مدونة الأحوال الشخصية سابقا،  فتم النص صراحة على الوثائق التي يجب الإدلاء بها لإبرام عقد الزواج، كما تم النص على ضرورة فتح ملف الزواج بكتابة ضبط المحكمة حيث يحفظ بها و هو يجمع و يضم جميع أصول الوثائق اللازمة في كل ملف، و ذلك بعدما يؤشر على الملف قاضي الأسرة المكلف بالزواج – الذي يعين بقرار لوزير العدل- و هو الذي يأذن للطرفين بتوثيق عقد الزواج – بعد التحقق من توفر الوثائق الإدارية اللازمة (من الناحية الشكلية فقط)- هذا بالإضافة إلى الإحالة على تطبيق أحكام الفصل 366 من القانون الجنائي – بناء على طلب المتضرر- بالنسبة لحالة التدليس في الحصــول على الإذن أو شهادة الكفاءة المنصوص عليها في البندين 5و 6 من المادة 65 ( المادة 66 من المدونة)،  و إن كان يستحسن تمديد هذا الحكم على جميع مقتضيات و بنود المادة 65 و ليس فقط البندين 5 و 6 منها،  بالإضافة إلى النص على توجيه ملخص عقد الزواج لضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين،  كما تم تخصيص مقتضيات استثنائية و مبسطة للمغاربة المقيمين بالخارج، بالنسبة لإبرام عقود الزواج بدول إقامتهم،  في المادة 14 من مدونة الأسرة،  لتجاوز مختلف المشاكل التي كان المغاربة المقيمين بالخارج يعانون منها،  قبل هذا كله تم رفع سن الزواج بالنسبة للأنثى و تم جعله موحدا بين الذكور و الإناث، بل و تم جعله محددا في نفس سن الرشد القانوني (18 سنة شمسية كاملة)  مع إمكانية النزول عن هذا الحد،  بمقتضى إذن خاص يصدر بناء علـى طلب المعنيين بالأمر و ذلك بعد إجراء بحــث أو الاستعانة بخبرة طبية في الموضوع،  و يصدر الإذن من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع أوجب على الراغبين في الزواج الإدلاء برسوم ولادتهم ( سواء نسخة كاملة أو موجزة) بالإضافة إلى ما يثبت هوية الطرفين،  و هو ما من شأنه تعميم نظام الحالة المدنية على جميع المغاربة في الأفق القريب و كذلك تعميم بطاقة التعريف الوطنية و تفادي – بالتالي- ما كان بترتب عن عدم توفرهما ( رسوم الولادة و بطاقة التعريف الوطنية) من مشاكل و اختلاف البيانات الواردة في الوثائق للشخص الواحد.

* المطلب الثاني : في باب الطلاق :
جاءت مدونة الأسرة بمجموعة من المبادئ التي استقتها من الفقــه الإسلامي و الاجتهــادات القضائية و الحالات الواقعية التي كشفت عنها التجربة العملية، و قد ركزت المدونة على تحقيق ثلاثة مبادئ رئيسية :

أ - مبدأ الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك :
و ذلك من خلال :
1-  المراقبة القضائية لإنهاء العلاقة الزوجية :
حيث خولت المدونة للقضاء مراقبة عملية الطلاق،  بجميع حالات الطلاق و التطليق، و ذلك منذ بدايتها إلى نهايتها،  و حتى بعد ذلك، أي فيما يتعلق بالآثار المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية،  من نفقة و سكـن،  و حضانة لحماية حقوق المرأة و الأطفال،  و كذلك الزوج عندما يكون ضحية التعسف من طرف الزوجة.
كما أن البث في هذه الدعاوى أصبح يتم من طرف القضاء الجماعي – ثلاثة قضاة بالإضافة إلى كاتب الضبط، فأصبح الطلاق يمارسه كل من الزوج والزوجة كل حسب شروطه تحت مراقبة القضاء، وعلى من يريد الطلاق (الزوج أو الزوجة) أن يطلب الإذن من المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها، أو المحل الذي أبرم فيه عقد الزواج، وهذا الخيار لا يصح إلا في الحالة التي تكون فيها الزوجة غادرت بيت الزوجية لأي سبب كان.[3]
2- تفعيل مسطرة الصلح :
بحيث أسند المشرع للمحكمة إجراء جميع التدابير و اتخاذ كل ما يمكن أن يؤدي إلى الإصلاح بين الطرفين و تفادي إنهاء العلاقة الزوجية، بل ألزم المشرع في المدونة المحكمة بإجراء محاولة الصلح في جميع حالات الطلاق و التطليق – باستثناء حالة التطليق للغيبة- بل،  أوجب إجراء محاولتين للصلح إذا كان بين الطرفين أبناء، حيث تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة الصلح بينهما، فإذا لم يحضر الزوج وكان هو طالب الإذن بالطلاق، اعتبر متراجعا عن طلبه ويتم إغلاق الملف، أما إذا حضر الطرفان وتوصلت المحكمة إلى التوفيق بينهما يحرر محضر للصلح، ويتم الإشهاد عليه من المحكمة وتنتهي به القضية.
و قد حدد المشرع ثلاث مؤسسات – يمكن اختيار أي منها- و ربما اعتمادها كلها في نفس الملف – حسب سلطتها التقديرية - للوصول إلى الصلح بين الطرفين و تتمثل في :
ý   القاضي
ý   الحكمين
ý   مجلس العائلة

ب - مبدأ التبسيط  و التيسير:
لقد حاولت مدونة الأسرة ـ تجاوز الصعوبات و المشاكل التي أفرزتها الممارسة العملية بين تطبيق مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية،  و بالتالي – بالخصوص- تبسيط المسطرة و رفع المعوقات التي كانت تواجه الزوجة عندما تكون متضررة في العلاقة الزوجية، و ذلك من خلال التوسيع فيمــا يعتبر ضــررا ( النص بصراحة مثلا على حالة سجن الزوج)،  و فتح مسطرة الشقاق في وجه كل من الزوج و الزوجة لعرض أي نزاع بينهما على المحكمة التي تحاول الإصلاح بينهما و إيجاد الحلول اللازمة لتفادي الشقاق الحاصل بينهم،  بالإضافة إلى أن مدونة الأسرة فتحت المجال للطرفين لطلب الطلاق أو  طلب التطليق،  كما أن المشرع فتح المجال للطرفين ( الزوج و الزوجة) في اعتماد جميع وسائل الإثبات أمام المحكمة.

ج- مبدأ السرعة أو البث خلال آجال معقولة :
نص المشرع في مدونة الأسرة – و في عدة حالات و مواد منها- على آجال محددة يتعين على المحكمة احترامها حين البث في الطلبات المقدمة لها، مثلا يتعين البت في الطلب المتعلق بالنفقة خلال أجل لا يتجاوز الشهر، تحديد أمد ثلاثين يوما يفصل بين محاولتي الصلح عند وجود أطفال،  كما حدد أجلا أقصاه ثلاثون يوما لإيداع مستحقات الزوجة و الأطفال عند طلب الطلاق،  بالإضافة إلى النص على ضرورة الفصل في قضايا التطليق في أجل أقصاه ستة أشهر،  ما لم توجد ظروف خاصة ( المادة 113 من مدونة الأسرة).
هذا بالإضافة إلى تنظيم أنواع جديدة من الطلاق تتمثل في الطلاق بالاتفاق، و التطليق لإخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج،  ثم التطليق للشقاق،  يمكن الحديث كذلك عن التطليق لاعتقال الزوج و سجنه لمدة تزيد عن السنتين.[4]
* المطلب الثالث : في باب النسب، النفقة والحضانة :
لعل من أهم المبادئ التي رسختها مدونة الأسرة، هي التنصيص على حقوق أساسية للأطفال على أبويهم في المادة 54، وذلك سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية بين الوالدين أو حين وفاة أحدهما أو كلاهما، وكذا في حالة انتهاء العلاقة بينهما لأي سبب كان، مع التنصيص على ضرورة توفير رعاية خاصة للأطفال المصابين بإعاقة، وتكليف النيابة العامة – بما لها من سلطات وإمكانيات – بالسهر على مراقبة تنفيذ هذه الأحكام.
كما تم التأكيد على أن البنوة بالنسبة للأم والأب (على حد سواء) تعتبر شرعية إلى أن يثبت العكس (المادة 143)، كما أن النسب يثبت بالظن ولا ينتفي إلا بحكم قضائي (المادة 151). ثم إن المشرع نص صراحة على إمكانية إثبات النسب بجميع الوسائل الشرعية بما في ذلك الخبرة القضائية، بحيث اعتبرت الخبرة القضائية وسيلة من وسائل إثبات النسب في المادة 158 من المدونة.
هذا، وقد تم النص في المدونة على أنه من حق المحكمة اختيار من تراه صالحا للحضانة سواء من أقارب المحضون أو غيرهم، وإلا اختارت إحدى المؤسسات المؤهلة لذلك، بالإضافة إلى التصريح – المادة 166- بأن الحضانة تستمر إلى حين بلوغ سن الرشد القانوني للذكر والانثى على حد سواء[5]، كما تم رفع السن التي يحق فيها للمحضون اختيار من يحضنه (15 سنة)، بالإضافة إلى عدم إفراغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون[6]، مع وجوب تحديد المحكمة للإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه. كما أنه في حالة الاخلال  أوالتحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة، يحق للمحكمة اتخاذ ما تراه مناسبا من الإجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة أو إسقاط حق الحضانة (المادة 184).
واعتبارا لخصوصية الدعاوى المتعلقة بالنفقة، فقد أوجب المشرع ضرورة البت فيها خلال أجل أقصاه شهر واحد (المادة 190).

المبحث الثاني : بعض الإشكاليات التي ظهرت خلال تطبيق مدونة الأسرة :
إن مدونة الأسرة جاءت لتنظيم علاقات بين الأفراد وآثارها، لذلك فهي ترتبط بالظروف والأوضاع في الواقع الذي تطبق فيه، لدى فإن المشرع ليس بوسعه تناول جميع الحالات التي تستجد، وتظهر عند التطبيق، لذلك فقد ظهرت خلال تطبيق المدونة - بعد دخولها حيز التنفيذ -  بعض الإشكاليات الواقعية والتي ينبغي التعامل معها دائما بنفس روح مدونة الأسرة ووفق نفس المبادئ والفلسفة التي استند عليها المشرع المغربي عند إصدارها، وذلك سواء فيما يتعلق بالزواج وإثباته (المطلب الأول) أو عند إنهاء العلاقة الزوجية وما يترتب عنه (المطلب الثاني) وكذلك الشأن بالنسبة للنسب، النفقة والحضانة (المطلب الثالث).[7]

 المطلب الأول : في باب الزواج
* حول الإذن بتوثيق الزواج : هل يتدخل قاضي الزواج في مراقبة مسألة الكفاءة أو تقارب السن مثلا...إلخ؟ هل يمكنه رفض الإذن بتوثيق الزواج عندما يرى عدم تحقق الكفاءة، وكيف يمكنه مراقبة ذلك؟
قاضي الزواج لا يراقب إلا توفر الوثائق المنصوص عليها في المادة 65 من المدونة ومدة صلاحيتها فقط!
لكن هل قراره هذا قابل للطعن فيه؟؛ إن قراره ليس حكما وبالتالي فهو  لا يقبل الطعن فيه، مع التفكير في مسألة إمكانية اعتباره قرارا إداريا قابلا للطعن فيه مثل أي قرار إداري. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى حكم المحكمة الإدارية بمكناس[8]، الذي اعتبر أن امتناع قاضي التوثيق من الخطاب على الرسوم يعتبر قرارا إداريا قابلا للطعن بالإلغاء، وهو نفس الاتجاه الذي سبق أن تبناه المجلس الأعلى في قراره عدد : 399 المؤرخ في : 26/12/1990[9]، وقد أشار حكم المحكمة الإدارية المذكور إلى أن الاجتهاد القضائي المقارن درج على اعتبار بعض الجهات القضائية قد تقوم في بعض الأحيان بوظائف إدارية طبقا لقاعدة أو ظاهرة الازدواج الوظيفي[10].
ونشير في ختام هذه النقطة إلى أنه إذا تعلق الأمر بزواج مختلط (أي بين طرفين أحدهما مغربي الجنسية والآخر من جنسية دولة أخرى)، فإنه يتعين مراعاة مقتضيات القانون الدولي الخاص، وخاصة مقتضيات قوانين الدول التي قد يطلب فيها تنفيذ عقد الزواج أو ترتيب آثاره؛ وذلك على اعتبار أن القوانين الجاري بها العمل في بعض الدول –كسلطنة عمان مثلا- لا تجيز لمواطنيها الزواج من مواطنة أجنبية بدون ترخيص مسبق[11].

* مسألة توقيع الأطراف على وثيقة الزواج إلى جانب توقيع العدلين؟
المشرع جاء بجديد في مدونة الأسرة، يتمثل في ضرورة توقيع الأطراف على وثيقة الزواج، مع العلم أنهم يوقعون أصلا بمذكرة الحفظ للعدل المتلقي للإشهاد، إلا أنه قد يحدث أن يتأخر تحرير عقد الزواج لبعض الوقت – ولو كان بسيطا- ويمتنع أحد أطراف العقد عن التوقيع في وثيقة الزواج، والمشرع لم ينص عن الحل في مثل هذه الحالة، وكان ينبغي النص على أنه يتعين في مثل هذه الحالة النص على امتناع الطرف عن التوقيع، وإن كان الإجراء في أصله غير ضروري – مبدئيا – وهو في نظرنا غير عملي، ولذلك ينبغي النص[12] على الاكتفاء بتوقيعهم يمذكرة الحفظ للعدل، خاصة عندما يضطر  أحد الطرفين للسفر بعيدا (مثلا خارج البلد).

* الفساد والخيانة الزوجية، وعلاقة ذلك بإثبات الزواج (ثبوت الزوجية)؟
فمثلا إذا صدر حكم جنحي بإدانة رجل وامرأة من أجل جريمة الفساد، وظهر حمل على إثر هذه العلاقة، ثم حضر الزوج يطلب إقامة ثبوت الزوجية بعد إقراره ببنوة الطفل المولود! نرى أنه ينبغي التمييز بين حالتين :
1-إذا لم يدل أي من الطرفين بالحكم الجنحي ولم ينازع أي منهما في الأمر، ولم يثر هذه المسألة أمام المحكمة، فإنه يتعين عدم الالتفات إليه، والبت في الملف مثل سائر الملفات.
2-إذا تم الإدلاء بالحكم الجنحي – القاضي بالإدانة من أجل الفساد – او نازع أي من الطرفين (المراة أو الرجل) في شرعية العلاقة، فإنه يتعين التفريق بين حالتين :
*إذا كانت المدة المطلوب إثبات ان الزوجية كانت قائمة خلالها – إذا كانت هذه المدة – تمتد لتشمل فترة الاستبراء  من علاقة الفساد الثابتة بمقتضى الحكم الجنحي، فإنه يتعين عدم قبول إثبات هذه الزوجية، لأن الجنحي يعقل المدني، وأن العلاقة ثبت للمحكمة الجنحية انها كانت غير شرعية، وفي هذا الإطار، جاء في كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب "وسواء كان هو الزاني بها (يعني الزوج) أو زنا بها غيره، فإنه لا يجوز لـــه ان يتزوجها حتى يستبرئها من الزنى، وإن تزوج بها في مدة الاستبراء فسخ النكاح" الصفحة 413. وقال في النوادر : "ومن زنا بامرأة ثم تزوجها قبل الاستبراء فالنكاح يفسخ أبدا"[13]
*إذا كانت المدة المطلوب إثبات ان الزوجية كانت قائمة  خلالها، تبتدئ بعد انصرام فترة الاستبراء من علاقة الفساد الثابتة بمقتضى الحكم الجنحي، فإنه يتعين في هذه الحالة البت في الملف مثل سائر الملفات، وبالتالي قبول إثبات الزواج إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في المادة 16 من المدونة.
ونشير في ختام هذه النقطة إلى أن المادة 16 المذكورة، نصت على انه "...إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة..." وإذا كانت الخبرة تعتبر من إجراءات التحقيق في الدعوى- وفق قواعد قانون المسطرة المدنية[14]- فإن المشرع أوردها في هذه المادة كوسيلة من وسائل الإثبات، إلا أنه لا يتصور إمكانية اللجوء إليها لإثبات الزواج إلا إذا وجدت قرائن قوية على قيام الزواج بين الطرفين (المتنازعين)، بالإضافة إلى وجود ولد وإنكار أحدهما لنسبه[15].

* حول الوكالة في الزواج :
تعرض المشرع المغربي لأول مرة – في مدونة الأسرة المادة 17 لموضوع الوكالة في الزواج، حيث نص صراحة على أن عقد الزواج يتم بحضور أطرافه، أي هذا هو المبدأ، إلا أنه سمح بإبرام عقد الزواج بالاستناد على توكيل من المعني بالأمر، بعد إذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج، عندما يتحقق من توافر الشروط  المحددة في المادة 17 من المدونة، وكم كنت أتمنى لو أن المشرع لم يسمح بهذا الاستثناء رغم أنه اجتهد في تنظيمه بنوع من الدقة والتحديد لأنه ليس هناك مبرر لإبرام الزواج في غياب طرفيه، فهذا من أهم العقود التي تستوجب الحضور الشخصي لأن آثاره شخصية بحتة ولأن أطرافه – بحضورهم عند العقد – سيقدرون آثاره أكثر، ويحسون بالمسؤولية التي يستوجبها... هذا علاوة على أن قوانين بعض الدول – والتي توجد بها جاليات مغربية كثيرة – تستوجب إبرام عقود الزواج من الطرفين شخصيا ولا تقبل الوكالة في إبرام هذا العقد، ولذلك فإنها لا تعترف بالعقود المبرمة – ولو في ظل قانون دولة أخرى يسمح بذلك -  في غياب أطرافها أو أحدهما، بل وتعتبر ذلك من صميم النظام العام لديها، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة – على سبيل المثال – إلى القرار الصادر عن محكمة النقض الفرنسية الغرفة المدنية الاولى، في 15 يوليوز 1999، والذي صرح بأن "عقد الزواج المبرم بالخارج، دون حضور أحد طرفيه يعتبر باطلا"[16].
وينبغي التذكير بأن هذا القرار يتعلق بعقد زواج أبرم بالمغرب[17]، كما تمت الإشارة في القرار المذكور إلى مقتضيات المادة 5 من اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا المؤرخة في 10 غشت 1981[18].



هذا علاوة على أن النص الوارد في المدونة (المادة 17 المذكورة)، جاء بصيغة تسمح حتى بإبرام عقد الزواج في غياب الطرفين معا (الخاطب والمخطوبة)، وليس فقط في غياب طرف واحد، وهذا يطرح التساؤل حول المبرر لقبول الوكالة في الزواج من الطرفين خاصة وأن المشرع جاء بمقتضيات بسيطة لإبرام عقود الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج. وبالتالي ارتفاع السبب أو الضرورة للوكالة، مع وجود مقتضيات المادة 14 من المدونة.

* بالنسبة للتعدد، ما هو العمل في حال وجود شرط الامتناع عن التعدد – في عقد الزواج – ووافقت الزوجة المراد التزوج عليها – على التعدد – وتوفرت الإمكانيات والأسباب (الظروف) الموضوعية الاستثنائية المبررة له؟

إن صياغة المادة 42 من مدونة الأسرة جاءت معيبة، لذلك نرى أنه لم يكن هناك داع لإضافة هذا الشرط في هذه المادة بهذه الصياغة، لأن وجوده في عقد الزواج يجعل المحكمة ملزمة باحترامه عند تمسك الزوجة بهذا الشرط، أما إذا لم تتمسك به الزوجة، فإنه لا حق للمحكمة في إثارته تلقائيا و لا مصلحة لها في ذلك – كما أن هذا المقتضى جاء تكرارا لما ورد النص عليه في المادة 40 التي جاءت قبلها، وهي تغني عن هذا التكرار، أو الإعادة على هذا النحو. وربما هذا يؤكد أن المشرع كان يحرص على التأكيد في كل مناسبة على أنه يرغب في تضييق إمكانية التعدد، وحصره في أبعد الحدود، وجعل حالات قبوله جد ناذرة؟!


* حول التعدد : هل يمكن الحكم برفض الطلب دون اللجوء إلىمسطرة الشقاق إذا رأت المحكمة عدم توفر الظرف الاستثنائي (المبرر الموضوعي) أو عدم وجود القدرة المادية لإعالة أسرتين لدى طالب التعدد؟

نعم، يتعين الحكم برفض الطلب في مثل هذه الحالة دون اللجوء إلى مسطرة الشقاق، بحيث لا يتم اللجوء إلى هذه المسطرة إلا إذا كان المبرر الموضوعي والقدرة (الكفاءة المادية) متوفرين، وعارضت الزوجة الأولى في التعدد. وذلك خلاف ما يذهب إليه البعض من ضرورة اللجوء دائما لمسطرة الشقاق، والتي تنتهي ربما بالتطليق رغم أن أسباب التعدد لم تكن متوفرة أصلا ومن البداية.






* حول طلب التعدد الذي يتقدم به طرف أجنبي أمام محكمة مغربية مع العلم ان قانون دولته قد يسمح لـــه بالتعدد دون الحاجة لإذن من المحكمة، كما انه قد يكون قانون دولته يمنع التعدد مطلقا :
هنا يتعين دائما تقديم طلب في الموضوع (التعدد) لمحكمة الموضوع التي تطبق قواعد القانون الدولي الخاص المتعلقة بالاختصاص وقواعد الاسناد، مع الإشارة إلى ضرورة مراعاة وضعية المخطوبة (المغربية) وعدم إبرام عقد قد يكون غير معترف به في دولة الزوج، وبالتالي يتعذر على المغربية ترتيب آثاره بالخارج، أو المطالبة بحقوقها عند وقوع نزاع أمام قضاء (محاكم) دولة الزوج.
ويطرح التساؤل هنا عن الوثائق التي ينبغي على الطرف الاجنبي الإدلاء بها للمحكمة، كما يطرح التساؤل حول ما إذا كان يتعين إجراء البحث (عن المعني بالأمر) من طرف الوكيل العام للملك خلال هذه المرحلة، أم أنه لا يتم ذلك إلا بعد إصدار المحكمة للحكم القاضي بالإذن للمعني بالأمر بالتعدد؟
نعتقد بأنه ينبغي على المعني بالأمر الإدلاء بنفس الوثائق التي نطلب من المواطن المغربي الذي يتقدم بطلب الإذن بالتعدد، بالإضافة إلى المصادقة على الإمضاء بالنسبة للوثائق التي ينبغي الإدلاء بها[19] وترجمتها إلى اللغة العربية إذا كانت محررة بلغة أخرى، أما بالنسبة الذي يجريه الوكيل العام للملك، فنعتقد أنه ليس هناك ما يستوجب القيام به خلال هذه المرحلة – أي خلال البت في طلب التعدد- وإنما يتم البحث من طرف الوكيل العام بعد الحصول على إذن المحكمة بالتعدد، وقبل إذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج بتوثيق ذلك العقد. 

* حول زواج الرجل بامرأة خلال فترة العدة من طلاق رجعي؟
يتعين دائما احترام فترة العدة، حتى من طرف الرجل المطلق في الطلاق الرجعي (أي كل طلاق غير بائن) بحيث أن الزوجة في حكم المتزوجة خلال العدة، وكذلك الزوج، لأنه يملك إرجاعها خلال العدة من الطلاق الرجعي – مبدئيا- بدون إشهاد جديد (عقد) وبدون ولي، وبدون صداق – كما جرى عليه العمل في الفقه المالكي، وبالتالي يتعين عدم الإذن بتوثيق زواج المطلق خلال فترة العدة إلا بعد انقضاء العدة، أو بعد إدلائه بإذن المحكمة بالتعدد لأنه في حكم  المتزوج، رغم عدم وجود نص صريح، لأنه قد يتزوج بامرأة اخرى ويقوم بإرجاع المطلقة خلال العدة، ويكون بالتالي متزوج بامرأتين دون الحصول على إذن بالتعدد، كما أن زواجه خلال العدة قد يمنع من تحقق الهدف من العدة ومن اعتبار الطلاق الرجعي، ويمنع الزوج من مراجعة زوجته أو حتى التفكير في ذلك من الطرفين.


* حول إرجاع الزوج (المطلق) – في الطلاق الرجعي- المطلقة خلال العدة، ومسطرة ذلك في مدونة الأسرة، وما تثيره من إشكاليات، خاصة مسألة ضرورة احترام أجل العدة وأيضا تبليغ الاستدعاء للمطلقة وتوصلها؟ وربما تأخر توصلها بالاعلام من القاضي إلى ما بعد انتهاء العدة وربما تكون تزوجت من شخص آخر، وبالتالي ما هو الحل في مثل هذه الحالة ؟
يستحسن أن يتم ذلك أمام المحكمة وليس مباشرة أمام العدلين، بل بإذن من المحكمة ويتم الاشهاد بعد ذلك على أساس أن يكون ملف الطلاق لا زال مفتوحا أمام المحكمة، ولا يصدر فيه مقرر (حكم) المحكمة إلا بعد انصرام أجل العدة، وبالتالي حين صدور حكم المحكمة يكون الطلاق أصبح بائنا ونهائيا، أو أن يكون الزوج قد أرجع زوجته خلال العدة، وتشهد المحكمة في حكمها على ذلك (راجع المادة 125 من المدونة التي تنص على أن المرأة تبين بانقضاء العدة).
ولذلك نقترح في الطلاق الرجعي أن يتم النص على أنه لا يصدر حكم إلا بعد توصلها (المحكمة) بنظير رسم الطلاق (كما هو العمل الآن) وكذلك انتظار انتهاء مدة العدة، حتى إذا صدر الحكم أغلق باب المراجعة أمام الزوج لانصرام العدة، أما قبل ذلك فيكون الحكم لم يصدر بعد رغم الإشهاد بالطلاق لدى عدلين، ويكون على طالب المراجعة أن يتقدم بطلب ذلك إلى المحكمة التي تبلغ طلبه إلى المطلقة على اعتبار أنها معلمة بالجلسة التي كانت حاضرة بها (بتاريخ الجلسة المقبلة)[20]، وعلى اعتبار أنها لم تتوصل بعد بحكم المحكمة القاضي بالاشهاد على الطلاق. مع ضرورة النص صراحة على عدم إمكانية عقد (إبرام) زواج أي من الطرفين (المطلق أو المطلقة) في الطلاق الرجعي إلا بعد إدلائه بحكم المحكمة وليس فقط رسم الطلاق العدلي، حتى ولو انتهى أمد العدة.
لذلك، أعتقد أن أفضل حل لتفادي المشاكل المترتبة عن هذه المسطرة، هو أن يتم تأخير الملف بعد الإذن بالاشهاد بالطلاق لمدة ثلاثة أشهر، ويعلم الطرفين بتاريخ الجلسة، فإذا رغب الزوج في الرجعة تقدم بإشعار (ملتمس أو طلب) للمحكمة قبل تاريخ هذه الجلسة (داخل أجل العدة)، وذلك حتى يتسنى للمحكمة إشعار الزوجة بهذه الرجعة، (وبسط رقابتها على هذه المسطرة)، أما إذا حضرت الزوجة مثلا وأكدت بأنها حامل مثلا أو ما إلى ذلك، فيتم تأخير الملف لأجل جديد (لحين الوضع)، أما إذا لم يحضر الزوجين فيصدر الحكم في الملف – وفق ما ذكر -  وإذا طلب الزوج الإذن له بالرجعة، يتم الإشهاد عليه بذلك، ويأذن له بالإشهاد على ذلك لدى عدلين بنفوذ المحكمة، وبعد الاشهاد عليه بالرجعة وإحالة نسخة من الرسم على المحكمة تصدر المحكمة حكما في الملف تشهد فيه على الطلاق والرجعة في نفس الحكم، ويبلغ الحكم بعد صدوره إلى المعنية بالأمر (الزوجة)، مع التنصيص على أن يتم التبليغ تلقائيا من طرف كتابة الضبط أي ولو لم يطلب ذلك الزوج[21].

 المطلب الثاني : في باب إنهاء العلاقة الزوجية :

* حول الرجوع لبيت الزوجية أثناء جريان مسطرة التطليق؟

هنا نميز بين ثلاث حالات :
1-   حالة وجود دعوى الرجوع لبيت الزوجية ودعوى التطليق : حيث يتعين إيقاف البت في دعوى الرجوع إلى حين إنتهاء مسطرة التطليق،
2-   حالة صدور حكم بالرجوع واستمرار مسطرة التطليق، هنا يتعين إثارة صعوبة في تنفيذ الحكم بالرجوع أمام رئيس المحكمة،
3-   حالة عدم وجود دعوى ولا حكم بالرجوع، ووجود مسطرة التطليق، هنا يتعين على المعنية بالأمر (الزوجة) أن تطلب من المحكمة اتخاذ تدبير أو إجراء مؤقت حسب المادة 121 من المدونة.


* حول التطليق للشقاق، هل يتعين الحكم بالتطليق في جميع الحالات حتى ولو  تمسك الزوج أو الزوجة بالزواج والآخر بطلب التطليق، ولم يثبت ما يدعيه من شقاق؟

النص صريح على أن مسطرة الشقاق يجب أن تنتهي إما بالصلح أو بإنهاء العلاقة الزوجية (التطليق) لكن أعتقد أنه إذا تأكدت المحكمة من عدم وجود شقاق أي عدم إثبات الزوج (أو الزوجة) المدعي(ة) الشقاق، يتعين التصريح برفض الطلب، والمرجع في ذلك - بطبيعة الحال – السلطة التقديرية للمحكمة حسب الحالات، ولكن مناط كل ذلك هو مدى إثبات وجود شقاق من عدمه، مثل تكرر الشكوى وتعدد النزاعات بين الطرفين وكثرة الأحكام الصادرة بينهما مثلا، ووجود الزوجة أو الزوج خارج بيت الزوجية منذ مدة طويلة...إلخ





* هل يتعين الحكم على الزوج أو الزوجة طالب(ة) التطليق بالشقاق بإيداع المستحقات أو ما يمكن الحكم به عليه من تعويضات بصندوق المحكمة قبل الحكم بالتطليق؟ أم فقط يكتفي بإصدار حكم بالتطليق مباشرة، ويلجأ إلى تنفيذه بالطرق العادية لتنفيذ الأحكام؟
بالنسبة لطلب التطليق للشقاق المقدم من الزوج يتعين فيه الإيداع قبل إصدار الحكم، وذلك قياسا على طلب الطلاق الرجعي ومعاملة لــه بنقيض القصد ولأنه يملك أصلا الحق في اللجوء للطلاق الرجعي؛ لأنه في حالة العكس سيفضل أغلب الأزواج اللجوء لمسطرة التطليق للشقاق لتفادي الأداء والإيداع بصندوق المحكمة، وهو ما سيطرح مشاكل كثيرة عند التنفيذ، وقد يؤدي إلى إصدار حقوق المرأة وصعوبة توصلها بالمستحقات؛ على خلاف الزوجة، ولكن في حالة التعسف من طرفها يمكن الحكم عليها بأداء التعويض للزوج، مع تطبيق المقاصة ولكن بطلب من الزوج؛ أما إذا كان الطلب (التطليق للشقاق) من الزوجة، فهنا يتعين إصدار الحكم دون الأمر بالإيداع، لأن الزوج قد يكون رافضا للطلاق، وبالتالي لا يقوم بالإيداع، في حين أن الزوجة تهدف أساسا إلى التطليق، أما المستحقات فإنها ليست أساسية بالنسبة لها وستلجأ إلى تنفيذ المستحقات بعد ذلك وفق مسطرة تنفيذ الأحكام في  ق م م،
وعموما يتعين تعديل النص وتحقيق المساواة بين الطرفين، وإلزامهما بإيداع المستحقات (بالنسبة للزوج) والتعويض (بالنسبة للزوجة) قبل إصدار الحكم بالتطليق للشقاق.

* هل يحكم بالمتعة والنفقة وواجب السكنى خلال العدة للزوجة في حالة التطليق للشقاق (سواء كان طلب التطليق قد قدم من الزوج او الزوجة) وسواء كان التعسف من الزوج أو من الزوجة؟
نعم تستحق الزوجة المتعة في جميع الحالات لعمومية النص في مدونة الأسرة، وكذلك لقوله تعالى : "ومتعوهن على الموسر قدره وعلى المقتر قدره" ، وهذا الحكم جاء في القرآن عاما ومطلقا.
أما النفقة والسكن فواجبتين على الزوج خلال العدة رغم أن التطليق للشقاق يكون بائنا؛ والعدة حق للمرأة، وهي شرعت لضمان خلو الرحم وتفادي اختلاط الأنساب.

* وماذا عن سكنى المطلقة خلال العدة؟
ماذا إذا تمسكت الزوجة أو الزوج بقضاء فترة العدة ببيت الزوجية، فهل يحق للزوج الإقامة معها بنفس البيت مع العلم أن العلاقة  الزوجية بينهما انتهت؟ وهل يمكن للزوجة المطالبة بإسكانها وحدها بالبيت خلال العدة؟ خاصة إذا كان البيت في ملك الزوج؟؛ (راجع المادة 168 من المدونة).


* ماهي الأحكام الصادرة بإنهاء العلاقة الزوجية التي لا تقبل الطعن؟
النص الوارد في مدونة الأسرة جاء غامضا (المادة 128) حيث تحدث فقط عن المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أوبالفسخ، فهل يعني هذا أن باقي حالات الطلاق والمقررات الصادرة فيها تبقى قابلة للطعن فيها؟؛ نرى أنه لا يوجد مبرر لهذا التمييز، وأن نفس العلة تنطبق على هذه المقررات كذلك، كما أن غاية المشرع في عدم القابلية للطعن تتحقق في جميع أنواع الطلاق والتطليق، ونرى تعميم هذا الحكم على جميع المقررات بالطلاق أو التطليق. لكن إذا كانت هذه الأحكام غير قابلة للطعن، فهل يتعين تبليغها؟ وهل تسلم النسخة التنفيذية بعد التبليغ أم أنه ليس هناك حاجة له؟ وهل تسلم نسخة تنفيذية لكل من الزوج والزوجة أم نسخة تنفيذية واحدة فقط؟ ومن يتسلمها؟

* حول الصلح في مساطر الطلاق والتطليق، حالاته وشروطه؟؛ وعلاقة ذلك بمجلس العائلة؛ وتشكيلته والمؤهلون لإجراء الصلح؟؛
- يتعين إجراء محاولة الصلح في جميع الطلبات الرامية إلى الطلاق او التطليق، باستثناء التطليق للغيبة، هذا وإن الصلح تتولاه المحكمة وفق ما تراه مناسبا حسب الحالات، إما من طرف القاضي المقرر أو المحكمة بجميع أعضائها، أو من طرف مجلس العائلة [22] أو عن طريق تعيين حكمين، سواء من عائلتي الزوج و الزوجة او أحدهما فقط او من الغير حسب ما تراه مفيدا لإجراء الصلح بين الطرفين (مثلا الوالدين، الإخوة، الأصدقاء، أئمة المساجد، العدول...إلخ). وتجدر الإشارة إلى أن مرسوم تكوين مجلس العائلة – المشار لــه أعلاه- نص على أن الرئيس يستدعي أعضاء المجلس قبل التاريخ المحدد للإجتماع، دون تحديد أجل يفصل بين تاريخ التوصل بالاستدعاء وتاريخ الاجتماع[23]، كما نص المشرع على إمكانية توكيل أعضاء المجلس لمن ينوب عنهم – عند تعذر حضورهم- من الاقارب او الأصهار بإذن من رئيس المجلس (المادة الخامسة من المرسوم) ويصرف النظر عن استشارة مجلس العائلة، بعد استنفاذ جميع الوسائل لتكوينه (الماة الثامنة من المرسوم).






* الاختصاص المحلي في قضايا الطلاق والتطليق، ومدى إلزامية الترتيب الوارد في نص المدونة؟

إن المادة 79 من المدونة جاءت بمقتضيات خاصة لتنظيم الاختصاص المحلي في قضايا الطلاق، وذلك خلافا للمقتضيات العامة الواردة في ق م م، بل ألزم المشرع صراحة باحترام الترتيب في هذه المادة، وذلك لتجاوز التعسف الذي كان يمارس – من طرف بعض الأزواج - في ظل مدونة الأحوال الشخصية. ولكن نؤكد أن هذا الدفع رغم الصيغة التي جاءت بها المادة فإنه ينبغي النظر في هذه النقطة دائما في إطار رعاية مصلحة الزوجة، مثلا إذا كان بيت الزوجية بالدار البيضاء والزوجة خارج بيت الزوجية وهي تسكن رفقة والديها بأكادير (أو العيون)، فهل يجب إحضارها إلى محكمة الدار البيضاء لإجراءات الطلاق وإلزامها بالحضور الشخصي لعدة جلسات (خاصة الصلح) مع العلم أن هذا سيكلفها مصاريف باهضة، وقد تكون مطرودة من بيت الزوجية، ومع العلم كذلك بأن المرأة تتنقل غالبا برفقة أفراد عائلتها على خلاف الحال بالنسبة للزوج، لذلك يتعين إتمام هذه المادة، بإضافة عبارة حسب وضعية الزوجة ومكان تواجدها. مع الإشارة إلى أنه ينبغي عدم إثارة عدم الاختصاص المحلي تلقائيا من طرف المحكمة وإنما ينبغي أن يثيره فقط الطرف صاحب المصلحة، وبالتالي إذا ارتضى الطرفين عدم احترام الترتيب الوارد في المادة 79 المذكورة، فإنه ينبغي احترام إرادتهما، لأن مصلحتهما أولى بالحماية والرعاية[24]، ولأن الهدف من هذه المادة أصلا هو حماية مصلحة الأسرة والطرفين وخصوصا الزوجة، بالإضافة إلى ضرورة النص صراحة على أن تكون المحكمة المختصة محليا بنظر أول دعوى ترفع إليها من أحد الزوجين، مختصة محليا – دون غيرها- بنظر جميع الدعاوى التي ترفع بعد ذلك من أيهما، أو تكون متعلقة أو مترتبة على الزواج أو الطلاق او التطليق، وكل ما لـــه علاقة بهذه المواضيع أو ما يعتبر ناتجا عنها أو من الآثار المترتبة عنها[25].






* هل كل أنواع الطلاق والتطليق تبت فيها المحكمة بغرفة المشورة؟ أم أن الأمر يقتصر فقط على محاولة الصلح التي يتعين أن تتم بغرفة المشورة؟
نص المشرع في المادة 82 على أنه "عند حضور الطرفين تجري المناقشات بغرفة المشورة، بما في ذلك الاستماع إلى الشهود" ثم أشار في المادة 100 إلى أنه يمكن إثبات الضرر بجميع الوسائل، بما فيها شهادة الشهود الذين تستمع إليهم المحكمة في غرفة المشورة، ومن هنا يتبين أن المشرع يتحدث فقط عن المناقشات فقط، وهي التي يستوجب أن يتم بغرفة المشورة، ويمكن القول بأن عبارة المناقشات هي شاملة لجميع الإجراءات التي يمكن القيام بها في الملف، وبالتالي يتم البت في هذه الملفات والطلبات في جميع المراحل بغرفة المشورة، بحيث لا يحضرها إلا أطراف النزاع. وعند الاقتضاء الدفاع أو أعضاء مجلس العائلة أو الحكمين، وذلك حفاظا على أسرار الأسرة. (قارن المواد 82، 89، 94 من المدونة وكذلك المادة 100)[26].

* متى تبتدئ العدة؟ هل من تاريخ إيداع المستحقات بصندوق المحكمة؟ أم من تاريخ إذن المحكمة بالإشهاد على الطلاق؟ أم من تاريخ الإشهاد على الطلاق لدى عدلين فعلا؟ مع العلم أنه قد تفصل بين هذه التواريخ آجال أو مدة طويلة؟؛
تبتدئ العدة من تاريخ الإشهاد بالطلاق لدى العدلين أو من تاريخ صدور حكم المحكمة القاضي بالتطليق.

* متى يحق للزوجة (المطلقة) سحب المبالغ المودعة بصندوق المحكمة، والمحددة كمستحقات لها عن الطلاق؟ هل مباشرة بعد الإشهاد بالطلاق؟ أم بعد صدور الحكم في الموضوع بعد توصل المحكمة برسم الطلاق؟ أم بعد تبليغ الحكم وانصرام أو انتهاء المسطرة أمام محكمة الطعن عند تقديمه داخل الاجل؟
إن المشرع ينص على أن قرار المحكمة قابل للطعن طبقا للإجراءات العادية (المادة 88) مع أن صياغة هذه المادة جاءت معيبة عند مقارنتها  بالمادة 128، وبالتالي فإنه مبدئيا لا يحق للمرأة سحب مستحقاتها من صندوق المحكمة إلا بعد تبليغ الحكم وانصرام أجل الطعن أو صدور قرار محكمة الطعن إذا قدم الطعن أمامها، ولكن اعتبارا لخصوصية هذه المسطرة ووضعية الزوجة (المطلقة) وكذا الأبناء، وبالنظر كذلك لأن الجزء المتعلق بالنفقة مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون، وكذلك كالئ الصداق الذي يكون ثابتا بمقتضى سند رسمي (عقد الزواج) غالبا، فإننا نرى أن يتم إشفاع هذه المستحقات دائما بالنفاذ المعجل – وعند الاقتضاء ولو في جزء منها – لتغطية نفقات وحاجيات المطلقة الضرورية، ولأن تأخير توصلها بهذه المستحقات لمدة طويلة (إلى حين صيرورة الحكم في شقه المتعلق بالمستحقات- صيرورته- نهائيا) يفرغ هذه المستحقات من محتواها والغاية منها.

 المطلب الثالث : في باب النسب، النفقة، والحضانة

* حول النفقة و أدائها في مدونة الأسرة، ومعايير تحديدها واستقلالها عن واجب السكنى خاصة بالنسبة للأبناء ثم واجب الحضانة:
تعرض المشرع في مدونة الأسرة للنفقة بمنظور جديد- المواد 167-168-187 وما يليها – حيث تم تحديد مشتملاتها بدقة : الغذاء، الكسوة، العلاج، وما يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد، ويستند في تقديرها على دخل الملزم بالنفقة، وحال مستحقيها ومستوى الأسعار والأعراف والعادات في منطقة فرض النفقة مع اعتبار التوسط في كل ذلك. لكن ما العمل بالنسبة للذين لا دخل لهم، أو لهم دخل غير محدود وغير منتظم، كالفلاحين البسطاء، العمال المياومين، البائعين المتجولين...إلخ؟ مع العلم انه لا تجب على الإنسان نفقة غيره إلا بعد أن يكون له مقدار نفقة نفسه (المادتين 188 و 189)، وبالتالي ما هو مصير الأبناء والزوجة، إذا كان الزوج أو الأب (الملزم بالنفقة) الذي طرد الزوجة من بيت الزوجية رفقة الأبناء أو طلقها لا يملك ما ينفق به حتى على نفسه...؟ ومن يتحمل نفقتهم وواجب سكناهم؟ هذا وقد نص المشرع صراحة على أن واجب النفقة مستقل – في التحديد- عن تكاليف سكنى المحضون وأجرة الحضانة، لكن كيف يمكن التعامل مع كل هذه المقتضيات بالنسبة لذوي الدخل المحدود وهم غالبية أفراد المجتمع؟ وكذلك بالنسبة للذين لهم أزيد من ولد أو ولدين بالإضافة إلى أشخاص  آخرين هم تحت كفالتهم ونفقتهم (كالوالدين والإخوة...)؟ وينضاف إلى كل ذلك صعوبة توصل المحكمة إلى معرفة حقيقة دخل أغلب المتقاضين؟


* هل واجب الحضانة يقبل التغيير بالزيادة أو النقصان، وماهو الأجل أو الشروط المطلوبة لذلك؟
إن مدونة الأسرة لم تتعرض لهذا الموضوع بنص صريح، ولكن بالرجوع لمفهوم الحضانة كما هو في المادة 163، باعتبارها حفظ الولد مما يضره، والقيام بتربيته ومصالحه، وبالتالي فهي مبدئيا لا تحتاج إلى الزيادة فيها مادام أن الطفل مع تقدمه في السن تنقص متطلبات رعايته وحفظه مما قد يضره، لأنه يبدأ في تحمل المسؤولية بنفسه شيئا فشيئا، ولكن عموما فإن الظروف تتغير والعناصر التي اعتمد عليها في تحديد مبلغ الحضانة في البداية هي الأخرى قد تتغير، وبالتالي فإنه لا مانع من مراجعة مبلغ أو واجب الحضانة كلما ظهر ما يبرر ذلك حسب سلطة المحكمة التقديرية. وإذا كان المشرع لم يحدد أجلا لطلب ذلك، فإنه يمكن القياس على طلب مراجعة واجب النفقة، وبالتالي عدم الاستجابة لطلب مراجعة واجب الحضانة إلا بعد انصرام أجل سنة من تاريخ تحديدها.

* حول سكنى المحضون، وإفراغ الحاضنة من بيت الزوجية؟
كيف السبيل لتجاوز ما يترتب عن ذلك من مشاكل خاصة عندما يكون المحل السكني ليس في ملك الأب (المكتري) ويتوقف الأب عن أداء واجبات الكراء للمكري، ويطلب هذا الأخير إفراغ المحل أمام المحكمة؟ وما هو ذنب المكري  لتحمله تكاليف لا دخل لـه بها، ويظل محله مستغلا دون أداء مقابل، وهذا فيه إثراء بلا سبب.

* حول إثبات النسب ونفيه ووسائل ذلك؟ وعلاقة ذلك بالخبرة؟ وهل الخبرة وحدها كافية لإثبات النسب خاصة في غياب عقد أو وثيقة الزواج، وما قد يترتب على ذلك من لحوق نسب أبناء غير شرعيين؟
إن الخبرة وحدها لا تكفي لإثبات النسب وإنما لا بد أولا من إثبات العلاقة الشرعية بين الطرفين، أو أن الحمل حصل أثناء فترة الخطوبة وفق شروط المادة 156، ولا يلجأ للخبرة لنفي النسب إلا بعد إدلاء الزوج بدلائل قوية او قرائن تؤكد ما يدعيه، ويشترط في الخبرة لنفي النسب أن تكون مبنية على القطع على خلاف الخبرة التي يمكن الاستناد عليها لإثبات النسب، حيث يكفي فيها الظن (المادة 151). ذلك أن المشرع حدد في المادة 152 من المدونة أسباب لحوق النسب – أي نسب الإبن لأبيه- في : "1- الفراش، 2- الإقرار، 3- الشبهة"، بينما لا يمكن الطعن في النسب أي نفيه – بعد ثبوته وفق ما ذكر- لايمكن إلا عن طريق اللعان، أو بواسطة خبرة تفيد القطع وعلى الشكل المحدد في المادة 153 من المدونة، وبعد تحقق الشروط التي استوجبتها هذه المادة، وهي مهمة وتهدف إلى الحفاظ على استقرار الأسر وحماية الأنساب، وتتمثل هذه الشروط في أن يكون ذلك بطلب من الزوج، وإدلاء هذا الأخير بدلائل قوية تؤكد ادعائه (نفي النسب) كعدم إمكان الاتصال بين الزوجين لمدة معينة بالنظر لوجود أحد الزوجين في مكان بعيد جدا، خارج البلاد مثلا، أو وجوده ضمن الجيش المشارك في جبهة القتال طوال مدة معينة، أو كونه كان غائبا أو سجينا…إلخ، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون الخبرة المنجزة في الموضوع، قد أمرت بها المحكمة بمقتضى أمر قضائي، أي أن تتم بناء على حكم (أو أمر) من المحكمة، وتحترم فيها شروط الخبرة القضائية المنصوص عليها قانونا، وأهمها إنجازها من طرف خبير محلف ومتخصص في المادة.
مع الإشارة إلى أن الفصل 89 من مدونة الأحوال الشخصية (لسنة 1957) لم يتعرض للخبرة كوسيلة لإثبات النسب، كما أنه في ظل مدونة الأحوال الشخصية، لم يكن بإمكان الزوج أن ينفي عنه من ولد على فراشه داخل أجل ستة (06) أشهر من تاريخ الزواج أو داخل سنة من تاريخ الطلاق، لا يمكنه نفي نسب الولد إلا بطريق اللعان، وهو ما استقر عليه المجلس الأعلى في قراراته عند تطبيقه لمقتضيات مدونة الأحوال الشخصية المذكورة؛ ولعل أبرز قرار صدر في هذا الإطار، هو القرار المؤرخ في : 30/12/2004[27]، والذي أيد فيه قرار محكمة الاستئناف فيما ذهب إليه من عدم قبول الاعتماد على دراسة الدم وتحليله لنفي النسب، والذي لا يمكن أن يتم (أي نفي النسب) إلا عن طريق اللعان. وقد جاء في هذا القرار : "إن المحكمة... قد بنت قضائها على أنه إذا ولدت الزوجة بعد فراق يثبت نسب الولد إذا جاءت به خلال سنة من تاريخ الفراق... (وإن) الحكم الاجنبي المحتج به الصادر عن محكمة المنازعات الكبرى بمولهوز بفرنسا بتاريخ : 10/07/2000 حكم بأن المدعى عليه ليس أبا للطفلة... اعتمادا على دراسة الدم وتحليله لنفي نسب البنت المذكورة عن المدعى عليه، إلا أن ذلك مخالف لمقتضيات الفصل 76 (من مدونة الأحوال الشخصية) المذكور، كما أنه كان في وسع الزوج الطاعن نفي النسب عن طريق اللعان".
ويبدو أن هذا القرار صدر في ظل قواعد مدونة الأحوال الشخصية باعتبارها الواجبة التطبيق على وقائع النازلة التي ترجع لتاريخ سابق على تاريخ دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، وبالتالي فإن ما جاء به القرار المذكور – من عدم قبول نفي النسب استنادا على الخبرة وإنما فقط عن طريق اللعان- إن ما جاء به القرار لا يمكن تطبيقه على النزاعات التي تنطبق عليها مقتضيات مدونة الأسرة، ولعل هذا ما يؤكده المجلس الأعلى نفسه في قراره المذكور، عندما نص صراحة – وفي أكثر من مناسبة-  على أنه "بناء على الظهير الشريف الصادر بتطبيق الكتاب الثالث من مدونة الأحوال الشخصية والميراث لعام 1377/1958" وأنه "طبقا لمقتضيات الفصل 76 (من مدونة الأحوال الشخصية) ليخلص إلى أنه "يلاحظ أن القرار المطعون فيه صدر طبقا لمقتضيات قانون مدونة الأحوال الشخصية لعــــــــــــــام 1377/1958"[28] وهذه الصيغة تؤكد بشكل قاطع على أن المجلس الأعلى يريد التأكيد على أن هذا التوجه قاصر فقط على الحالات  المرتبطة أو التي تطبق عليها مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية، بل يبدو أنه يمكن الاستنتاج – وبمفهوم المخالفة- إلى أنه لو تعلق الأمر بنزاع في ظل مدونة الأسرة سيكون الأمر مختلفا [29].

* اللعان ونفي النسب في مدونة الأسرة ومدى إمكانية الجمع بينهما في مسطرة واحدة ؟
نعم، يمكن الجمع بينهما في مسطرة  (دعوى) واحدة، لتعلقهما بنفس الموضوع، ولأن لهما نفس الأثر فيما يتعلق بالنسب، إلا أنه يتعذر ويصعب القول بقبول اللجوء إلى مسطرة اللعان إذا تعذر على الطالب (الزوج) نفي نسب الإبن أو الحمل إليه بمختلف وسائل الاثبات المعتبرة في المدونة، لأن من أهم شروط اللعان ان تباشر إجراءاته داخل آجال جد قصيرة لا تتجاوز اليوم أو اليومين من تاريخ العلم بالحمل.

* المطلب الرابع : تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية، والآجال المنصوص       عليها في المدونة :

* حول تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية، م اهي الجهة المختصة نوعيا ومكانيا؟ ثم ما مدى قابلية هذا الحكم القاضي بالتذييل للطعن؟ وهل يمكن اعتباره نهائيا قياسا على أن الأحكام الصادرة بالتطليق تكون نهائية؟؛
-الجهة المختصة هي محكمة الموضوع، وليس قاضي المستعجلات لوضوح النص،(خلاف الحال في تذييل أحكام بل مقررات المحكمين في التحكيم بالصيغة التنفيذية التي تكون من طرف رئيس المحكمة بصريح النص في ق م م )
-الاختصاص المكاني،
-هذا الحكم يصدر ابتدائيا، وهو قابل للطعن فيه وفق قواعد قانون المسطرة المدنية، لعدم وجود نص يقضي بخلاف ذلك، وعملا بالقواعد العامة في قانون المسطرة المدنية التي تجعل عدم القابلية للطعن تكون بنص وفي حالات خاصة فقط ولا يجب الخلط هنا بين الحكم الذي تصدره المحكمة في طلبات الطلاق والتطليق الذي لا يقبل الطعن في شقه المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية (الذي ورد النص عليه في مدونة الأسرة)، وبين الحكم الصادر في طلب تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية الذي نظمه المشرع في ق م م، ويحيل عليها أيضا في مدونة الأسرة، والمقتضيات المنظمة لــــه جاءت عامة، بحيث تشمل جميع الأحكام الصادرة بالخارج وليس فيها تمييز حول الطلاق او التطليق وغيرهما.




* بالنسبة للآجال المنصوص عليها في المدونة وآثار عدم احترامها ؟
نص المشرع المغربي في مدونة الأسرة على مجموعة من الآجالات، وحث على احترامها، مثل أجل 30 يوما كحد أقصى لإيداع المستحقات – من طرف الزوج  والمحددة من طرف المحكمة -  بصندوق المحكمة، ثم أجل 30 يوما كحد أدنى للفترة التي يجب أن تفصل بين محاولتي الصلح التي ينبغي على المحكمة إجرائهما عند وجود أبناء لدى الزوجين، ثم ضرورة البت في دعاوى التطليق في أجل أقصاه ستة أشهر، حيث نص المشرع صراحة في المادة 97 من المدونة على أنه "...يفصل في دعوى الشقاق في أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب" وهو نفس ما أكده في المادة 113 المتعلقة بدعاوى التطليق، وإن كان المشرع في هذه المادة لم يحدد تاريخ بدأ سريان هذا الأجل على خلاف ما جاء في المادة 97 – المشار لها أعلاه- التي كانت واضحة في هذه النقطة[30].
ولعل غاية المشرع من اتباع هذا النهج – والذي ظهر لأول مرة في قانون إحداث المحاكم التجارية عند الحديث عن البت في الدفع بعدم الاختصاص – هو التحفيز والحث على البت من طرف المحاكم داخل هذه الآجال التي يعتبرها معقولة، فهذا الأجل يمكن القول بأنه أجل استنهاضي أو تحفيزي فقط، ولذلك لم يرتب المشرع على عدم احترامه أي جزاء، لأنه يصعب في بعض الأحيان احترام هذه الآجال، خاصة مع ضرورة احترام إجراءات التبليغ  القانونية من حيث شروط التوصل بالاستدعاء وشروط شهادة التسليم، والأجل الذي يجب أن يفصل بين تاريخ التوصل بالاستدعاء وتاريخ الجلسة، وينضاف إلى ذلك الصعوبات التي تعترض عمليات التبليغ والاستدعاء[31]. إلا أنه ينبغي – ولتفادي هذه الصعوبات عند الاقتضاء- وخاصة في دعاوى النفقة، إصدار حكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها مع اعتبار صحة الطلب والحجج التي يمكن الاعتماد عليها عملا بمقتضيات الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية كما وقع تغييره وتتميمه في : 03/02/2004.

المبحث الثالث : مسطرة الطلاق ببعض الدول المقارنة ووضعية قضاء الأسرة :

 المطلب الأول : مسطرة الطلاق ببعض الدول المقارنة
وسأتناول هنا تجربة الدول الاسكندنافية، وكذلك الشأن في القانون المصري.

1- في الدول الإسكندنافية :
تتميز هذه الدول في قوانين الأسرة، بطريقة خاصة تتمثل في معالجة قضايا الأسرة خارج المحاكم[32]، حيث إنه لايتم اللجوء إلى المحكمة إلا عند عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، أما قبل ذلك فإن الأمر يكون من اختصاص السلطة أو الإدارة المحلية، حيث يتم تحرير محضر أو بروتوكول – مثل محاضر المحكمة- حول اتفاق الأطراف على الطلاق يتعين إمضاؤه من الطرفين من أجل إثبات اتفاقهما على مضمونه. و(قرارات) الإدارة المحلية – بالنسبة للطلاق الاتفاقي – غير قابلة للطعن. ولا يتم الطلاق إلا بعد تسجيل الانفصال الجسماني بين الطرفين – أمام الإدارة المحلية – لمدة ستة أشهر.

2- في القانون المصري :
نص المشرع المصري في القانون رقم 10/2004 حول إنشاء محاكم الأسرة، على أن المحكمة تستعين في الدعاوى المنصوص عليها في...[33]هذا القانون، بخبيرين أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين والآخر من  الأخصائيين النفسيين، ويكون أحدهما على الأقل من النساء[34]. وقد أكد المشرع المصري – في المادة 11 من القانون المذكور- على أن حضور الخبيرين جلسات محكمة الأسرة يكون وجوبيا في دعاوى الطلاق والتطليق والتفريق الجسماني والفسخ وبطلان الزواج وحضانة الصغير ومسكن حضانته وحفظه ورؤيته وضمه والانتقال به، وكذلك في دعاوى النسب والطاعة، ويبقى للمحكمة إمكانية الاستعانة بهما في غير ذلك من مسائل الأحوال الشخصية إذا رأت ضرورة لذلك، ويتعين على كل من الخبيرين أن يقدم تقريرا في مجال تخصصه[35].
هذا، وقد استحدث القانون المصري، مرحلة لتسوية المنازعات الأسرية تسبق مرحلة اللجوء إلى المحكمة فأنشأ مكتب لتسوية المنازعات الأسرية، أو أكثر، بدائرة اختصاص كل محكمة جزئية، ويكون تابعا لوزارة العدل، ويضم عددا كافيا من الاخصائيين، ويكون اللجوء إليها بدون رسوم، كما حدد المشرع الدعاوى التي يتعين أن يقدم فيها طلب لتسوية النزاع إلى هذه المكاتب –وجوبا- قبل اللجوء لإقامة الدعوى أمام المحكمة.


* المطلب الثاني : قسم قضاء الأسرة، رئيس القسم واختصاصاته وحدود تدخله؟؛
ظهرت فكرة إحداث قسم قضاء الأسرة الذي يتولى البت في القضايا والنزاعات المرتبطة بتطبيق مدونة الأسرة، وذلك مع صدور هذا القانون الجديد، في إطار توفير السبل والآليات الكفيلة بتطبيقه على الوجه الأمثل. إلا أن المشرع- وإن كان قد أدخل تعديلا على ظهير التنظيم القضائي – بمقتضى القانون رقم 70.03- إلا أنه تعرض للموضوع بشكل خافت وخجول، بحيث اكتفى بالحديث عن إمكانية "... تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى "أقسام قضاء الأسرة" وغرف مدنية وتجارية وعقارية واجتماعية وزجرية"، مؤكدا على أنه "تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث... يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة..."
- هكذا لم يتحدث المشرع عن رئيس لهذا القسم، وبالتالي لم يتناول مهام رئيس قسم قضاء الاسرة واختصاصاته، وحدود تدخله، خاصة مع وجود اختصاصات عامة وشاملة لرئيس المحكمة، ولذلك نقول بأن رئيس القسم يقوم ببعض الاختصاصات الإدارية وكذلك القضائية. كتلك المتعلقة بإصدار أوامر في إطار القضاء الاستعجالي، إلا أن ذلك لا يتم إلا في إطار النيابة عن رئيس المحكمة، الذي يمارس تلك المهام بصفته هذه، وفي تنسيق كامل معه. ولعل هذا ما دفع البعض[36] إلى المطالبة بمنح "الاستقلالية لقسم قضاء الأسرة، لكي تصبح لـه صلاحيات التطبيق ولا يبقى تابعا لرئيس المحكمة. ولعل هذا ما جعل المشرع المصري ينص صراحة في المادة الأولى من قانون محاكم الأسرة [37] على أنه : "تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة جزئية محكمة للأسرة، يكون تعيين مقرها، بقرار من وزير العدل. وتنشأ في دائرة اختصاص كل محكمة من محاكم الاستئناف، دوائر استئنافية متخصصة، لنظر طعون الاستئناف والتي ترفع إليها في الأحوال الشخصية التي يجيزها القانون، عن الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم الأسرة. وتنعقد هذه الدوائر الاستئنافية في دوائر اختصاص المحاكم الابتدائية..." كما نص في المادة 10من نفس القانون على أن جلسات محاكم الأسرة يجب أن تنعقد في أماكن منفصلة عن  أماكن انعقاد جلسات المحاكم الأخرى، وتزود بما يلزم من الوسائل التي تتناسب مع طبيعة المنازعات و أطرافها وما تقتضيه من حضور الصغار تلك الجلسات للاستماع إلى أقوالهم[38]، ويجب أن تتكون محكمة الأسرة من ثلاثة قضاة يكون أحدهم على الأقل بدرجة رئيس بالمحكمة الابتدائية، وتؤلف الدائرة الاستئنافية من ثلاثة من المستشارين بمحكمة الاستئناف، يكون أحدهم على الأقل بدرجة رئيس بمحاكم الاستئناف ( المادة 2 من قانون محاكم الأسرة[39]).





[1] - قانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذو الحجة 1424 الموافق 5 فبراير 2004 
[2] - وهذا ما تم التأكيد عليه في ديباجة مدونة الأسرة
[3] - ذ. عبد العزيز توفيق "مدونة الأسرة مع دراسة لتطور مدونة 57 والأسباب الداعية إلى صدور مدونة الأسرة، دراسة تحليلية لمدونة الأسرة" مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2004 ص : 36.
[4] - للمزيد، يراجع : - ذ. عبد العزيز فتحاوي "قراءة في الكتاب الثاني من مدونة الأسرة، انحلال ميثاق الزوجية"، أيـــام دراسية حول مدونة الأسرة بإفران من 16 إلى 19 فبراير 2004،
- ذ. محمد اكديد : "أنواع الطلاق والتطليق حسب ما يصدر عنه من خلال مدونة الأسرة " أيام دراسية حول مدونة الأسرة، إفران من 16 إلى 19 فبراير 2004،
- ذ. عمر لمين : " مستجدات مدونة الأسرة فيما يتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية" ندوة خاصة بمدونة الأسرة، ص : 150 ومايليها،
- ذ. عبد السلام زوير : "مستجدات مدونة الأسرة : دراسة لبعض الحالات الخاصة" مجلة القصر العدد 11، ماي 2005.

[5] - ذ. عبد السلام زوير "مستجدات مدونة الأسرة-دراسة لبعض الحالات الخاصة" مجلة القصر، العدد 11. ماي 2005.
[6] - وهو الاتجاه الذي سبق أن تبناه المجلس الأعلى في قراره عدد 1527 الصادر بتاريــــــخ 11/10/2000 في الملف المدني عدد :438/3/2/00، منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 146. ص 119-122.
[7] - مع الإشارة إلى أننا لن نتعرض للإشكاليات التي سبق عرضها بالأيام الدراسية التي نظمتها وزارة العـــدل بإفران في 4 و 5 أكتوبر و20 و 21 نونبر 2004، والمنشورة بمجلة "قضاء الأسرة" العدد الأول، يوليوز 2005 مطبعة فضالة، ص 27 وما يليها.
[8] - وقد جاء في هذا الحكم : "حيث إن امتناع قاضي التوثيق من الخطاب على رسوم الأشرية يشكل في حد ذاته قرارا سلبيا بالرفض قابلا للطعن بالإلغاء لتجاوز السلطة، على اعتبار أنه غير قابل للإصلاح من طرف سلطة إدارية عليا على إثر نزاع قضائي بين المتقاضين؛ إذ من المعلوم أن الحكم القضائي هو الذي تتبع فيه المسطرة الحضورية وتكون طرق الطعن فيه محددة تشريعيا على سبيل الحصر... ولذلك فإن قرار قاضي التوثيق المطعون فيه ليس حكما قضائيا وإنما هو قرار إداري  منفرد مؤثر في مركز الطاعنين..." حكم رقم 79/96/3 غ في الملف رقم 72/95/3 غ بتاريخ : 19/12/1996 (حكم غير منشور).
[9] - قرار صادر في الملف الإداري عدد : 8034/88، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 63 نونبر- دجنبر 1991 صفحة 83.
[10] - سليمان الطماوي "القضاء الإداري" ص 353.
[11] - ولذلك فالمحاكم بسلطنة عمان لا تعترف بأي آثار قانونية أو إدارية لزواج المواطن العماني من مواطنة أجنبية إذا كان ذلك الزواج لم يرخص به مسبقا من وزارة الداخلية العمانية.
[12]  - عند أي تعديل للقانون الحالي.
[13] - يراجع في هذا الصدد حكم المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير رقم 115 الصادر في الملف رقم 347/98 بتاريــــــخ 17/02/1999 (غير منشور)
[14] - المادة 55 وما يليها من قانون المسطرة المدنية
[15] - ذ. عبد العزيز توفيق، مرجع سابق، ص : 28 و ص : 42.
[16] - التقرير السنوي لمحكمة النقض الفرنسية لسنة 1999.
[17] - حيث جاء في هذا القرار :
« Aux  termes de l’article 170 du code civil, le mariage contracté en pays étranger entre français et étranger est valable s’il est célébré dans les formes usitées dans le pays. C’est sur ce principe que s’était fondé un tribunal pour débouter le ministère public de sa demande en nullité du mariage, célébré au Maroc, d’un ressortissant français, non comparant, mais représente par son frère…, La comparution personnelle du futur époux français devant l’autorité célébrant le mariage est ainsi devenue une condition de fond, soumise, en tant que telle, à la foi française, ainsi qu’il est rappelé à l’article 5 de la convention franco-marocaine du 10 Août 1981 » 1ère chambre civile. 15 juillet 1999 (Bul. N°= 244).
[18] - ظهيــــــر شريف بتاريخ 14 نونبر 1986 بنشر الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية الموقعة بالرباط في 10 أغسطس 1981، الجريدة الرسمية عد : 3910 في 07/10/1987. يمكن الاطلاع عليها كذلك في : "مجلة قضاء الأسرة" عدد خاص – الاتفاقيات الدولية- العدد الثاني- فبراير 2006، مطبعة فضالة، ص 13 وما يليها.
[19] -مع مراعاة مقتضيات الاتفاقيات الدولية والثنائية التي قد تعفي الوثائق الإدارية لبعض الدول من هذا الإجراء.
[20] - مع إمكانية استدعائها مجددا إذا رأت المحكمة ضرورة ذلك.
[21] - وذلك نظرا لأهمية الموضوع وخطورة آثاره، وكذلك حتى لا يبقى الأمر تحت إرادة الزوج لوحده ولذلك ينبغي النص على هذه المسألة – التبليغ التلقائي من كتابة الضبط – صراحة لتجاوز الرأي الذي يقول بأن التبليغ أصبح في ق.م.م لا يمكن اللجوء إليه إلا بناء على طلب المعني بالأمر.
[22] - وقد صدر المرسوم رقم 2.04.88 في 25 ربيع الآخر 1425 (14/06/2004) بشأن تكوين مجلس العائلة وتحديد مهامه، الجريدة الرسمية عدد 5223.
[23] - على خلاف المرسوم الصادر في 26/12/1994، الصادر بالجريدة الرسمية في 01/02/1995- الذي تم نسخه- والذي حدد أجــل 08 أيام على الأقل.
[24] - الفصل 16 من ق م م . وقد جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 71 الصادر في : 09/02/2005 في المــــــــلف الشرعي عدد : 353/2/1/2004 : "على مثير الدفع بعدم الاختصاص المحلي أن يعين المحكمة التي ترفع إليها القضية، وإلا كان الدفع غير مقبول، والمحكمة لما ثبت لها من وثائق الدعوى أن الطالبة لم تبين المحكمة التي سترفع إليها القضية وأيدت الحكم المستأنف، فإنها تكون قد ضمت الدفع إلى الجوهر وأجابت ضمنيا بعدم قبوله..." ذكره : محمد الكشبور في "شرح مدونة الأسرة – الجزء الثاني- انحلال ميثاق الزوجية" مطبعة النجاح الجديدة – الطبعة الأولى 2006 ص : 158-
- وقد نص المشرع في الفصل 17 من ق م م  على أنه "يجب على المحكمة التي أثير أمامها الدفع بعدم الاختصاص أن تبت فيه بموجب حكم مستقل أو بإضافة الطلب العارض إلى الجوهر" على خلاف المادة 13 من قانون إحداث المحاكم الإدارية التي أوجبت البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بمقتضى حكم مستقل، وهو نفس ما أكد عليه المشرع في المادة 8 من قانون إحداث المحاكم التجارية. عبد السلام زوير "الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالياته العملية"مكتبة دار السلام –طبعة 2004- ص 167 وما يليها.
[25] - وهو ما نص عليه المشرع المصري صراحة في المادة 12 من قانون إنشاء محاكم الأسرة، القانون رقم 10/2004.
[26] - راجع في هذا الشأن "قراءة في الكتاب الثاني من مدونة الأسرة، انحلال ميثاق الزوجية"  ذ/ عبد العزيز فتحاوي إفران من 16 إلى 19 فبراير 2004 ص : 09
[27] - القرار عدد : 658، الصادر في الملف الشرعي عدد : 556/2/1/2003، في 17 ذي القعدة 1425 هـ المـــوافق 30/12/2004، وقد صدر عن غرف المجلس الأعلى الست مجتمعة (قرار منشور بمجلة الملف العدد 7، أكتوبر 2005، ص : 232-236)
- وقد جاء في قرار سابق للمجلس الاعلى، صدر في 15 شتنبر 1981، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 30 ص 95 : "إن ما قضى به الحكم المطعون فيه يجد أساسه في الفصل 91 من مدونة الأحوال الشخصية الذي ينص على أن القاضي يعتمد في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي النسب، وليس من بين هاته الوسائل وسيلة التحليل الطبي، وأن ما نص عليه الفصل 76 من المدونة خاص بما إذا بقيت الريبة في الحمل بعد انقضاء سنة من تاريخ الطلاق أو الوفاة لمعرفة ما في البطن هل علة أم حمل..."
- وجاء في قرار آخر للمجلس الأعلى صدر في 07 شتنبر 2000، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 61، ص : 77 "إن المحكمة لما عللت قرارها بكون الحمل والازدياد وقعا في الأمد القانوني والمستأنف عليه لم يسلك مسطرة اللعان، تكون قد طبقت القانون تطبيقا سليما وعللت قرارها بما فيه الكفاية..."
[28] - يلاحظ أن المجلس الأعلى لجأ هنا إلى فكرة النظام العام لتفادي تطبيق مقتضيات الاتفاقيــــة المتعلقة بحالة الأشخاص والأســـرة وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية الموقعة بالرباط فــي 10/08/1981، إلا أنه لم يوضح  الجانب المتعلق بالنظــــــام العـــــــام في هذه النقطة، وكأن به يقول بأن كل ما ورد في الباب الأول من الكتاب الثالث من قانــــــــون مــــــدونة الأحوال الشخصية لــــــ 13/1/1958 هو من صميم النظام العام.


[29] - للمقارنة يمكن الرجوع والاطلاع على قرار محكمة المنازعات الكبرى بمولهوز – بفرنسا – رقم : 04010/1997 الصادر عن غرفة الأسرة في : 10/07/2000 (وهو يتعلق بنفس الموضوع وبين نفس الأطراف) منشور بمجلة الملف العدد : 7 – أكتوبر 2005، ص 237 وما يليها.
[30] - ذ. محمد الكشبور"ملاحظات حول أحكام التطليق في مدونة الأسرة" مداخلة ساهم بها في ندوة مستجدات مدونة الأسرة : تقيــــيـم سنتين من التجربة التي نظمت بالمعهد العالي للقضاء في : 03/02/2006.
[31] - وهو نفس ما أكده وزير العدل في معرض جوابه عن التساؤل الذي أثير في هذا الموضوع عند مناقشة مشروع مدونة الأسرة أمام مجلسي البرلمان، حيث قال "...إلا أنه إذا لم يتمكن من البت فيها خلال هذا الأجل لأسباب خاصة، فلا يترتب عن ذلك أي أثر". يراجع : "المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة من خلال أجوبة السيد وزير العل والسيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عــــن الأسئلة والاستفسارات المثارة أثناء مناقشة مشروع المدونة أمام مجلسي البرلمان" الطبعة الأولى 2004. مطبعة فضالة- ص : 186.
[32] - وهذا فيه تخفيض وتقليل من المصاريف، وكذا تبسيط الإجراءات، وتوفير جو – بعيد عن المحاكم- أكثر ملائمة لتحقيق الصلح بين الأطراف في النزاعات المرتبطة  بقانون الأسرة، ولذلك فإن المحاكم لا تبت إلا في حوالي 10% من قضايا الأسرة بهذه الدول.
[33] - المقصود المنصوص عليها في المادة 11 من نفس القانون
[34] - ويعين الخبيران المذكوران من بين المقيدين في الجداول التي يصدر بها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الشؤون الاجتماعية أو وزير الصحة بحسب الأحوال.
[35] - وبالتالي فإن عدم حضورهما جلسات المحكمة في القضايا المحدة في المادة 11 أعلاه، يترتب عنه البطلان، لأن تشكيل المحكمة متعلق بالنظام العام... راجع في هذا الإطار :
- عدلي امير خالد "محكمة الأسرة – قواعد وإجراءات في ضوء أحكام وقوانين الأحوال الشخصية" دار الجامعة الجديدة – الإسكندرية 2005. ص : 11 وما يليها.
[36] - ذة. زهور الحر في حوار مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، العدد 8189 بتاريخ 08/03/2006.
[37] - القانون رقم 10/2004 المشار له سابقا.
[38] - عدلي أمير خالد "محكمة الأسرة، قواعد وإجراءات في ضوء أحكام وقوانين الأحوال الشخصية" مرجع ســـــابق. ص : 6
[39] - وتجدر الإشارة هنا إلى أنه أصبح من اللازم مراجعة قانون المسطرة المدنية وقانون التنظيم القضائي، بشكل حديث، متناسق ومنسجم، حتى يصيرا في مستوى التطورات والتغييرات التي يعرفها المغرب، كما حصل مع مدونة الأسرة.

   المجلة الإلكترونية لندوات محاكم فاس - العدد 6 يناير 2008 - ص: 43-64

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم