الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

تلخيص كتاب: موقف الشريعة الإسلامية من اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية، في إثبات النسب ونفيه - د. محمد التاويل


بسم الله الرحمن الرحيم
 
وبه نستعين، والحمد لله المنزه عن الأشياء والأنساب، الذي خلق من الماء بشرا نسبا وصهرا، فأحسن كل شيء خلقه، وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم جعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويتناصروا.
أما بعد:
فمن المعلوم أن موضوع اعتماد الخبرة الطبية، والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه، من المواضيع الجديدة التي شغلت بال العلماء والفقهاء، وكذا العامة والخاصة.
وذلك لماله من أهمية في حياة المجتمع وسلامته، وطهارة الأنساب ونقاوة الأعراض، واستقرار الأسر، واحترام الأخلاق والقيم.
وهذا الموضوع وإن كان يعتبر إنجازا علميا عظيما، وتقدما باهرا لما يقدمه من نتائج قطعية، في الكشف عن الرابطة الدموية بين الإبن ومن تخلق من نطفته.
ويحاول الدكتور محمد التاويل أن يوضح من خلال هذه الدراسة العلمية التي عنونها ب"
موقف الشريعة الإسلامية من اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه"، مطبعة أنفو- برنت فاس (طبعة 2007م)، موقف الشريعة من هذه الوسيلة الحديثة وأثرها في إثبات النسب أو نفيه.

أولا: تمهيــد
ويتضمن وتحديد مفهوم البصمة الوراثية، وبعض الظروف والحيثيات التي كانت وراء صدور هذه الفتوى.
 
(1)-معنى اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية، في إثبات النسب ونفيــه.
تنحصر وسائل إثبات النسب في الفقه الإسلامي، في الفراش، والشهادة بنوعيها (شهادة العدلين وشهادة السماع)، وكذا بالإستلحاق (أي الإقرار) والشبهة، وبالقيافة على خلاف بين العلماء في ذلك.
إلا أنه مع التقدم العلمي ظهر ما يصطلح عليه بالخبرة الطبية والبصمة الوراثية في مجال علم الأحياء.
والبصمة الوراثية معناها حسب البعض: "هي الصفات الوراثية التي تنتقل من الأصول إلى الفروع والتي من شأنها تحديد شخصية كل فرد عن طريق تحليل جزء من حامض ADN الذي تحتوي عليه خلايا جسده".
وقد أجمع المختصون على أن البصمة الوراثية هي أدق وسيلة عرفت حتى الآن في تحديد هوية الإنسان، وذلك لأن نتائجها قطعية، لا تقبل الشك بنسبة 100%.
وقد أخذت العديد من قوانين الأحوال الشخصية في العالم العربي والإسلامي، بهذه التقنية واستفادت منها في مجال إثبات النسب ونفيه، بما فيها قانون مدونة الأسرة المغربية.
فقد أشارت على اعتمادها في مجموعة من المواد منها المادة 16، 153، 156، 158، فقد جاء في المادة 158 على سبيل المثال: "يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب، أو بشهادة عدلين، أو ببينة السماع، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية".
ومن الملاحظ أن المقنن المغربي لم يشر إلى مصطلح البصمة الوراثية وإنما أشار خلال نصوصه إلى الخبرة الطبية، وهي من باب الكل الذي يتضمن الجزء.
وقد استقرت الممارسة القضائية على أن المقصود بالخبرة هو ما يتعلق بتلك البصمة.( )

(2)-ظروف وحيثيات صدور هذه الفتوى :
يمكن إجمال الأسباب التي كانت وراء إصدار الشيخ محمد التاويل-حفظه الله-لهذه الفتوى المضمنة في كتابه "موقف الشريعة الإسلامية من اعتماد الخبرة الطبية، والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه" فيما يلي:
1-اعتماد القانون المغربي، على الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في إثبات ونفي النسب، في مجموعة من المواد من مدونة الأسرة (على سبيل المثال المادة 16، 153، 156، 158).
2-وجود مجموعة من الآراء، والمواقف والاجتهادات التي تجيز استعمال الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه (كبعض الآراء الفقهية لكل من: الدكتور أحمد الريسوني، الدكتور أحمد الخمليشي، والدكتورة سعاد رحائم.
3-وربما والله أعلم-لكون العلامة محمد التاويل-حفظه الله-كان من بين أعضاء اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بتعديل (مدونة الأحوال الشخصية)، وحيث إنه تنسب إليه تلك الاجتهادات باعتباره عضوا في اللجنة، فإنه قد أزال عن عاتقه المسؤولية بإصداره لهذه الفتوى الموضحة لموقف الشريعة الإسلامية من استعمال الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه. 

عـرض مضمـون الفتـوى
قسم الدكتور محمد التاويل دراسته لموضوع: "موقف الشريعة الإسلامية من اعتماد الخبرة الطبية، والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه" إلى مقدمة وثلاث مباحث وخاتمة.

المقدمــة:
وفيها تذكير ببعض الحقائق، ذات الصلة بموضوع النسب، وهما حقيقتان أساسيتان.
-الأولى: أن النسب في المنظور الإسلامي حق لله تعالى، وحق للعبد، (الأب والابن معا).
وبناء على ذلك فقد حرم الله تعالى التبني، وتنكر الإنسان لنسبه أو انتسابه لغيره، جحود الأب ولده، وإنكاره له وهو يعلم أنه ولده، إدخال المرأة على قوم من ليس منهم، وكذا حرم القذف وأوجب الحد على كل من قذف محصنة، أو نفى نسب رجل عن أبيه.
-الثانية: أن النسب أحد الكليات الخمس، والمقاصد الضرورية التي بنيت عليها الشريعة الإسلامية، وكل الشرائع التي سبقتها وأن المحافظة عليه من أقدس المقدسات وأوجب الواجبات، ومن أجل ذلك: حرم الإسلام الزنا وكل ما يدعو إليه، وشرع العدة، والاستبراء، وشرع اللعان رخصة للزوج حفاظا على طهارة النسب ووضع ضوابط دقيقة، ومقاييس سليمة لثبوت النسب ونفيه.

المبحث الأول: في اعتماد الخبرة في نفي النسب
وقد قسمه حفظه الله إلى ثلاث مطالب :
الأول: في اعتماد الخبرة الطبية ومبرراته.
الثاني: في عدم مشروعية اعتمادها وأدلته.
الثالث: في امتناع أحد الزوجين من إجراء الخبرة أو رفض نتائجها.


المطلب الأول: اعتماد الخبرة الطبية في نفي النسب ومبرراته

هناك مجموعة من القوانين العربية، تعتمد الخبرة الطبية في نفي النسب، من بينها القانون المغربي، الذي ينص في المادة 153 من المدونة على أنه: "يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان أو بواسطة خبرة طبية تفيد القطع".
ويجعلون لذلك مجموعة من المبررات أهمها:
أولا: أنها وسيلة علمية في غاية الدقة قادرة على كشف الحقيقة، ومعرفة من هو الأب الحقيقي، الذي تخلق الطفل من نطفته.
ثانيا: أنها وسيلة جديدة يمكنها أن تساهم في الحد من الخيانة الزوجية، أو التقليل منها في صفوف الزوجات.
ثالثا: طمأنة الأزواج على صحة نسب أولادهم.
يقول الدكتور التاويل في ختام عرضه لذلك: "وهي مبررات واهية، وشبه باطلة، لا تصلح أن تكون مبررا مقبولا، أو حجة صحيحة يعتمد عليها في نفي النسب".

 المطلب الثاني: في عدم مشروعية اعتماد الخبرة الطبية، والبصمة الوراثية، في نفي النسب وأدلته.
 
يقول الدكتور التاويل " إن مبدأ اعتماد الخبرة الطبية، والبصمة الوراثية لنفي النسب خاصة نسب من ولد على فراش الزوجية عن الزوج دون لعان هو إجراء غير مشروع، وباطل لا يصح، لأنه مخالف لكتاب الله وسنة رسوله، وقضائه، وقضاء الخلفاء الراشدين من بعده، ومذهب الصحابة، وإجماع الأمة، كما أنه مخالف لروح الشريعة الإسلامية ومقاصدها، ونصوصها، والقواعد الأصولية والفقهية، ثم إنه ظلم صارخ للزوجة والولد معا، ويشكل تهديدا لاستقرار الأسرة وسلامة المجتمع.
هذا على سبيل الإجمال، أما على سبيل التفصيل، فإن هناك أدلة كثيرة على عدم مشروعيتها، أوصلها العلامة التاويل إلى سبع عشر دليلا، أهمها:

أولا: مخالفة كتاب الله، حيث قال تعالى: "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها، إن كان من الصادقين" سورة النور الآية: 6-7-8-9.
وهذه الآية تدل:
1-على مشروعية اللعان لنفي الحمل.
2-أنه واجب في حال القذف، ونفي الحمل بقوة الشرع لا خيار للزوجين فيه.
3-أنه الحل الوحيد، والسبيل المشروع لنفي الزوج من ولد على فراشه.
 
ثانيا: إنه مخالف لقضائه (صلى الله عليه وسلم) فيمن قذف زوجته،و أنكر ولدها منه، فإنه (صلى الله عليه وسلم) لاعن بينهما، كما جاء في حديث ابن عمر (رضي الله عنه): "أن رجلا رمى امرأته، فانتفى من ولدها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بهما، فتلاعنا، كما قال تعالى ثم قضى بالولد للمرأة، وفرق بين المتلاعنين" (أخرجه البخاري).
والحجة في الحديث من وجهين:
1-أنه (صلى الله عليه وسلم) قضى بينهما باللعان فدل ذلك على أن حكم الله وحكم رسول الله عند إنكار الولد هو اللعان.
2-أنه (صلى الله عليه وسلم) لم يأمر بعرض الولد الذي نفاه الزوج على القافة، لتلحقه بالزوج أو تنفيه عنه، رغم كونها محل ثقة واحترام عندهم، يعتبرونها علما من علومهم، يحتكمون إليها في إثبات النسب ونفيه.
 
ثالثا: أنه مخالف لقوله (صلى الله عليه وسلم) "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" وهو حديث متفق عليه، رواه أكثر من عشرين صحابيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه البخاري ومسلم، وأصحاب السنن والمسانيد وتلقته الأمة بالقبول.
وهو دليل على لحوق الولد بالزوج وثبوت نسبه له (لأنه صاحب الفراش) ولو حملت به الزوجة من زنا.
رابعا: أنه مخالف لإجماع الأمة على لحوق الولد بالزوج، إذا جاءت به بعد مضي أقل مدة الحمل، وقبل مضي أقصى مدة الحمل من تاريخ الوفاة أو الطلاق، ولا ينتفي عنه إلا بلعان.
والاعتماد على الخبرة الطبية أو البصمة الوراثية لنفي الولد خرق لهذا الإجماع.

المطلب الثالث: في امتناع أحد الزوجين من إجراء الخبرة أو رفض نتائجهـــا.

هذا المطلب تم تقسيمه إلى فرعين:
الفرع الأول: في رفض الزوج نتائج الخبرة
الفرع الثاني: في امتناع أحد الزوجين من الخبرة
ولكنه يعالج عموما بعض الإشكالات التي يجرها اعتماد الخبرة الطبية أو البصمة الوراثية في نفي النسب.
يمكن إجمالها فيما يلي:
أولا: إذا أثبتت الخبرة صحة النسب بعد إنكار الزوج ولده، فهل يحد لقذف الزوجة أم لا؟
فإذا حد أصيبت السنة، وإذا لم يحد خولف الكتاب والسنة الإجماع.
ثانيا: إذا لم يقبل الزوج النتيجة وطلب اللعان، لنفي الولد عنه، رغم تأكيد الخبرة لثبوت النسب، فهل يمنع من اللعان اعتمادا على الخبرة أو يمكن منه.
فإذا مكن من اللعان فلا تبقى للخبرة فائدة، وإن منعوه خالفوا بذلك الكتاب والسنة والإجماع.
ثالثا: إذا أثبتت الخبرة نفي الولد عن الزوج، فهل يعفون الزوج من الحد أم يحد؟
فإذا لم يجد اعتمادا على الخبرة، خالفوا بذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة على حد الزوج إذا قذف زوجته ولم يات بأربعة شهداء ولم يلاعن، وإذا تم حده من قذفه الزوجة، وقع تناقض بالجمع بين نفي الولد ووجوب الحد (حد القذف).
رابعا: إذا اختلف الزوجان وطالب أحدهما بالخبرة، وطالب الآخر الاحتكام إلى الملاعنة، فهل يجبر الممتنع على إجرائها أم لا؟
هذا السؤال المطروح أجاب عنه البعض بإجبار الزوج إذا طلبت الزوجة الخبرة وامتنع الزوج... ولا يمكن الزوج من اللعان، أما إذا طلب الزوج الخبرة وامتنعت الزوجة فإنها لا تجبر على إجرائها، وتلاعن إذا لاعن الزوج، وإذا لم يلاعن حد، لقذفه زوجته وهو جواب غير صحيح لا مستند له ويفتقر إلى دليل شرعي مقبول ويرده.
1-جعل الخبرة الطبية بدل اللعان، وتقديمها عليه، معناه تعطيل نص شرعي.
2-إلزام الزوج بالخبرة ومنعه اللعان إذا طلبه، مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن للزوج الحق في اللعان لنفي الولد إذا أراد ذلك وتوفرت شروطه، وفي المقابل تمكن الزوجة منه إذا طلبته، يشكل انحيازا سافرا للزوجة.

المبحث الثاني: اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في إثبات النسب، وإلحاق الولد بغير الزوج ممن ولد من نطفته.

وقد تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين:
 
المطلب الأول: المبررات التي تم الاستناد إليها
 
يلحق الولد بمن تخلق من نطفته خارج مؤسسة الزواج الشرعي بالاستناد إلى عدة مبررات، وخاصة إذا كانت هناك خطوبة سابقة أو دعوى زوجية مرفوعة، وهي أمور لا مبرر لها في الأصل، وإن كان يبرر لذلك بأمور أهمها:
أولا: حماية المرأة وبصفة خاصة الفتيات من الاغتصاب والاستغلال الجنسي.
ثانيا: الحد من ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم.
ثالثا: تمكين الطفل من حقه، في أن يكون له أب ينسب إليه، ويحميه من الضياع والتشرد ويقيه من الفضيحة والعار ويسمح له بالاندماج مع أقرانه.


المطلب الثاني: في عدم مشروعية اعتماد الخبرة الطبية لإثبات النسب
 
يقول الدكتور"محمد التاويل" "... وإن لم يكن هناك نكاح ثابت معلوم وإنما هناك مجرد خطوبة أو وعد بالزواج دون عقد أو مجرد دعوى زوجية أو اغتصاب أو زنى محض، فإنه لا عبرة بنتائج الخبرة ولا التفات إليها، ولا عمل عليها شرعا، لأن أقصى ما تفيده وتثبته، أن هذا الولد المتنازع فيه قد تخلق من نطفة هذا الرجل الذي تدعي المرأة الحمل منه، وأنه هو الأب الطبيعي له، وهذا لا يثبت به النسب ولا يحلق به الولد في الإسلام، كما تدل على ذلك السنة النبوية الصحيحة، وقضاء الصحابة والخلفاء الراشدين، والسلف الصالح إجماع الأمة على ذلك.
*أما الإجماع: فقد أجمع العلماء على عدم لحوق ولد الزنا بمن تخلق من نطفته، قال ابن عبد البر في التمهيد: "أجمعت الأمة على عدم لحوق ولد الزنا واستلحاقه".
*أما السنة النبوية: فقد وردت عدة أحاديث في الموضوع منها:
1-قوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" والحجة فيه من وجوه أهمها: كون الفراش هو علة لحوق الولد بالزوج، والعهر هو علة انتفاء الولد عن الزاني.
2-حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:قام رجل فقال يا رسول الله إن فلان ابني عاهرت بأمه في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا دعوة في الإسلام ذهب أمر الجاهلية الولد للفراش، وللعاهر الحجر".
3-حديث ابن عباس رضي الله عليه وسلم قال: "لا مساعاة في الإسلام من ساعي في الجاهلية فقد لحق بعصبته، ومن ادعى ولدا من غير رشدة فلا يرث ولا يورث".
 

المبحث الثالث: شبه المطالبين باعتماد الخبرة الطبية
 
معنى هذه الشبه هي مجموع الأدلة التي يستند إليها دعاة استعمال الخبرة الطبية، والبصمة الوراثية لإثبات النسب أو نفيه، وذلك محاولة منهم لإيجاد سند شرعي يدعم مزاعمهم.
وقد حاول الدكتور التاويل رصد تلك الشبه والرد عليها، في ثمان مطالب.

المطلب الأول: في شبهـة الاستـدلال بالكتــاب
تستند هذه الشبهة إلى استدلال البعض بقوله تعالى في سورة الأحزاب: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" على وجوب الاحتكام إلى الخبرة الطبية والبصمة الوراثية لمعرفة الأب البيولوجي الطبيعي الذي تخلق الولد من نطفته ليلحق به، وينسب إليه سواء في ذلك الابن الشرعي أو ابن الزنا.
وهذا قول خطير وانحراف فاسد عن قواعد الشريعة الإسلامية يرده:
1-مخالفته للغة العربية، والمصطلح الشرعي والقرآني لكلمة الآباء، وللقواعد الأصولية، فإن القاعدة الأصولية، أن اللفظ محمول على عرف المخاطب وأن ألفاظ الشارع يجب حملها على عرف الشرع، والأب في لغة العرب ولسان الشرع، وعرفه هو من ولد الولد على فراشه من الأزواج في زوجاتهم، والسادة في إيمائهم، كما قال صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش" هذا هو الأب الذي أمر الله تعالى أن يدعى له الأبناء في قوله تعالى: "ادعوهم لآبائهم".
2-مخالفته لإجماع المفسرين على تفسير الآباء في الآية: بالآباء الشرعيين.
3-مخالفته للسنة الصحيحة وإجماع الأمة على أن الولد للفراش وللعاهر الحجر.
4-مخالفته لإجماع الأمة على دعاة ابن الزنا لأمه، أو دعائه بابن أبيه.
5-تأديته للتناقض بين الكتاب والسنة، إذا كان معنى الآية على حسب رأي هذا البعض تقتضي وجوب دعائهم للآباء الطبيعيين في جميع الحالات سواء ولدوا على فراش الزوجية أو خارجه، فإنه نهى (صلى الله عليه وسلم) عن نسبة أبناء الزنا لآبائهم من الزنا ونهى عن انتساب الإنسان لغير أبيه الذي ولد على فراشه، في أحاديث صحيحة عديدة سبقت الإشارة إلى بعضها، فهل يجوز أن يخالف الرسول (ص) أمر ربه؟! وهل يمكن أن تناقض سنته كتاب ربه؟!

المطلب الثاني: في شبهة الاستدلال بحديث القافة

تقوم هذه الشبهة على قياس الخبرة الطبية والبصمة الوراثية على القيافة الثابتة في حديث عائشة رضي الله عنها، وهو حديث صحيح متفق عليه تقول فيه رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم ترى أن مجززا، نظر إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض".
وهو استدلال غير صحيح يرده مجموعة أمور أهمها:
1-أنه صلى الله عليه وسلم لم يستدل بقول القائف على إثبات النسب لأن نسب زيد كان ثابتا شرعا.
2-سروره صلى الله عليه وسلم لأن المشركين كان يطعنون في نسب زيد لشدة سواده، وشدة بياض أبيه، وهم يومنون بالقيافة، فكان من باب إلزام الخصم بما يقول به.
3-القيافة مختلف في حجيتها في ثبوت النسب، فالحنيفية ينكرون العمل بها مطلقا، والمالكية يخصونها بأولاد بالإيماء، ومن القواعد أنه (لا يصح القياس على المختلف فيه).
4-السر في العمل بالقيافة عند القائلين به هو أن الولد المتنازع فيه هو ابن شرعي، ولد على فراش شرعي، وقع حوله نزاع بين أبوين.
5-إن أقصى ما تفيده القيافة وما يقاس عليها من الخبرة والبصمة الوراثية أن هذا الولد من نطفة هذا الرجل الزاني أو الخاطب أو المغتصب، وهذا لا يصح الاعتماد عليه في ثبوت النسب، ولحوق الولد، إذا لم يكن هناك نكاح ثابث، أو ملك يمين للأدلة السالفة الذكر.

المطلب الثالث: في شبهة الاستدلال بأثر عمر رضي الله عنه

يعتمد أصحاب هذه الشبهة على ما روي عن عمر رضي الله عنه، من أنه كان يلحق أبناء الزنا في الجاهلية بآبائهم في الإسلام، كما رواه مالك في الموطأ عن سليمان بن يسار أن عمر رضي الله عنه، كان يليط أولا الجاهلية بمن ادعائهم في الإسلام فجاء رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر ابن الخطاب قائفا فنظر إليهما فقال القائف، لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بالدرة ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك،فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيني، وهي في إبل لأهلها فلا يفارقها حتى يظن وتظن أنه قد استمر بها حمل، ثم انصرف عنها، فأهريقت عليه دماء، ثم خلف عليها هذا -تعني الآخر- فلا أدري من أيهما هو، قال: فكبر القائف، فقال عمر للغلام، وال أيهما شئت؟ رواه الشافعي في الأم والبيهقي، وسعيد ابن منصور في سنته، ورجال سنده ثقات إلا أنه منقطع، فإن سليمان لم يسمع من عمر.
وهذا استدلال باطل واستنباط فاسد غير صحيح، وتنزيل لقول عمر في غير موضعه، وجهل بسر قضائه وحكمته.
وذلك من وجوه:
1-أنه خبر منقطع لا يصح، فإن سليمان لم يسمع من عمر كما سبق، وإنما أرسل عنه كما قال غير واحد، وإن كان البيهقي قد حكم بصحة الخبر ووصله.
2-الحديث موقوف، ولا حجة في الموقوف عند كثير من الأصوليين والفقهاء.
3-على تسليم حجته، فإنه معارض للحديث المرفوع المتفق عليه: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، وإذا تعارض المرفوع والموقوف، قدم المرفوع.
4-على تسليم حجيته وعدم معارضته فإنه خاص بمن ولدوا في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، وتحريم الزنا، لأن أهل الجاهلية كانوا يستحلون الزنا ويعدونه نكاحا مشروعا كغيره من الأنكحة الأخرى المتعارفة بينهم، يثبتون به الأنساب ويلحقون به الأولاد، ولا يرون في ذلك فرقا بين من يتزوج امرأة ومن يزني بها، وبين من يولد من نكاح ومن يولد من سفاح، الكل أبناء لاحقون بمن أحبل أمهم، حتى جاء الإسلام، فأباح النكاح وحرم السفاح.
5-أنه خاص بأولاد الأمة كما يراه المالكية، ومن وافقهم، فلا يتناول أولاد الحرة.
6-أنه خاص بمن تنازعه رجلان كل يدعي أنه ابنه، فلا يشمل من تنازع فيه أمه، من زنا بها، تدعى هي أنه ابنه، حملته منه، وينكر هو ذلك. وهكذا يظهر أن الاستدلال بقضاء عمر لا أساس له من الصحة، ولا يعدو أن يكون تضليلا لرأي العام، وجدالا بالباطل لدحض الحق المبين.

المطلب الرابع: في شبهة الاستدلال بإنقاذ أطفال لا ذنب لهم
تتلخص هذه الشبهة في أن إلحاق أبناء الزنا بآبائهم، والاعتراف بنسبهم، إنقاذ لأطفال أبرياء لا ذنب لهم فيما وقع، وأن حرمانهم من النسب عقاب لهم بجريمة غيرهم، يتنافى مع قوله تعالى: "... ولا تزر وازرة وزر أخرى" (الأنعام 164)، وهي شبهة زائفة يردها:
1-أن هذه المصلحة الملوح بها، من المصالح الملغاة التي دل الدليل على إلغائها، وعدم اعتبارها، حين قال صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
2-أنها معارضة بمفسدة راجحة عليها، لأن الاعتراف بنسبهم يؤدي إلى انتشار الزنا ويشجع عليه.
3-إن ذلك يؤدي إلى التسوية بين النكاح والسفاح، في ثبوت النسب ولحوق الولد، وبالتالي التسوية بين الحلال والحرام.
4-أن المقصود بعقوبة قطع النسب أصالة وبالذات ليس هو ابن الزنى بل هو الزاني نفسه، فالوالد يستفيد عادة من ولده، ماديا وعاطفيا ودينيا، وعدم نسبته إليه فيه حرمان من كل ذلك.



المطلب الخامس: في شبهة تشوف الشارع للنسب، واختلاف الفقهاء
تتلخص هذه الشبهة في كون الشارع متشوف للحوق النسب من جهة، ومن جهة أخرى في فتوى بعض الفقهاء بجواز استلحاق ابن الزنا، والحق أن هذه الشبهة كسابقاتها شبهة باطلة بشقيها معا.
 
*أما دعوة تشوف الشرع للنسب فيردها أمران:

أولا: أن الشرع المتشوف للحوق النسب هو نفسه الذي قطع نسب ابن الزنا من أبيه، وهو الذي أبطله وألغاه، ولم يعترف به.
ثانيا: إن محل العمل بهذه القاعدة وهذا المبدأ (تشوف الشارع للنسب) هو عندما يكون الأمر ممكنا، ويكون ذلك محتملا أن يكون الولد للفراش ولو احتمالا بعيدا، وذلك كما في حالة:
-الزوجة التي يغيب زوجها سنوات، ثم يعود فيدها ولدت أولادا فإنه يحتمل، كونه من زوج ويحتمل كونه من زنا.
-وكما في مسألة العدة تلد المرأة بعد العدة بكثير، وقبل مضي أقصى أمد الحمل، وهو سنتان أو أربع سنوات.
-وكما في مسألة الزوجة يعزل عنها زوجها فتحمل، أو التي تلد ولدا يخالف لونه لون أبيه بياضا وسودا.
وغيرها من المسائل فهنا تأتي مسألة تشوف الشرع للحوق النسب، كل ذلك مع الاحتفاظ للزوج بحقه في نفي النسب عن طريق اللعان...
 
*أما كون بعض الفقهاء أفتى بجواز استلحاق ابن الزنا إذا كانت أمه لا زوج لها فإنه يرده:

أولا: أن موضوعها الاستلحاق لا الإلحاق.
ثانيا: الفتوى بجواز استلحاق ابن الزنا من الفتاوى الشاذة التي لا مستند لها، ولا دليل عليها، ولا يجوز العمل بها.
ثالثا: هي فتوى تردها الأحاديث الصحيحة الصريحة.
-قوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
-قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل عاهر بحرة أو أمة فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث".
-قوله صلى الله عليه وسلم: "لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية" وغير ذلك مما سبق.
وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على عدم استلحاق ابن الزنا، قال في التمهيد "أجمعت الأمة على عدم لحوق ولد الزنا وعدم استلحاقه".

المطلب السادس: في شبهـة الاحتجـاج بالخطوبــة

يرى أصحاب هذه الشبهة أن الخطيبة، إذا حملت زمن الخطوبة قبل عقد النكاح فإن ولدها يلحق بالخاطب إذا اعترف به، وإن أنكره يلجأ إلى الخبرة الطبية لإثبات النسب، وحجتهم في ذلك أن الوطء خاطب خطيبته يعتبر وطء شبهة يدرأ في الحد، ويلحق فيه الولد بالواطئ لأنه غالبا ما يكون القصد فيه حسنا، وإرادة الزواج مستقبلا حاضرة عند الوطء، وهو احتجاج باطل وقياس فاسد، وفهم خاطئ لوطء الشبهة، وتوسع في مفهومه دون سند ولا دليل، كما أنه مخالفه، واضحة لما نص عليه الفقهاء من وجوه عدة:
أولا: أن وطء الشبهة الذي يدرأ فيه الحد، ويلحق به الولد محصور عند القائلين به في حالات معينة، لا يتعدها، وهي عند المالكية والشافعية ثلاث شبه:
1-شبهة الموطوءة.
2-الشبهة في الطريق إلى الوطء.
3-شبهة الواطئ.
ووطء الخاطب خطيبته قبل انعقاد النكاح ليس واحدا من هذه الحالات الثلاث:
ثانيا: من شروط وطء الشبهة عند القائلين به أن يعتقد الواطئ حين الوطء، وجود السبب المبيح للوطء، كما هو الشأن في الغلط، ووطء الأمة المشتركة، والزوجة المختلف في نكاحها، وغيرها من حالات الشبهة.
ثالثا: والدليل القاطع على بطلان اعتبار وطء الخاطب، وطء شبهة وهو ما نص عليه فقهاؤنا فيمن وطء امرأة يعتقد أنه سيتزوجها بعد من أنه يحد حد الزنا، ولا يدرأ عنه الحد كما نص على ذلك القرافي في الفروق، وهو الموافق للقاعدة الأصولية أن الحكم لا يتقدم على سببه وإذا وجب حده لا يلحق به الولد، للقاعدة الفقهية أن الحد والنسب لا يجتمعان وهذه هي صورة وطء الخاطب خطيبته بشكلها، وروحها، فإنه يطؤها وفي نيته أنه سيتزوجها، ويعقد عليها بعد أن يكون وطئها وأحبلها.
رابعا: أنه مخالف لما نص عليه المالكية ومن وافقهم، من وجوب فسخ النكاح وحد الزوجين، ونفي الولد إذا دخل الزوجان قبل الإشهاد على العقد، إلا أن يشتهر دخولهما باسم النكاح، اشتهارا فاشيا.
مع العلم بأن الخطبة ليست نكاحا بالإجماع كما أن الإجماع منعقد على حرمة الاستمتاع بالخطيبة قبل العقد عليها، وإنما الخلاف في جواز النظر إليها فقط.

المطلب السابع: في شبهة القياس على الأم

يتفق أصحاب هذه الشبهة على القول إن ابن الزنا يلحق بأمه، وينسب إليها، وترثه ويرثها إجماعا، فكذلك الأب يجب أن يلحق به ابنه من الزنا، وينسب إليه ويتورثان قياسا على الأم، إلا أنهم سلكوا مسلكين في تحديد العلة الجامعة بين الأصل المقيس عليه وبين الفرع المقيس.
-فبعضهم يرى أن العلة هي تخلقه منهما، وعليه فلا يعقل أن يكون الولد ابنا شرعيا لاحقا بأحدهما-الأم-وغير شرعي بالنسبة للآخر-الأب-وقد ولد منهما في عملية مشتركة بينهما محرمة عليها معا.
-وبعضهم يرى أن العلة في لحوق الولد بأمه الزانية هو معرفتها والتأكد من أمومتها، بولادتها له، وأن علة نفيه عن الزاني، هو الجهل بالأب الحقيقي الذي الذي تخلق من نطفته، فإذا علم ذلك باعترافه به أو بالخبرة الطبية والبصمة الوراثية، وجب إلحاقه به قياسا على الأم.
وهذا الاحتجاج باطل ومردود من وجوه عدة:
أولا: هو قياس فاسد الاعتبار مخالف للأحاديث الصحيحة التي تدل على أن ابن الزنا لا يحلق بالزاني، ولا يصح استلحاقه: كقوله "الولد للفراش وللعاهر الحجر" وغيرها من الأحاديث.
ثانيا: كون الطفل متخلق منهما معا وصف خفي غير ظاهر، فلا يصح التعليل به.
ثالثا: مخالف للعلة الصحيحة المنصوص عليها بطريق الإيماء في عدة أحاديث، وهي أن العلة في عدم لحوق ولد الزنا بالزاني هي كونه من زنا، كما يدل على ذلك حديث "الولد للفراش وللعاهر الحجر".

المطلب الثامن: في شبهــة دعــوى الزوجيــة

تقوم هذه الشبهة على ضرورة اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في حالة ادعاء امرأة الزوجية على رجل وهي حامل، أولها أطفال تدعي أن الحمل أو الأطفال من الرجل المدعى عليه بالزوجية، وهو ينكر ولا بينة لها.
فإذا أثبتت نتائج الخبرة الطبية أن الحمل أو الأولاد من المدعى عليه بالزوجية أو امتنع من الخضوع للخبرة المطلوبة، فإن المحكمة تحكم بثبوت الزوجية وثبوت النسب، اعتمادا على نتائج الخبرة.
وهي شبهة في غاية الفساد والبطلان يردها أمور:
أولا: أنها مخالفة للسنة النبوية الثابتة من قوله (ص) وقضائه، ففي حديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر" فهذا الحديث وغيره، صريح في أنه لا يقضى للمدعي بمجرد دعواه وأنه لا يقضى له إلا ببينة شرعية.
ثانيا: أنها مخالفة للإجماع الصحيح، أنه لا يقضى لأحد إلا ببينة ولو كان المدعي أتقى الناس، والمدعى عليه أفجر الناس، ومن القواعد أن خرق الإجماع حرام لا يجوز كما أنه مخالف للإجماع على أن النسب لا يثبت بمجرد دعوى المرأة، كما قال ابن المنذر وغيره.
ثالثا: أنه مخالف لعمل أهل المدينة من وجوب حدها، وعدم قبول دعواها الزوجية إلا ببينة.
رابعا: أنه مخالف للقاعدة الأصولية المتفق عليها أن السبب والعلة يلزم من عدمها العدم، وذلك أن النكاح هو سبب وعلة لحوق الولد بالزوج، كما يدل على ذلك حديث "الولد للفراش وللعاهر الحجر" والفراش هنا غير موجود وغير ثابت شرعا وحسا...
خامسا: أنه مخالف لقاعدة (لا يوجد الفرع والأصل غير موجود)، ذلك أن لحوق الولد، فرع عن ثبوت النكاح، وهنا النكاح غير ثابث.
سادسا: وهو الأخطر، أن العمل بهذا القول، والحكم بمقتضاه يؤدي إلى الفساد ويفتح باب الفجور على مصراعيه، ويشجع الزنا.


ختاما 
 نقول إن موقف الشريعة الإسلامية من اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه، هو الرفض بشدة وذلك لأن المعطيات التي سيقت، توضح بجلاء تعارضها مع نصوص الشريعة الطاهرة، ومقاصدها الضرورية في المحافظة على أنساب الناس وأعراضهم.
وموقف الشرع لا يقف عند هذا الحد، وإنما يتجاوز ذلك إلى :
1-إلغاء الأحكام المبنية عليها واعتبارها باطلة بقوة الشرع، لا يترتب عليها أي أثر، فلا تنفي ولد ولد فراش الزوجية، ولا تلحق ولدا ولد خارج فراش الزوجية.
2-إدانة المطالبين بالخبرة والحاكمين بها، وتحميل الجميع المسؤولية الدينية والجنائية وتعرضهم لحد القذف وما يتبع ذلك من التفسيق ورد الشهادة.
إن أقصى ما تفيده الخبرة الطبية، والبصمة الوراثية، تأكيد وجود الرابطة البيولوجية بين الولد ومن تخلق من مائه وهذا لا يفيد في إثبات النسب على الوجه الشرعي.
4-اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية والعمل بنتائجها يؤدي إلى القذف المحرم دينا المعاقب عليه شرعا في آحايين كثيرة، كما أنه مضنة فتح باب الحرام على مصراعيه، وما يؤدي إلى الحرام حرام، والحرام لا يجوز شرعه والإذن فيه، في الشريعة الإسلامية السمحة، التي لا يزيغ عنها إلا هالك أعاذنا الله من ذلك، ووفق الأمة الإسلامية لما فيه صالحها في الدنيا والآخرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمية والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين.
________________________________

وهذه قائمة بكتب الدكتور المطبوعة:
1-الوصايا والتنزيل في الفقه الإسلامي.
2-موقف الشريعة الإسلامية من اعتماد الخبرة الطبية والبصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه.
3-اللباب في شرح تحفة الطلاب، (نظمه وشرحه في علم الفرائض).
4-وأخيرا وقعت الواقعة وأبيح الربا: الفوائد البنكية.
5-مشكلة الفقر: الوقاية والعلاج في المنظور الإسلامي.
6-إشكالية الأموال المكتسبة مدة الزوجية: رؤية إسلامية.
7-الوصية الواجبة في الفقه الإسلامي.
8-الشركات وأحكامها في الفقه الإسلامي-دراسة مقارنة في الشركات الإسلامية.
9-
شذرات الذهب في ما جد في قضايا النكاح والطلاق والنسب، منشورات مكتبة السنة -هولندا.
 10-لا ذكورية في الفقه.
http://master-fes.marocs.net/t273-topic

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم