الجمعة، 23 مايو 2014

تقرير ندوة "عشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة " المنظمة من طرف شبكة المرأة التجمعية _ بتاريخ : 15 أبريل 2014



ذ. محمد لشقار 
باحث في صف الدكتوراه 
بكلية الحقوق بطنجة





  
عرف مقر جهة طنجة تطوان يومه الثلاثاء 15 جمادى الثانية 1435 هـ الموافق لـ 15 أبريل 2014 م تنظيم ندوة علمية من طرف شبكة المرأة التجمعية في موضوع "عشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة ". 

وقد عرف هذا الحدث العلمي، الذي تم تأطيره من طرف الإعلامية والإذاعية زهور الغزاوي  القاسمي، مشاركة ثلة من الباحثين والفاعلين في الحقل القانوني والحقوقي، وهم كل من الدكتورة وداد العيدوني: أستاذة التعليم العالي ومنسقة خلية المرأة والأسرة بالمجلس العلمي بعمالة طنجة أصيلة ورئيسة المركز الأكاديمي للدراسات الأسرية، وذ. محمد الزردة: رئيس قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة والباحث في صف الدكتوراه بكلية الحقوق لنفس المدينة، وذة. سعيدة شاكر المطالسي: نائبة برلمانية، وذة. رشيدة بلباح: محامية بهيئة المحامين بطنجة ورئيسة جمعية أمنة لمناهضة العنف ضد النساء، وذة. نجاة الشنتوف: محامية بهيئة طنجة ومنسقة جهوية لجمعية السيدة الحرة. 

بدأ هذا اللقاء العلمي المتميز بمداخلة الدكتورة وداد العيدوني التي تمحورت حول "مستجدات مدونة الأسرة"، حيث أشادت المتدخلة بمجموعة من الضمانات والمكتسبات التي تم تضمينها في مدونة الأسرة لأول مرة وتتعلق أساسا ب: 

  • الرعاية المشتركة للأسرة بين الزوجين.
  • تحديد سن الزواج في 18 سنة.
  • الولاية.
  • التعدد.
  • الشروط الإرادية في عقد الزواج.
  • انحلال الرابطة الزوجية.
  • إلحاق الولد بالخاطب.
  • تدبير الأموال المشتركة بين الزوجين.
  • المساواة في الحقوق والواجبات.
وفي ختام مداخلتها اعتبرت الدكتورة وداد العيدوني هذه المكاسب ثورة حقيقية بالنسبة للمغارب وللزوجين والأطفال، مؤكدة على أن ذلك لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات التي اعترت تطبيق المدونة على مدى العشر سنوات الماضية، منها: 

  • غياب مقاربة شمولية للإصلاح، حيث عجزت المدونة خلال هذه المدة عن تغيير الموروث الثقافي.
  • أدى عدم فهم مضامين مدونة الأسرة إلى تشويش فهم نصوصها واعتبارها سببا في العزوف عن الزواج، واتهامها بالمساهمة في ارتفاع نسب الطلاق. 
وبذلك كان لابد حسب رأي المتدخلة تدارك هذه الثغرات ب: 

  • إعادة النظر في بعض مفاهيم المدونة من أجل بلوغ النتائج المرجوة كمفهوم "الرعاية المشتركة بين الزوجين" ومفهوم "الشقاق" وغاياته الشرعية.
  • ضرورة تقنين المساطر الأسرية ومساطر الصلح, وإعادة النظر في الوساطة الأسرية.
  • إصلاح منظومة العدالة مع ضرورة تكوين القضاة في العلوم الموازية لمدونة  الأسرة, مع فتح المجال للاجتهاد القضائي.
  • وضع إطار قانوني للوساطة كما هو الحال بالنسبة للعديد من الدول العربية كالأردن.
  • إقرار المساعدة الاجتماعية لما لها من دور فعال في التخفيض من الأزمات والمشاكل الأسرية.
  • سن قانون للمساعدة الاجتماعية  .
  • النهوض بدور الإعلام في التوعية بمقاصد مدونة الأسرة.
  • النهوض بدور التعليم في مجال زرع ثقافة حقوق الإنسان.
  • إدماج المرجعيات والاتفاقيات الدولية في مدونة الأسرة, مع مراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية.
ومن جانبها أشارت ذة. خديجة بلباح من خلال مداخلتها "إخفاقات مدونة الأسرة" إلى مجموعة من الإخفاقات العملية  التي اعترت تطبيق هذه الأخيرة منها: 

  • الإخفاقات المرتبطة بالنفقة: حيث أكدت المتدخلة أهمية النفقة ودورها في تحقيق الاستقرار الأسري, مبينة أن القاضي ملزم بالبت في القضايا المتعلقة بالنفقة داخل أجل شهر, وتساءلت عن مدى احترام المحكمة لهذا الأجل, لتستتبع تساؤلها بالإشكالات الواقعية التي تعرفها قضايا النفقة والتي يأتي في مقدمتها إشكال التبليغ ومكانه, والإشكالات المثارة بخصوص تنفيذ الأحكام القاضية بالنفقة, وهما إشكالان يؤديان بالمتضررة إلى سلوك مسطرة إهمال الأسرة, الأمر الذي يفضي إلى إلقاء القبض على المشتكى به بتهمة إهمال الأسرة.
هذا فضلا على أن مسطرة الحجز على ممتلكات الزوج التي تطرح عدة إشكالات خاصة في حالة عدم علم الزوجة بممتلكات الزوج وبرقم حسابه البنكي. 
وفي نهاية حديثها عن النفقة أبدت ذة. خديجة بلباح جملة من الملاحظات منها: 

  • إن مقتضيات النفقة تبقى مجرد حبر على ورق, في الوقت الذي يظل صندوق التكافل العائلي قاصر عن تحقيق الأهداف المنشودة.
  • تظل بنود وأحكام النفقة نقطة سوداء في مدونة الأسرة.
وهو الأمر الذي يستدعي في نظرها البحث عن آليات فعالة وناجعة لتجاوز الإشكالات التي تطرحها النفقة على المستوى العملي. 

  • إرجاع الزوجة المطرودة إلى بيت الزوجية: حيث انطلقت المتدخلة من تأكيد المدونة على ضرورة إرجاع المطرودة فورا إلى بيت الزوجية في الوقت الذي أغفلت فيه إلزام الزوج بذلك، الأمر الذي يؤكد عجز مدونة الأسرة عن حماية الزوجة المطرودة، وهو ما يثير عدة إشكالات تتعلق بإيواء الزوجة المطرودة والمتمثلة في:
  • غياب مركز للإيواء بطنجة.
  • إرجاع الزوجة المطرودة إلى بيت الزوجية غالبا ما يعرضها إلى خطر الاعتداء عليها من قبل الزوج.
  • عدم فعالية المادة 53 من مدونة الأسرة في حماية الزوجة المطرودة لغياب الضمانات العملية والواقعية.
كما ثمنت ذة. بلباح دور خلية الأسرة المتواجدة بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة في التضامن مع الزوجات المعنفات والوقوف إلى جانبهن في الحصول على الشواهد الطبية مجانا التي تثبت الضرر الذي لحق بهن جراء التعنيف، كما تعمل هذه الخلية على تحرير محاضر بخصوص وقائع التعنيف والطرد وتقدمها إلى النيابة العامة. 

غير أن هذه الخطوة تبقى في نظرها عديمة الجدوى ما دامت الزوجة مطالبة بإقامة الدليل على أن المعتدي هو الزوج. 

وبعد عرضها للسياق السياسي والاجتماعي والحقوقي الذي جاءت فيه هذه الندوة، أكدت ذة. نجاة الشنتوف على تكريس مدونة الأسرة للامساواة في أمرين: 

  • زواج القاصر: حيث اعتبرت المتدخلة تزويج القاصر تكريس للتمييز في حق المرأة المغربية، وترسيخ للصورة النمطية للمرأة المغربية وللاختلاف البيولوجي.
مشيرة إلى أن عدد طلبات الزواج المقدمة للمحكمة الابتدائية بطنجة سنة 2011 هو 46601 طلب منها 326 طلب متعلق بتزويج القاصر (لم تذكر مصدر الأرقام). 

وفي قراءة لهذه الأرقام أكدت ذ.ة الشنتوف ارتفاع نسبة زواج القاصرات، مفسرة ذلك بالضغط الذي يمارسه أولي الأمر على القاصرات للتخلص من عبئهن أو للحصول على منافع مادية. 

وختمت المتدخلة حديثها حول زواج القاصرات بمجموعة من الملاحظات هي: 

  • عدم تخلص التصور المغربي من الاعتقاد القائم على أن ارتقاء المرأة المغربي لا يتم إلا عن طريق مؤسسة الزواج.
  • إن تزويج القاصر يحرمها من متابعة دراستها.
  • زواج القاصر محكوم عليه بالفشل (الطلاق).
  • اختلال مسطرة الإذن بالزواج، التي تعتريها مجموعة من الاختلالات خاصة فيما يتعلق بالخبرة والبحث الاجتماعي.
  • زواج القاصر انتهاك لحقوق الطفل والمرأة.
ومن أجل تجاوز هذه الاختلالات تقترح ذة. الشنتوف تكريس إلزامية التعليم والرفع من سن الزواج. 

  • المساواة في الإرث:
بدأت المتدخلة مداخلتها في شقها الثاني المتعلق بالمساواة في الإرث بعرض موجز لمطالب الحركات النسائية، وطريقة اشتغال هذه الأخيرة على القوانين التي تهم المرأة، مؤكدة في الآن نفسه على أن المواطنة الكاملة تقتضي المساواة الكاملة. 

وانطلاقا من نصوص المواثيق الدولية والدستور المغربي ترى ذة. الشنتوف بضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المستويات بما فيها الإرث الذي أصبح في نظرها نظاما متجاوزا، مبررة تصوراتها ب: 

  • تراجع مبدأ القوامة.
  • حظ الذكر الذي هو حظ الأنثيين ما هو سوى حد أدنى يمكن تجاوزه.
وتقترح في مقابل ذلك ما يلي: 

  • تعديل القوانين الوضعية بشكل يساير التطورات الاقتصادية والاجتماعية وكذا الدولية.
  • ضرورة رفع القدسية على نظام الإرث كما كان الحال مع باقي أحكام المدونة.
  • ضرورة مراجعة جميع النصوص التي تكرس الحيف والتمييز في حق المرأة.
وختمت مداخلتها بقولها: "تعديل مدونة الأسرة رهين بجرأة القرار السياسي". 

وفي السياق ذاته يؤكد ذ. محمد الزردة على دور المعلومة الإحصائية في تقييم القوانين وتحديد مدى نجاعتها، مبينا أن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة قد تلقى سنة 2013 ما مجموعه 11183 طلب زواج، منها 876 طلب متعلق بزواج القاصر، في مقابل رفض 26 طلب متعلق بزواج القاصر فقط. 
كما عرفت ذات المحكمة 2222 حالة طلاق خلال نفس السنة، منها 1222 حالة تطليق للشقاق، و1000 حالة تتعلق بباقي أنواع الطلاق. 

وبعد ذلك، عمد الأستاذ محمد الزردة إلى الوقوف على جملة من الاختلالات التي عرفتها مدونة الأسرة منها على سبيل المثال لا الحصر: 

  • عدم تحديد المدونة لدور النيابة العامة في قضايا الأسرة مما أدى بهذه الأخيرة إلى لعب دور المحامي، والخلط بين الحق العام والحق الخاص.
  • إغفال المدونة أمر التعويض عن العدول عن الخطبة.
  • عدم تحديد المدونة للجزاء الجنائي المترتب عن سوء استعمال مسطرة ثبوت الزوجية.
  • عدم تحديد المدونة للسن الأدنى للزواج مما أدى اختلاف قضاء الأسرة بشأنه.
  • اعتماد المدونة مصطلحات فضفاضة ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في المادة 41 من المدونة التي نصت "لا تأذن المحكمة بالتعدد إلا إذا لم يثبت لها المبرر الاستثنائي الموضوعي".
  • أقر المشرع المغربي في المادة 45 من المدونة حق الزوجة المراد التزوج عليها في التطليق، غير أنه لم يحدد وصف التطليق هل هو للضرر أم للشقاق...
كما أن المشرع لم يحترم إرادة الزوجين وألزم المحكمة بإعمال مسطرة الشقاق تلقائيا في حال تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد. 

  •  إذا كان المشرع قد أكد على ضرورة إرجاع الزوجة المطرودة فورا إلى بيت الزوجية، فإنه قد أغفل النص على الضمانات الكفيلة بحماية الزوجة.
  • إغفال المدونة ذكر الخبرة الطبية كآلية من آليات إثبات النسب في المادة 158.
  • إشكالية تطبيق المادة 94، حيث يؤدي طلب حل النزاع إلى التطليق للشقاق.
  • جمود المادة 121 لانعدام الآليات.
  • إشكالية السفر بالمحضون خارج أرض الوطن وإسقاط الحضانة (م 178).
  • إشكالية المطالبة بالإنفاق مع الاعتراف بعطالة الزوج (م 188).
  • أحقية الزوجة التاركة لبيت الزوجية في النفقة دون السكن (م 196).
  • إشكالية صاحب النيابة الشرعية المنصوص عليها في المادة 231.
وأكد ذ. محمد الزردة في نهاية مداخلته على ضرورة تأهيل القضاة بما يضمن تطوير الاجتهاد القضائي من أجل سد الثغرات القانونية، فضلا على تقنين مسطرة الوساطة في مجال الأسرة اسوة ببعض الدول العربية كالإمارات التي أحدث بمحاكم الأسرة مكتب الصلح الذي يلجأ إليه الزوجين قبل اللجوء إلى القضاء. 

كما دعا إلى مراجعة مدونة الأسرة في إطار تشاركي يجمع بين لجنة التشريع والسادة القضاة رؤساء أقسام قضاء الأسرة. 

واختتمت الندوة بفتح باب المناقشة التي تميز بالانتقاد اللاذع للأستاذة نجاة الشنتوف التي رأت بضرورة إقرار المساواة في الإرث، كما لم تفوت الدكتورة وداد العيدوني الفرصة لترد على دعوة هذه الأخير بالمساواة في الإرث، مبينة لها وللحاضرين الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، والحالات التي ترث فيها بالتساوي مع الرجل والحالات التي ترث فيها أقل من الرجل والحكمة الإلهية في كل حالة على حدة، لتختم تعقيبها بكون الدستور المغربي أقر الأخذ بالاتفاقيات الدولية وبملاءمة التشريع الوطني مع مضامينها ما لم يتعارض ذلك مع مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة. 

كما عمد الأستاذ محمد الزردة إلى أخذ الكلمة وطرح سؤال جوهري غاية في الأهمية وهو: ما هي طبيعة حقوق الإرث؟ ليخلص بعد ذلك إلى أن حقوق الإرث ذات طبيعة خاصة وتخضع في تقنينها إلى الشريعة الإسلامية، مما يجعلها في منآ عن أي تنظيم قانوني آخر سواء تعلق الأمر بالاتفاقيات الدولية أوالقوانين الوضعية التي تستند عليها ذة. الشنتوف في مطالبتها بالمساواة في الإرث. 

عن موقع: marocdroit.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم