الاثنين، 2 ديسمبر 2013

الزواج المختلط

hamid_taoulost 



الجزء الأول :
 أكتب هذه المقالة من باريس التي أثارت انتباهي فيها الظاهرة الجديدة والغريبة التي انتشرت بصفة مثيرة حيث لا تخطئها العين، وهي ظاهرة الزواج المختلط الذي طغى بين الجيل الفرنسي
الجديد حتى أصبح من المستحيل ألا ترى بين كل خمسة أو ستة أزواج عاديين، أسودا متأبطا دراع فرنسية بيضاء، رغم التباين الشديد بينهما في الثقافة والعادات والتقاليد واللون. ولست اعني هنا بالزواج المختلط، ذلك الزواج الذي يتم بين المسلم أو المسلمة من أجنبي، أو أجنبية أو المسلم من مسلمة من بلدٍ أخر فقط. بل اقصد به ذلك القران الذي شاع بصفة ملحوظة في العقود الثلاثة الأخيرة بين السود والبيض حتى أصبح واقعا مقبولا اجتماعيا، وانتشر حسب العديد من الإحصائيات، في كل بقاع عالمنا الذي تحول بسبب العولمة إلى قرية صغيرة أصبح فيها الاختلاط والتطور الاجتماعي في أسرع معيار لهما. ورغم غرابة هذه الظاهر وجدتها، فإني أجد فيها دليلا واضحا على رقي رفعة وعي الفرنسيين وسموِّه فوقَ التعصُّبِ الدينيِّ والمذهبي والعقائدي، بقبلهم لغيرهم من الأقوام والمذاهب المختلفة، وتمازجهم معهم ثقافيا وحضاريا وتقوية لأواصر الصداقة والمحبة بينهم، وكسر تابوه ثقافي طالما تحكم في بني البشر...
وكم أخشى أن أتهم بميلي -كالعادة- إلى الغرب وأنا أكتبُ عنه شهادة الحق والإنصاف هذه، لكن لا أبالي مادام الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني، يقول فيه تعالى : "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة".
بعد هذه المقدمة التمهيدية لابد من تعريف الزواج؟ وفي ذلك أقول بكل بساطة، يمكنني أن الزواج  ليس تلك القطعة من ورق كما يتخيل الكثير، فالزواج أكبر وأخطر من ذلك بكثير، فهو ظاهرة اجتماعيّة حضاريّة نصّت عليه كل الشرائع السماويّة والفلسفات الباحثة عن سعادة الفرد والجماعة، ولتزام المتزوج أمام الله وأمام من يحب على إقامة علاقة زوجية متينة تجلب الغبطة والفرح ويكون للحب فيها مكانة كبيرة تكفي لتضييق الفجوة بين الطباع الإنسانية الشديدة الاختلاف. وهو إلى جانب كل ذلك مسؤولية تستوجب الاستقرار المادي والمعنوي كأهم دعامة وركيزة لبناء مقدس يقوم على التفاهم المتبادل والانتقاء الروحي والنفسي والاجتماعي والإنساني بين رجل ومرأة، إن صلح صلح المجتمع كله وان فسد انهار وتلاشي، شأنه شأن كل المؤسسّات يحتاج إلى مبررات الاستدامة وشروط الاستمراريّة وعوامل الصقل والحفاظ على الديمومة والتحصين من الانهياّر، ويعتبر احترام المشاعر وتقديس العلاقة، وخلق وتحقيق التوافق الثقافي والنفسي والاجتماعي والتلاقي الحضاري والعقائدي والانسجام التقاليدي وصهر وإذابة كل الفوارق والاختلافات، من أهم مقومات نجاحه وأكبر عوامل ديمومته.
وقد بدأ تاريخيا بزاوج ادم و حواء، وتطور مفهومه من حيث الطقوس والوسائل والأهداف عبر تاريخ المجتمعات الإنسانية التي كانت عبارة عن تجمعات أو قبائل تعيش حالات صراع دائم فيما بينها من جهة ومع الطبيعة من جهة أخرى مما فرض شكل الزواج ضمن الجماعة أو القبيلة الواحدة؛ وإذا ما كان هنالك زواج خارج القبيلة فانه كان امتدادا لحملات الغزو والنهب التي كانت سمة تلك المجتمعات في علاقاتها لحين ظهور الديانات الوثنية ولاحقا السماوية كي تنظم العلاقة بين تلك الجماعات من جهة وبين أفراد الجماعة الواحدة من جهة أخرى ومنها علاقات الزواج وهذا يفسر وفرة الطقوس الدينية التي تصاحب الزواج كجزء من التقاليد قبل التسجيل في الدوائر الحكومية خاصة مع الأشكال الجديدة للزواج كـ"الزواج الحر" مثلا... ورغم ما عرفه الزواج، عبر الزمان من تطورات نوعية في أشكاله خاصة في الدول الأوربية التي سرى فيها زواج أبناء الطوائف كالهشيم حتى ما عادت أجيالها الجديدة تعترف بحساسية موضوع الاختلاط وإرباكاته المتعددّة، ويعتبرونه تمازجا ثقافيا وحضاريا يقوي الأواصر بين الأقوام والمذاهب، خاصة حين يكون ناتجا عن اقتناع بالطرف المقابل عقلاً وقلباً..
فمازال الأجداد وجل المتقدمين في السن- كما كان قبل عشرين عاما-، يعدونه خروجا عن التقاليد والأعراف، وأكبر من قدرتهم على احتماله.
إنه من السهل لأي زائر لفرنسا أن يلحظ الظاهرة بوضوح في جل شوارع المدن الكبيرة وحتى الصغيرة، حيث تبدو جلية بشكل ملفت في كل الأوساط وبين جميع الطبقات ومع كافة الجنسيات بعد أن تلاشت، الخطوط الفاصلة بين الأعراق والأجناس أو كادت، خاصة بين الفئات العمرية الشابة التي هي الأكثر تقبلاً وتأييداً لهذا النوع من الزواج المختلط بالرغم من طبيعته المعقدة بسبب اختلاف العادات والتقاليد والدين. فالإمكان أن يرى المتجول أفواج المتزوجين وقد تأبطت الفرنسيات ذوات البشرة الناصعة البيضاء سودا من الوافدين من المستعمرات الفرنسية أو من أمريكا أوإفريقيا، وكأن مرض عمى الألوان بات أكثر انتشارا بين المحبين الذين تضاعفت أعدادهم ثلاث مرات تقريبا، سواء من السود أو البيض الذين يقدمون على هذا الزواج .
ويرجع الكثير من الدارسين، ذلك إلى تجاوز الفرنسيين للتابوه الثقافي ووعيهم وتقبلهم للثقافات الأخرى، حتى أنه أصبح القران بين السود والبيض مقبولا اجتماعيا وأمرا لا يثير استغربا كما كان قبل عشرين سنة. ما جعل عقود الزواج المختلط تبلغ ربع عقود الزواج المسجلة في فرنسا وقنصلياتها. حيث يسجل في فرنسا سنويا 270000 عقد زواج. بينها 800 زواج بين الأجانب. و 4500،على الأقل ،زواج مختلط. أي بين فرنسيين وأجانب، هذا زيادة على 4500 عقد زواج تسجل في القنصليات الفرنسية في الخارج، غالبيتها بين فرنسيين وأجانب.
لم أثر هذا الموضوع لعنصرية في نفسي كما يمكن أن يتبادر لبعض الأذهان، ولا لأنني ضد الزواج المختلط كلية وبين السود بالبيض أبدا لأني أعرف جيدا رأي الدين الإسلامي الحنيف في هذا الإشكال من خلال القران الكريم والأحاديث والسيرة النبوية الشريفة التي تشجع الزواج بمفهومه العام وذلك بقوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أما موقف الإسلام من الزواج المختلط أو الخارج عن القبيلة أو العائلة وحتى الدين واللون والذي يبغي الإسلام من وراء إباحته والتشجيع عليه، أن يتحول تباين الزواج المختلط بين الأطراف المنتمية إلى المجتمعات المختلفة إلى غنى فكري وتمازج ثقافي وينعكس إيجابا على الأبناء،و يمكننا الاستشهاد على ذلك بما جاء في سورة المائدة ""الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"" (5). سورة المائدة، وقوله ""لا ينظر الله الي صوركم ولكن ينظر إلي ما في قلوبكم"". وكما جاء في الحديث النبوي الذي أكده العلم وسنت الدول الأوربية قوانين وصلت حد منع الزواج من الأقارب في بعض الدول فالرسول أوصى بتزاوج الأباعد، فقال: ""اغتربوا ولا تضووا"" أي تزاوجوا الأبعاد في الأنساب بين حين وآخر حتى لا تضعفوا. ليس هذا فحسب بل نصحنا باختيار مَن حسنت جدودها وفروعها، فقال: ((تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس  وقوله ""لا فرق بين عربي وأعجمي ولا أبيض وأسود إلا بالتقوى"" ..
فالزواج المختلط قبولاً أو رفضاً من غير القومية أو الدين أو الطائفة بل وحتى القبيلة واللون إشكال يجب أن يُتجاوز في عصر التحضر والعالمية ما دام يقوي الأواصر بين الأقوام والمذاهب ويمازج بين الثقافات والحضارات،
كما تجازوه الذين الإسلامي وأقره وشجع عليه بين المسلمين حين أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم المثل بالزواج من مسيحية قبطية.وهو القائل: ""اذا جاءكم من ترضون دينة وخلقة فزوجوة"".
وعلى خلاف الإسلام فقد رفضت اليهودية بشكل صريح الزواج المختلط، حيث اعتبر التوراة والعهد القديم زواج الرجل اليهودي من غير يهودية مشكلة كبيرة لان الهوية الدينية للطفل لا يحددها الأب بل تحددها الأم لذا تم وضع عراقيل أمام المرأة اليهودية للزواج من غير اليهودي
 على خلاف الإسلام الذي يحدد الرجل هوية الطفل الدينية لأسباب عديدة لذا نرى انه من حق الرجل المسلم أن يتزوج من كتابية على عكس المرأة المسلمة. وأما بالنسبة للمسيحية، فتوضح بعض الموقف المتحفظ للكنيسة، أو على الأقل تشير بشكل واضح إلى رفض الزواج المختلط فقد ساق أساقفة متشددون الآيات مقتبسة ليدعموا بها وجهة نظرهم المغالية في تعصبهم وبشكل مدهش في  الاضطراب العظيم في إيطاليا حول نساء مسيحيات تزوجن من رجال مسلمين.
وختاما أقول إن مشكلة الزواج المختلط بين الجنسيات والثقافات والألوان والديانات المختلفة وبالذات السماوية تبقى احد المشاكل التي هي بحاجة إلى حلول تراعي المقدس ولا تلغي المشاعر الإنسانية الصادقة بين الطرفين المتحابين ..
____________________________________________________________________
 
الجزء الثاني :
في الجزء الأول من مقالتي السابقة "الزواج المختلط" تطرقت لانتشار ظاهرة الزواج المختلط بين أصحاب الجنسيات والأديان المختلفة، وركزت على ما تعرفه البلدان الغربية وفرنسا على رأسها،
من انتشار لزواج السود بالبيض بسبب ما ساد في هذه البلدان من انفتاح ووعي ثقافي، وشيوع ثقافة تقبل الآخر.
وسأتطرق في الجزء الثاني منها، بحول الله وقدرته، إلى "زواج الإقامة" الذي، يُمكنُ المتزوِج، ذكرا كان أو أنثى، من الحصول على وثائق تعطيه حقّ الإقامة الدائمة في بلد الُمتزوَجِ منه أو منها. والذي انتشر، في الآونة الأخيرة، بشكل لافت للنظر، في البلاد العربية والمغاربية، وخاصة بين الفتيات المغربيات اللواتي أصبح إقبالهن عليه أكثر من الرجال، كما كان معروفا من قبل، وكما دلت عليه الدراسة التي تشير إلى أن عدد المغربيات اللواتي تزوجن بأجانب انتقلت من 996 فتاة سنة  1997 إلى 2507 فتاة سنة 2001، بينما ارتفع عدد الرجال المغاربة المتزوجين  بأجنبيات من 314 سنة 1997 إلى 1366 سنة 2001. 
وقد تفاقم هذا النوع من الهجرة، خاصة بعد أن ضيقت الدول الغربية الخناق إلى أبعد الحدود على اللجوء السياسي واللجوء الإنساني واللجوء بكل أنواعه وأصدرت قرارات وقوانين للحدّ الكامل من ظاهرة الهجرة، ولم يبقى للراغبين في الإقامة في الغرب، غير الزواج من غربي أو غربية أو مهاجر أو مهاجرة متجنسين يقدم طلبا للسلطات المعنية في بلده لإلحاق زوجه به مادام القانون الغربي يكفل للغربين حق الزواج ممن يرغبون فيه..
فأدرك سماسرة الهجرة، حاجة الشباب المغاربي الكبيرة والملحة للحصول على أوراق الإقامة الدائمة أو الجنسيّة الغربيّة التي تخول لهم كل الامتيازات الاجتماعية التي توفّرها المؤسسات الغربيّة للمواطنين والمقيمين بطريقة شرعيّة، فاستغلوا ومعهم من تخصصن من النساء في الوساطة بين الزوجين وأصبحن خاطبات يعرضن صفقات الهجرة والزواج ولهن مبالغ مالية هامة من الطرفين، ظروف حاجة شباب الضفة الجنوبية للهجرة، واستعملوا بعض الفتيات العربيات والمسلمات المتجنسات، اللواتي احترفن تهريب البشر إلى أوروبا عن طريق هذا الزواج الأبيض الذي يسمى ذلك الزواج بالزواج الأبيض أو الأسود، -تشبيها له بالعمل الأسود المنتشر في بلاد الغرب والذي يقوم به المهاجرون غير الشرعيين، والذي بدأ ينتشر في المغرب بسبب هجرة الأفارقة غير الشرعين- لحصد ما يدر من أموالا طائلة، مقابل كل زواج بمغاربي أو عربي يريد الحصول على الإقامة المضمونة بإحدى دول الأوروبية وحتى الأمريكية، شريطة أن يتم الطلاق فور حصول الشخص على مبتغاه، لتعاود الفتيات الكرة مرات أخر، مع أشخاص آخرين، وهكذا إلى أن أضحى التجمع العائلي هو الإمكانية الوحيدة المتبقية أمام الراغبين في الهجرة الشرعية والتي تخص فقط أحد الزوجين المقيم خارج فرنسا أو أي بلد أوروبي كمستفيد من الدخول لالتحاق بزوجه المقيم بصفة قانونية ويملك بطاقة إقامة سارية المفعول.. والذي شكل في السنوات القليلة الأخيرة أكثر من 20% من الهجرة. الشيء الذي جعل مجموعة من البلدان الأوربية تتنبه و تصبحت أكثر وعياً بحقيقة وخطورة هذا النوع من الزواج الأبيض، وتنخرط في المسلسل الجديد الساعي إلى التضييق على المهاجرين، فرفضت مصالحها الكثير من طلبات الزواج، وعرقلت إتمامه، ووضعت شروطاً كثيرة لمنع استغلال المهاجرين له من أجل الحصول على أوراق الإقامة. فسنت لذلك مصالح وزارة الهجرة والاندماج والهوية الوطنية الفرنسية، أقسى القوانين المنظمة للهجرة التي تجاوزت في صرامتها سقف العنصري لوبين نفسه، ولم تتخلف إيطاليا من جهتها عن الإجهاز على حقوق المهاجرين بما فرضته من تعديلات في قوانينها المنظم للهجرة، التي طالت الحقوق الأساسية لهؤلاء ومست حقوقا أخرى للمواطنين الإيطاليين بعد أن فرضت على كل مواطن أن يخبر السلطات بأي زائر أجنبي وأن يبلغ عن وضعيته القانونية كما تجبر الأطباء أن يخبروا السلطات بعيادة أي مهاجر سائح أو في وضعية غير قانونية، كما أن إسبانيا لم تتوانى هي الأخرى عن تشديد سياساتها في مجال الهجرة، حين صادقت في نهاية 2009 على تعديلات في قانون اندماج المهاجرين والحق في التجمع العائلي.
ورغم الجدل الذي يثيره الزواج المختلط في الأوساط القانونية والاجتماعية بصورته الحالية هته، والذي يقال عنه، أنه يولد وهو حامل  لبذرة فشله، بسبب الهدف الذي بني عليه، والذي تطغى عليه المصلحة الآنية وافتقاد طرفيه لمقومات الزواج الأساسي التي منها السعي إلى تكوين أسرة والحفاظ عليها لتؤدي رسالتها كاملة، فيبقى هذا الزواج أحد أسباب التمازج الثقافي والحضاري بين الأقوام والمذاهب، ويقوي الأواصر وينهي المشاكل بينها، ويبني مجتمعات تعترف بالآخر وتحترمه وتتعامل معه بشكل إنساني بعيد عن كل الهويات والمعتقدات..ولتلك الغايات النبيلة مارسه الرسول صلى الله عليه وسلم  حين تزوج من مسيحية قبطية، ليكون قدوة للعالمين. لكن مجتمعاتنا التي امتزجت فيها العادات والتقاليد بالموروث الديني، لا تزال، وللأسف، تقف ضده بقوة، وتنظر له، على أنه زواج غير شرعي، و"خاطئ" وغير مقبول بسبب اختلاف المذاهب، حتى لو تضمن كل مقومات مشروعية الزواج.  ناسين، أو متناسين، أن أي زواج حتى ولو اجتمعت فيه كافة مقومات الزواج الشرعية والقانونية، فإنه قد يتعرض لهزات ربما تكون خارجة عن إرادة الطرفين، فتؤثر سلبا على الزواج حتى لو لم يكن مختلطا وتعصف به، بسبب ما يثقل الكثير من المجتمعات المتزمة، من عادات وتقاليد ومفاهيم دينية واجتماعية خاطئة، كاعتقادهم الجازم بأن أي زواج مختلط خارج العشيرة والمذهب والوطن، فهو منته للفشل الذريع، ومهدد بالمشاكل المزمنة الخطيرة بسبب صراع الحضارات وصدامها، لأنّه-حسب رأي المعترضين ولهم في بعض جوانبه بعض الصواب- ومباشرة بعد انتهاء النزوة أو الغرض الذي من أجله تمّ الزواج المختلط، تبدأ المتناقضات تتجلّى في شعور ولاشعور الرجل الشرقي، حتى إذا لم يكن يلتزم بأيّ قيّم دينيّة أو أخلاقيّة، وحتى لو تهرب من ذاكرته ومسح أعرافه وطقوسه، فإن ذكوريته تنبض فجاءه وتبدأ في الاستيقاظ دون تنبيه، خاصة عندما يبصر أنّ قرينته تعيش وفق الإيقاع الاجتماعي الغربي الذي تعودّت عليه، فإن أحلامه تضيق بتلك الحرية التي طالما تمناها قبل الهجرة، ويتسع مجال عاداته المتوارثة لتلتف حول عنقه، وينبري للدفاع عنها بكل قواه. وذلك لأن الزواج عامة، والمختلط خاصة، هو ذو طبيعة معقدة نظرا لوجود اختلافات في العادات والتقاليد إلى جانب الحالة الداخلية للإنسان، والشعور الممزوج بالنشأة، وخصوصا بعد إنجاب الأطفال حيث تكثر المشاكل وتتعقد إلى درجت أنها ترخي في الكثيرة من الأحيان بظلالها على العلاقات الدوليّة، حتى أن عمرو موسى عندما كان وزيرا لخارجية مصر التقى في ألمانيا بوزير خارجيّة ألمانيّا يوشكا فيشر وأتفقّ معه على تشكيل مجموعة عمل مشتركة لبحث القضايا والمشكلات الناتجة عن الزواج المختلط بين المصريين والألمانيّات، كما نفس الشيء فعلت بعض دول أمريكا اللاتينية التي لم تتوانى عن تحذير أوروبا وإسبانيا بالخصوص من مغبة التوجه الخاطئ في التعامل مع مشاكل رعاياها اليمس بحقوقهم وتبعات ذلك على المصالح الحيوية لأوروبا في هذه البلدان، وفي المقابل لازال المهاجر المغربي ينتظر ماذا عساها أن تفعل الوزيرة المكلف بالجالية المغربية المكلفة بالهجرة لحمايتهم ورد الاعتبار والكرامة لهم؟
خاصة منهم المهاجرين المغاربة بإسبانيا، أبرز ضحايا الأزمة المالية العالمية التي جعلت أوضاعهم تزداد سوأ، حيث وصلت نسبة البطالة بينهم، حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في2009 بإسبانيا إلى 33%. وتحتل الجالية المغربية البالغ عدد أفرادها 700 ألف، المرتبة الأولى بين الجاليات الأجنبية الأخرى مما حدا ببعضهم للتفكير في العودة إلى بلدهم الأصلي مع تشدد بنود قانون الهجرة الجديد ،وتزايد الاعتداءات الجسدية من قبل سلطات الاحتلال الإسبانية والذي سبق للمملكة المغربية، أن عبرت، في حينه، عن إدانتها الشديدة للمعاملة السيئة والعنف الجسدي اللذين تمارسهما الشرطة الإسبانية في حق المهاجرين المغاربة...
_____________________________________________________________________

الجزء الثالث :
في المقالتين السابقتين المعنونين بـ"الزواج المختلط" تطرقت في الأول لظاهرة انتشار زواج السود بالبيض بين أصحاب الجنسيات والديانات المختلفة، وركزت في المقالة الثانية على "زواج الإقامة"
 الذي انتشر بشكل لافت للنظر في البلاد العربية عامة والمغاربية على وجه الخصوص، بسبب تضييق الدول الغربية الخناق على الهجرة بكل أنواعها، واستصدارها لقرارات وقوانين للحدّ الكامل منها، حتى لم يتبقى للراغبين في الهجرة إلا الزواج بمهاجر أو بمواطن أوربي أو أمريكي. وسأتطرق بحول الله وعونه في هذا الجزء الثالث، إلى ظاهرة لجوء الشباب العربي والمغاربي، ذكورا وإناثا، إلى الارتباط بأوربين  في عمر آبائهم أوأجدادهم، مقابل الحصول على وثائق الإقامة في بلد الُزوَجِ والذي  يعزو الكثير من الباحثين أسباب انتشاره إلى صعوبة الهجرة الشرعيّة نحو أوروبا وزهد القارة في استقبال المهاجرين المغاربة، وتضييق الخناق على الهجرة السرية غير الشرعية، بين الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسّط، ما جعل من هذا النوع من الزواج المختلط، خيارا و"إستراتيجية أساسية للعبور إلى الفردوس الأوروبي"، لتحقيق أحلام الشباب، التي ليست دائما ماديّة ومعيشيّة، بل قد تكون بسبب "الأفكار السلبية تجاه الذات والمجتمع والإحساس الدائم بالقهر والدونية والتهميش وضيق الأفق وكما يقال أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، فهو في حاجة أيضا للشعور بالاحترام والتقدير والقدرة على الحلم والانجاز، لكن حين يستحيل كل ذلك، يفضل الكثير من الشباب التضحية بجميع الامتيازات المادية من أجل العيش بحريّة ولو على هامش المجتمعات الأخرى، وبين أحضان عجائز أوروبيات ينتمين في الغالب إلى فئة الميسورات ماديا ولديهن دخول عالية، لكنهن في سن الجدات. حتى أضحت شوارع مديننا تعج بعجائز أجنبيات فوق الستين والسبعين، متأبطات أدرع شباب في العقد الثاني أو الثالث من العمر، وهن يعلمن أن هؤلاء الشباب ما ارتبطوا بهن إلا من اجل  الهجرة أو المال.
فما أقبح، وأقبح به من منظر شاب في مقتبل العمر وكامل التألق والجمال، وهو يبدي كل أنواع الطاعة لعجوز أوروبية أو الأمريكية، طاعنة متصابية تأبى الاعتراف بأثر الزمان وانقضاء الأيام والشهور والسنين، وتمني النفس بعبور الزمن ذاته أكثر من مرة أملا في العودة إلى أيام الصبا بفضل فحولة شاب اضطرته الرغبة الجامحة للهجرة، للبدل الحاتمي، مقابل حصوله على الإقامة أو الجنسيّة الغربيّة التي تخول له الامتيازات الاجتماعية التي توفّرها المؤسسات الغربيّة للمواطنين المقيمين بطريقة شرعيّة.
وفي نفس السياق، يُحكىَ من باب التنكيت على الظاهرة، أن أحد الشباب العائدين من المهجر، تعثرت قدم زوجه الشمطاء ساعة النزول من الطائرة، فعلق بعض الظرفاء على الحادث منبهين الشاب: "هز أوراقك لتتهرس". 
وقد صدق أحد الشعراء العرب في وصف عجوزا تتصابى قائلا:
عجوز ترجى أن تكون فتية == وقد لحب الجنبان واحدودب الظهر
تدس إلى العطار ميرة أهلها  ==  وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
وليست إستراتيجية الزواج المختلط، بغية الهجرة حكرا على الذكور فقط، بل تحولت في السنوات القليلة الأخيرة إلى ظاهرة بدأت في الاتساع لتشمل الإناث أيضا، وتصبح صفقات "زواج/الهجرة" مطلبا ملحا تشترك فيه التلميذات والطالبات وخريجات الجامعات والعاطلات عن العمل وحتى بعض الموظفات، وكل الراغبات في ترك الوطن إلى بلد أجنبي مهما كانت لغته ووضعيته، وأضحى الزواج بمهاجر أو سائح مهما كان سنه يحظى بتشجيع ومباركة العائلات، كوسيلة وحيدة وإستراتيجية بديلة سهلة ومضمونة لوصول المرأة  إلى أوروبا على حساب تعليمها الذي تبدى الطالبات استعدادهن للانقطاع نهائيا عن التعليم مقابل تلقي عرض زواج من أوروبي كيفما كان سنه ووضعه أو مهاجر عربي مقيم بأوروبا. ويعتبر فصل الصيف الذي يعود خلاله المهاجرون المقيمون بأوروبا إلى بلادهم ويتوافد فيه ملايين السياح الأوروبيين، مناسبة مثلى وفرصة ذهبية لإبرام صفقات زيجات مختلطة مع أزواج كبار في السن يمكنون الفتيات المغربيات من تحقيق أحلامهن وتحسين ظروفهن وإشباع الرغبة الخفية بكل ما هو أجنبي.
وليس هذا التحول الجذري في عادات وتقاليد المغاربة الذين كانوا ينفرون فيما سبق من التزاوج خارج العائلة، وكانت ابنة العم وابن العم، في معظم الأحوال، هما المفضلين في الاختيار للزواج، وما قبول الأسر بزواج أبنائها من عجائز أوروبا، إلا دليل قاطع على الوضعية الاجتماعية التي تدفع ذلك الهوس المعلن بالهجرة.
وليست كل زيجات الشباب العربي والمغربي المختلطة، من هذا النوع، بل هناك زيجات مختلطة متكافئة في السن والثقافة، تحدث جلها بعد قصص حب بين الزملاء في الجامعة أو العمل، أو عن طريق المُراسلة، أو الإنترنت، التي كثيرًا ما يلجأ إليها الشباب للارتباط بالغربيين فتنشأ عَلاقةُ حُبٍّ بين الطَّرفين وينجح الزواج.
_____________________________________________________________________

الجزء الرابع :
في هذه المقالة من سلسلة المقالات المتعلقة بالزواج، لا بُدَّ لي أن أشير في مقدمتها إلى أنَّ الزواج، مختلط كان أو لم يكن، هو ظاهرةٌ اجتماعيَّة حضاريَّة لتحقيق سَعادة الفرْد والجماعة، لذلك فهو يحتاج،
شأنُهُ شأنُ كافة المؤسَّسات، إلى مُبرِّرات الاستدامة، وشروط الاستمراريَّة، وعوامل الصقل، والحِفاظ على الديمومة. ويُعتبر التوافقُ المادي والاجتماعي، والتلاقي الثقافي والحضاري والعقَدي وانسجام العادات والتقاليد، من أهمِّ عوامل ديمومته، وتحصينِه من الإفلاس والانهيار. لكن كثيرًا ما تحيد مؤسسة الزواج  هذه عن هذه القاعدة الذهبية عند الكثير من الأزواج العرب والمسلمين، حتى أضحى الطلاق عندهم، من أسهل الحلول وأسرعها لحسم أية أزمة بين الزوجين- وإن كان الزواج عن حب  وتم على اختيار، هذا الطلاق الذي كان بالأمس آخر حل يمكن اللجوء إليه، وكانت تسبقه جلسات صلح عائلية- وذلك بسبب جهل الأزواج لطبيعة المرأة الأكثر عاطفة وأشد رهافة وأرق إحساسًا من الرجل، وعدم امتلاك الكثير منهم للدراية والقدرة والصبر على قيادة سفينة الأسرة، خاصة خلال العامين الأولين للزواج، حيث تحدث أكثر من 50%  من الطلاق، والذي لا يقتصر على طبقة اجتماعية دون أخرى، لكن حدته تزداد في الطبقات الشعبية، بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية وكثرة الأبناء، بينما ترتفع نسبته في الطبقات الراقية، بسبب امتلاك المرأة لاستقلالها الاقتصادي وكثرة طموحها المادي والمعنوي وقدرتها على القيام وحدها بالإنفاق على نفسها وأطفالها، الشيء  الذي يدفعها إلى معاملة زوجها معاملة الند القادر على النقاش والحوار، فلا تقبل أي نوع من التنازل، ما يخلق الكثير من المصاعب والمشاكل وينوع أسبابها، وتبقى النتيجة في النهاية واحدة، وهي أن الأبناء، هم الخاسرون الذين يلعقون المر والحصرم الذي يزرعه آباء وأمهات عند إقدامهم على عمليات الطلاق دون التفكير في مصيرهم.
لاشك أن الخلل في ذلك لا يقع على الفرد، بل في على الكيان المعرفي العام المحكم قبضته على الفرد، تلك القبضة التي تحدد صيرورة المجتمع ككل وتغرس المفاهيم الخرافية التي تحتكر النصوص لتضخيم وتقديس الرجل حد التأليه، في العقول -من الجنسين معا- التي تنظر للمرأة، مند الولادة إلى أن تصبح في سن النضوج والزواج، على أنها لا شيء بدون الذكر، وأنه هو من يحميها ويستر عورتها، وبدونه تبقى عرضة للشك والاتهام في جميع تحركاتها، حتى قيل فيها من الأمثال والحكم الشعبية التعميمية التي شاعت بين الناس، ما لم يقله مالك في الخمرة، ولو لم تصدق أو تنطبق على حالتها، وحتى إذا صدقت وانطبقت على بعض أحوالها، فإنها تخيب في كثير منها مثل: (ستر البنت رجلها) و(خطب لبنتك قبل ما تخطب لولدك) أي ابحث لبنتك عن الزوج الذي يسترها، و(الله يعطي للمرا شي رجل يغطي رأسها).
ورغم انتقال المرأة لبيت الزوجية وفرحها بكونها أصبحت ربة بيت مستقلة ولها عائلة، فإنها تجد نفسها كأي قطعة أثاث في البيت بلا رأي لدى زوج أسرته الموروثات الاجتماعية الرافضة والمزدرية للأنثى منذ اليوم الأول لولادتها، وفي كل مراحل عمرها: (شاورها وما دير يريها) (إللي يسمع لمرة مرة، يندم ألف مرة). (لا تثق بالمرا ولو نزلت من السما).
وإن حاول الزوج الانفتاح والتحرر من ذلك الموروث، يجد الملامة في عيون كل من حوله، ويُتهم في رجولته ويوصم بالجبن والخضوع لزوجته، ويتخمه الفقهاء والوعاظ بنصائحهم التي لا تخرج عن النظرة الذكورية القديمة عن المرأة، والموروثة عن العرب- قبل الإسلام- والتي كانت دائماً ولا تزال غير معترفة بأن للرجال والنساء حقوقا وواجبات متساوية في العمل من أجل حياة زوجية صحيحة مستقيمة مصداقا لقوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ" التوبة:71. ما يكشف عن انفصام  الشخصية العربية "الشيزوفرينا" التي تحتاج إلى العلاج السيكيولوجي المكتف، حتى تتخلص العقلية العربية من العقد النفسية المكينة المسماة "فوبيا المرأة" المسيطرة على الرجل الذي يهيم بالمرأة حد الجنون، ويعشقها ويغرم بها إلى أبعد حدود الهيام، ثم لا تلبث أن تنتقل به النزعة الذكورية الجامحة بين أقصى نقيضي العبادة والتقديس المبالغ فيهما للمرأة، وبين السيطرة عليها وامتلاكها وإخضاعها بل وإذلالها واسترقاقها وجلدها باسم الإسلام الذي كرمها وسواها بشريكها الرجل.  بخلاف الغربيين الذين نتهمهم ظلما بالمادية والتفكك الأسري، وهم الأفضل في تعاملهم مع الزواج، حيث يكرم الزوج زوجته ولا يهينها، ويحسن الحديث معها بأسلوب رقيق مهذب ويقدر رأيها ويستمع لحديثها، يكثر من الكلمات الطيبة، ويستر أخطاءها، ويصبر ويتغافل عن الكثير من هفواتها، ويزيد صبره فى أيام حيضها، ويطيّب خاطرها، ويدعو لها، ويكتم سرها، ويوفر لها سكنًا مستقلاً، ويعينها في بيتها ما استطاع، ولا يبخل عليها ولا على أولادها حسب استطاعته، ويتنظف ويتزين لها، ويسامرها ويمازحها، ولا يأخذ حقًا من حقوقها إلا بإذنها، ويستبعد الطلاق  حتى لا يعرض مستقبل أبنائه للخطر، خاصة أن الكثير من دراسات الطب النفسي أثبتت أن أطفال الأسر المطلقة هم الخاسرون من عمليات الطلاق، لما يواجهونه من صعوبات تؤثر على نموهم النفسي وتعوق توافقهم مع أقرانهم في الدراسة والبيئة المحيطة بهم، ويعانون كثيرا من المشاكل الانفعالية والاضطرابات السلوكية والخوف الدائم من الزواج، وتضارب في الشعور بالولاء لأحد الوالدين وميل للعنف  والشذوذ وحدة الطبع التي تجعل الكثير منهم عاجزين عن بناء أسرة سليمة تكون حجرا أساسا في صرح الأمم، إذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد بفسادها كل شيء فيه. فكيف سيبنون أمة وهم كالحجر الهش الضعيف، إذا وضع في أساسات البيوت تقوض، وأصيب البنيان بكامله بالعرج  والانهيار.
مع هذه الوضعية غير السوية التي تفضحها الأمثال الخاصة بالمجتمعات العربية، وتعكس بوضوح ما تؤمن به حتى تلك الموجودة على مرمى البصر من موقع أوروبا، والتي لم تتأثر بالطريقة الأوروبية فاحتفظوا بأسلوبهم الخاص، أعتقد أننا بحاجة إلى جامعات تؤهل أبناءنا للزواج قبل الإقدام على قراره الخطير..
جامعات تعلمهم كيف يصنعون أسرا صالحة، وكيف يحافظون على شركائهم في مشروع الحياة، امتثالا لقول المربي الكبير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم «خيركم خيركم لأهله». جامعات تلقنهم كيف يكونون آباء صالحين، لا يصنعوا أطفالا مدمرين تائهين في الطرقات.
المصيبة أننا قوم لا نتعلم، توفرت الجامعات أم لم تتوفر، ويبقى حالنا على ما هو عليه، ويشيب كل منا على ما شب عليه، ونكرر ذات الأسلوب في ترك السعادة الزوجية تتسلل فارة أمام أعيننا بسبب الجهل بقواعد التعامل المثالي بين الأزواج الذي تتحكم فيه التقاليد والأعراف، والذي أثبتت الأيام عدم جدواها والذي يُبقي الكثير من الزيجات في دوامة من التيه وانعدام اللباقة وخشونة التعامل الذي يؤدي لفساد الذوق العام، المؤدي بدوره للبلادة التي تنزع عن الأزواج أميز ما فيهم، وهي رهافة الروح وجمال الإنسانية، ولا تترك لهم من الحياة الزوجية إلا مجموعة من العمليات البيولوجية الضرورية لاستمرار النوع.
فكم هم الرجال في مجتمعاتنا العربية-إلا من رحم الله- لديه الشجاعة بأن يرفع صوته وأمام كل من حوله ليصرح بحبه لزوجته دون خجل ولا شعور بأن ذلك يخدش رجولته وينقص منها؟ كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سؤل عن أحب الناس إليه، وذلك في الحديث الذي روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص في صحيح الترمذي: يا رسول الله! من أحب الناس إليك ؟ قال: عائشة".
فنعم السلوك ونعم القدوة...

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


لأي طلب أنا في الخدمة، متى كان باستطاعتي مساعدتك

وذلك من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى).

صدق الله مولانا الكريم