الجمعة، 30 مايو 2014

مستجدات مدونة الأســــــرة دراسة لبعض الحالات الخاصة - ذ. عبد السلام زوير








ذ. عبد السلام زوير
رئيس قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية ببولمان


تقديـــــــــــم :
إن المقتضيات المنظمة للأسرة تكتسي طابعا متميزا، ليس فقط من جانب أهمية الموضوع الذي تتناوله وتنظمه، ولكن كذلك لطبيعة تلك المقتضيات، التي لها ارتباطا وثيقا بالدين، فالعديد من أحكامها ورد النص عليه بتدقيق وتفصيل في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة، منها ما هو مقطوع به رواية وتأويلا، وهنا ما هو مختلف فيه إضافة إلى التأثير القوي للعادات والتقاليد – التي قد تكون مخالفة في بعض الأحيان للمقتضيات الشرعية- تأثيرها الكبير على مؤسسة الأسرة- الأمر الذي يفتح المجال أمام ضرورة الإجتهاد و تعيين المقتضيات وفق التطور الحاصل في المجتمع وكذا في العالم، في مراعاة للمواثيق والمعاهدات الدولية التي تمت المصادقة عليها. هذا وتجدر الإشارة إلى أن المقتضيات المنظمة للأسرة هي الوحيدة التي تتبع المواطن حيثما حل وارتحل ( مع العلم أن المدونة الجديدة وسعت من هذا النطاق وأصبحت تطرح مشكل كيفية تحديد المقتضيات التي تدخل في مفهوم الأحوال الشخصية من غيرها وكذا مدى إمكانية التمييز بين مقتضيات الشكل التي لا يمكن أن تتعدى حدود الوطن وتلك المتعلقة بالموضوع) شريطة عدم مخالفتها للنظام العام للبلد المضيف الذي أصبح محل مناقشة هوالآخـــر.
ولعل أهم ما يثير الإنتباه في مدونة الأسرة، هو أن هذا القانون يتم عرضه على البرلمان لأول مرة، وذلك بعدما تم إعداده من طرف لجنة خاصة وعرضه من طرف جلالة الملك.
وسنتطرق في هذه المداخلة لأهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة انطلاقا من موضوع الزواج، مرورا بالنفقة، الحضانة والطـــلاق، ثم النيابة القانونية والوصية الواجبة.

أولا : باب الـــــــزواج
* من المستجدات في هذا الموضوع :
1 – النص على أن الخطبة هي تواعد رجل وامرأة على الزواج  [1]، أي أنها اتفاق ملزم للجانبين، يشترط توفر القبول من الطرفين مع إمكانية صدور الإيجاب، أي التعبير والمبادرة إلى الخطبة – من كلا الطرفين سواء كان الذكر أو الأنثى –
هذا وقد تمت الإشارة – في المادة 5 – إلى أن الخطبة تتحقق بأي وسيلة تفيد التوافق على الزواج، ومن ضمنها قراءة الفاتحة وتبادل الهدايا. مع العلم أنه يمكن لكل منهما العدول عن الخطبة، إلا أنه إذا صدر منه فعل سبب ضررا للطرف الآخر، أمكن لهذا الأخير (المتضرر) مطالبته بالتعويض وهنا تطبق قواعد ق. ل. ع في الضرر والتعويض بالإضافة إلى حقه في المطالبة باسترداد ما قدمه من هدايا، ما لم يكن هو الذي عدل عن الخطبة [2] .
وتجب الإشارة إلى أن القضاء المغربي سبق وأن طبق هذه المقتضيات حيث صرحت محكمة الإستئناف بمكناس في قرارها الصادر بتاريخ : 07/10/[3]1980 بأن "للخاطب الحق في استرجاع هديته بعدما تبيـــن له أن ما قامت به المخطوبة هو عمل مشوب  بسوء نية لكونها عمدت إلى الزواج من رجل آخر، الشيء الذي يستخلص منه أن العدول كان من جانبها وليس من جانبه..."
وبالتالي فإنه بعد ثبوت توصل أحد الطرفين بالهدايا، فإنه يكون هو الملزم بإثبات أن العدول عن الخطبة إنما صدر من الطرف الآخر[4].
وإذا كان المشرع قد تناول موضوع الصداق في حالة موت أحد الطرفين خلال الخطبة و ألزم رد المدفوع منه بعينه إن كان لا زال موجودا، وإلا فمثله أو قيمته يوم تسلمه، فإنه –  المشرع – لم يتعرض لموضوع الهدايا في حالة وفاة أحد الطرفين، ولذلك نرى عدم إلزام الطرف الآخر برد الهدايا في حالة الوفاة، على اعتبار أن ذلك إنما قرر بالنسبة للصداق الذي لا يكون مستحقا إلا بالزواج، والذي لم يتم بعد بين الطرفين ما دام أنهما لا زالا في مرحلة الخطبة، وذلك على خلاف الهدايا، كما أن الوفاة لا يد للطرفين فيها.
2 - رفع سن الزواج إلى 18 سنة بالنسبة للإناث، فأصبح السن موحدا بالنسبة للطرفين الذكور والإناث، وهو نفسه سن الرشد القانوني.
* لكن السؤال يطرح هنا بالنسبة للذين لا يتوفرون على بياني اليوم والشهر في رسوم ولادتهم؟ هنا يبدو وجود احتمالين اثنين إما اعتبار تاريخ الولادة هوفاتح يناير، مما يسمح بتوسيع شريحة الذين يحق لهم إبرام عقد الزواج دون حاجة إلى إذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج، و إما اعتبار تاريخ الولادة هو 31 دجنبر مع ما سيترتب عن ذلك من آثار. ونعتقد أنه من باب التيسير وسد الذرائع، واعتبارا إلى أن "من أثبت البلوغ أولى ممن نفاه"[5].
وبالنظر لكون المشرع قد رفع سن الزواج للأنثى من 15 إلى 18 سنة وأن هذه الحالة – عدم تحديد بياني اليوم والشهر في رسوم الولادة- لن تدوم طويلا، ما دام أن المشرع ألزم ضباط الحالة المدنية بالإشارة لبياني اليوم والشهر عند تسجيل أية ولادة، بمقتضى القانون رقم 37/99 المتعلق بالحالة المدنية، بناء على كل ما ذكر نعتقد أنه يتعين اعتماد تاريخ فاتح يناير وذلك في احتساب مدى توفر المعني بالأمر على السن القانوني للزواج [6].
* بالإضافة إلى ما سبق يطرح تساؤل ثان في هذا الموضوع ويتمثل في الحالة التي تكون فيها سيدة متزوجة قبل سن الزواج – سواء لأنها تزوجت في ظل نظام مدونة الأحوال الشخصية الذي كان يحدد سن الزواج في 15 سنة بالنسبة للفتاة، أو لأنها كانت قد حصلت على إذن بزواج من لم يبلغ السن عند إبرامها لعقد الزواج – إلا أنها طلقت وترغب مجددا في الزواج وهي لم تبلغ بعد سن الزواج. فهل تحتاج إلى إذن جديد في مثل هذه الحالة؟ هنا يتعين التمييز بين ثلاث حالات :
§   الحالةالأولى : إذا كانت مطلقة طلاقا رجعيا أي أنها طلقت بعد البناء وكانت ستتزوج نفس الشخص الذي طلقها أثناء العدة، فإنها لا تحتاج إلى إذن ما دام أن الرجعة لا تستلزم إلا إشهاد الزوج بذلك لدى عدلين، دون حاجة لباقي شروط عقد الزواج الأخرى (المادة 124) أما إذا انصرم أجل العدة ورغبت المطلقة في الزواج، فإن الحرص على استمرار العلاقة الزوجية واستقرار الأسرة يستوجب تطبيق نفس الحكم أعلاه. وبالتالي إعفاؤها من الحصول على إذن جديد لسبقية حصولها على إذن بالزواج منه عند إبرام العقد الأول.
§ الحالة الثانية : لكن إذا كانت المطلقة رجعيا ترغب في الزواج من شخص آخر، فإن حرفية النص (المادتين 19 و 20) وضرورة موافقة النائب الشرعي – مبدئيا-
واعتبار كون الإذن الأول الذي منحه قاضي الأسرة المكلف بالزواج  استند فيه إلى موافقة الوالدين والإنسجام والتوافق الحاصل بين الطرفين (المعنية بالأمر وخاطبها آنذاك) وكذا توفر الخاطب على الكفاءة اللازمة في الزواج. كل ذلك يبرر اشتراط وجوب حصولها على إذن جديد  من قاضي الأسرة المكلف بالزواج، إلا أنه يتعين مراعاة هذه الظروف، وتبسيط الإجراءات أكثر في هذه الحالة (ما دام أن قدرتها على الزواج أضحت من باب تحصيل حاصل).
§   الحالة الثالثة : المطلقة قبل البناء ، في هذه الحالة إذا كانت ترغب في الزواج من نفس الشخص، فإننا لا نرى ضرورة حصولها على إذن جديد في الموضوع اعتبارا لنفس الأحكام والمفصلة في الحالة الأولى أعلاه.
§   أما إذا كانت المطلقة قبل البناء ترغب في الزواج من شخص آخر غير مطلقها، فلا بد لها من الحصول على إذن بالزواج من قاضي الأسرة المكلف بالزواج، وفقا للمسطرة العادية المنصوص عليها في المادتين 20 و 21 من مدونة الأســرة.
هذا وتجدر الإشارة، في هذا الإطار، إلى أن مقرر قاضي الأسرة المكلف بالزواج والقاضي بالإستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن، وهذا الموقف يهدف إلى تبسيط الإجراءات والتيسير على الناس، كما أن الطعن يستوجب مدة – قد تطول- للبت فيه من طرف محكمة قد تكون موجودة بمنطقة بعيدة على الطرفين ويتعذر عليهما الإنتقال إليها- بالنظر لعدة اعتبارات أهمها الجانب المادي – مما كان من شأنه إفراغ الإذن من كل محتوى.
3 –إمكانية النزول عن هذا السن بناء على إذن خاص صادر من قاضي الأسرة المكلف بالزواج، بعد موافقة والدي المعني (ة) بالأمر (أو عند الضرورة  بدون ذلك وبعد الإستماع إليهم)، وذلك بعد إجراء بحث اجتماعي أو الإستعانة بخبرة طبية.
4 – فتح ملف للزواج بالمحكمة، يحتفظ فيه بجميع الوثائق اللازمة للزواج، للرجوع إليها عند الحاجة، وتسليم المعني بالأمر لإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج بتوثيق عقد الزواج أمام العدلين.
والملاحظ أن المشرع نص في المادة 65 من المدونة على أنه : " يؤشر قاضي الأسرة المكلف بالزواج قبل الإذن على ملف المستندات المشار إليه أعلاه، ويحفظ برقمه الترتيبي في كتابة الضبط..." ويبدو أن هذا الإجراء – التأشير على الملف – يمكن الإستغناء عنه، مادام أن القاضي لا يمنح الإذن بتوثيق عقد الزواج لدى العدلين، إلا بعد الإطلاع على مختلف وثائق الملف والتأكد من توفر الشروط المطلوبة قانونا، كما أنه سيحتفظ بالملف على الوثائق المدلى بها وكذلك نسخة من الإذن المسلم للمعني بالأمر، وهو موقع عليها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج. وعموما حتى إذا أردنا التمسك بحرفية النص القانوني، فإنه يمكن الإكتفاء بتوقيع القاضي على واجهة ملف مستندات الزواج.
5 – إمكانية اتفاق الزوجين على طريقة خاصة لتنظيم مواردهم المالية و ممتلكاتهم المتحصلة خلال فترة الزواج بمقتضى عقد خاص يتضمن اتفاقهما، ويمكن الرجوع إليه عند وجود أية منازعـــة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا العقد يجب تحريره – عند اتفاق الطرفين – بشكل مستقل عن عقد الزواج، كما أن العقد المذكور لا يمس بالمبدأ العام الذي أخذ به المشرع والمتمثل في استقلال الذمة المالية لكل واحد من الزوجين [7].
6 - الولايــــــة :
" الولاية حق للمرأة تمارسه الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها" المادة 24.
" للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها" المادة 25.
وهذا توسيع للاتجاه الذي تم الأخذ به عند تعديل مدونة الأحوال الشخصية في سنة 1993.،
والذي كان قد سمح للراشدة التي لا أب لها أن تعقد زواجها بنفسها أو تفوض في ذلك... والولاية قسمين : ولاية إجبار وولاية اختيار أو ولاية الشركة، ففي الأولى يستبد الولي بإنشاء عقد الزواج على المولى عليها، وأما الولاية الثانية فتثبت على البالغة العاقلة، لأن جمهور الفقهاء يرون أنه ليس لها أن تنفرد بإنشاء عقد زواجها، بل يشاركها وليها في اختيار الزوج، ولذلك تسمى ولاية الإختيار أو الشركة، ويسميها الإمام أبي حنيفة بولاية الإستحباب، وجعلها حقا للمرأة الرشيدة العاقلة دون غيرها ليخلص إلى أنه " إذا عقدت المرأة نكاحها بغير ولي وكان كفؤا جاز"[8]، لأن اشتراط الولاية سنة لا فرض" [9]، انطلاقا من قوله تعالى : " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف" (سورة البقرة ، الآية 939) [10].
7 – التعــــدد :
يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها (المادة 40).
-         وبالتالي لا بد من تقديم طلب الإذن بالتعدد للمحكمة.
-    ولابد لقبول طلب الإذن بالتعدد من إثبات المبرر الموضوعي الإستثنائي  لذلك، وتوفر المعني بالأمر على الموارد الكافية لإعالة الأسرتين.
-    وتبت المحكمة في الطلب بغرفة المشورة بحضور الطرفين، مع محاولة الإصلاح والتوفيق بينهما (بعد استدعاء الزوجة).
-         في حالة رفض الزوجة وإصرار الزوج على التعدد، هناك حالتان :
·   إذا طلبت الزوجة  التطليق: تحدد المحكمة مبلغا لاستيفاء كافة حقوق الزوجة وأولادهما الملزم الإنفاق عليهم، ويتعين على الزوج إيداع هذا المبلغ داخل أجل لا يتعدى سبعة أيام، فتصدر المحكمة حكما بالتطليـــق.
·        أما إذا لم تطلب الزوجة التطليق ولكنها ترفض التعدد، فإنه يتعين تطبيق مسطرة الشقاق (المادة 45 والمواد 94 إلى 97).
-    وفي حالة الإذن بالتعدد لا يتم العقد إلا بعد إشعار المراد التزوج بها بأن المعني بالأمر متزوج بغيرها، ورضاها بذلك وذلك من طرف القاضي، مع تضمين الّّإشعار ورضاها في محضر رسمــي (المادة 46 من المدونة)، إلا أن السؤال الذي يطرح هنا هو كيفية أو طريقة إشعار المراد الزواج منها بأن خاطبها متزوج من غيرها؟ فهل يتعين استدعاؤها من طرف القاضي؟ أم يكتفى بتكليف طالب التعدد بإحضارها؟ ومن هو القاضي المختص بذلك؟ هل الذي منح الإذن بالتعدد أم ذلك الذي يوجد بدائرة محكمته محل إقامة المراد التزوج بها؟ نعتقد أنه يمكن أن يتم إشعار الزوجة من طرف المحكمة خلال البث في طلب التعدد وتسجل ذلك في محضر الجلسة – خاصة إذا كان هناك اتفاق بين الزوجة الأولى والمراد التزوج بها وحضرا معا لجلسة المحكمة. وهذا فيه تيسير للعمل وتبسيط للإجراءات وربما يساهم في تعرف كل من الزوجة الأولى والمراد التزوج بها إحداهما على الأخرى، أما إذا لم تحضر هذه الأخيرة بجلسة المحكمة، فإنه يتعين أن يتم إشعارها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج في محضر رسمي يشير فيه – بعد التأكد من هوية المعني بالأمر –
إلى إشعارها بأن خاطبها متزوج من غيرها وموافقتها الصريحة على ذلك، ونرى ضرورة توقيع المحضر من طرف المعنية بالأمر وكاتب الضبط  والقاضي. ولكن أين يحتفظ بهذا المحضر؟ يبدو أنه يتعين الإحتفاظ بهذا المحضر ضمن ملف مستندات الزواج، ولهذا فإن الإختصاص بإشعار المراد التزوج بها – وفق ما سبق– يكون منعقدا لقاضي الأسرة المكلف بالزواج بالمحكمة التي يرغب الطرفان في إبرام وتوثيق عقد الزواج لدى عدلين بدائرتها.
-         وفي ختام هذه النقطة، يمكن طرح التساؤل التالي :
هل يمكن لمن حصل على إذن بالتعدد ثم قام بطلاق زوجته الأولى أوالثانية، أن يعقد الزواج مع امرأة أخرى استنادا على نفس الإذن بالتعدد الممنوح له – سابقا– عند زواجه بالثانية (التي طلقها)؟ على اعتبار أن حصوله على ذلك الإذن يعني توفره على شروط التعدد، ولأن الإذن لا يرتبط باسم المراد التزوج بها؟ لا نرى مجالا للعمل وفق هذا الإتجاه، ونعتقد بضرورة حصول هذا الشخص على إذن جديد بالتعدد، للتأكد من توفر شروط التعدد، لأنه قد تكون موافقة الزوجة الأولى على التعدد كانت بناء على شخصية المراد التزوج بها (والتي طلقت فيما بعد)، وربما هي الآن لا توافــق له على التعدد والزواج من المرأة الجديدة، ثم إنه – كذلك – مع المدة قد تتخلف تلك الشروط التي سمحت بالإذن له – في المرة الأولى – بالتعدد، كالكفاءة المادية (مثل حالة عزل موظف أو ظهور ديون كثيرة على المعني بالأمر وانخفاض مداخيله، أو افلاسه... إلخ).
8 – تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع الزوج (أو الزوجة) :المطرود من بيت الزوجية دون مبرر، إلى بيت الزوجية حالا، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته (المادة 53).
هذا وينبغي التذكير، بأن المشرع، نص على أن النيابة العامة تعتبر طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام المدونة [11] (المادة 3) وبالتالي يطرح التساؤل حول ما إذا كان يتعين حضورها في جميع الجلسات – عند البت في الطلبات المقدمة لتطبيق مقتضيات المدونة – أم أنه يمكن الإكتفاء بمستنتجاتها الكتابية؟  وهل يمكنها أن تتقدم  بأي طلب في إطار المدونة ولو دون موافقة الزوجين أو أحدهما؟ ثم هل يحق لها سلوك طرق الطعن ضد جميع الأحكام الصادرة في موضوع المدونــة؟
إن نص المادة 3 المذكورة ، جاء بشكل مقتضب و لا يعطي أي جواب عن هذه الأسئلة، مما يستوجب الرجوع إلى مقتضيات قانون التنظيم القضائي وكذا الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 03-72 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5184 في : 05/02/2004، والذي ينص على أنه " – يجب أن تبلغ إلى النيابة العامة الدعاوى الآتية :
1-    ………………………………………..
2-    القضايا المتعلقة بالأسرة .............................."
9– إثبــــــات الزواج :  إن الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج هي وثيقة عقد الزواج (المادة 16) مع استثناء لفترة لا تتجاوز خمس سنوات، يمكن خلالها ولأسباب قاهرة سماع دعوى الزوجية مع اعتماد سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة. وهذا بالطبع بمقتضى دعوى تبث فيها محكمة الموضــــوع.
وهنا يطرح السؤال حول ما إذا كانت المحكمة ستعطي إذن بإقامة بينة بثبوت الزوجية أمام العدول، أم أنها ستصدر حكما يقضي بثبوت الزوجية بين الطرفين؟ نعتقد أنه ما دام أن الأمر أصبح معروضا على المحكمة ومن اختصاصها، واعتبارا لكون الإستماع إلى الشهود يجب أن يتم من طرف القاضي  وبعد أداء اليمين القانونية، كما أن المحكمة قد تستند في قضائها على شهادة الشهود، وبالتالي لا معنى لإعادة الإستماع إليهم من طرف العدول بعد ذلك ودون أداء اليمين، مما يعني أن المحكمة ستصدر حكمها إما بثبوت الزوجية بين الطرفين أو بعدم ثبوت ذلك.
لكن هل يتعين أن تستمع المحكمة إلى اثنى عشر شاهدا، أم أنها تستمع للشهود ولو كان عددهم يقل عن ذلك بكثير؟ يجد هذا السؤال سنده في أن الأصل في الشهادة أن تتم من طرف شاهدين عدلين، وجرى العمل لدى فقهاء المغرب بقبول شهادة اللفيف (والذي يتكون غالبا من اثنى عشر شاهدا) عند تعذر وجود شاهدين عدلين.

يبدو، أنه ما دام المشرع قد سمح للمحكمة باعتماد سائر وسائل الإثبات – ومن ضمنها بالطبع شهادة الشهود – فإن شرط العدد – أي إثنى عشر- لم يبق له محل وليس له سند، ما دام أن المشرع لم يشترطه، وما دام أنه يمكن حتى اثبات الزوجية بوسائل أخرى، وعدم الإلتجاء إلى شهادة الشهود أصلا.
- ونشير هنا إلى أن المشرع سمح كذلك باللجوء إلى الخبرة، واعتمادها لإثبات الزوجية، مع العلم أن الخبرة هي من إجراءات التحقيق في الدعوى، وليست من وسائل الإثبات . لكن كيف يمكن إثبات الزوجية بواسطة الخبرة، خاصة إذا لم يكن هناك حمل أو أبناء، لم تكن هناك وسيلة إثبات أو حتى قرائن تعززها؟
وفي الأخير فإنه يمكن إجمال شروط قبول سماع دعوى الزوجية في الآتي :
-    وجود أسباب قاهرة حالت دون توثيق عقد الزواج في وقته من طرف عدلين، مع إثبات هذه الظروف، و إن كانت نادرة في الوقت الحالي[12].
-    أن تكون الزوجية قد تمت بين الطرفين خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات ابتداء من تاريخ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ وهو 05 فبراير ‏2004‏‏

لكن هل يشترط توفر سن الزواج لكل من الطرفين عند إبرام الزواج؟ وما العمل إذا لم يكن أحدهما أو كلاهما متوفرا على سن الزواج آنذاك؟ أو كان الزوج متزوج بأخرى؟ ولم يكونا متوفرين على إذن بالزواج لمن لم يبلغ سن الزواج في الحالة الأولى، ولم يكن الزوج يتوفر على إذن بالتعدد في الحالة الثانية؟ّ وكذلك الشأن في حالة الزواج المختلط؟
يبدو أنه احتراما لمقتضيات نصوص المدونة، وخاصة المواد : 19، 20، 21، 41، و 65 وتفاديا لاستعمال هذه الطريقة لغرض الأمر الواقع والتملص من الحصول على الوثائق والأذون اللازمة، ولربما حتى في حالة رفض الجهات المختصة تسليم هذه الوثائق أو الأذون. وبالتالي – ومعاملة لهؤلاء بنقيض القصد – يتعين استلزام حصولهم على هذه الأذون والوثائق حتى في هذه الحالة، كالإذن بزواج من لم يبلغ السن القانوني والإذن بالتعدد عند توفر شروطه، وكذا شهادة الكفاءة في الزواج، ويشار فيها إلى أنها سلمت لإقامة ثبوت الزوجية مع الطرف الآخر. مع ضرورة إرفاق هذه الوثائق مع المقال المقدم إلى المحكمة لإثبات الزوجية.
-ويطرح التساؤل هنا حول مدى امكانية اقامة ثبوت الزوجية بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج،خاصة اذا كان الزواج تم بدول الاقامة و نتج عنه وجود ابناء،وما هي المحكمة المختصة للبت في الطلب ؟ 
10 – الوكالة في الزواج :
- اعتبارا لأهمية عقد الزواج والآثار والإلتزامات التي تترتب عنه، فإن المشرع نص صراحة أنه يتم عقد الزواج بحضور أطرافه، إلا أنه يمكن التوكيل على إبرامه بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يؤشر على الوكالة وذلك عند وجود ظروف خاصة تبرر ذلك، وتحرير الوكالة في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها، وأن يكون الوكيل راشدا ومتمتعا بكامل أهليته المدنية مع تضمين الوكالة الهوية الكاملة للزوج الآخر ومواصفاته، وكل المعلومات التي يراها ضرورية وكذا قدر الصداق والشروط التي يريد إدراجها في العقد، وتلك التي يقبلها من الطرف الآخر.
والملاحظ أن المشرع تحدث عن إذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج ثم نص في آخــــــر المادة 17 على أن القاضي يؤشر على الوكالة بعد التأكد من توفرهـــا على الشروط المطلوبـــــة. فهل يكتفي بالتأشير أم لا بد من إصدار إذن في الموضوع ؟
بالنسبة لهذه النقطة، فإننا نرى ضرورة فتح ملفات في الموضوع بكتابة ضبط قاضي الأسرة المكلف بالزواج، يحتفظ فيها بصورة لرسم الوكالة المذكور (وكذا مختلف الوثائق التي يراها ضرورية للتأكد من توفر الشروط المطلوبة أعلاه) بالإضافة إلى جميع الوثائق المطلوبة لإبرام عقد الزواج المنصوص عليها في المادة 65 ويجمع الكل في ملف واحد المتعلق بعقد الزواج والذي يضمن في السجل الخاص بالزواج المفتوح بكتابة الضبط، ويؤشر القاضي على عقد الوكالة المدلى به – عند توفر الشروط المذكورة – وذلك بوضع توقيعه وطابع المحكمة عليها بالإضافة إلى التاريخ، ثم يسلم بعد ذلك الإذن للمعني بالأمر بتوثيق عقد الزواج المنصوص عليه في المادة 65. وذلك تفاديا للإكثار من عدد الأذون، وتبسيط الإجراءات، ولأن غاية المشرع هي فقط التأكد من توفر شروط قبول الوكالة في الزواج، وهذا يتحقق من خلال دراسة الملف من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج، والذي يؤشر عليها ثم يعطي الإذن بتوثيق عقد الزواج.
وينبغي التذكير هنا بأن القوانين الداخلية لبعض الدول تستوجب حضور الطرفين معا عند إبرام عقد الزواج، وتمنع الوكالة في الزواج، كما هو الحال في القانون الإسباني. ولذلك لا يتردد قضاء هذه الدول في التصريح ببطلان عقود الزواج  التي تعرض عليه إذا كانت قد ابرمت بمقتضى الوكالة. وفي هذا الإطار، هل يحق لقاضي الأسرة المكلف بالزواج الإمتناع عن التأشير على عقد الوكالة الذي يستجمع الشروط المنصوص عليها في المادة 17 أعلاه، بعلة أن أحد طرفي العقد ينتمي لبلــد (أو يحمل جنسية بلد) يمنع قانونه إبرام عقد الزواج بواسطة وكيل، أو لأن الطرفين معا مغربيين، ولكن يرغبان في الإدلاء بعقد الزواج لدى سلطات إحدى هذه الدول أو يقيمان بهذه الدولة؟
نعتقد أن نص المادة 17 من المدونة، لا يسعف بمثل هذا القول، لأن المشرع لم يشترط ذلك في قبول الوكالة في الزواج، إلا أنه، وتفاديا للآثار الخطيرة التي قد تترتب في مثل هذه الحالات وربما ضياع حقوق الناس والمس باستقرارهم، فإنه يتعين على قاضي الأسرة المكلف بالزواج إشعار المعنيين بالأمر في مثل هذه الحالات، بهذه المعطيات حتى يكونوا على بينة من الأمر، وإذا تمسكوا بإبرام عقد الزواج بمقتضى الوكالة المذكورة، فإنه يؤشر عليها رغم ذلك احتراما لإرادة الأطراف والمشرع كذلــــك.
مع التذكير بأن المشرع المغربي، ولأول مرة، نص على مقتضيات خاصة بالمغاربة المقيمين بالخارج، وسمح لهم بإبرام عقود زواجهم وفقا للإجراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم، عند توفر شروطه المنصوص عليها في المدونة – دون ضرورة توثيقه من طرف عدلين – ولكن مع حضور شاهدين مسلمين وإيداع نسخة من عقد الزواج المذكور لدى المصالح القنصلية المغربية  وعند عدم وجودها للوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية خلال أجل ثلاثة أشهر من إبرامه.
وذلك وفقا لمقتضيات المادتين 14 و 15 من المدونة، إلا أنه لم يتم التعرض في المادة المذكورة إلى الآثار التي تترتب عن عدم احترام هذه المقتضيات، وخاصة عدم إرسال نسخة من عقد الزواج إلى الجهات المحددة في هذه المادة – عدم إرسالها -  بالمرة، أو إرسالها بعد انصرام أزيد من ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج؟ نعتقد أنه أمام عدم النص صراحة على أثر لذلك، وبالنظر لسماح المشرع بإبرام عقد الزواج وفق الإجراءات الإدارية المحلية لبلد الإقامة، وباعتبار أن الأصل هو الإباحة، وبالتالي فإن عدم إرسال النسخة إلى الجهات المذكورة أو إرسالها بعد فوات الأجل المحدد، لا يترتب عنه أي أثر، ولا ينقص من القوة الثبوتية للعقد المبرم بين الطرفين، اللهم ضرورة تذييله بالصيغة التنفيذية أو المصادقة على إمضاءات الموقعين عليه وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الإتفاقيات الدولية أو الثنائية حتى يمكن الإحتجاج  به لدى المصالح الإدارية والقضائية بالمغرب.
11- نص المشرع في المادة 68 من المدونة على ضرورة توجيه ملخص عقد الزواج إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ الخطاب عليه [13] و ذلك على خلاف ما نص عليه في المادة ...... من القانون 37/99 المتعلق بالحالة المدنية، التي تستوجب توجيه نسخة أو نظير عقد الزواج أو الطلاق ... إلى ضابط الحالة المدنية . والإختلاف واضح بين النظير والملخص. ونرى أنه يتعين العمل وفق مقتضيـات المــــادة 68 من المدونــــــة،
أو توجيه الملخص إلى ضابط الحالة المدنية وليس نظير من العقد، وذلك على اعتبار أن مدونة الأسرة صدرت بعد تاريخ صدور القانون المتعلق بالحالة المدنية، مما تعتبر معه مقتضياتها قد نسخت المقتضيات المنظمة لنفس الموضوع في القانون السابق، عملا بمبادئ قانون الإلتزامات والعقود في الإلغاء الضمني المنصوص عليه في الفصل 473 من قانون الإلتزامات والعقود. ونشير في الأخير إلى أنه يتعين أن يتضمن الملخص جميع البيانات المتعلقة بالزوجين؟؟ وذلك حتى يتمكن ضابط الحالة المدنية من تضمينها في السجلات التي أعدتها لهم وزارة الداخلية في الموضوع.
12- ما يجب أن يتضمنه عقد الزواج :
تعرض المشرع في المادة 67 من مدونة الأسرة للبيانات التي يجب أن يتم تضمينها بعقد الزواج، ولعل من أهمها : ضرورة الإشارة إلى الوضعية القانونية لمن سبق زواجه من الزوجين، وهي تكرار لما ورد ذكره في الفقرة الأخيرة من المادة 65 من المدونة[14] والتي كانت أكثر تفصيلا، بحيث أوجبت إرفاق التصريح الصادر عن أي من الخطيبين، بما يثبت الوضعية القانونية إزاء العقد المزمع إبرامه، وهذا من شأنه الحد من الكثير من التجاوزات التي كانت تحدث في هذا الموضــوع.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه، قد يدلي الخاطب، برسم زواجه السابق وبشهادة وفاة زوجته لإثبات أنه أرمل. (كما هو ثابت كذلك بالشهادة الإدارية للخاطب). فهنا يجب الإنتباه إلى رسم الزواج – أي المدلى به – إذا كان قد أشير به إلى أن هذا الشخص متزوج، فهذا معناه أنه كان في حالـــــــة (أو وضعية التعدد (خاصة بالنسبة لعقود الزواج المبرمة قبل اشتراط المشرع للإذن في حالة التعدد، أي قبل صدور ظهير 10/09/1993).
وبالتالي يتعين عليه إثبات انتهاء علاقته بالزوجة الأولى عن طريق الإدلاء برسم طلاقها منه أو رسم زواجه بها و شهادة وفاتها (إذا كانت متوفية) أو إذن بالتعدد إذا كانت لا زالت في عصمته...

ثانيا : الشــــقاق
* إذا وجد أحد من الزوجين أنه يتعذر عليهما حل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق، فإنه يحق له أن يتقدم بطلب للمحكمة التي تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين، وتجري المناقشات بغرفة المشورة وبحضور الطرفين، مع استعانة المحكمة بمن ترى فائدة في الإستماع إليه، كما لها اتخاذ جميع الإجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو أي شخص تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، مع ضرورة إجراء محاولتين للصلح من طرف المحكمة تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما في حالة وجود أطفال (المادتين 94 و 82).
وللإشارة فهذه الإمكانية – تقديم دعوى أو طلب للمحكمة لحل نزاع يخاف منه الشقاق – هي من أهم مستجدات المدونة: وتجد سندها في قوله تعالـــــى : "" و إن خفتم شقاق بينهما، فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، إن يريدا إصلاحـــا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا"" (سورة النساء الآية : 35).
* وفي حالة تعذر الإصلاح واستمرار الشقاق، فإن المحكمة تثبت ذلك في محضر وتحكم بالتطليق وبالمستحقات، مراعية مسؤولية كل واحد منهما عن الفراق في تقدير ما يمكن أن تحكم به على المسؤول لفائدة الزوج الآخر، مع ضرورة البث في دعوى الشقاق في أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب (المادة 97).


ثالثا : حقوق الأطفــــال
* تم التنصيص في المدونة على حقوق أساسية للأطفال على أبويهم في المادة 54، وذلك سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية بين الوالدين أو حتى حين وفاة أحدهما أو كلاهما وكذا في حالة انتهاء العلاقة بينهما لأي سبب كان، مع التنصيص على ضرورة توفير رعاية خاصة للأطفال المصابين بإعاقة وتكليف النيابة العامة – بما لها من سلطات وإمكانيات – بالسهر على مراقبة تنفيذ هذه الأحكام.
* كما تم التأكيد على أن البنوة بالنسبة للأم والأب تعتبر شرعية إلى أن يثبت العكس (المادة 143)، كما أن النسب يثبت بالظن ولا ينتفي إلا بحكم قضائي (المادة 151)، ثم إنه إذا نتج عن الإتصال بشبهة حمل  وولدت المرأة ما بين أقل مدة الحمل وأكثرها، ثبت نسب الولد من المتصل، ويثبت النسب الناتج عن الشبهة بجميع الوسائل المقررة شرعا (المادة 155)، كما أنه إذا ظهر حمل بالمخطوبة وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج، فإنه يتسبب للخاطب للشبهة إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في المادة 156 وهي :
1.     إشتهار الخطبة بين أسرتي الطرفين ووافق ولي الزوجة عليها عند الإقتضاء،
2.     أن يكون الحمل قد تم خلال الخطبة،
3.  إقرار الخطيبين أن الحمل منهما – وفي حالة إنكار الخاطب لذلك – امكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب ويتم ذلك بمقتضى مقرر قضائي غير قابــــل للطعــــن [15] .


رابعـــــــا : الحضـــــانة
* الحضانة تقتضي حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه، وهي من واجبات الأبوين ما دامت علاقة الزوجية قائمة (المادتين 163 و 164).
* ولعل أهم جديد جاء في المدونة، هو أنه أصبح من حق المحكمة اختيار من تراه صالحا للحضانة سواء من أقارب المحضون أو غيرهم وإلا اختارت إحدى المؤسسات المؤهلة لذلك.
* هذا وقد تم النص صراحة في المدونة – المادة 166 – على أن الحضانة تستمر إلى حين بلوغ سن الرشد القانوني للذكر و الأنثى على حد سواء، مما سيضع حدا للكثير من النقاش والإختلاف الذي كان حاصلا حول الموضوع.
* كما تم رفع السن التي يحق فيها للمحضون اختيار من يحضنه ( ولكن فقط من أبيه أو أمــه) حين بلوغه الخامسة عشر سنة من العمرفأصبحت الأثنى – خلاف ما كان عليه الأمر في مدونة الأحوال الشخصية سابقا والتي كانت تحدد لها سن 12 سنة – أصبحت الأنثى والذكر على حد سواء بالنسبة لسن اختيار الحاضن.
* أجرة الحضانة ومصاريفها  على المكلف بنفقة المحضون وهي غير أجرة الرضاعة والنفقة، كما أنها تعتبر مستقلة في تقديرها عن تكاليف سكنى المحــضون.
ولعل من أهم مستجدات المدونة في هذا الموضوع، هو عدم إفراغ المحضون من بيت الزوجية، إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون [16] ، مع وجوب تحديد المحكمة للإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه، مثل إلزام الأب بتقديم بكفالة مالية أو شخصية لذلك، أو إجراء حجز على البعض من أمواله، أو إمكانية الإقتطاع من المنبع الذي يحصل منه على الدخل (مثل الراتب أو الأجر) ... إلخ (المادة 168).
* ثم إنه يمكن للمحكمة إعادة النظر في الحضانة متى ثبت أن ذلك في مصلحة المحضون (المادة 170).
* هذا وقد تم النص صراحة في المادة 175 على أن زواج الحاضنة الأم لا يسقط حضانتها.،
- إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز سبع سنوات أو يلحقه ضرر من فراقها، وكذا إذا كانت بالمحضون علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم، أو كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون، أو كانت هي نفسها نائبا شرعيا للمحضون، وذلك بالطبع تحت رقابة القضاء وسلطته التقديرية. مع الإشارة إلى أن زواج الأم الحاضنة  يعفي الأب من تكاليف سكن المحضون وأجرة الحضانة، على خلاف النفقة، التي تبقى واجبة على الأب.
(( لكن هل يمكن إلزام الأب  بتكاليف سكن المحضون وواجب أو أجرة حضانته، إذا ما طلقت الأم بعـــد ذلك))؟
هذا، وإن انتقال الحاضن للإقامة من مكان لآخر داخل المغرب لا يترتب عنه سقوط الحضانة إلا إذا ثبت للمحكمة ما يوجب ذلك، للحفاظ على مصلحة المحضون مع مراعاة الظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي والمسافة التي تفصل المحضون عن نائبه الشرعي (المادة 178) [17] . أمــا إذا كان الأب أو الولي هو الذي انتقل إلى بلدة أخرى فلا يحق له أن يتدرع بالعسر الذي نتج عن انتقاله لإسقاط الحضانة [18] .
كما أنه للمحكمة اتخاذ ما تراه مناسبا من الإجراءات، بما في ذلك تعديل نظام الزيارة أو إسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الإتفاق أو المقرر المنظم للزيارة (المادة  184).
وتجدر الإشضارة إلى أن من ادعى انعدام شروط الحضانة فعليه إثبات ما يدعيه، وفي حالة اختلاف الحجج وتعارضها، فإنه يعمل بقواعد الترجيح المعمول بها ف الفقه، والتي من أهمها : "أن شهادة التعديل أولى في الأخذ بها من شهادة الترجيح [19]. وبالإضافة إلى ما سبق فإن الحضانة حق للحاضن، إذا أسقطها تسقط، كما يلزمه تنازله عنها [20]، كما أن قيام أحد الأبوين بتغيير وضعية المحضون، بأخذه من الحاضن دون سلوك الطرق القانونية لتغيير الوضعية يضفي على النزاع صبغة الإستعجال [21].

خامســـا : الطـــــلاق
* الطـــلاق هو حل ميثاق الزوجية بطلب من أحد الزوجين و لا يلجأ إليه إلا استثناء وعند الضرورة، واستمالة استمرار العلاقة الزوجية، وذلك وفق شروط محددة وتحت رقابة القضاء.
* أصبح من اللازم تقديم طلب الطلاق للمحكمة التي تبت فيه بغرفة المشورة،  وتقوم بمحاولات لإصلاح ذات البين وتحقيق التوافق بين الزوجين،
* تم تحديد المحكمة التي يجب تقديم الطلب إليها، بشكل يمنع كل تحايل من أحد الأطراف ويراعي مصلحة الأسرة، حيث يقدم الطلب لمحكمة مكان وجود بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو المحكمة التي ابرم فيها عقد الزواج وذلك مع مراعاة هذا الترتيب ( المادة 79).
* تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة الإصلاح بينهما، وعند وجود أطفال لا بد من إجراء محاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما.
* إذا ثبت أن الزوج  أدلى بعنوان غير صحيح للزوجة – لأجل التحايل – طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في الفصل 361 من القانون الجنائي بطلب من الزوجة.
* عند تعذر الصلح، تم تحديد أجل أقصاه ثلاثون يوما لإيداع الزوج المبلغ الذي حددته المحكمة لأداء مستحقات الزوجة و الأطفال الملزم بالإنفاق عليهم.
* هذا وتشمل مستحقات الزوجة مؤخر الصداق إن وجد و نفقتها خلال العدة والمتعة التي يراعي في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج في توقيعه، بالإضافة إلى واجب كراء سكناها خلال العدة عند تعذر بقائها في بيت الزوجية أو في مسكن ملائم لها وللوضعية المادية للزوج.
إلا أنه في جميع الأحوال لا يتعين تلخيص العلاقات الزوجية أو قياسها على أساس هذه المستحقات المادية، فهي في جميع الأحوال لا تشكل تعويضا كاملا للزوجة عن الأضرار اللاحقة بها من الطلاق، وكذلك الزوج كما لا يجب أن يكون مبالغا فيها بشكل قد يجعل الزوج يتراجع عن الطلاق، وتتحول العلاقة بين الطرفين إلى جحيم و يحاول أحدهما الإنتقام من الآخر أو إثقال كاهله بنزاعات و دعاوى، كم هما في غنى عنها، بل وقد يكون الضحية هم الأبناء.
* بعد إيداع المبالغ تأذن المحكمة للزوج بتوثيق الطلاق لدى عدلين داخل دائرة نفوذ المحكمة. (( لكن هل يتعين حضور الزوجة لهذا الإشهاد لدى العدلين؟ وكيف يتم إشعارها بذلك خاصة عند عدم حضورها للجلسة التي منحت فيها المحكمة الإذن للزوج؟)).
لم تتعرض نصوص المدونة لهذه النقطة، ونرى أنه يتعين إعلام الزوجة في حالة حضورها للجلسة التي قررت فيها المحكمة الإذن للزوج بالإشهاد بطلاق زوجته – إعلامها بأسماء العدلين الذين اختارهما الزوج لتلقي الإشهاد بالطلاق، وتاريخ ذلك مع الإشارة لكل ذلك في الإذن. أما إذا لم تحضر في الجلسة المذكورة، فإنما ضرورة تعيين الجلسة التي سيدرج بها الملف – في انتظار التوصل بنسخة رسم الطلاق – واستدعاء الزوجة (المطلقة) لحضورها، وكذا لحيازة أصل رسم الطلاق، وذلك – بالطبع – دون الحاجة لإستدعائها للحضور لدى العدلين عند الإشهاد بالطلاق، ما دام أنه تم استدعاؤها لجلسات المحكمة وفق عدة وسائل (المقررة في المدونة)، ولأن العدلين يكتفيان بتلقي الإشهاد بالطلاق من الزوج وتسجيل صدوره منه.
* بعد خطاب القاضي على رسم الطلاق يوجه نسخة منه للمحكمة التي أصدرت الإذن والتي تصدر قرارا معللا في الموضــوع (المادة 88).
* في حالة التطليق للضرر، فإنه يحق للمحكمة أن تحدد في نفس الحكم مبلغ التعويض المستحق عن الضرر.
* وتجدر الإشارة إلى أن كل إخلال بشرط من الشروط المنصوص عليها في عقد الزواج يعتبر ضررا مبررا لطلب التطليق.
* يتعين البت في دعاوى التطليق لإخلال بشرط في عقد الزواج أو للضرر أو لعدم الإنفاق أو للعيب أو الإيلاء والهجر بعد القيام بمحاولة الصلح خلال أجل أقصاه ستة أشهر، ما لم توجد ظروف خاصة (المادة 113).
* لعل من أهم الوسائل لإنهاء العلاقة الزوجية، هو الاتفاق الذي يمكن أن يتوصل إليه الطرفان، والذي يحددان بمقتضاه واجبات والتزامات كل واحد منهما، وقد تم التنصيص عيه صراحة في المدونة (المادة 114).
وهذا يجد سنده تماما في قوله تعالى : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" (سورة البقرة الآية 229) ، وكذا ما ورد في السنة النبوية الشريفة.
* كما أن من بين مستجدات المدونة، إنه في حالة اتفاق الزوجين على مبدأ الخلع واختلافهما حول المقابل، يمكنهما اللجوء للمحكمة التي تقوم بتقدير مبلغ الخلع وذلك بعد محاولة الإصلاح بينهما[22].
* هذا وإنه في حالة عرض النزاع بين الزوجين على المحكمة وتعذر المساكنة بينهما، يحق للمحكمة اتخاذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة للأطفال و الزوجة تلقائيا أو بناء على طلب، وتنفــذ تلك التدابير فورا على الأصل عن طريق النيابة العامة وقبل البت في الموضوع.
* ونشير في الأخير إلى أنه يطرح التساؤل حول الوقت الذي يحق فيه للزوجة سحب أو تسلم أصل رسم الطلاق وكذا المستحقات المترتبة عن الطلاق، هل من تاريخ الإيداع بصندوق المحكمة؟ أم من تاريخ الإشهاد بالطلاق لدى العدلين؟ أم عند رجوع رسم الطلاق بعد الخطاب عليه من طرف القاضي وضمه للملف المفتوح بالمحكمة؟ أم إلى حين صدور الحكم من المحكمة في موضوع الملف ككل؟ أو يتعين انتظار صيرورة الحكم المذكور نهائيا، ما دام أنه قابل للإستئناف في هذا الشق؟
- بالنسبة لرسم الطلاق، فإنه يحق للزوجة الحصول على أصل عقد الطلاق بمجرد الخطاب عليه من طرف قاضي التوثيق (وذلك خلال خمسة عشر يوما الموالية لتاريخ الإشهاد بالطلاق لدى العدلين)، وهو ما نص عليه المشرع في المادة 140 من المدونة[23].
- أما بالنسبة لمستحقات الزوجة و الأطفال عند وجودهم – المترتبة عن الطلاق – فإنه يلاحظ وجود مقتضيات مختلفة في النصوص المنظمة للموضوع، فالمادة 88 من المدونة تقضي بأن قرار المحكمة – الصادر بعد توصلها بنسخة وثيقة الطلاق – قابل للطعن طبقا للإجراءات العادية، مما يعني أنه لا يمكن المطالبة بتنفيذه – في الشق المتعلق بالمستحقات – إلا بعد استنفاذ طرق الطعن أو انصرام أجلها. في حين نجد الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية [24]. ينص على أنه " يبت في طلبات النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن" ومعلوم أنه من ضمن المستحقات المترتبة عن الطلاق والتي حددتها المحكمة نفقة المطلقة أثناء العدة، وكذلك نفقة الأبناء في حالة وجودهم، ثم إنه لا مبرر لعدم السماح للزوجة بسحب المستحقات المترتبة عن الطلاق إذا كان قد تم بإنفاق من الطرفين وهما اللذان حددا المقابل بتراض منهما.

ســـادســــا : النفقــــــــة
* لعل من أهل المستجدات التي جاءت في المدونة أنه يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد (المادة 190). مع الإشارة إلى أن المشرع لم يرتب أي جزاء عن عدم احترام هذا الأجل، ولعــــل هذا يعني أنــــه يعتبر فقط أجــــــل استنهاضي أو تحفيزي ليـــــس إلا. ذلك أنه يتعذر في الغالب احترام هذا الأجل، خاصة مع إشكاليات التبليغ وضرورة احترام الآجال التي تفصل بين تاريخ التوصل وتاريخ الجلسة والتي تختلف بحسب مكان تواجد المدعى عليه... بالإضافة إلى ضرورة احترام حقوق الدفاع ومنح المدعى عليه أو نائبه المهلة الكافية للاطلاع على الملف (المقال والوثائق المرفقة به) وللجواب عن ذلك.
ويبدو أنه من الممكن التغلب على هذه المسألة وذلك من خلال إعمال مقتضيات الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية، والذي يقضي بأنه " ... ريثما يصدر الحكم في موضوع دعوى النفقة، للقاضي أن يحكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها مع اعتبار صحة الطلب والحجج التي يمكن الإعتماد عليها. وينفذ هذا الحكم قبل التسجيل وبمجرد الإدلاء بنسخة منه".
(( ولكن ما هي طبيعة هذا الحكم : هل هو تمهيدي أو عارض أو ماذا؟  وهل يتعين قبل إصداره، انتظار توصل المدعى عليه أو حضوره بالجلسة وهل يمكن استئنافه بشكل مستقل ولو قبل صدور الحكم الفاصل في موضوع الطلب؟))
* ومن الجديد في هذا الموضوع – النفقة – إمكانية استئناف الأحكام المتعلقة بقضايا النفقة بواسطة تصريح، يدلي به المعني بالأمر أو نائبه لدى كتابة الضبط المحكمة المصدرة للحكم المراد استئنافه، وذلك خلال خمسة عشر يوما (وليس ثلاثين يوما الذي كان منصوصا عليه في السابق)، وفقا لمقتضيات الفصلين 134 و 141 من قانون المسطرة المدنية كما وقع تغييرهما وتتميمهما بمقتضى القانون رقم 03-72 الصادر في 05 فبراير 2004 (الجريدة الرسمية عدد : 5184).
* هذا وقد تم النص صراحة على أن كل توقف عن أداء نفقة الأولاد لمدة أقصاها شهر ودون عذر مقبول، يعرض المعني بالأمر لإمكانية تطبيق عليه أحكام إهمال الأسرة المنصوص عليها في القانون الجنـــــائي.
* وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في حالة الطلاق الخلعي، يطرح التساؤل حول مدى إمكانية أو أحقية المرأة في التنازل عن نفقة أبنائها؟ وهل يمكن للمحكمة رفض هذا التنازل لتعلقه بحقوق الأبناء، خاصة إذا كانت المرأة معسرة! ثم كيف يمكن للمحكمة معرفة حقيقة وضعية المرأة، والحال أنها أدلت للمحكمة بتنازل مكتوب وموقع من طرفها، للحصول على الطلاق، وهل يمكن للمحكمة تحديد نفقة الأبناء رغم ذلك، وفي هذه الحالة هل يتعين إيداع مبلغ النفقة – المستحقة خلال فترة العدة – بصندوق المحكمة، و تحديد طريقة أدائها، أم أنه يتم غض الطرف عنها ما دام أنه ليست هناك منازعة؟ وفي حالة تحديد النفقة الأبناء هل سيتم التحديد قبل الإذن بالإشهاد بالطلاق أم بعده؟!
وفي هذا الإطار ذهب المجلس الأعلى إلى "أن الإلتزام بنفقة الأبناء مقابل الخلع يجوز، طالما أن المطلقة موسرة... ويلزمها ما التزمت به قبل أن تصبح معسرة، أما بعد إعسارها فنفقة الأبناء على والدهم ولو كان الخلع اختياريا، أما لو كان تحت الإكراه، فإن الزوج لا يستحق ما خولع به" [25]

ســـابــعا : النيابة الشرعية
* لعل من أهم المقتضيات الجديدة في موضوع النيابة الشرعية، التأكيد في المادة 231، على أن صاحب النيابة الشرعية هو الأب الراشد ثم الأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقد أهليته، فوصي الأب، ووصي الأم، فالقاضي، ومقدم القاضي. فأصبحت بذلك الأم نائبا شرعيا بقوة القانون عند عدم وجود الأب أو فقد أهليته.
كما أنه في حالة وجود قاصر تحت الرعاية الفعلية لشخص أو مؤسسة فإن هذا الشخص أو المؤسسة يعتبر نائبا شرعيا للقاصر في شؤونه الشخصية ريثما يعين له القاضي مقدما (المادة 232).
ويقوم النائب الشرعي بالعناية بشؤون المحجور الشخصية من توجيه ديني وتكويني وإعداد للحياة، كما يقوم بكل ما يتعلق بأعمال الإدارة العادية لأموال المحجور، كما أن للأم أن تقوم بالمصالح المستعجلة لأولادها في حالة حصول مانع للأب (المادة 236). كما أنه حتى في حالة وجود وصي للأب على الولد المحجور بالإضافة إلى الأم، فإن مهمة الوصي تقتصر على تتبع تسيير الأم لشؤون الموصى عليه ورفع الأمر إلى القضاء عند الضرورة أو الحاجة  (المادة 238).
* هذا وإنه لا يخضع الولي (سواء كان الأب أو الأم) لرقابة القضاء القبلية في إدارته لأموال المحجور[26]، كما لا يفتح ملف النيابة الشرعية له، إلا إذا تعدت قيمة أموال المحجور مائتي ألف درهم. إلا أنه للقاضي المكلف بشؤون القاصرين النزول عن هذا الحد والأمر بفتح ملف النيابة الشرعية إذا ثبت أن ذلك في مصلحة المحجور (المادة 240).
ولعل هذا التجديد فيه رفع للمشقة على الأم حينما تكون قيمة أموال المحجور بسيطة، كما أن فيه حماية لأموال المحجور عندما تكون ذات قيمة كبيـــرة (أي تزيد عن مائتي ألف درهم)،  بحـــــيث أن المشرع أوجب في هذه الحالة فتح ملف النيابة الشرعية حتى ولو كان الولي هو الأب، وذلك لكي يكون تحت رقابة القضاء.
* ثم إن قسمة مال المحجور المشترك مع الغير هي من اختصاص محكمة الموضوع، التي يقدم إليها مشروع القسمة لكي تصادق عليه بعدما تتأكد من عدم وجود حيف أو غبن على المحجور، عن طريق إنجاز خبرة في الموضوع، وذلك حتى ولو كان هناك اتفاق وتوافق بين جميع الشركاء لوجود محجور بينهم (المادة 275).

ثــــــامنا : الوصية الواجبــــة
من مستجدات المدونة في هذا الموضوع، المساواة بين أولاد الإبن و أولاد البنت الذي توفي والدهم أو والدتهم قبل أو مع وفاة جدهم، بحيث أصبح لهم الحق جميعا في الوصية الواجبة التي تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفي  على فرض موت موروثهم إثر وفاة أصله المذكور، على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة (المادة 369)، مع مراعاة مقتضيات المادة 371 ونفــــس هذه الأحكام تنطبق كذلك على أولاد الإبن و إن نزل، واحدا كانوا أو أكثر، ويقسم بينهم على أساس قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين، ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط (المادة 372)، وذلك دائما في حدود ثلث التركة.
   


 [1]  في مدونة الأحوال الشخصية سابقا، الفصل 2 "الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج"
[2]  الدليل القانوني للمرأة المغربية "الزواج والطلاق" مليكة بن الراضي وعبد الله  الولادي ص:15 مكتبة الشباب الرباط 1998.

[3]   منشور في مجلة رابطة القضاة ع : 8 و 9، ص : 15
[4]  راجع قرار المجلس الأعلى عدد 881 الصادر في الملف المدني 703/67 بتاريخ 13/12/1978 منشور بمجلة الأمن الوطني ع 14. ص : 19
[5] أبي عبد الله سيدي محمد المهدي الوزاني "النوازل الصغرى"الجزء الثاني.مطبعة فضالة المحمدية 1992.ص:276. 
[6]  "إن السن القانوني للشخص هو الذي يؤخذ لزوما من دفتر الحالة المدنية، ولا يمكن للمحكمة أن تعتبر السن المثبت في أي شهادة أخرى... والتاريخ المعتبر في أهلية النكاح هو ساعة إبرام العقد، لا ساعة الدخول" قرار المجلس الأعلى الصادر في : 15/11/1968، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى. عدد : 6، ص : 52.

[7]  "مدونة الأسرة بين الإجتهاد والنص القانوني" سعاد رمائم . مكتبة الأمة 2004. ص : 51.

[8]   "بداية المجتهد ونهاية المقتصد " ابن رشد. الجزء الثاني . ص : 11.
[9]   نفس المرجع السابق والصفحــة
[10] "وهذا على خلاف بعض الآراء الفقهية بحكم قدمها ورسوخها بطول فترة التطبيق والممارسة، يعتقد أنها محل إجماع  وثابتة بنصوص قطعية... لكن الواقع غير ذلك، فهي آراء اجتهادية...كما في الولاية على المرأة في الزواج" يراجع : "كلمة حول تأصيل المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة" أحمد الخمليشي. سلسلة شرفات ص: 128

[11]  للمزيد يراجع : "دور النيابة العامة ووظيفتها أمام القضاء المدني في التشريع المغربي" الحسني فاطمة مجلة الملحق القضائي العـــدد : 14 ص : 104 و ما يليها.

[12]  1- " لا تسمح دعوى الزوجية اعتمادا على البينة إلا بصفة استثنائية- يجب على المحكمة أن تبين حالة الإستثناء وإلا تعرض حكمها للنقض" قرار المجلس الأعلى عدد 87 الصادر في 25 صفر 1392 في الملف الإجتماعي رقم 37820 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى مادة الأحوال الشخصية 1965-1989- ص: 190 وجاء في القرار عدد : 28 صادر عن المجلس الأعلى في 16/03/1977، منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 28 ص: 144 " إذا جاز بصفة استثنائية سماع دعوى الزوجية واعتماد البينة الشرعية في إثباتها، فيجب على القاضي أن يعلل صفة الإستثناء بتعليل مقبـــول".

[13]  أما إذا لم يكن للزوجين أولأحدهما محل ولادة بالمغرب، فيتعين توجيه الملخص إلى وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية بالرباط.
[14]  ويبدو أن المكان الطبيعي لهذه المقتضيات هو المادة 68 التي خصصها المشرع لمضمون عقد الزواج، في حين جاءت الفقرة الأخيرة في المادة 65 المذكورة نشازا مع الفقرات السابقة من نفس المــادة.
[15]  للمزيد يراجع "حقوق الطفل في القانون المغربي" صقلي حسين محمد، مجلة حسين محمد ، مجلة الملحق القضائي العدد15 ص: 85 وما يليها.
[16]  وهو الإتجاه الذي سبق أن تبناه المجلس الأعلى في قراره عـــــــدد 1527 الصادر بتاريخ 11/10/2000 في الملف المدني عـــــدد : 438/3/2/00، والذي جاء فيه "إذا كانت الحاضنة تستمد شرعية وجودها أثناء عدتها ببيت الزوجية الذي هو في ملك زوجها من الأمر القضائي، فإن بقاءها بمنزل مطلقها باعتبارها حاضنة لمحضوناتها الأربع لا يمكن أن يوصف تلقائيا بالإحتلال دون التحقق من أن قاضي التوثيق قد حدد سلفا في أمره بالنفقة مبلغا خاصا بأجرة المسكن للمحضونات أو هيأ لهن مسكنا مناسبا لحالته المادية تمشيا مع الأهداف التي توخاها الفقه والقانون في هذا المجال". قرار منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 146 ص: 119-122، يراجع كذلك القرار عدد 807 الصادر بتاريخ 14/07/1992. الإجتهاد القضائي في مدونة الأحوال الشخصية ص: 89.
[17]  - "مدار سقوط الحضانة وعدم سقوطها مرتبط بعسر مراقبة الولي لأحوال محضونه أو عدمه" قرار المجلس الأعلى عدد : 87 الصادر في 05/12/1967 مجموعة قرارات المجلس الأعلى ومادة الأحوال الشخصية 1965. 1989 ص : 76.
        - إذا استوطنت الحاضنة بلدا يعسر فيه على الولي مراقبة المحضون أمكن أن يطلب إسقاط الحضانة عنها. ومسألة عسر أو يسر المراقبة مسألة واقع يستقل بتقديرها قضاة الموضوع : " القرار عدد150 الصادر في 26/06/1972. نفس المرجع السابق ص : 209 وفي نفس الإتجاه – قرار المجلس الأعلى عدد : 118 بتاريخ 30/06/1970. مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد21 ق : 28
[18]  - قرار المجلس الأعلى رقم 1 الصادر بتاريخ 21/01/1980 في الملف الإجتماعي رقم 76572 نفس المرجع السابق ص.242.
[19]  - قرار المجلس الأعلى رقم 90 الصادر بتاريخ 09/02/1982 في الملف الإجتماعي 91777 نفس المرجع السابق ص . 356
[20]  - قرار المجلس الأعلى عدد : 296 الصادر بتاريخ 05/07/1978، منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد : 129 ص : 112.
[21]  - القرار عدد 735 الصادر بتاريخ : 26/11/1984، منشور  بمجلة المحاكم المغربية العدد55. ص : 94 .
[22]  -  يراجع "طلاق الخلع واشتراط موافقة الزوج" سعد الدين العثماني – مطبعة دار قرطبة 2001 – ص : 56 و ما يليها.
[23]  - جاء في المادة 140 من مدونة الأسرة : وثيقة الطلاق حق للزوجة، يجب أن تحوزها خلال خمسة عشر يوما الموالية لتاريخ الإشهاد على الطلاق، وللزوج الحق في حيازة نظير منها"
[24]  - كما وقع تغييره بمقتضى القانون رقم 03 – 72 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5184 في 5/2/2004،
[25]  - قرار عدد 816 صادر في : 14/07/1992، "الإجتهاد القضائي في مدونة الأحوال الشخصية" ادريس بلمحجوب ص : 47.
[26]  - وذلك على خلاف الأمر بالنسبة للمقدم أو الوصي الذي يحتاج إلى إذن القاضي بالنسبة لهذه التصرفات. قرار المجلس الأعلى عدد: 546 الصادر بتاريخ : 14/05/1991. منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد : 45 ص : 108

المجلة الإلكترونية لندوات محاكم فاس - العدد 5 أكتوبر 2007 - ص: 33-45.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم