السبت، 14 ديسمبر 2013

الحقوق المالية للمرأة والطفل بعد الطلاق - بحث دبلوم الدراسات العليا المعمقة


إعداد الطالبة :                    تحت إشراف :
نبيلة بوشفرة                            د. احمد اجوييد
السنة الجامعية
1426 – 1427 هـ
2005 – 2006 م


فهــــــرس المحتويات:

 مقدمة :   1

الفصل الأول : الحقوق المالية للمرأة والطفل بعد الطلاق    10
الفرع الأول : الحقوق المالية للمطلقة 11
المبحث الأول : نفقة المعتدة وسكناها 11
المطلب الأول: النفقة خلال فترة العدة 11
الفقرة الأولى : حالات استحقاق ، وسقوط نفقة المطلقة 12
أولا : حالات الاستحقاق 12
ثانيا : حالات السقوط 14
الفقرة الثانية : تقدير نفقة المطلقة 15
أولا : معايير التقدير 16
ثانيا : حدود السلطة التقديرية للمحكمة 21
المطلب الثاني : سكنى المطلقة 25
الفقرة الأولى : الإجراءات المقررة لضمان السكنى في فترة العدة 25
الفقرة الثانية : الإجراءات القانونية لضمان السكنى في فترة الحضانة 27
المبحث الثاني : المتعة 28
المطلب الأول : المتعة من خلال الفقه الإسلامي 29
الفقرة الأولى : معنى المتعة ومشروعيتها 29
الفقرة الثانية : الاختلاف الفقهي في حكم المتعة    30
المطلب الثاني : المتعة في مدونة الأسرة 31
الفقرة الأولى : طبيعة المتعة : هل المتعة تعويض؟ 31
الفقرة الثانية : عناصر تقدير المتعة 32
المبحث الثالث : نصيب المطلقة في ممتلكات الأسرة 34
المطلب الأول : أحكام قسمة متاع البيت    34
المطلب الثاني : الحق في المستفاد من الثروة 36
الفرع الثاني : الحقوق المالية للطفل بعد الطلاق 41
المبحث الأول : أجرتي الحضانة والرضاع 41
المطلب الأول : أجرة الحضانة 41
الفقرة الأولى : نطاق الاستحقاق 42
الفقرة الثانية : حالات سقوط الحق في أجرة الحضانة 43
المطلب الثاني : أجرة الرضاع 44
الفقرة الأولى : حالات الاستحقاق 45
الفقرة الثانية : مقدار أجرة الرضاع 46
المبحث الثاني : سكن المحضون 47
المطلب الأول : الالتزام بالسكنى 47
المطلب الثاني : الآليات القانونية المقررة لضمان سكنى المحضون 49
المبحث الثالث : نفقة المحضون 51
المطلب الأول : مشتملات نفقة المحضون وكيفية تقديرها 51
الفقرة الأولى : مشتملات نفقة المحضون 51
الفقرة الثانية : تقدير نفقة المحضون 53
المطلب الثاني : استخلاص نفقة المحضون قضائيا 54
الفقرة الأولى : تنفيذ الحكم القاضي بالنفقة 55
أولا : وسائل تنفيذ الحكم 55
ثانيا : الضمانات الكفيلة بتنفيذ الحكم    56
الفقرة الثانية : أثر الامتناع عن أداء النفقة 57
أولا : شروط قيام جريمة إهمال الأسرة 57
ثانيا : أركان جريمة إهمال الأسرة 59

الفصل الثاني : محدودية المستحقات المالية وآليات الحد من قصورها 64
الفرع الأول : محدودية المستحقات المالية في تأمين المتطلبات المعيشية 65
المبحث الأول : قصور المستحقات المالية للمطلقة عن ضمان استمرارية المعاش 65
المطلب الأول : انعكاس طلب الإذن بالإشهاد على مستحقات المطلقة    65
المطلب الثاني : غياب مؤسسة مالية بديلة    68
المبحث الثاني : عدم استجابة المستحقات المالية للمتطلبات المعيشية للطفل  70
المطلب الأول: ضآلة المستحقات وغياب الضمانات الكفيلة باستمرار النفقة    71
الفقرة الأولى : ضآلة المستحقات    71
الفقرة الثانية : غياب الضمانات الكفيلة باستمرار النفقة 74
المطلب الثاني : أثر إجراءات التبليغ والتنفيذ على المستحقات المالية 75
الفقرة الأولى : أثر إجراءات التبليغ    75
الفقرة الثانية : أثر عدم تنفيذ الأحكام 78
المبحث الثالث : تأثير نوع الطلاق على المستحقات المالية 80
المطلب الأول : تأثير نوع الطلاق على مستحقات المطلقة 80
الفقرة الأولى : الطلاق قبل البناء 81
الفقرة الثانية : الطلاق الخلعي    82
المطلب الثاني : مصير مستحقات الأطفال في ظل ارتفاع وتيرة الطلاق الخلعي 86
الفرع الثاني : آليات الحد من قصور المستحقات المالية المترتبة عن الطلاق 88
المبحث الأول : إحداث صندوق التكافل العائلي    88
المطلب الأول : ضرورة توفير موارد مالية 89
المطلب الثاني : إقرار شروط دقيقة للاستفادة من خدمات الصندوق    93
المبحث الثاني : تقوية دور القاضي في اتجاه الرقابة على شرعية الطلاق 95
المطلب الأول: حجم ظاهرة الطلاق بالمغرب وأسبابها 95
الفقرة الأولى : حجم ظاهرة الطلاق بالمغرب 96
الفقرة الثانية : أسباب الطلاق 99
المطلب الثاني : توجيه تدخل القاضي في اتجاه الرقابة على شرعية الطلاق    100
الفقرة الأولى : قياس جدوى تدخل القضاء في الطلاق 100
الفقرة الثانية : توجيه تدخل القضاء في اتجاه الرقابة على شرعية الطلاق 102
المبحث الثالث : تفعيل الأساليب البديلة لفض المنازعات الأسرية 105
المطلب الأول: دور الوساطة في تفعيل مسطرة الصلح 105
المطلب الثاني : إنشاء خلية لتسوية المنازعات الأسرية    109

خاتمة 113

لائحة المراجع المعتمدة    115

الفهرس 123
____________________________________________________


مقدمـــة :
تعد الأسرة الخلية الأساس لتكوين المجتمع، ولعل هذا ما يفسر الاهتمام الكبير الذي تحظى به على كافة المستويات، خاصة من جانب توفير كافة الضمانات لحمايتها، ومن ثم حماية الأفراد المكونين لها، وبالتالي حماية المجتمع.
إلا أن هذه الخلية بات يتهددها خطر الطلاق بحدة، حيث أصبح ظاهرة تنخر المجتمعات بصفة عامة والمجتمعات العربية الإسلامية بصفة خاصة.
والطلاق حسب تعريف ابن عرفة هو صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بزوجته موجب تكررها مرتين حرمتها عليه قبل زوج1.
والطلاق بهذا المعنى لا يخص الزوجين فقط وإنما تمتد آثاره إلى باقي المجتمع لأنه تقويض لبناء الأسرة من أبناء وزوجين وما يترتب عن ذلك من تبعات مادية ونفسية.
فواقعة الطلاق ليست مجرد تصرف ثنائي بل هو تصرف اجتماعي تنعكس آثاره مباشرة على المجتمع وتسيء إلى استقراره وطمأنينته2 ، إلا أنه مع ذلك يكون حلا في بعض الأحيان.
من هذا المنطلق، أجازت الشريعة الإسلامية الطلاق بآيات من كتاب الله وبأحاديث من السنة المطهرة ، ولكن وفق ضوابط شرعية.
قال تعالى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان 3.
ومن أحاديثه صلى الله عليه وسلم : " أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق"4 "تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش" 5، وقوله عليه السلام : " أيما امـرأة
سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة " 6.
وقوله تعالى : وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم 7.
فهذه النصوص من الكتاب والسنة ، تدل على أن الطلاق وإن كان مشروعا إلا أنه لا ينبغي اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى وذلك لما يترتب عليه من هدم للأسرة8 دونما سبب مشروع، كما أن الزوج الذي يحتاط لعقيدته ولدينه يفكر مليا قبل توقيع الطلاق خوفا من الوقوع في المحظور الذي يحرم صاحبه من شم رائحة الجنة والاقتراب منها 9 .
وتقليلا من آثار الطلاق عمدت الشريعة الإسلامية إلى تقييده من خلال فرض التحكيم العائلي مصداقا لقوله تعالى : وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما 10.
إضافة إلى منع الطلاق خلال فترات العادة الشهرية ، وفي كل فترة طهر بمجرد وقوع المسيس فيها، مع فرض بقاء الزوجة في بيت الزوجية خلال فترة العدة، حتى تكون فترة لإعادة مراجعة النفس، وفرصة لاستئناف الحياة الزوجية من جديد ، يقول تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يومن بالله واليوم الآخر، وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ، إن أرادوا إصلاحا ، ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف 11.
كما قيد الشارع الطلاق بمجموعة من الحقوق المالية هذه الحقوق منها ما هـو خاص بالمرأة بصفتها مطلقة ومنها ما هو خاص بالأطفال بصفتهم محضونين .
والحقوق المالية هي تلك الحقوق التي يمكن تقييم محلها بالنقود وتنتج عن المعاملات المالية بين الأفراد وتنظمها قوانين الأحوال العينية أو قواعد المعاملات.
لكن وحيث أنها تتموقع ضمن حقوق الأسرة، التي تبقى في الأصل غير مالية ، وحيث إن للطلاق آثارا اجتماعية وقانونية ، فإن المقصود بالحقوق المالية في هذا الصدد تلك الالتزامات والمستحقات المالية التي تعقب إيقاع الطلاق.
هذه المستحقات التي تكون من نصيب المرأة المتزوجة والأطفال ، إذ تستفيد المرأة المطلقة من هذه المستحقات طيلة فترة العدة ، أو إلى أن تضع حملها إذا كانت حامل.
أما الأطفال أو المحضونين فيستحقون هذه الحقوق المالية، إلى حين بلوغهم سن الرشد ، أو إلى سن الخامسة والعشرين إذا كانوا يتابعون دراستهم ( فيما يتعلق بالنفقة ) أو إلى غاية زواج البنت أو توفرها على كسب ( المادة 198).
لكن وقبل الخوض في الحديث عن هذه الحقوق، تجدر الإشارة إلى أن التنظيم القانوني للطلاق عرف تعديلات مهمة من جوانب متعددة.
فبعد ما كان الطلاق حلا لعقد النكاح بإيقاع الزوج أو وكيله أو من فوض له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا العقد أو القاضي وذلك حسب المادة 44 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة أصبح يمارس من طرف الزوج والزوجة كل بحسب شروطه ولكن تحت مراقبة القضاء وذلك حسب المادة 78 من مدونة الأسرة هذه المراقبة جعلت مدونة الأسرة لا تعترف بالطلاق المبني على الحلف باليمين أو الحرام وكذا المعلق على فعل شيء أو تركه المادة ( 91 و 93) بخلاف مدونة الأحوال الشخصية السابقة التي كانت تعتد بالطلاق اللفظي ( الفصل 46 ) مع تنصيصها على احترام شرعية توقيع الطلاق، وذلك بموجب ( الفصل 47 ) حيث نصت على أن القاضي يجبر الزوج
على الرجعة إذا وقع الطلاق والمرأة حائض الشيء الذي لم تكرسه مدونة الأسرة .
في الوقت الذي حرصت فيه مدونة الأسرة على ضمان الحقوق المالية للمطلقة والأطفال ، وذلك باشتراطها إيداع المستحقات في صندوق المحكمة قبل الحصول على الإذن بالإشهاد على الطلاق، هذا الأخير الذي وإن كان قد اشترطته المدونة الملغاة إلا أنه لم يتم استحضاره بالقوة اللازمة في التطبيق.
هذه المستحقات التي تشمل فيما يتعلق بالمرأة الصداق المؤخر إن وجد ونفقة المعتدة والمتعة مع تعيين مسكن لقضاء فترة العدة، أو تحديد تكاليفه في حالة تعذر ذلك إضافة إلى حقها في متاع البيت من جهاز وشوار ونصيبها في ثروة الأسرة المتراكمة أثناء الحياة الزوجية ، إن تم توثيق ذلك في عقد.
إذ كان هذا الأخير إجراءا جديدا أتت به المدونة ، وذلك في إطار ما أسمته بتدبير الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية والذي يضمن في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج.
أما ما يتعلق بمستحقات الأطفال فقد حددها المشرع في أجرتي الرضاع والحضانة، وجعل تكاليف السكن مستقلة في تقديرها في النفقة.
هذه المستحقات ، عملت على تناولها من منطلق الفقه الإسلامي ومن منطلق القانون، حيث عمل المشرع على تحديد هذه المستحقات ، مع إقراره لنوع من الضمانات كوسيلة لضمان التنفيذ واستمرارية الأداء ، وإن كانت هذه الضمانات تشوبها بعض النقائص على مستوى الصياغة ، وعدم التحديد خاصة حينما يكون الأب أو الزوج عديم الدخل ، أو غير موظف.
كما رتب المشرع على امتناع الأب أو الزوج عن أداء النفقة عقوبة سالبة للحرية، وذلك من خلال مسطرة، إهمال الأسرة المنصوص عليها في المادة 480 من القانون الجنائي ، وإن كانت هذه المسطرة تبقى عديمة الجدوى في أحيان كثيرة ، خاصة حينما يكون الزوج أو الأب معسرا، مما يعطل فعالية هذه الضمانة التي تبقى في كل الأحوال محط نقاش فقهي.
وحرصا من المشرع على توفير الحماية لأطفال الطلاق، جعل تكاليف السكنى منفصلة عن النفقة ، وذلك في إطار الإستجابة لحقوق الطفل التي يسعى المغرب لتحقيقها، من منطلق توقيعه على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل والني انفتح عليها المشرع في مدونة الأسرة ، خاصة في (المادة 54).
لكن التعامل القضائي هو الذي يبين مدى نجاعة المقتضيات القانونية ، هذا الأخير يصعب في الوقت الراهن الحكم عليه نظرا لحداثة التجربة وندرة الاجتهادات القضائية ، إلا أنه وبالرغم من ذلك، يمكن الاعتماد على بعض الأحكام القضائية الصادرة عن بعض محاكم المملكة ، والتي توحي ببعض الصور وإن كانت تعلوها بعض الضبابية ، إلا أنها مع ذلك تفيد في أخذ نظرة أولية عن كيفية تعامل السادة القضاة مع تقدير المستحقات المالية هذه المستحقات التي وإن كانت عرفت بعض الارتفاع ، خاصة بالنسبة للمطلقة إلا أن هذه الميزة ما تبرح تزول أمام قصر مدة العدة، وغياب الجهة البديلة لتأمين استمرارية النفقة ، زيادة على تأثير نوع الطلاق خاصة إذا كان خلعيا .
أما بالنسبة لمستحقات الأطفال فإنها لم تعرف تغيرا ملحوظا عما كان في ظل تطبيق المدونة الملغاة، اللهم إلا ما تعلق بفصل تكاليف السكن عن باقي النفقة، الشيء الذي يجعل حقوقهم المالية ضئيلة وقاصرة عن تلبية أبسط المتطلبات المعيشية ، هذه الأخيرة التي تبقى معلقة في كثير من الأحيان على عيب في مسطرة التبليغ ، أو بطء تنفيذ أو انعدامه حتى.
الشيء الذي يفسر محدودية هذه المستحقات التي تبقى قاصرة عن تأمين المتطلبات المعيشة للمطلقة والأطفال في غياب الآليات الكفيلة بتجاوز مظاهر القصور المعبر عنها سابقا .
فالإسراع بإحداث صندوق التكافل العائلي ، يبقى من أهم الحلول الآنية والبراكماتية التي تفرض ضرورتها بحدة ، في الوقت الذي يحتم فيه منطق الأوليات ، توجيه تدخل القضاء في اتجاه الرقابة على شرعية الطلاق لرد كل طلاق بدعي لا يوافق السنة ولا يتماشى والضوابط الشرعية المنصوص عليها في الكتاب والسنة، هذان المصدران اللذان جعلا التحكيم وإصلاح ذات البين خطوطا أساسية بل قيدا، إن صح التعبير على توقيع الطلاق، حيث المرور بهما وسيلة لبلوغ غاية الحفاظ على كينونة الأسرة ومن ثم المجتمع .
ومدونة الأسرة هي الأخرى سارت على نفس النهج وحافظت على مكانة الوساطة والمصالحة كوسيلتين أساسيتين في إطار سعي المغرب الحثيث نحو ولوج ركب الطرق البديلة لفض المنازعات12بصفة عامة والأسرية بصفة خاصة .
لكن الأمل معقود على تفعيل نهج هذه الأساليب حتى لا يكون مصيرها التهميش.
وفي الواقع موضوع الحقوق المالية للمرأة سبقت معالجته وإن كان في نطاق أوسع حيث شمل المرأة بصفتها زوجة ومطلقة وأرملة.
وعموما المواضيع التي تهم آثار الطلاق من حيث النفقة والحضانة والمتعة تداولها وعالجها عدة باحثين.
واختياري لهذا الموضوع لم يأت من أجل تكرار ما عولج، وإنما جاء في إطار دورة البحث العلمي التي تعد الاستمرارية سمتها الأساسية ، ثم إن الظروف التي عولجت فيها البحوث السابقة، تغيرت بفعل عوامل اقتصادية ، واجتماعية وقانونية وقضائية.
فإذا كانت الجدة والأهمية معيارين أساسيين في اختيار أي موضوع فإن موضوع بحثي، وعلى الرغم من سبق تداوله فهو يبقى موضوعا قديما جديدا، ولعل جدته تستمد أساسا من التعديلات والمستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة ، والقراءة الجديدة التي طبعت بنودها ، إضافة إلى سلسلة التعديلات التي أعقبت صدور هذه المدونة من قبيل تعديل قانون المسطرة المدنية وكذا ظهير التنظيم القضائي.
أما أهميته فأعتقد أنها تتخذ بعدين أساسيين .
بعد عملي : ويتجلى أساسا في وجود مطلقات كثيرات وأطفال طلاق يتزايد عددهم سنة بعد أخرى ، واعتبارا للمعطيات الاقتصادية للمغرب والإكراهات القضائية، فإن مصير هؤلاء يبقى مجهولا خاصة في حالة عطالة الأم أو المطلقة ، مما يجعل غياب صندوق التكافل العائلي، يساهم في تدهور الوضعية المعيشية للمطلقة وأطفال الطلاق.
الشيء الذي يجعلني أتخذ بحثي هذا منبرا للمناداة بضرورة الإسراع بإخراج هذا الصندوق إلى حيز الوجود.
مع محاولة تلمس وقع إسناد رقابة القضاء على توقيع الطلاق من حيث الحفاظ على المستحقات المالية للمطلقة والأطفال.
إضافة إلى معرفة القيمة المضافة لتخصيص الأسرة بقضاء خاص بها وذلك في إطار مسلسل التخصص القضائي الذي ينهجه المغرب، وذلك في اتجاه الطموح نحو جعل التخصص كيفي من حيث انفتاح القضاء على باقي التخصصات ذات الصلة بالقضايا الأسرية كعلم الاجتماع وعلم النفس، ومن ثم التطلع إلى تفعيل الطرق البديلة لفض المنازعات الأسرية من قبيل المصالحة والوساطة.
معلوم أيضا أن المغرب تبنى مؤخرا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هذه الأخيرة، لا يمكن أن تنجز والأسرة مفككة ماديا ومعنويا ، وجحافل أطفال الطلاق تتزايد يوما عن يوم مع ما يعكسه ذلك من آثار وخيمة على المجتمع من تشرد وارتفاع في نسبة أطفال الشوارع والاشتغال المبكر.
فنجاح هذه المبادرة رهين بتأهيل الإنسان المغربي عبر الأسرة المغربية والتي يعتبر التقليل من نزيف الطلاق أحد معابر استمراريتها .
بعد نظري : حيث سمحت لنفسي من خلال انتمائي لوحدة الأسرة والطفولة أن أساهم في تعميق البحث حول مواضيع حساسة تمس لب المجتمع خاصة وأن مدونة الأسرة لا زالت في بدايتها ، فكانت فرصة لمحاولة حصر مجموعة من الإشكاليات ، مع محاولة الإجابة على بعضها كلما تأتى ذلك . إضافة إلى إعطاء فكرة ولو أولية عن كيفية التعامل القضائي مع تقدير المستحقات المالية معززة ببعض الأحكام القضائية.
هذه الأحكام التي يبقى الإسراع بإحداث صندوق التكافل العائلي خير مفعل لها ، ذلك أنه قمين بضمان استمرارية المعاش للمطلقة والأطفال ولو في أدنى الحدود ، مع توجيه مراقبة القضاء في اتجاه الرقابة على شرعية الطلاق، وذلك في أفق التخفيف من ملفات الطلاق التي باتت تثقل رفوف أقسام قضاء الأسرة الحديثة العهد.
إلا أن الرهان الأكبر يظل متوقفا على إقرار الطرق البديلة لفض المنازعات العائلية كنهج سيمكن المجتمع المغربي من ربح التحدي ، ألا وهو استرداد الأسرة المغربية من موجة الاستلاب التي تجرفها نحو الهاوية .
ذلك أن أي حل اقتصادي مالي لن يضمن للأطفال الاستقرار النفسي إلا إذا تم في فضاء الأسرة : الضمان الاجتماعي الحقيقي للفرد والمجتمع .
لكن وبما أن الواقع لا يرتفع ، إذ تشكل قضايا الطلاق السواد الأعظم من بين الملفات الرائجة أمام أقسام قضاء الأسرة.
الأمر الذي يفرض معالجة الإشكالية التالية:
إلى أي حد تضمن المستحقات المالية المقدرة من طرف القضاء استمرارية المعاش للمرأة والطفل بعد الطلاق؟
هذه الإشكالية تتنسل منها مجموعة من الأسئلة يمكن إجمالها فيما يلي :
  • ما مصير الضمانات القانونية المقررة أمام زوج غير ذي شغل أو لا دخل له؟
  • أي أثر لعدم احترام آجال التبليغ ، وبطء التنفيذ على الوضعية المعيشية للمطلقة والأطفال.
  • هل من علاقة بين نوع الطلاق والمستحقات المالية للمرأة والطفل؟
  • هل يمكن مأسسة البعد التضامني للمجتمع في إطار مؤسسة مالية كصندوق أو بيت الزكاة كبديل لمؤسسة الزواج والأسرة؟
  • هل يمكن الربط بين تطبيق مدونة الأسرة وانخفاض معدل الطلاق ( حسب إحصائيات وزارة العدل) بالمغرب؟
  • هل يمكن المناداة بتقوية الشراكة المالية بين الزوجين بدل الشراكة المعنوية الروحية الانصهارية كحل للحد من نزيف الطلاق؟
هذا ما سأحاول الإجابة عنه من خلال قالب رتبت فيه أفكاري كما يلي :

الفصل الأول : الحقوق المالية للمرأة والطفل بعد الطلاق

الفصل الثاني : محدودية المستحقات المالية وآليات الحد من قصورها


______________________
الهوامش:
1 - محمد بن معجوز ، أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية ، الجزء الأول ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، 1994 ، ص : 176.
2 - أحمد الخمليشي : التعليق على قانون الأحوال الشخصية ، الجزء الأول ، الزواج والطلاق ، مكتبة المعارف ، الطبعة الثانية 1987 ، ص : 262.
3 - سورة البقرة ، الآية : 229.
4 - الحديث رواه أبو داود وابن ماجة عن ابن عمر ، نيل الأوطار للشوكاني ، ج 4 ، ص : 233.
5 - الحديث مروي عن علي بن أبي طالب.
6 - عن ثوبان رواه الخمسة إلا النسائي : نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني كتاب الطلاق ، جزء السادس، ص : 233.
7 - سورة البقرة ، الآية : 227.
8 - محمد ابن معجوز ، مرجع سابق ، ص : 177 وما بعدها.
9 - أحمد الخمليشي ، مرجع سابق ، ص : 268.
10 - الآية 35 ن سورة النساء
11 - الآية 228 من سورة البقرة.
12 -محمد بوزلافة ، مجلة المعيار ، عدد 32 ، ص 90.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم