الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

إثبات عقد الزواج بين مدونتي الأحوال الشخصية والأسرة.




بسم الله الرحمان الرحيم

اعتنى الإسلام بالأسرة عناية فائقة وأولاها ما تستحق من الاهتمام ويتجلى دالك في الآيات القرآنية العديدة. والأحاديث النبوية الشريفة الكثيرة العدد التي تنظم هذه الناحية الحيوية من الحياة الإنسانية ومن تلك الآيات والأحاديث أقام فقهاء الإسلام من مختلف المذاهب نظاما دقيقا للأسرة يقوم على أساس العدل والمساواة بين الرجل و المرأة.ويؤهل كل واحد منهما لتأدية الدور الطبيعي الذي أعد له في طمأنينة وكرامة. نفس الشيء راهن عليه المشرع المغربي مثله في ذلك مثل العديد من التشريعات العربية من خلال مدونة الأسرة الجديدة لينص بدوره على احترام المبدأ الدستوري الذي يجعل المرأة والرجل سواسية أمام القانون بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية التي تكرس تلك المساواة وتحرم كل أشكال العنف والتمييز ضد النساء بالانسجام مع الحديث الشريف الذي يجعل النساء شقائق الرجال في الأحكام والحديث الشريف الذي يجعل كل منهما مسئولا عن رعيته.
وبالقراءة المتأنية لمدونة الأسرة يتضح لنا بقوة أننا أمام مدونة تختلف جوهريا عن مدونة الأحوال الشخصية الملغاة مع الإشارة إلى أن هناك أحكاما كثيرة لم يلمسها أي تغيير وأن هناك أحكاما مسها بعض التغيير إضافة إلى التغييرات التي طالت الصياغة والإجراءات.
وفيما يخص عرضنا هذا سنحاول التطرق إلى موضوع إثبات الزواج في مدونة الأسرة الجديدة مقارنة مع قانون الأحوال الشخصية الملغى وفق المنهجية التالية:

المبحث الأول: إثبات عقد الزواج في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة.
                المطلب الأول: مفهوم البينة الشرعية
                المطلب الثاني: الحاجة إلى إثبات الزواج عن طريق البينة الشرعية
المبحث الثاني: إثبات عقد الزواج في مدونة الأسرة الجديدة.
                المطلب الأول: إثبات العلاقة الزوجية بالكتابة
                المطلب الثاني: إثبات الزواج عن طريق وسائل الإثبات


المبحث الأول: إثبات عقد الزواج في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة.
يستفاد من الفصلين 41 و 42 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة أن عقد الزواج يتولى الإشهاد عليه وتوثيقه عدلان منتصبان للاشهاد ولا تصير الوثيقة المتضمنة لعقد الزواج رسمية إلا بعد الخطاب عليها من طرف قاضي التوثيق. ولان رسمية قد يبرم في غياب المقتضيات أعلاه فقد سمح المشرع استثناء بإثباته بالبينة الشرعية.جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس من مدونة الأحوال الشخصية "4-يجوز للقاضي_ بصفة استثنائية_ سماع دعوى الزوجية واعتماد البينة الشرعية في إثباتها"

المطلب الأول :مفهوم البينة الشرعية
جاء في الحديث الشريف أن البينة على المدعي و اليمين على من أنكر ويقصد بالبينة ما يبين الحق أي كل وسيلة صالحة للإثبات الحقوق المتنازع بشأنها ووسيلة الإثبات هي كل حجة يدلي بها الخصم و يطمئن القاضي إلى صدق مضمونها و يقتنع ضميره ووجدانه من مطابقتها للحقيقة والواقع و من ثمة فهي تشمل شهادة الشهود والأوراق المكتوبة و القرائن القوية التي يستخلصها القاضي من ظروف النزاع و خاصة في غياب الوسائل الأخرى... ومنها مثلا ظهور الرجل و المرأة لمدة طويلة أمام الناس بمظهر الزوجين بل وقد أكد الفقه والقضاء أن الزواج يمكن إثباته ببينة السماع فقط متى داع أمرها وانتشرت بين الناس انتشارا فاشيا.
ولقد جرى العمل بالمغرب منذ قرون خلت بالاستعانة باللفيف وهو عبارة عن شهادة اثني عشر رجلا يحررها عدلان في وثيقة رسمية ثم تستعمل بعد ذلك كحجة أمام القضاء لإثبات بعض الوقائع أو التدليل على بعض الحقوق. ويستعمل اللفيف بالخصوص في المجالات المتصلة بالأحوال الشخصية من أجل إثبات الزواج أو تصحيح الزوجية أو إثبات الطلاق أو الرجعة أو الميلاد أو الوفاة أو النسب أو إحصاء التركة أو عدد الورثة ونصيب كل واحد منهم إلى غير ذلك.
وعلى الرغم من أن كثيرا من الفقهاء قد غال في انتقاده اللفيف لما يحفه من المخاطر من حيث قد يكون وسيلة لادعاء الباطل نتيجة انعدام الضمير لدى بعض الشهود فإن اللفيف هذا كثيرا ما يقدم خدمة لا تقدر بثمن لمن يعوزه الدليل للوصول إلى حقه خاصة متى كان هذا اللفيف مضبوطا ومستفسرا.

المطلب الثاني: الحاجة إلى إثبات الزواج عن طريق البينة الشرعية

1-  دواعي حالة الاستثناء
لم يكن مشروع مدونة الأحوال الشخصية الذي هيأته وزارة غداة استقلال المغرب وعرضته على اللجنة العلمية التي عينت من اجل مناقشته ما يستمل نص الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس لمدونة الأحوال الشخصية والتي تسمح لقاضي الموضوع بسماع دعوى الزوجية بصفة استثنائية عن طريق البينة الشرعية وإنما هو آنذاك والمتمثلة بالخصوص في تفشي الأمية وعدم استيعاب أحكام النصوص التشريعية والمكتوبة خاصة وأنه لا يعذر أحد بجهله للقانون.
والحقيقة أنه في هذا الصدد من التمييز بين فرضيتين الحالة التي تثار فيها الحاجة إلى إثبات الزواج عن طريق البيئة الشرعية ولا يكون هناك أي نزاع بين الزوج والزوجة بشأن الزوجية القائمة بينهما حيث كثيرا ما تغض الإدارة والقضاء الطرف أمام كل عذر يتمسكان به والحالة التي ينكر فيها أحد الطرفين-وغالبا ما يكون الزوج- الزوجية التي يدعيها الطرف الثاني من أساسها.
هذه الفرضية الأخيرة هي التي طرحت مشاكل أمام القضاء على مستوى كل درجاته ومن بين هذه المشاكل أن من يدعي الزوجية ويريد إثباتها عن طريق استثناء عليه أن يبين حالة الاستثناء التي كانت حائلا دون توثيق عقد الزواج أمام عدلين منتصبين للاشهاد.

2-  موقف القضاء المغربي من حالة الاستثناء
يتبين من القرارات الصادرة عن القضاء المغربي بوجه عام عن المجلس الأعلى بوجه خاص أن القاعدة التي تسمح باللجوء إلى حالة الاستثناء هي قاعدة لها طابع موضوعي وطابع شكلي. فمن الناحية الموضوعية فإنه يجب على قاضي الموضوع أن يبين بكل وضوح حالة الاستثناء التي كانت سببا في عدم توثيق عقد الزواج التي اعتمدها الخصم في الدعوى.ومن الناحية الإجرائية فانه يجب عليه أن يبرر أخذه أو عدم أخذه بحالة الاستثناء تلك وإلا عرض حكمه للنقد تطبيقا لمقتضيات الفصل 359 من قانون المسطرة .

أ – فمن الناحية الموضوعية فإن القضاء المغربي في مجمله يفسر حالة الاستثناء المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس من المدونة بكل عقبة مادية حالت دون توثيق عقد الزواج أمام العد لين المنتصبين للاشهاد. ويعتبر الزواج صحيحا في الحالة التي يستحيل معها اللجوء إلى هؤلاء العد لين كالتواجد بمنطقة نائية لا عدول فيها أو بخارج المملكة في دولة لا توجد بها قنصلية مغربية أو في الحالة التي يستحيل فيها على الرجل الحصول على الوثائق الإدارية كما هو الحال بالنسبة لرجال الأمن مثلا _ والذي يجب عليه أن يدلي بها للعد لين المكلفين بعملية التوثيق أو في حالة وفاة العدل الذي شهد عملية إبرام العقد بالإضافة طبعا إلى الحالة التي يكون فيها عقد الزواج قد أبرم قبل دخول المدونة إلى حيز التطبيق.
وفي توضيحه لحالة الاستثناء عمد القضاء المغربي في مجموعه_ ويسايره في ذلك المجلس الأعلى_ إلى التوسع في مفهومها بكيفية تكاد تستغرق جميع حالات عدم توثيق الزواج رسميا أمام العد لين. وهكذا فقد قرر أن "... جل سكان البادية وحتى البعض من الحاضرة يستغنون عن إحضار العدول اكتفاء بالجماعة وأن الإشادة بالزواج وشهرته تكفي وأن مرد ذلك إلى العادة التي استحكمت في نفوس المغاربة سواء من بقي بالبادية أو من نزح إلى الحاضرة وأن المشرع المغربي عندما أجاز سماع البينة اعتبر ا استحكم في نفوس المغاربة, واعتبر الحفاظ على الأسرة من التصدع طبقا للفقرة الثالثة من الفصل الخامس من المدونة ..." ورغم ذلك فإن المجلس الأعلى لم يكن منسجما مع موقفه السابق عندما قرر ما يلي:" ... ما دام العدول موجودين بقبيلة أولاد عيسى من ناحية قرية أبا أحمد- أحواز فاس- فلا يمكن إثبات الزوجية باللفيف..."مع العلم أنه سبق لنفس المجلس أن قبل حالة استثناء على الرغم أن الزواج قد تم بمدينة مراكش أو بمدينة الدار البيضاء وهما مدينتان كبيرتان تعجان بالعدول.

ب- ومن الناحية الإجرائية فقد فرض المجلس الأعلى مبكرا على قضاة الموضوع رقابة صارمة على تسييب حالة الاستثناء جاء في قرار للمجلس الأعلى: " حيث إنه يجب على المحكمة أن تبين الدواعي التي حملتها على إعمال هذا الاستثناء حتى يتمكن المجلس الأعلى من مراقبة دواعي الاستثناء وأسبابه ".ولم يكتف المجلس بفرض وجوب تعليل الأخذ بحالة الاستثناء وإنما فرض كذلك على محاكم الموضوع تعليل استبعادها جاء في احد قراراته :"حيث يستخلص من معطيات النازلة أن المطلوب في النقص إنما نازع الطاعنة في المرحلة الاستئنافية في كون اللفيف المدلى به من طرفها لا يحل محل عقد الزواج المتوفر على شرط حضور شاهدين. ومع أن الحكم المستأنف اعتمد اللفيف مقدرا فيه الاستثناء لسماع دعوى الزوجية من الفصل الخامس من المدونة فإن القرار المطعون فيه استبعده بدون أن يناقش من جهة كونه متوفرا على حالة الاستثناء طبق ما ذهب إليه الحكم الابتدائي المستأنف أو غير متوفر عليها وقد اكتفى في تعليلة استبعاده له بما أشار إليه من أنه لا يستجيب للمقتضيات المتطلبة في عقد الزواج بشروطه والمتضمنة في المدونة مع أن الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس منها تجيز للمحكمة استثناء من شرط صحة عقد الزواج بحضور شاهدين عدلين سماع دعوى الزوجية بدون توفر هذا الشرط واعتماد البينة الشرعية في إثباتها الأمر الذي يجعله غير مؤسس ويعرضه بالتالي للنقض..."
على أن الحزم الذي أبداه المجلس الأعلى في مواجهة محاكم الموضوع لم يكن دائما في نفس المستوى إذ هناك حالات تكتفي فيها المحكمة بالإشارة إلى حالة الاستثناء، والمجلس الأعلى لا يبدي أي اعتراض على الرغم من انعدام التبرير أو على الأقل من انعدام جديته. جاء في قرار للمجلس الأعلى"حيث إن المدونة خولت للقاضي بصفة استثنائية اعتماد البينة في دعوى الزوجية وأن المحكمة اعتبرت اللفيفة المدلى بها لإثبات الزوجية حجة صحيحة وذلك حسب السلطة التي لها في تقدير قيمة الحجة..."

المبحث الثاني: إثبات عقد الزواج في مدونة الأسرة الجديدة.

نظم المشرع المغربي كيفية إثبات عقد الزواج في المادة 16 مدونة الأسرة والتي صيغت على الوجه الآتي: "تعتبر وثيقة الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة.
تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين.
يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات ابتدءا من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ".
وبالقراءة المتأنية لمقتضيات هذه المادة نستنتج أن عقد الزواج يثبت بإحدى الطريقتين الآتيتين:
1-    الوثيقة أو الرسم العدلي المتضمن لعقد الزواج وهذه هي القاعدة.
2-    الحكم القضائي المعترف وهذه على سبيل الاستثناء.
أولا- قاعدة إثبات عقد الزواج بالوثيقة العدلية أو الرسم الذي يتضمنه من المعلوم أن العدلين المنتصبين يقومان عمليا بوظيفتين متميزتين عن بعضهما
1-   الإشهاد على إبرام عقد الزواج وهذا شرط شرعي.
2-   توثيق ما تم الإشهاد عليه، وهذا شرط تشريعي استدعته المصلحة. مع العلم أن الكتابة المتضمنة لعقد الزواج لا تكون رسمية إلا بعد أن يخاطب عليها قاضي التوثيق مع وضع طابعه حيث تتاح له فرصة مراقبة مدى صحة العقد ومدى صحة توثيقه.
وقد نبه المشرع المغربي من خلال الفقرة الأولى من الفصل16 إلى أن الوثيقة المتضمنة لعقد الزواج هي التي تثبت العلاقة الزوجية، وبالتبعية هي التي تثبت صفة الزوج وصفة الزوجة، حالة الترافع أمام القضاء.
ومن الملا حظ أن الفقرة الأولى من الفصل 16 جاءت عامة ،بحيث تفرض إثبات العلاقة الزوجية عن طريق الكتابة ، سواء أمام القضاء أو أمام مختلف الإدارات العمومية الوطنية أو الأجنبية كالهيئات الدبلوماسية من سفارات وقنصليات، على سبيل المثال.

المطلب الأول: إثبات العلاقة الزوجية بالكتابة

الوثائق المنصوص عليها في المدونة:
تنص المادة 65 على ما يلي: "
أولا: يحدث ملف لعقد الزواج يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة لمحل إبرام العقد ويضم الوثائق التالية
- مطبوع خاص بطلب الإذن بتوثيق الزواج يحدد شكله ومضمونه بقرار من وزير العدل
- نسخة من رسم الولادة يشير ضابط الحالة المدنية في هامشها إلى تاريخ منح هذه النسخة ومن أجل الزواج
- شهادة إدارية لكل واحد من الخطيبين تحدد بياناتها بقرار مشترك لوزيري العدل والداخلية
- شهادة طبية لكل من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدارها بقرار مشترك لوزيري العدل والصحة
- الإذن بالزواج في الحالات التالية :
+ الزواج دون سن الأهلية
+ التعدد
+ زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية
+ زواج معتنقي الإسلام والأجانب.
- شهادة الكفاءة بالنسبة للأجانب أو ما يقوم مقامها
ثانيا : يؤشر قاضي الأسرة المكلف بالزواج قبل الإذن على ملف المستندات ويحفظ رقمه في كتابة الضبط
ثالثا يأذن هذا الأخير للعدلين بتوثيق عقد الزواج
رابعا يضمن العدلان تصريح كل واحد من الخطيبين هل سبق أن تزوج أم لا وفي حلة وجود زواج سابق يرفق التصريح بما يثبت الوضعية القانونية إزاء العقد المزمع إبرامه  ".

وتنص المادة 67 على أنه يتضمن عقد الزواج ما يلي: " الإشارة إلى إذن القاضي ولرقمه وتاريخ صدوره ورقم ملف مستندات الزواج والمحكمة المودع بها.
- اسم الزوجين ونسبهما وموطن أو محل إقامة كل واحد منهما ومكان ميلاده وسنه ولرقم بطاقته الوطنية وجنسيته.
- اسم الوالي عند الاقتضاء.-صدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين وهما ممتعان بالأهلية والتمييز والاختيار.
- في حالة التوكيل عن العقد اسم الوكيل ورقم بطاقته الوطنية وتاريخ ومكان صدور الوكالة في الزواج .
- الإشارة إلى الوضعية القانونية لمن سبق زواجه من الزوجين.
- مقدار الصداق في حالة تسميته مع بيان المعجل منه والمؤجل وهل قبض عيانا أو إعترافا.
- الشروط المتفق عليها بين الطرفين.
- توقيع الزوجين والولي عند الاقتضاء.
- اسم العدلين وتوقيع كل واحد منهما بعلامته وتاريخ الإشهاد على العقد.
- خطاب القاضي على رسم الزواج مع طابعه.
ويمكن بقرار لوزير العدل تغيير وتتميم لائحة المستندات التي يتكون منها ملف عقد الزواج وكذا محتوياته ."

المطلب الثاني: إثبات الزواج عن طريق وسائل الإثبات
إلى جانب القاعدة التي قررها المشرع من خلال الفقرة الأولى من خلال الفقرة الأولى من المادة 16 من مدونة الأسرة والتي تقضي بأن إثبات العلاقة الزوجية يتم بوثيقة عدلية منجزة في إطار المواد من 65 إلى 69 من تلك المدونة عاد المشرع في الفقرة الثانية من المادة 16 ليضع استثناءا على القاعدة العامة مفاده أنه بإمكان إثبات عقد الزواج بحكم قضائي وفقا لشروط محددة حيث يعالج هذا المقتضى الحالة التي لا يوثق فيها عقد الزواج في وقته لأسباب قاهرة حيث يصح إثبات العقد أمام المحكمة في هذه الحالة استثناءا بكافة وسائل الإثبات بما في ذلك الخبرة.

أ - مفهوم السبب القاهر :
إن إثبات عقد الزواج استثناءا بحكم قضائي يتطلب أولا وقبل أي شيء آخر إثبات السبب القاهر الذي حال دون توثيق ذلك العقد أمام العدلين المنتصبين للاشهاد ولم يبين المشرع في مدونة الأسرة مفهوم السبب القاهر الواجب اعتماده في هذا الصدد ويمكن اعتماد المفهوم الذي تبناه القضاء بشأن حالة الاستثناء في إطار المدونة القديمة فقرر أن السبب القاهر هو كل عقبة مادية حالت دون توثيق عقد الزواج أمام العدلين المنتصبين للاشهاد ومن ذلك كل الحالات التي سبق للقضاء المغربي أن اعتبر توفر حالة الاستثناء.

ب - وسائل إثبات العلاقة الزوجية
 - وسائل الإثبات الشرعية وتتمثل هذه الوسائل في اللفيف بكل مضامينه، سواء تضمن شهادة علمية أو بينة سماع أو تقار متبادل بين الزوجين.
-  وسائل الإثبات المضمنة في قانون الالتزامات والعقود وهذه الوسائل هي عموما تلك المنصوص عليها ضمن الفصل 404من ق.ا.ع وقد جاء فيه " وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي إقرار الخصم + الحجة الكتابية + شهادة الشهود + القرينة + اليمين والنكول عنها"
-  وسائل الإثبات المضمنة في قانون المسطرة المدنية يتعلق الأمر هنا بإجراءات التحقيق المنظمة بواسطة الفصول من 55 إلى 102من ق.م.م فحسب الفصل55 من هذا القانون" يمكن للقاضي بناءا على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن يأمر قبل البث في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحث أو تحقيق خطوط أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق.يمكن لممثل النيابة العامة أن يحضر في كل إجراءات التحقيق التي أمرت بها المحكمة".
صحيح أن المشرع أشار في المادة 16 إلى الخبرة وهي إشارة إنما وردت في نظرنا على سبيل المثال فقط ومؤيدنا في ذلك أن المشرع تحدث قبلها عن سائر وسائل الإثبات دون أي تحديد.والحقيقة أن إثبات العلاقة الزوجية عن طريق الخبرة بمفهومها الفني مسألة محل نظر اللهم إذا تعلق الأمر بإثبات الرابطة البيولوجية بين المدعي عليه والأطفال الذين تدعي المدعية أنها ولدتهم على فراشه، حيث نكون أمام قرينة قد تساعد على إثبات تلك العلاقة الزوجية بكيفية غير مباشرة.

هكذا نكون قد أتينا على نهاية عرضنا والذي تناولنا فيه موضوع إثبات الزواج في مقارنة بين المقتضيات الواردة في قانون الأحوال الشخصية الملغى ومدونة الأسرة الجديدة آملين من العلي القدير أن نكون قد وفقنا في الإحاطة بالموضوع من مختلف جوانبه .
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم