الاثنين، 26 مايو 2014

تقرير الندوة الجهوية : “زواج القاصر بين التشريع المغربي والواقع”- للشبكة الجهوية لجمعيات المجتمع المدني بجهة طنجة تطوان ، بتاريخ 11 ماي 2014

 

  محمد ازعيتر

 نائب الكاتبة العامة

 


ندوة جهوية حول موضوع “زواج القاصر بين التشريع المغربي والواقع”
أحمد أوبلا: فاعل وناشط جمعوي بمدينة الرباط.
فوزية المامون: ممثلة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان.
الزهرة الخمليشي: أستاذة جامعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل.
رجاء الأندلسي: محامية بهيئة تطوان.
وقد سير هذا النشاط الفاعل الجمعوي الأستاذ وديع المعمري الذي استهل الندوة بالترحيب بمؤطري الندوة، وكذا بالحاضرين الذين أتوا من مختلف أقاليم الجهة، كما بين دواعي اختيار الشبكة لهذا الموضوع الذي يؤرق بال العديد من المهتمين بحقل الطفولة بالمغرب. بعدها أخذت الكلمة باسم الشبكة الجهوية لجمعيات المجتمع المدني بجهة طنجة تطوان الأستاذة رأفت التجكاني نائبة رئيس الشبكة التي رحبت بدورها بالحاضرين ومؤطري الندوة، وقدمت الخطوط العريضة التي سينصب عليها النقاش، والتي ستتناول الموضوع من وجهات نظر متنوعة.
ومما ميز هذه الندوة عرض الأستاذ أحمد أوبلا لشريط فيديو أنجزته جمعية نور للتضامن مع المرأة القروية تضمن مجموعة من النصوص القانونية المهتمة بالمرأة والطفل الواردة في مدونة الأسرة ، وكذا عرض مجموعة من الآثار النفسية والصحية والاجتماعية للزواج المبكر أكدتها شهادات صادمة لمجموعة من الأمهات والفتيات القاصرات اللواتي يعانين من ظاهرة الزواج المبكر بجهة تادلة أزيلال.
وفي بداية مداخلته قدم السيد أحمد أوبلا تعريفا موجزا بالجمعية التي يمثلها، والتي تقوم حاليا بجولات تحسيسية بالآثار السلبية لظاهرة الزواج المبكر على صحة الطفل ونفسيته، بالإضافة إلى إنجاز الجمعية فيلما حول الموضوع.
وقد أكد السيد أحمد أوبلا أن موضوع زواج القاصرات استأثر في الآونة الأخيرة باهتمام الصحافة والجمعيات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، كما أكد أن مدونة الأسرة شكلت قفزة نوعية في هذا الموضوع خصوصا وأنها جاءت بصيغة توافقية بعد مخاض عسير تباينت فيه آراء تيارين وطنيين أحدهما محافظ والآخر حداثي، خصوصا وأن موضوع المرأة غالبا ما يثير إشكالات في ميادين شتى، سواء في السياسة أو التعليم أو الدين… ومما ميز مدونة الأسرة الحالية حسب الأستاذ أوبلا أنها لم تعد تقتصر على المذهب المالكي، بل انفتحت على المذهبين الحنفي والشافعي.
إن زواج الفتاة القاصر دون سن 18 يطرح مجموعة من الإشكالات حسب الأستاذ أوبلا، فمن جهة يتم حرمانها من مجموعة من الحقوق، من بينها: عدم التمتع بحق الانتخاب والتعلم والمرافعة… ومن جهة أخرى فإن رفع الزواج إلى أكثر من سن 16 سنة يمكنه أن يتسبب في مجموعة من المشاكل من أهمها التشجيع على الفساد.
كما أشار الأستاذ أوبلا في مداخلته إلى أنه في كثير من الأحيان يتم التلاعب على النص القانوني بمنح الفتاة القاصر شهادة طبية دون القيام بفحص طبي كامل، بالإضافة إلى أن هذا الفحص الطبي في حد ذاته يعتبر تمييزا في حق الفتاة، كما أن إجراء البحث الاجتماعي الذي تنص عليه المادة 20 من مدونة الأسرة غالبا ما يتم التعامل معه بتساهل كبير، وذلك دون مراعاة الظروف الاجتماعية للفتاة القاصر.
وقد ختم الأستاذ أوبلا مداخلته بالتأكيد على الدور الذي يقوم به المجتمع المدني في التحسيس بهذه الظاهرة، وكذا الأهمية التي بات يخلقها هذا الموضوع عند بعض الفرق البرلمانية.
وفي مداخلتها حول الموضوع، قدمت الأستاذة فوزية المامون ممثلة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان تعريفا لمفهوم الزواج كما جاء في مدونة الأسرة، مع التأكيد على أنه ميثاق تراض بين زوجين وليس فيه أي إكراه لأحدهما، كما أن الغاية منه هي بناء أسرة مستقرة تحت رعاية الزوجين معا. كما أكدت الأستاذة فوزية على أن المادة 19 من مدونة الأسرة تنسجم مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، خصوصا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل. إلا أن هذه الحمولة الإيجابية لهذا النص لم تسلم من بعض الاستثناءات خصوصا ما ورد في المادة 20 من إذن للقاضي المكلف بالأسرة بتزويج القاصر وذلك بمقرر معلل، وبهذا يكون المشرع قد انتقل من الكونية الحقوقية إلى الخصوصية الاجتماعية المحلية، كما أنه بهذا التنصيص ينتهك المشرع المغربي اتفاقية حقوق الطفل، التي صدق عليها في 1994، كما ينتهك أيضا البروتكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما أشارت الأستاذة فوزية كذلك إلى بعض الثغرات الواردة في بعض مواد مدونة الأسرة والتي تتيح إمكانية التحايل والتلاعب بها حسب الأهواء والرغبات، وهذا ما يجعل العديد من الأحكام القضائية في هذا المجال لا تلعب دورا إيجابيا نحو تفعيل بنود المدونة في أفق الحد من ظاهرة الزواج المبكر، وهو موقف تحكمه خلفية ثقافية، على اعتبار أن القضاء لا زال رجوليا بامتياز. وأشارت الأستاذة فوزية كذلك إلى ذكر بعض الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تكمن وراء الظاهرة، ومن بينها على الخصوص: عدم ذهاب الفتاة إلى المدرسة، والعادات والتقاليد التي تشجع على الزواج المبكر، وكذا الفقر وهشاشة الأسرة… كما تطرقت الأستاذة في مداخلتها إلى انتشار ما يعرف بزواج الفاتحة في العديد من المناطق الجبلية النائية (الريف والأطلس)، وكذلك ما يسمى بزواج الرهن أو “الكونترة”، وهو زواج منتشر بكثرة في مناطق قلعة السراغنة وبني ملال والفقيه بنصالح. وبينت الأستاذة فوزية في مداخلتها كذلك بعض أهم أضرار وسلبيات الزواج المبكر سواء منها النفسية أو العضوية أو الاجتماعية.
ومن الخلاصات التي توصلت إليها الأستاذة في ماخلتها دعوتها الدولة المغربية إلى حماية القاصرات من الزواج المبكر الذي يمثل مخالفة للدستور المغربي وللمواثيق الدولية التي صادقت عليها، خاصة الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومعاهدة منع الاتجار بالبشر.كما دعت إلى ضرورة العمل على منع هذا الزواج بشكل قانوني باعتباره يمثل خرقا واضحا لحقوق الإنسان، ودعت كذلك إلى ضرورة تعديل المادة 20 من مدونة الأسرة، والعمل على تطبيق الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، واعتبار مصلحة القاصر في متابعة دراستها، وتأهيل مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بزواج القاصرين بما يتلاءم مع المسؤولية المنوطة بها، بالإضافة إلى التنصيص على إمكانية الطعن في مقرر القاضي بالإذن بزواج القاصر، ومضاعفة الجهود التحسيسية بالسلبيات المترتبة عن زواج القاصرات.
أما الأستاذة الزهرة الخمليشي الأستاذة الجامعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل فقد ركزت على الدور الذي تلعبه الحركات النسائية في الدفاع عن حقوق الفتاة القاصر، كما تطرقت بدورها إلى المادتين 20 و21 من مدونة الأسرة الذين يتيحان مجالا واسعا لانتشار زواج القاصرات في المغرب، وهذا ما أكدته العديد من الإحصائيات. ثم قدمت الأستاذة الزهرة الخمليشي مجموعة من التساؤلات التي حيرت مجموعة من الباحثين: لماذا هذا الزواج؟ لمصلحة من؟ هل نحن في مجتمع سوي يسعى إلى تحقيق التقدم والنمو؟ لماذا نحرم الطفلة من مرحلة طفولتها؟
وفي عرضها لأسباب انتشار هذه الظاهرة بالمغرب، رأت أن من أهم أسباب هذا الزواج ارتباطه بمجموعة من العادات والتقاليد المغربية التي تنظر إلى المرأة على أنها ربة بيت قبل كل شيء، وكذا المفهوم الكلاسيكي لشرف العائلة والذي يرتبط بشكل مباشر بشرف الإناث، وخصوصا عندما يتم ربط الشرف بالبكارة، بالإضافة انتشار هذا الزواج في العديد من الأحيان خوفا من العار الذي يمكن أن يلحق الأسرة إذا لم تزوج ابنتها في سن مبكرة، كما أن الفقر والحاجة يلعبان دورا كبيرا في الإسراع بتزويج الفتاة وذلك من أجل التحرر من مسؤوليتها وإعالتها.
ومن الآثار السلبية التي تكون نتيجة حتمية في الكثير من الأحيان لظاهرة زواج القاصرات حسب الأستاذة الزهرة الخمليشي، استغلال الفتاة القاصر بشكل فاحش لافتقارها لمقومات التفاوض، وحرمانها من التربية النفسية الضرورية لجميع الأطفال (حب الأب والأم)، وكذا شعور الفتاة بالعجز نتيجة لعدم تأهيلها للدور الجديد، وهذا ما يؤدي إلى أزمة الثقة في الذات، بالإضافة إلى شعورها بالعزلة والخوف الاجتماعي، وعدم قدرتها على الدخول في علاقات اجتماعية، مما يؤدي إلى معاناتها في صمت. كما أشارت الأستاذة في مداخلتها إلى العديد من الأضرار الجسدية والنفسية الأخرى التي يؤدي إليها هذا الزواج، وهي تتماشى في ذلك مع ما تطرق إليه المتدخلان السابقان.
الأستاذة رجاء الأندلسي المحامية بهيئة تطوان بدورها أشارت إلى أهمية اختيار هذا الموضوع للنقاش خصوصا في ظل تعدد المقاربات التي تناولته. وتساءلت عن مكامن الخلل التي أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة: هل قانون الأسرة هو المسؤول؟ هل الحل مرتبط بتجديد نصوص مدونة الأسرة؟ هل القضاء هو المؤسسة الوحيدة المخول لها تصويب الموضوع؟ هل انتصرت الأعراف والتقاليد على القانون؟ هل تحمل المادة 16 من مدونة الأسرة إمكانية التحايل على القانون؟
وقد بينت الأستاذة رجاء في مداخلتها أن الشرع لم يحدد سن الزواج، وإنما ترك هذا الأمر للإنسان، باعتبار أن الإسلام دين إنساني، وأن النص من الله والفهم من البشر. كما أن الإسلام حدد فترة بلوغ كل من الولد والبنت وذلك بناء على قاعدة “الاحتلام للذكر والحيض للفتاة”، ولكن لا ينبغي استغلال الفهم الخاطئ للدين لتحقيق مجموعة من النزوات والرغبات. إن قبول كل طلبات تزويج القاصرين حسب الأستاذة رجاء الأندلسي يفرغ النص القانوني من محتواه، وهذا ما يجعل زواج القاصرات لم يعد مقبولا إرجاعه للسلطة الوحيدة للقاضي خصوصا وأن عدم قابلية قرار القاضي للطعن يفتح المجال أمام كثرة الأخطاء، وهذا ما جعل العديد من المهتمين يتساءلون: ما جدوى تدخل القاضي ما دام الآباء قابلين ويقومون بكل الحيل للقيام بذلك؟ كما أن الخبرة الطبية التي من المفروض أن يبني عليها القاضي قراره غالبا ما لا يقوم بها ذوي الاختصاص.
إن الإصلاح القانوني كما ورد على لسان الأستاذة رجاء الأندلسي يعد جزءا من الحل، حيث لا يمكن للقانون أن يقوم بدوره كاملا في الحد من ظاهرة زواج القاصرات إذا لم يتعزز بالقاعدة الأخلاقية. كما أن الأزمة ليست أزمة تشريع أو قانون بقدر ما هي أزمة تطبيق وتواصل وفهم، إنها أزمة قيم وأزمة أخلاق. لهذا كان لزاما سد الباب على مصراعيه في وجه كل الراغبين في التحايل على القانون، ولن يتحقق هذا إلا بوجود قضاة متخصصين في مجال قضاء الأسرة، مع ضرورة إجراء تعديل شرعي على المادة 16 من مدونة الأسرة، وإلغاء المادة المتعلقة بزواج القاصر، وكذا تجريم عدم توثيق الزواج، وتوحيد جهود العمل القضائي. وفي انتظار هذا التعديل ينبغي على القضاة التوفيق بين الاستثناء والأصل حتى لا نصبح أمام ظاهرة أمهات في عمر الطفولة.
وفي ختام هذه المداخلات عزز الحاضرون هذه الندوة بمجموعة من الاقتراحات والحلول الناجعة التي بإمكانها الحد من تفاقم ظاهرة زواج القاصرات الذي يؤدي إلى العديد من الآفات الاجتماعية والصحية والاقتصادية.


10372581_737844026237077_2770585587276313824_n
10373477_737847539570059_2520294025818714823_n 12099_737844542903692_8754964619379365423_n 71463_737847306236749_279453247014602803_n 1010379_737842089570604_7662779733160892322_n 1010706_737842539570559_3440850740623449883_n 1491589_737840969570716_2661799879282289104_n 1496612_737845399570273_2625966544927747760_n 1526704_737841212904025_1587060196325960426_n 1622180_737844459570367_3991752488107389138_n 1797441_737841166237363_5892731541731456816_n 1907986_737849016236578_3108336837316702619_n 1972375_737840436237436_4359567405304382793_n 10154571_737847616236718_191738155413232496_n 10171754_737847589570054_6795635650968018367_n 10172578_737843052903841_5517044038075588_n 10172795_737843909570422_2968755394262486904_n 10177980_737842439570569_8892746931197946171_n 10246291_737848389569974_2780959632794254365_n 10246448_737846699570143_7310639126609946371_n 10247319_737842699570543_5479635886320420566_n 10253903_737845792903567_2945649107336819567_n 10256548_737842372903909_117040125999434442_n 10258792_737846252903521_175012310693695283_n 10262013_737847142903432_7105843255204594903_n 10262198_737847406236739_392059536408315746_n 10264828_737845282903618_3565485293392390258_n 10268488_737840549570758_8887009525287403914_n 10268550_737841406237339_8250942542816709202_n 10268593_737846729570140_6636921114341494086_n 10269592_737844962903650_9155079673613728910_n 10270830_737847882903358_6737355616166730115_n 10277096_737845196236960_2085730088150990311_n 10288791_737848206236659_833435247921784256_n 10292140_737841962903950_6336837820104651706_n 10294354_737842172903929_3703757267761142216_n 10294408_737845689570244_2739351062279457877_n 10297602_737844796237000_5192568997534045799_n 10298888_737848592903287_5217894171001266959_n 10299532_737843409570472_6245561266702479671_n 10301198_737841066237373_3253029338140349623_n 10303441_737841276237352_7844031690978432578_n 10308721_737843276237152_3098865500221503422_n 10308730_737845569570256_1625949357858561631_n 10312465_737848769569936_8599628889329489922_n 10313446_737841806237299_7177552413748196753_n 10314720_737841569570656_7830385667069970771_n 10320460_737848559569957_448565492108440215_n 10329120_737843322903814_1261949944313720981_n 10330505_737849412903205_5190493177672098402_n 10336774_737843626237117_3797029050799567917_n 10336786_737840822904064_1671939009533494782_n 10338879_737847689570044_5876826648066128941_n 10339645_737845122903634_5691359683908814828_n 10341447_737842636237216_4842169976169348190_n 10341458_737846202903526_5487738510977477143_n 10343688_737847069570106_6821085034415470602_n 10362377_737844446237035_3940452310126470331_n 10363479_737842299570583_7473090359238369810_n 10363527_737840666237413_60082404675506269_n 10363703_737845469570266_3977152971831327053_n 10363734_737840746237405_8059079650030245380_n 10365789_737841739570639_6595017159569369664_n 10366149_737847772903369_2419428148835036960_n 10367589_737848116236668_7551940507079751883_n 10367746_737847166236763_3790355944379838884_n 10371642_737841706237309_1995295119373905303_n 10371947_737842836237196_3466119078099593348_n 10372058_737843549570458_8930225415384343341_n 
عن موقع : chamalcity.com






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم